شبكة ذي قار
عـاجـل










لما كان شهر أيار من العام الجاري 2016، هو شهر الانتخابات البلدية والاختيارية، بامتياز بدوراتها المتتالية التي بدأت في الثامن واختتمت في التاسع والعشرين منه،

ولما كانت القراءات السياسية والإنمائية لما جرى، قد أخذت حقوقها الكاملة في تحليل وتقييم ما جرى، استخلاصاً للعبر واستكشافاً لمكامن القوة والخلل لدى هذه الدائرة وتلك وما أحدثته من مفاجأت في بعضها، سواء لناحية تنامي الصوت المعارض للمحادل مثلاً ( الهرمل – بعلبك ) ، أو تلك التي جعلت ما سمي انتصاراً، لا يخلو من طعم الهزيمة الداخلية، ( بيروت ) إن لناحية تدني نسب المقترعين، أو لتمرد جمهور بعض الحلفاء على البعض الآخر ( الدائرة الأولى ) ، إلى انتخابات زحلة وجونية، والتهديد والترغيب في الغبيري إلى الهواء الشمالي القارس الذي أعاد تثبيت البيوتات السياسية في مواجهة الثنائيات المستجدة فالتحاصص الهجين في طرابلس،

وتحول المجتمع المدني فيها إلى مجتمعات فوّتت الفرصة على إنجاز لائحة إنمائية مستقلة موحدة، ليغرق المتنافسون في "معركة كسر عظم سياسي" وتحديد أحجام آلت إلى تكريس زعامة جديدة خارج الاصطفافات الحاصلة، دون أن نغفل الجنوب والنبطية والثنائيات التي بقيت على ما هي عليه رغم بعض الخروقات في بعض الدوائر والقرى.

فإن جملة من الملاحظات الأولية إزاء كل ما تقدم، لا بد من تسجيلها في هذه العُجالة تاركين ما سوف يلي من أسابيع وأشهر قادمة للانكباب، على المزيد من الإضاءات لواقع الانتخابات في لبنان وقوانينها ومحادلها، لنؤكد على النقاط التالية:

1 - لقد ثبت للقاصي والداني أن لا انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية بعد اليوم في ظل عدم وجود قانون انتخابي عصري وعادل قوامه النسبية، والنسبية وحسب، دون أي تعديل وتزوير يمكن أن يلحق بها والتكاذب حول تقطيع القوانين بين أكثري ونسبي، وهذا ما يجب أن يشمل الاستحقاقات النيابية بقدر الاستحقاقات البلدية أيضاً، ولا يجوز بعد اليوم أن يتغلَّب الخمسون والصفر + واحد بالمئة في القانون الأكثري على التسعة وأربعين + الصفر و 9 بالمئة المحتسبة في خانة الخسارة.

2 - ان التدني الفاضح في نسب عدد المقترعين في بعض الدوائر الانتخابية الكبرى ( بيروت مثلاً ) لا يمكن أن يعالج سوى في سن القوانين التي تجبر الناخب على الاقتراع ولو اقتضى ذلك وضع ما يجب من غرامات مالية معينة بحقه كرسوم على من يتخلف بدون أية أعذار قانونية، وبذلك تنتفي ذريعة التمثيل الهزيل وكل ما يدخل في خانة الأقل من عشرة بالمئة للنجاح، ولقد سبقتنا دول عديدة في العالم لاتخاذ إجراءاتها في دفع الناخبين للقيام بواجباتهم ولنا في تجاربها قدوة حسنة لما يجب أن يتم تدارسه والعمل به في بلدنا.

3 - من المفارقات الساخرة في الانتخابات البلدية المنصرمة، ان المال السياسي لم يعد هو المبتدأ في العديد من الدوائر وحسب، لجهة توافره وتوزيعه لشراء الضمائر، ليتحول الشح المالي هو الخبر في الدفع بالمأزمين على هذا الصعيد من قوى السلطة، إلى ضم جهودهم إلى جهود بعضهم البعض والتوافق على لوائح اتخذت ما هو أخطر من المحادل الانتخابية في جمعها للأضداد من جديد وتفويت الفرص على قوى التغيير الديمقراطي من أحداث الخروقات اللازمة أمام اصطفافات ميليشيا المال السياسي والإقطاع المالي وأمراء الطوائف والمذاهب، حيث تجاوز الجميع ما سبق وصنعه كل منهم بالآخر من تخوين وإتهام بالتزوير وما لم يكن، حتى لمالك أن يقوله بالخمرة، فإذا بمصالحهم تفرض نفسها على الآخرين فيلتئم شملهم ولو على حساب تشتيت الوطن وجمهورهم ايضاً الذي ما زال يعاني مما تم تجريعه من كأس مرة حتى الآن.

4 - أن أي قانون للانتخابات البلدية، ينبغي أن يلحظ أن رئيس البلدية لا يحق له أن يختصر بنفسه كل أعضاء المجلس البلدي وتحويلهم إلى "كومبارس" ملحق يشخصه، ترغيباً لبعض ضعفاء النفوس منهم، وترهيباً لمن يخالفه الرأي وهذا الواقع لا يمكن أن يستقيم إلا من خلال وضع الأطر القانونية التي تحدد مسؤوليات رئيس البلدية وتوزيع المسؤوليات على سائر الأعضاء.

5 - لقد تبين من خلال الاستحقاق البلدي والاختياري الأخير، أن محادل السياسة والمال والمذاهب، باتت تعوِّل على دور المختارين في المناطق كمفاتيح انتخابية لها، أكثر من تفاعل هؤلاء مع المحيط الشعبي الذي ينتخبهم، وصارت المنازعات على هذا المختار أو ذاك، بمثابة الصراع "الوطني" الذي شُحذت في سبيله السيوف، وأُعلنت حال الطوارئ، ويا ليت الذين يغارون على المخاتير اليوم، أن يرسموا غداً في المجلس النيابي من القوانين ما يعيد الاعتبار إلى دور المختار بشكل أساسي ولحظ الأوضاع الاجتماعية له حيث تنص القوانين الجارية مثلاً على الحاقه بالضمان الصحي طيلة فترة "مختاريته" وعندما تتغير هذه المختارية يفقد الحق بهذا الضمان وهذا ما يدفع الكثير من المختارين إلى البحث عمن يؤمن استمراريتهم في عملهم دورة بعد دورة بالمزيد من تقديم الولاءات للقوى السياسية التي حملتهم على أكتافها وفرضتهم على الناس، فيتحول إلى صوت ولي النعمة بدل صوت الناس، ومختار أسياده بدل مختار الشعب.

بدون ذلك، لا يحلمَّن أحدٌ بانتخابات نيابية أو بلدية نزيهة بعد اليوم وليكن كل تحرك شعبي حافزاً لتحويل الحلم إلى واقع من الآن فصاعداً.





الخميس ٢٦ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة