شبكة ذي قار
عـاجـل










إن الفرصة التي أتاحها لي مركز جنيف الدولي للعدالة، ولعدد من الناشطين العرب، لحضور جانب من جلسات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وكذلك حضور بعض الندوات التي عقدها المركز بقاعات الأمم المتحدة بالتوازي مع جلسات مجلس حقوق الإنسان كانت بمثابة تجربة فريدة، ليس لأني لم أخضها من قبل، بل لحجم وأهميّة ما اطلعت عليه من عمل لصالح قضايانا في فترة وجودي القصيرة في جنيف. وقد أبهرتني طريقة التحضير المسبق للإجتماعات وحجم المسؤولية التي يأخذها المركز على عاتقه فلقد كان جميع من يعمل فيه كخلية نحل يكمل بعضهم البعض بالإضافة إلى سرعة إنجاز المهام الموكلة لكل فرد في الفريق مع ملخص لكل ما يتوصل اليه المختصون يُلقى على شكل بيان بقاعة المجلس.

يضمّ المركز خبراء على مستوى عالٍ من الخبرة والمعرفة بكيفية عرض ما لديهم من قضايا داخل الأمم المتحدّة، ويساعد تنوعهم الثقافي على أن يكمل بعضهم البعض الآخر في تقديم أعمال متكاملة داخل أجهزة المنظمة الدوليّة.

وبما أن المركز يسمح لكل من يرغب حضور الندوات التي ينظمها دون تمييز إن كان يمثل منظمات المجتمع المدني أو الحكومات فقد تحصل بعض التقاطعات بين الحاضرين ولكن في إطار احترام الرأي والرأي الآخر إلا من يشذّ عن هذه القاعدة فهو لا يسمح له بالتواجد وهذا ما حصل مع من أرسلتهم حكومتي بغداد وطهران للتشويش على سير إحدى الندوات المهمة التي نظمها مركز جنيف الدولي بالتعاون مع منظمات دولية غير حكوميّة أخرى حيث تم ابلاغ امن الامم المتحدة الذي تولى طردهم خارج المبنى امام انظار الجميع وفي منظر مخزي عرف الجميع من خلاله مدى وضاعة هؤلاء الذين جاؤوا يمثلون عصابات الحشد الشعبي. لذلك يمكن القول ومن خلال حضوري لبعض الاجتماعات التي أشرف عليها المركز بالتوازي مع اجتماعات المجلس بأنها من أنجح الإجتماعات المتخصصة وهذا ما أكدته جدية المعنيين بكل موضوع وطريقة تناول القضايا بشكل قانوني وإنساني مع حرص كل متدخل على أن يطرح موضوعه مصحوباً بالبراهين والأدلة مما يعطي زخماً أكبر ومصداقية أعلى.

كان موضوع الميليشيات المدعومة من ايران، وما ترتكبه من انتهاكات وجرائم في العراق وسورّية واليمن، من المواضيع التي تضمنتها نشاطات المركز حيث سلطت الأضواء على أعمال هذه الميليشيات من خلال بيانات وندوات وتقارير وزّعت على أوسع نطاق. وهنا أدرج أمثلة لعدد من الندوات التي نظمها مركز جنيف الدولي للعدالة ضمن اجتماعات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان خلال الدورة 33 والتي اطلعت وتابعت طريقة العمل لها وكيفية التحضير لها بالتنسيق مع عدد من المنظمات العربية والدولية حيث يجري عرض قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الاجتماعات، وكل هذه الندوات عُقدت في قصر الأمم بجنيف، ومنها على سبيل المثال :

• ندوة الوجه الآخر للإرهاب : عقدت في 15 أيلول / سبتمبر 2016، بمشاركة السيد سترون ستيفنسن، عضو البرلمان الأوربي سابقا، والسيد صباح المختار، رئيس جمعية المحامين العرب في المملكة المتحدّة، وركزّت الندوة على التوضيح للمجتمع الدولي أن الإرهاب لا يتمثل بداعش والقاعدة ومن سار على ركبهما بل أيضا بأكثر من مائة ميليشيا إرهابية في العراق وسورية ولبنان واليمن وفي مقدمتها، فيلق بدر وعصائب أهل الحق، وجيش المهدي ( سرايا السلام )، وأبو فضل العباس، وجند الله ( الحوثيون ) وحزب الله، وسرايا شهيد المحراب، وسرايا عاشوراء، وغيرها.

• ندوة تصدير الإرهاب، عقدت بتأريخ 22 أيلول/سبتمبر 2016، وقد تناولت بالتفصيل الدور الإيراني بتصدير الإرهاب للمنطقة والعالم من خلال الميليشيات ودور السلطات العراقية الحالية في ذلك من خلال القوانين التي تصدرها والدعم الذي تقدمه، وحاضر في الندوة شخصيات أوربية على مستوى عال جدت منهم : السيد باولو كاساكا، عضو برلمان أوربي، ودرك أدريانسيس، عضو اللجنة التنفيذية لمحكمة بروكسيل، وصباح المختار رئيس جمعية المحامين العرب في المملكة المتحدة، وسيغين مدر، من الجمعية السويدية للتضامن مع العراق، وطاهر بومدرا، مسؤول سابق في بعثة الأمم المتحدّة في العراق، واليزابيث نوسنغ، عضو الجمعية السويسرية، وأدار الندوة السيدة غلنوز سيدامينوفا الباحث الأقدم في مركز جنيف الدولي للعدالة. وقد زجّت السلطات العراقية بعدد من أفراد ميليشيا الحشد الشعبي إلى الندوة في محاولة منهم لتخريب الندوة، لكن المسؤولين عن التنظيم تركوهم حتى يظهروا ما في جعبتهم من ألفاظ عنصرية وسب وشتم فما كان من شرطة الأمم المتحدة إلا أن أخرجتهم من القاعة وسحبت بطاقات دخولهم للأمم المتحدة وعلمنا من المنظمين أنه قد تقرّر منع دخولهم مستقبلاً.

• ندوة اليمن : لا شيء آمن. عقدت في 23 أيلول / سبتمبر 2016 وفي هذه الندوة شاركت الشخصية العالمية المعروفة السيدة توكل كرمان ( الحاصلة على جائزة نوبل للسلام )، للحديث عن الأوضاع المأساوية في اليمن منذ احتلال الحوثيون للعاصمة صنعاء وما حل من خراب في البلاد نتيجة ذلك. كما شارك في الندوة كل من السيدتين بشرى الصرابي وأسوان محمد حيث قدمتا تقريرا مفصلا موثقاً عن الإنتهاكات في الندوة فضلا عن أفلام وتقارير توضح أبعاد الانتهاكات التي ترتكبها هذه الميليشيات الإجرامية المدعومة من إيران.

• ندوة اليمن : كارثة إنسانية، تم عقدها بتاريخ 27 أيلول / سبتمبر 2016، بمشاركة السيدة حورية مشهور، وزيرة حقوق الإنسان السابقة في اليمن، والأساتذة سمير الشيباني ومحمد ناجي علاو وحمزة الكمالي، وأدارت الندوة السيدة كلنوز سيدامينوڤا من مركز جنيف الدولي للعدالة.

جميع هذه الندوات تكلّلت بنجاحٍ مميزّ وحضور فعّال مقارنة مع ندوات لمنظمات وهيئات حقوقية أخرى والفضل في نجاحها يعود للمركز وطاقمه ( تنظيم، توفير الخبرة وتقديم الإستشارات في مختلف مجالات حقوق الانسان، توزيع المنشورات ... ) وأيضا للمحاضرين الذين أظهروا تعاوناً كبيراً مع إدارة المركز وكان التنسيق عاليا قبل عقد كلّ جلسة وقد حضرت اجتماعات لأعضاء الوفد اليمني بما فيهم السيدة الوزيرة وكان الجميع يهتم بالنصائح والمقترحات لإنجاح الاجتماعات.

ولا يفوتني الإشادة بعمل الوفد اليمني الذي قدم تقاريرا حقوقية مفصلة ترصد :

- الانتهاكات بحق الطفولة في اليمن ( قتل أطفال وتشويههم، تجنيدهم واستخدامهم جنودا، اختطافهم، ... )

- انتهاكات الإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية في اليمن ( الإعتداء على حرمة المساكن، اعتقال المواطنين من بين أهاليهم، الإعتداءات على الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية والتفتيش التعسفي من قبل مليشيات الحوثي وصالح، وذكر التقرير أنه تم تحويل المباني الحكومية والمشافي والجامعات والمدارس إلى سجون ومعتقلات بلغ عددها 484 معتقل ).

- انتهاكات بحق المرأة اليمنية (منها القتل والإصابة والتشوه والإحتجاز الغير قانوني والتحرش والعنف الجنسي وقتل وإصابة واعتقال العائل الوحيد لبعض النساء والتسبب بنزوح وتشريد وتهجير الآلاف منهن ...

وفي إطار التعاون والتنسيق بين مركز جنيف الدولي للعدالة وباقي المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، حضرت مع طاقم المركز بتاريخ 27 أيلول / سبتمبر2016 جلسة نظمتها منظمة المحامون الدوليون حول سد النهضة الاثيوبي وتداعياته على الأمن المائي لدول الجوار وإفريقيا عموما وقد ألقى حلقة الحوار كل من الدكتور أصفاو بيين والأستاذ مصطفى عاشور والأستاذ منصور ممثلا للدكتور أحمد المفتي الذي تعذّر عليه الحضور بسبب التأشيرة. قدم بعض أعضاء المركز خلال هذه الحلقة أسئلة ومقترحات ولم ينحصر حضورهم كضيوف.

حظيت أيضا بفرصة الاطلاع على موجز عن آليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدّة، وكيف تتم المشاركة في الاجتماعات والندوات التي تعقد في إطار مجلس حقوق الإنسان في جنيف ( الجهة الرسمية التي تتخذ القرارات فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان ) وكذلك ما هي مهام المفوض السامي، ومهام الخبراء ( تقديم التقارير وفقا للبنود وحسب جدول الأعمال لمجلس حقوق الإنسان حيث أن جلّ التقارير تقدم تحث البند الثالث الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ) وللإشارة يوجد ٤٠ مقرراً خاصاً يقسمون على دورات ( دورة مارس ، دورة يوليوز ودورة سبتمبر )

الآلية الأخرى من آليات حقوق الإنسان هي اللجان التعاهدية التي تكون مسؤولة عن تنفيذ اتفاقيات حقوق الإنسان.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس حقوق الإنسان الذي تشارك فيه كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة ( اكثر من 190 دولة )، يتضمن 47 دولة عضو هي من يحقّ لها التصويت ( تتم العضوية حسب المجموعات الجغرافية ) وقد أتيحت لي فرصة حضور التصويت على العديد من القرارات وحصلت أيضا على نسخ من البنود والتقارير.

وقبل الختام فقد لفت انتباهي حضورا كبيرا للشخصيات المتنوعة الاختصاصات التي طرحت قضاياها وخاصة العربية منها ( إلا العراقيين ـ ويا لحزني ) فقد كان حضورهم خجولاً رغم أن العديد منهم يتواجدون في سويسرا والدول الأوربية ولا توجد أية معوقات تجعلهم يبتعدون عن هكذا مجال لدعم من يدافع عن قضيتهم وتوضيح ما يحصل على الساحة العراقية من انتهاكات لحقوق المواطنين وهم يمتلكون كما هائلا من الأدلة الموثقة بالصور والفيديوهات التي تكشف حقيقة الوضع المأساوي في بلدهم.

وختاما وفي الوقت الذي أسجل فيه أسمى آيات العرفان لإدارة المركز على دعوتها لي لا يفوتني إلا أن أثني على جهود العاملين والمتطوعين في المركز والذين ترجموا توجيهات الإدارة إلى فعل سريع وملموس انعكس تماما على سير النقاشات والحوارات التي عقدها المركز وكذلك البيانات التي كانت تلقى يوميا وبمعدل 3 الى 4 بيانات في اليوم وفقا للبنود المبرمجة، متمنية للجميع التوفيق في عملهم الإنساني الكبير الذي اغاض سلطة المنطقة الخضراء وعملائهم ومن يخدم اجنداتهم بطريقة او باخرى.

المقترحات :
ــــــــــــــــــــ

1 / أهمية إقامة المؤتمرات المعنية بحقوق الانسان في الوطن العربي بصفة عامة والعراق بصفة خاصة في الأمم المتحدّة كونه المكان الأمثل الذي يتواجد فيه ممثلي معظم دول العالم.

2 / تشجيع اللجان المهتمة بهذا الموضوع للتواصل مع مركز جنيف الدولي للعدالة لترفده بما يتوفر لديها من معلومات وأدلة تدين مرتكبي الإنتهاكات في حق الانسان العراقي لغرض تقديمها إلى مجلس حقوق الإنسان.

3 / ضرورة حضور العراقيين المختصين من الحقوقيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان لهكذا مؤتمرات





الخميس ٥ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بنت المغرب - سلمى الإدريسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة