شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن هذا اليوم يوما عاديا كبقية الأيام بساعاته ودقائقه ولحظاته في حياة العراقيين والأيرانيين معا وفي مساعي ونظر محبي السلام وحسن الجوار في العالم أجمع .في هذا اليوم اشرقت الشمس ومعها خيوط الفرح ومعالم الزينة والأحتفالات الشعبية في كل مكان من ارض العراق الطاهرة وأمطرت الأرض الى السماء تهاليل وزغاريد وبصوت وطني مدوي يهتف للعراق جيشا وشعبا وطافت أكاليل الزهور ونسائم الرحمة الآلهية على ارواح الشهداء الذي قدموا ارواحهم ودمائهم فداءا للوطن الغالي دون ان تعرف الأرض اي دماء روت سيادتها وحمت قدسيتها من الدنس وأمكنتها الممتده ما بين النهرين من الأرجاس لتتحول الهموم الى افراح والأحلام الى واقع بنهاية لحرب دامت ثماني سنوات لا يمثلها حرب اخرى من حيث طبيعة المتقاتلين وآلتهم الحربية من طائرات ومدفعية ودبابات وقاصفات وراجمات وصواريخ بعيد المدى وبوارج وسفن حربية متنوعه حتى ان كثيرا منّا لم يخطر بباله يوما نهاية لها بعد ان رفضت الجارة المسلمة ايران كل دعوات السلام التي قامت بها المنظمات الدولية والأمم المتحدة ورفضت كافة قرارت مجلس الأمن الدولي والمساعي الحميدة لفض النزاع القائم بالطرق السلمية بينما وافق العراق منذ الأسبوع الأول على وقف كافة العمليات الحربية في اول وساطة دولية قام بها الدبلوماسي التونسي الحبيب الشطّي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الأسلامي والذي يرتبط بعلاقات طيبة مع الخميني . لقد بدأت الحرب بين دولتين جارتين مسلمتين لكل منهما اتجاهاته وشعاراته ونظامه الوطني ونظرته للحياة وتنوع صورها وأختلاف السياسات بينهما قاد الى هذا النزاع الذي بدأ في ايلول عام 1980 وأنتهى في آب 1988وكلف البلدين خسائر مادية وبشرية كبيرة وأتسمت بأنها من اكثر الصراعات العسكرية دموية كان يمكن تجاوزها لو كانت القيادة الأيرانية تتصف بالحكمة والتعقل . كان قادة الثورة الأيرانية وعلى رأسهم آية الله الخميني قد رفعوا شعارات تصدير الثورة فبدأوا بالعراق لأن اطماعهم فيه تأريخية وكانت ايران تتحين الفرص للوصول الى مبتغاها وتعد العدة لذلك ظنا منها انها قادرة بتفوقها السكاني واقتصادها المتين ان تخضع العراق لسيطرتها ونفوذها من خلال القيام بأعمال عدوانية ضد العراق وأرضه وشعبه ومنافية لقواعد القانون الدولي ومباديء الأمم المتحده وعلاقات حسن الجوار كان في مقدمة هذه الأعمال حديث المسؤولين الأيرانيين عن ضرورة الغاء اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 وقيامها بأحتلال الأراضي العراقية في سيف سعد وزين القوس وقصفها بالطائرات والمدفعية الثقيلة المخافر الحدودية العراقية ومحاولاتها القيام بأعمال تخريبية وأغتيالات سياسية متعدده وهي اعمل عدوانية في نظر القانون الدولي فكان الرد العراقي سريعا وحاسما في 22/9/1988 حيث وصلت طلائع الجيش العراقي الى عدة محافظات ايرانية ورغم ذلك كان العراق سباقا لأنهاء حالة الحرب بين البلدين بينما أستمرت ايران في تعنتها ورفضها الدائم لكل الوساطات الدولية وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بأنهاء القتال بين البلدين بحجة تواجد القوات العراقية على اراضيها

في عام 1982 صدرت الأوامر بأنسحاب كافة القوات العراقيةالى الحدود الدولية لأسقاط هذه الذريعة وبدلا من ان ترعوي ايران وتنصاغ للرغبة في السلام شرعت الى رفع شعارعام الحسم لأنهاء وحسم الحرب لصالحها طالما ان القوات العراقية قد أنسحبت الى داخل الحدود العراقية وبالتالي فأن المعركة ستربك القيادات العراقية ويكون الأنتصار عليها سهل وان حتلال اراضي عراقية يُمكّن ايران المساومة عليها لاحقا فأستحضرت كل ما تستطيع من قوة واستعدت ونفّذت معارك على امتداد قواطع العمليات ولمسافة تصل الى1600 الا ان ذلك لم يغيّر من واقع الحال شيءولم تحقق اي انتصار على أرض الواقع

حتى احتلال الفاو عام 1986الذي شجّع القوات الأيرانية على القيام بعمليات مماثلة في اكثر من قاطع لم تكن على هواها
في الوقت نفسه بدأت القوات العراقية بالتخطيط لأستعادة مدينة الفاو وسخرت جهودها لهذا الغرض وبجهد استخباري بسيط من خلال جهاز لاسلكي بعيد المدى تابع للقوة الجوية العراقية استطاعت ايران اختراقه وسخرت القوات العراقية هذا الأختراق لصالحها فسربت معلومات عسكربة بعضها صحيح لتتمكن من زرع ثقة ايران به ومن ثم استخدامه في خداعها لاحقا حيث اوصلت لأيران معلومات عن نية القوات العراقية بالهجوم على القاطع الشمالي وتواجد كافة اركان القياده العسكرية والسياسية العراقية في المنطقة الشمالية وبث هذا التواجد بالمباشر على القنوات العرقية ونقله من قبل كافة وسائل الأعلام سهل وقوع القوات الأيرانية وقياداتها في الفخ العراقي فبينما الأستعدادت توضح اعلاميا شروع القوات العراقية بالهجوم شمالا بينما شرعت في الواقع لمعركة الفاو في اقصى الجنوب وأستعادته من القوات الأيرانية خلال (35) ساعة وبمباغته سريعه حسمت المعركة وتحررت ارض الفاو من الأحتلال الأيراني في معركة سميت برمضان مبارك لأنها بدأت في 17 نيسان 1988 والذي يصادف اول ايام الشهر الفضيل غنمت فيها القوات العراقية عددكبير من الأسلحة والمعدات الحربية وأسر اعداد كبيرة من الجيش الأيراني وهذه المعركة كانت القاصمة لظهر القوات المسلحة الأيرانية ثم تلتها معركتين مهمتين هما معركة توكلنا على الله ومعركة محمد رسول الله كانت وقائعهما قاسية على القوات الأيرانية وكان من نتائج المعركتين فقدان القوات الأيرانية لزمام المبادره وأسر الآلاف من جنودها وضباطها وحسمت المعركة لصالح العراق وجيشه بموافقة ايران على قرار مجلس الأمن المرقم (598) بعد رفضه لأكثر من سنة والذي وصفة الخميني بأنه السم الذي سيتجرعه تعبيرا عن عدم القدرة على الأستمرار في القتال والأنصياع وبالقوة لمنطق الحق والسلام

وبعد انتهاء حالة الحرب بين الدولتين شهدت العلاقات العراقية الأيرانية تحسنا كبيرا من خلال تبادل التمثيل الدبلوماسي وزيارات وفود متعدده بين البلدين الجارين والجميع كان يأمل بفتح صفحة جديدة من العلاقات بينهما الا ان ذلك كان مجرد حلم لم يغيّر من سياسة ايران وحقدها على العراق وشعبه فصحونا بتوتر جديد للعلاقات وتدخلات ايرانية واضحه وتنصلها عن كثير من اتفاقيات البلدين التي اعقبت الحرب بينهما وتنسيقها التام مع قوات الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003

لا شك ان الحرب هي آخر وسيلة من وسائل السياسة فعندما تنتهي الوسائل السياسية للنزاعات تبدأ طبول الحرب تقرع بين الجانبين وبين هذا وذاك يكون شعبي البلدين هم الضحية فالحرب ممكن ان تعلن ببساطة على لسان القادة السياسيين لكن نهاياتها شائكة وغير مضمونة لذلك كانت نهاية هذه الحرب الضروس بالنسبة للعراقيين حلم تحقق بفضل الله وقوة المقاتل العراقي والشعب المًعين والساند له فخرج الناس في هذا اليوم التأريخي مهللين فرحين محتفين ومحتفلين بوقف القتال ومرحبين بأنهاء حالة الفوضى والألام التي افرزتها هذه الحرب ليثبتوا للعالم اجمع اننا ليس طلاب حروب بل طلاب حقوق ومحبي سلام وطامعين بعلاقات طيبة وحسن جوار مع كل من ينشد ذلك ويمد يد السلام لوطننا وشعبنا . أن حقائق الجغرافية لن تتغير وستبقى ايران والعراق شعبين متجاورين والأفضل ان تكون العلاقة بينهما طيبة وراسخة تقوم على اساس الأحترام المتبادل والتعامل بالمثل وفق مباديء القانون الدولي بدلا من الحروب التي لا تبقي ولا تذر لكن لا ندري متى تكف ايران يدها عن العراق وتبتعد عن سياسات اللعب بالنار والذي مارسته ولا تزال لسنوات عديدة .وسيبقى هذا اليوم الخالد ماثلا أمام كل عراقي وطني غيور وشاهدا على قدرة العراقيين في الدفاع عن بلدهم وكرامتهم بأقتدار دائم وأيمان رصين متصدين لقوى الشر من فاسدين وطائفيين وتكفيريين لأنهم ركائزللطامعين في ارضنا وشعبنا وتاريخنا الموحد ومصيرنا المشترك
 





الثلاثاء ٦ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة