شبكة ذي قار
عـاجـل










المعارضة الوطنية ضروري وجودها في كل بلد يؤمن بطبيعة الخلاف فالوطن ليس صفحة واحدة جميع المواطنين بوجهة نظر واحدة والخلاف سمة من سمات البشر فرب البشر يقول وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا فهذه ارادة ربانية فكيف بنظم سياسية لا تقبل معارضة تختلف في وجهة نظرها للامور عما تفكر فيه السلطة السياسية .

النظام السياسي الذكي الذي يسعى لافساح المجال لظهور معارضة سياسية حتى لا يرى للامور من عين واحدة فالمعارضة السياسية هي عينه الثاني التي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار لرأيها وموقفها عند صناعته للقرار من خلال قناعته بالرأي والرأي الآخر كما يؤمن لهذه المعارضة بالحق كاقلية في الوصول إلى السلطة من خلال ايمانه بمفهوم تبادل السلطة فهذا هو جوهر العمل الديمقراطي .

رغم ما يواجه المعارض السياسي من قمع ومحاربة في رزقه وقوت اطفاله ولكن يتحمل ويعاني من جحود ممن يرى في المعارض من خلال مواقفه أنها تتجاوز هذا الجاحد فالمعارضة موقف شجاعي لا يستطيعه كل إنسان والمعارض يخشى على وطنه اكثر من خشيته على نفسه .

مشكلتنا في ظل سياسات القمع في حق المعارضة أن هذه السياسات غرست ثقافة الخوف في نفوس قطاع واسع من الجماهير والتي تنقل الكثير من العائلات هذا الخوف لابنائها تحذيرا من الحالة التي يعيشها المعارض السياسي مما يصعب ممارسة العمل على المعارض السياسي .

إن سبب تخلفنا هو رفض سماع الصوت الآخر مما يؤكد على عدم امكانية تقدمنا في ظل سياسة القمع وعدم الايمان بتقبل وجهة النظر الاخرى وهو ما يؤشر على عدم قناعتنا بالديمقراطية وكثير من مفاهيمها مثل الحق في تبادل السلطة اي حق الاقلية في الوصول إلى السلطة بالاسلوب السلمي الديمقراطي إلى جانب واجب حماية الاكثرية لحق الاقلية في ممارسة العمل .

ننظر للعالم نراه على شعبتين واحدة تمارس الديمقراطية وتحترم حق المعارضة في العمل وتؤمن بمفهوم تبادل السلطة معها وهي تمتاز بوعي وتقدم وتحقيق امتيازات لجماهيرها وهي تحترم العمل الديمقراطي ونتائج صناديق الاقتراع حتى لو كانت في غير صالحها والشعبة الاخرى من دول العالم على النقيض من الاولى تحصد الفقر والبطالة والتخلف والفساد لان الرقابة على ادائها معدوم والسلطة قمعية وفاسدة .

مايؤسف له أن بعضا من دولنا ونحن منها نمارس الديمقراطية على طريقة خاصة بنا مشهود لها بقمع الديمقراطية بوسائل حريرية تفقدها دورها وتقوم على تزوير الإنتخابات فصناديق الاقتراع تفرز ما تريده اجهزة السلطة والنتيجة أن الفساد ينخر جسد الدولة والإنهيار لجهازها الاداري ويعم الفقر والجوع وتتسع قاعدة البطالة .

تنظر أنظمتنا كثيرا عن الديمقراطية وتجد ان هناك طلاق تام بين النظرية والتطبيق وتشعر المعارضة بغصة والم فهي تمارس دورها في ظل بيئة موبوأة بالفساد ورغم تبجح النظام بديمقراطية مريضة معتوهة في ظل نظام سياسي يمارس العهر السياسي تحت يافطة الديمقراطية فتجده اسوأ ما افرز العلم السياسي في عالم كله نفاق ما دامت مصالحه محمية .

مشكلة المعارض السياسي مركبة يصطدم بها من خلال السلطة واجهزتها القمعية ومن الجماهير التي استوطن الجبن والخوف نغوسها المريضة بسبب سياسة اجهزة السلطة في ظل معايير حقوق الإنسان وبسبب تدمير النفس البشرية التي تبحث عن ملاذ آمن للعيش حتى وإن كانت لقمة العيش مغموسة بالذل .

لا بديل عن المعارضة الوطنية ولابد من تعزيز دور المعارضة والوقوف إلى جانبها ومساندتها من قبل الجماهير فالجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية للدفاع عن مصالحها من خلال معارضة قوية وصلبة ولها جذور ضاربة في تربة الوطن وحتى لو سقط بعض اعضاء المعارضة في حبائل السلطة لا يعني أن المعارضة غير لازمة ولكن هذه مسيرة حياة ومشوارها طويل يتعب البعض من الاستمرار فيه وقد تغريه السلطة او تخدعه فيظن أنه قد يستطيع الخدمة من خلال الموقع الوظيفي الذي قبل به وهؤلاء ليسوا نموذجا يحتذى بهم .

علينا أن لا نضحك على أنفسنا هاهي كل الاحزاب قد اعلنت مشاركتها في الإنتخابات فعن اي نوع من الاحزاب نتحدث وماذا ابقيتم من هذه الاحزاب فقد تم تجريدها من الكفاءات والكوادر الفاعلة والمؤثرة وقد تعاونت قياداتها مع العراب للحفاظ على مواقعها ومكتسباتها وباتت احزاب خاوية من الفعاليات السياسية والثقافية والفكرية فماذا ستفرز واغلب الظن أن العراب سيعطيها مساحة من المشاركة لغايات تجميل تشكيلة المجلس .

رفض المشاركة ليس معارضة عدمية هو معارضة ايجابية تحذر صاحب القرار أن المواطن لم يعد قاصرا . وما زال البعض من اجل المحافظة على مكتسباته يرفض أن يسمح للمواطن أن يمارس مواطنته في وطنه إلا من خلال الثوب الذي يتم تفصيله له فهل نعي ذلك من خلال حجم المقاطعة التي ستفرزها هذه الإنتخابات من جهة ومن خلال فشل المجالس النيابية في الخمس وعشرين سنة التي مرت في عهد ديمقراطية تغنينا بها واضعنا كل هذه السنوات من عمر الوطن وحياة المواطنين .

dr_fraijat45@yahoo.com





الاحد ١٨ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة