شبكة ذي قار
عـاجـل










الفصل الثاني : كيف أسقط البريطانيون الشاه ؟

بدأت المتاعب في إيران ، بعد أن وصف الرئيس كارتر عام 1978 إيران بأنها ( جزيرة الاستقرار ) ، بدأ الوضع بالتدهور منذ سنة قبل ذلك وخاصة عندما قام الشاه بتغيير رئيس الوزراء أمير عباس هويدا ب "جامشيد أموز غار" . تبنى أموزغار موقفاً غربياً إزاء رجال الدين ، حيث أوقف الرواتب التي كان النظام يدفعها إلى رجال الدين مما أدى إلى ظهور إشارات القلق في الجوامع ، الرسائل المهينة ضد رجال الدين التي ظهرت في الصحافة الإيرانية ، وعملية تفتيش لمنزل آية الله شريعة مداري عام 1978 زادت من تفاقم النقمة .

كان الشاه غافل عن البركان الذي يغلي تحته واستمر في وضع ثقته الكاملة في السافاك وسلك الأمن وكانت تلك غلطته الكبرى .

إن الرجل المسؤول عن السافاك هو الجنرال حسين فردوست ، وهو صديق الطفولة للشاه ، من المحتمل أن يكون فردوست زعيم الخط " الداخلي للثورة" لمدة سنة في الأقل منذ فبراير ( شباط ) ، وكان يبحث عن الحلفاء بين قادة القوات المسلحة وسلك الاستخبارات ، وكان يقول : قرر الأمريكيون التخلص من الشاه علينا أن ننقذ أنفسنا هل ستنضمون إلينا ؟ ولقد انضم العديد إليه .

لذا فالشاه وشقيقته أشرف يعتبران الجنرال فردوست خائناً للنظام ، وفق كتابها ( وجوه في مرآة ) تقول أشرف : أنه بعد وقف المساعدات المالية عن رجال الدين أصبحت الجوامع مسرحاً للتظاهرات العنيفة المعادية للشاه . وتقول : لم تقدم السافاك ، وهي الشرطة السرية أية تقارير عن حجم وأسلوب استخدام الملالي حرمة منابر الوعظ للقضاء على العرش. يقال إن فردوست الآن أحد زعماء سافاما الخميني .

في 19 أغسطس ( آب ) صعقت إيران بعمل إرهابي مات أكثر من 400 شخص عندما نشبت النار في سينما ركس في عبادان ، وكان من الواضح أن النار أضمرت بشكل متعمد وتم إغلاق أبواب السينما من الخارج لمنع هروب أي شخص.
في المناقشات التي تجري في الشارع أعترف معظم الإيرانيين بأن حركة التي يقودها خميني والملالي قد تم تنظيمها من قبل لندن .

تغذت الثورة التي يقودها رجال الدين بواسطة الهجرة من الريف إلى المدن الكبرى نتيجة السياسات الاقتصادية لحكومة أموزغار التي خلقت العديد من العاطلين عن العمل.

وكان الملالي في الجوامع هم زعماء الغوغاء للثورة ، إن الكلمات التي يلقها آيات الله البارزون جعلت الشعب الإيراني شبه الأمي في حالة الاهتياج دفعته في النهاية للطواف في الشوارع تهتف وتتغنى بمدح خميني الموجود في المنفى .

إنها ليست بالثورة السياسية ولكنها عملية تكوين مجموعة المعجبين بالفرد لحد العبادة وعملية تكييف المشاعر البائسة لقروي إيران المتأخرين وتحويلها إلى كبش سياسي ( الكبش هو آلة حربية كان القدماء يستعملونها لدك أسوار المدن المحاصرة ) ، لتدمير الذات ، إنها عملية الانتحار الجماعي لجماعة القس جيم جونز على مستوى الوطن .

رضخ الشاه لضغط جنرالاته وأعلن الأحكام العرفية . إن سبب تأخره يرجع إلى ضغط منظمة العفو ، ومن سفراء أمريكا وبريطانيا يحذرون الشاه أنه إذا أعلن الإحكام العرفية فإن مكانته في الرأي العام العالمي ستنخفض بشكل حاد . فالشاه بتردده في اتخاذ موقف متصلب من رجال الدين أعطاهم مجالاً كافياً للبدء بدورة المظاهرات ومسيرات الموت .

بعد إعلان الإحكام العرفية ، حدث اشتباك بين رجال الشرطة والمتظاهرين سقط فيها حوالي 500 متظاهر.

بعد يوم من وقوع المذبحة قيل أن البيت الأبيض قرر التخلص من الشاه ، وأن مسألة إزالته قد تمت مناقشتها علانية ، وهناك حلول أخرى تم إعدادها في دوائر واشنطن الأخرى .

وتتطرق الكتاب ، إلى أهمية النفط في إسقاط الشاه عن طريق شركة برتيش بتروليوم ، حيث جرت مفاوضات بين الحكومة والشركة لتجديد العقد الذي مدته 25 سنة ، التي بدأت في يناير ( كانون الثاني ) 1978 وفي شهر أكتوبر ( تشرين الثاني انهارت المباحثات .

بدأ أن الشاه في حالة تغلبه على الثورة فإن إيران ستكون حرة بشكل كامل في مبيعاتها النفطية سنة 1979 وقادرة على تسويق نفطها إلى الشركات في فرنسا واسبانيا والبرازيل والعديد من الدول الأخرى.

بدأت رؤوس الأموال تغادر البلاد ،منها مؤسسة تجار السجاد اليهودية التي تمتلك القدرة على ممارسة التأثير في اقتصاد إيران بواسطة تهريب رؤوس الأموال الضخمة .

منذ قرنين والانكليز يسيطرون على تجارة المخدرات في الخليج العربي كمحطة متوسطة بين مثلث الشرق الأقصى الذهبي وأروبا ، عبر هذه القنوات تم تهريب كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة إلى إيران لتغذية الثورة بينما يتم تهريب المال إلى الخارج .

منقول بتصرف
لماذا لم يتخذ الشاه قرار بمجابهة الانكليز علانية ؟
1- لم يعلن أن إيران تتهدده مؤامرات إمبريالية بريطانيا ، إضافة إلى بريتش بتروليوم وأن يصف رجال الدين ب "الرجعيين الأشرار " في خدمة لندن ، ويحشد معظم النخبة السياسية إلى جانبه ، إلا أن إدارته السياسية الضعيفة دفعت العديد من أفراد الطبقى الوسطى والمفكرين إلى جانب خميني .

2- على المستوى العالمي كانت الظروف جاهزة للقيام بانقلاب سياسي ضد الانكليز ، لو قرر تأميم النفط وتسويقه إلى فرنسا وألمانيا .

3- الاتحاد السوفيتي وحلفائه مستعدين لدعم الشاه ضد خميني .

4- لماذا لا تكشف للعالم تطورات الأحداث السياسية التي تستهدف إيران، لماذا لاتكشف الحكومة النقاب عن مخطط بريطانيا في تدمير إيران ؟

5- لماذا لم يعطي رئيس الوزراء بختيار السيطرة الكاملة على القوات المسلحة ؟

دور هيئة الإذاعة البريطانية في إسقاط الشاه
1- وضعت عشرات المراسلين في كل مدينة وقرية في خدمة الاستخبارات البريطانية ، وحالما يقع حادث صغير في إحدى القرى ترسل الأنباء إلى المقر في طهران ويذاع باللغة الفارسية بتضخيم الحدث وتعمل بخلق الاضطرابات والفوضى .

2- كانت تذيع خطب خميني على مدار الساعة . قال الشاه : أنه سينتقم من لندن إذا لم يتم وقف الإذاعة البريطانية الهدامة . لكن لندن أعلنت بأن ليس لها نفوذ على هيئة الإذاعة وتم طرد بعض المراسلين .

3- أصبحت الهيئة المنسق الواقعي للثورة يستطيع الملالي بواسطتها تنظيم مظاهرات خلال 24 ساعة .

4- بدأت الهيئة بالحرب النفسية ، مثل بهروب الشاه، أو تنازله عن العرش إلى ابنه أو أنه أصيب بالجنون ، أو تم اغتياله .
5- قامت الهيئة بتحريض عمال النفط على الإضراب .

6- بعد أن ذكرت صحيفة واشنطن بوست بأن الهيئة عدو إيران الأول قامت الحكومة العسكرية بالتشويش على أنباء الإذاعة ، ولقد جاء متأخر .

في أوائل يناير ( كانون الثاني ) 1979 في اجتماع لرؤساء دول أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أعلنت الإدارة الأمريكية رسمياً أنها لن تسعى بعد الآن لإبقاء الشاه في السلطة مع وجود الورقة الإسلامية الآن على الطاولة فإن خلع الشاه سوى مسألة وقت .

كتب الشاه في مذكراته ( جواب للتاريخ ) متذكراً سلسة الإحداث التي دمرت نظامه ( لم أكن أعرف حينها، ربما لم أكن أريد أن أعرف ، ولكن أصبح من الواضح لي الآن أن أمريكيين كانون يريدون إبعادي .

يعلم الفرنسيون والألمان أن نظام خميني سيؤدي إلى إلحاق الضرر الكبير في استقرار الخليج ويهدد إمداداتهم النفطية ، وحسب نظرهم إن خميني ورقة بإمكانها تمزيق الشرق الأوسط بأكمله .

ارتكبت فرنسا خطأً فادحاً أسف عليه الرئيس جيسكار ديستان عندما منح خميني حق اللجوء .وبين ليلة وضحاها أصبح خميني شخصاً شهيراً في العالم ، ووصل إلى مقره العديد من العملاء الامركيين والبريطانيين لإعداد الترتيبات النهائية لنقل السلطة إلى آية الله خميني .

عاد خميني إلى إيران في الأول من فبراير ( شباط ) ليلاقي ترحيباً كبيراً نظمه إتباعه خلال ساعات ، أعلن بان حكومة بختيار غير شرعية ، وأعلن عن حكومته التي تظم الملالي المجانيين .

أصدرت قيادة القوات المسلحة الايرانيه إعلان بأنهم " غير منحازين" في الأزمة ظهر الإعلان بتوقيع رئيس الأركان الجنرال غاراباغي. تم إعدام وتصفية الكثير من قادة الجيش العليا من قبل رجال غارا باغي والجنرال فرد وست .

في السادس عشر من شهر يناير ( كانون الثاني ) غادر الشاه في "أجازة" ولم يعُد . يقال أن القيادة العسكرية اتصلت بالشاه ورجته أن يصدر أوامر للتحرك ضد الخميني إلا أن الشاه رفض ، وهي الملاحظة التي أزعجت الكثير من الإيرانيين الذين فهموا منها أن الشاه يعترف أخيراً وبصراحة بأنه لعبة في يد واشنطن .

وأفضل تقييم لنظام خميني قدمه شاهبور بختيار رئيس الوزراء قبل أيام من إطاحة الجماهير بسلطته : إن خميني شخص جهول وحاقد وسلبي ومدمر ، وتعتبر بطانته حديقة حيوانات حقيقية تضم أشخاص مشبوهين ، أن نصف الأشخاص الذين هتفوا ضدي أميون وعليهم أن يذهبوا إلى المدارس بدل الجوامع ، إن مافعله خميني خلال أسابيع قليلة سبب لحد الآن أضرار تفوق تلك التي حدثت في الخمس والعشرون سنة من نظام الشاه ولكن ما سيفعله خميني في الأشهر القادم سيصعق العالم حقاً .

وهذا ماحدث يتبع
 





الاثنين ٥ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة