شبكة ذي قار
عـاجـل










ينطوي طرح مثل هذه المفاهيم على مخرجات تهدف إلى خلط الأوراق من جهة ، ومسايرة مفهوم ( اللعبة ) الداخلية ومفادها أن ايران تعيش صراعًا داخليًا قد ينفجر في أي لحظة أو ينتظر انفجارًا بوجه السلطة الفارسية الأرهابية في طهران من جهة أخرى .. هذا الطرح يرتبط بمفهوم أمريكي يرى أنه من الممكن تغيير السلوك السياسي الخارجي الإيراني في ضوء صراع ( الحمائم والصقور ) .. وهنا تكمن المخادعة الكبرى في المفاهير التي من شأنها أن تخلط الأوراق بوجه حقائق الواقع الراهن لطبيعة النظام السياسي الشمولي الميكافيلي الإيراني؟!

1- صحيح ، أن هنالك دولة إيرانية لها مؤسساتها ومدخلاتها ومخرجاتها في السياسة والأقتصاد والثقافة كما لها تاريخها الأمبراطوري العدواني، الذي لم يكشف غير تمددها وتوسعها على حساب جيرانها والأبعد منها كاليمن ومصر واليونان .. طالما تترك هذه البلدان وراءها دمارًا شاملاً، ولم تزرع قيم حضارية عكس العرب المسلمون حين غادروا أسبانيا والبرتغال كانوا قد نشروا القيم العربية الاسلامية، لأن قيم الفرس قائمة على الديانة المجوسية التي تقدس النار وتتخذ منها رمزًا للعنف والقوة عند تعاملها مع الآخرين .. فالفرس المجوس عنيدون متغطرسون ويحتقرون غيرهم عنصريًا ، ولم يقتصر نهج الفرس العدواني العنصري على الشعوب الأخرى إنما على الشعوب التي تعيش بين ظهرانيهم ، كالآذريين والبلوش وعرب الأحواز والكرد والتركمان وأديان معروفة .. فالنظم السياسية الفارسية تقودها دائمًا نخب تعبر عن نهج التوسع والتمدد بأغطية وذرائع مختلفة.

2- كما وهنالك ما يسمى بـ ( الثورة الإيرانية ) المسكونة بنهج التمدد الذي يطلق عليه ( تصدير الثورة ) كذباً ورياءًا ودجلاً .. لأن الثورات الشعبية الحقيقية لا تكون معتدية ولا توسعية إنما ثورات تلتفت بالدرجة الأولى صوب شعوبها وبناء نهضتها وتنمية مواردها وتعمل على توظيف امكاناتها في بناء الأنسان والدولة معاً، لا أن تقمع شعوبها وتستعمر غيرها من الشعوب وتنهب ثروات غيرها وتتعاون مع أعداء الأنسان والأنسانية ألا وهو الأمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية وتمتين قاعدة الماسونية المذهبية لتدمير الدين الأسلامي الحنيف .. فقد أغتصب النظام الفارسي أرض عربستان ، واغتصب الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى و أبو موسى في الخليج العربي الذي تصر على تسميته بـ ( الخليج الفارسي ) ، واغتصب اراضي العراق الحدودية وسرق نفطه علانية ومزق شعبه .. فأي ثورة غادرة يريد النظام الفارسي تصديرها، ولماذا؟ وهل هنالك من تناقض بين الدولة الإيرانية والثورة الإيرانية .. ولماذا هذا الفصل ولأي غرض ؟

3- إن إطروحة مثل هذه، التي تفرق بين الدولة الإيرانية ( كيان جغرافي وشعوب إيرانية مختلفة وثقافات متنوعة ولغات متعددة وحدود سيادية وإعترافات واقعية وقانونية ) وبين الثورة الأيرانية ( سلطة رجال الدين الطائفيين والعنصريين ومؤسسات أمنية - آيديولوجية ومذهبية طائفية - عنصرية ) ، تتحرك على وفق تخطيط توسعي يمتد صوب الأقطار العربية والبلدان الأسلامية ليشمل العالم ، هي في حقيقتها إطروحة تنطوي على تمكين فكرة أن هنالك صراعًا داخليًا قائمًا بين بين ( متشددين ومعتدلين ) بين ( متصلبين وإصلاحين ) بين ( صقور وحمائم ) ، لكي يبني الخارج خططه على أساس العمل على إحتواء النظام الإيراني ومن ثمَ تغييره من الداخل بدعم الأتجاه المعتدل الأصلاحي .!!

4- هذه الأطروحة تنطوي على مغالطة كبرى .. كيف؟ لأن النظام الفارسي، على الرغم من مؤسساته ( مجلس الشورى- البرلمان ، ومصلحة تشخيص النظام والمجلس القومي .. إلخ من المؤسسات الصورية ) ، هو نظام شمولي قسري ميكافيلي يقوم على سلطة ذات بعد ديكتاتوري واحد ممثلة بـ ( ولي الفقيه ) الذي تخضع لسلطته المطلقة كل هذه المؤسسات ولا يخالف قراراته أحد .. لماذا؟ لأن سلطته تبيح له أن يسمى ( ظل الله على الأرض ) .!!

5- والحقيقة الشاخصة .. هي لعبة سياسية قد تم رسمها لتلك الأغراض المخادعة.. والدليل على ذلك ، ومنذ أن بدأت لعبة الملف النووي الإيراني المريبة على سطح الأحداث، هل تغير نهج النظام وخططه التوسعية المزدوجة عسكريًا وآيديولوجيًا؟ وهل تغيرَ هذا النهج ازاء الشعوب الإيرانية؟ وهل قلت وتيرة الأعدامات التي تطال هذه الشعوب المضطهدة ؟ وهل أفرغت السجون الإيرانية من المواطنين العرب والكرد والتركمان والأذريين والبلوش؟ فيما يعترف النظام الفارسي بإنتشار حرسه في أراضي عدد من الدول منها العراق وسوريا واليمن وأفغانستان وباكستان.!!

6- هنالك من يقول بنظرية ( إيران التقليدية ) و ( إيران الثورية ) و ( إيران ما قبل الأتفاق النووي ) و ( إيران ما بعد الأتفاق النووي ) ، ثم هنالك طرح آخر يقول بـنظرية العجلة ( Bicycle Theory ) ، والتي تفيد متى ما توقفت إيران عن مشروعها التخريبي في الخارج سقط النظام في الداخل .. بمعنى ان من يقود إيران منذ مجيء خميني إلى السلطة عام 1979 كمن يقود عجلة بايسكل ( Bicycle ) ، فإذا ما توقف قائد العجلة لا بد أن يسقط أو يضطرب قبل أن يسقط .. والمعنى في ذلك أن بقاء النظام الإيراني يتوقف على الشحن الطائفي التوسعي في خارج حدودها الأقليمية .!!

7- إيران ( العجلة ) كادت تسقط لولا الأتفاق النووي مع مجموعة الدول الست الكبرى .. فَرِهان الغرب الخاطئ ( تغيير النظام الإيراني من الداخل ) نظرية أمريكية - صهيونية هدفها إرساء تعامل ستراتيجي مع الدولة الفارسية لتغيير منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا بأداة الأرهاب الطائفي والعنصري.. وهو رهان خاسر ، لأن السلوك السياسي العدواني الأيراني الخارجي لم يتغيير إنما زادت وتائره بتدخلات أتسعت بإعتراف النظام نحو أفغانستان وباكستان وبالتالي باقي البلدان الأسلامية وغيرها.!!

8- وهنالك من يقول : الغرب يراهن على إخراج إيران من ( عباءة ولآية الفقيه ) إلى ( عباءة السياسة والأقتصاد الدوليين ) لكي ينحسر خط تصدير الثورة وتهديد النظام الأقليمي والعالمي .. وسياق هذه الأفكار يكاد أن يكون واحدًا ويصب في المدلول الأستراتيجي الذي يمهد أو يؤسس لعلاقات غربية – إيرانية على الرغم من معرفة أمريكا وأوربا بعلاقات طهران مع موسكو لحد القتال معًا في خندق واحد ، ولكن بشكل منفصل لا يسمح بالتداخل، وذلك لعلم موسكو بكنه السياسة الأيرانية داخليًا وخارجيًا فضلاً عن تقاطع مصالح الطرفين .. المشروع الأمبراطوري الفارسي من جهة، والسياسة الأستراتيجية الروسية بعيدة المدى من جهة ثانية ، فيما يبرز المشروع التركي- العثماني والمشروع الصهيوني خطان متنافسان لهما تأثيرهما في مجرى التحولات الجيو- سياسية على الأرض العربية فيما يقابله غياب مشروع قومي عربي ستراتيجي موحد لمواجهة هذه المشارع العدوانية الخبيثة.!!

الأطروحات سالفة الذكر، هي لتبرير تدعيم علاقات أمريكا والغرب الأوربي بإيران لهدف تنفيذ المشاريع العدوانية بأداة فارسية إيرانية، وحاضنة هذه المشاريع مشروع الشرق الأوسط الكبير.

فمتى تستقر الأقطار العربية وتركز على، ليس رقعتها الجغرافية القطرية فحسب، إنما على واقعها القومي الجيو- ستراتيجي وعموده الفقري الأمن القومي العربي الذي يستدعي وحدة القيادة ووحدة القرار ؟!





الاحد ١٤ ربيع الثاني ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة