شبكة ذي قار
عـاجـل










الإفتراق بين ثنائية الأمـــــة و دولة الوحدة في التاريخ العربي توافق واقامة أحمد ابن طولون لدولته في مصر سنة 865م الدولة التي لعبت دور " الإقليم القاعدة " العربي ليس فقط في مواجهة الغزاة الأجانب صليبيين كانوا أم مغول و تتار ؛ بل دور المحافظة علي مفهوم دولة الأمــــــــة الواحدة في صيغها العربية الجامعة بجانبيها المادي و المعنوي ... الدور الذي لعبته حتي في ظل " خلافة الملة العثمانية " مع بداية انهيارها و لعل سياسة محمد علي باشا أبرز من عبر علي ذلك و أكدته مع ما نادي به المرحوم سعد زغلول ؛ و ارتقت به مراتب متقدمة برؤية حديثة في ظل جمال عبد الناصر رحمه الله .

منذ بداية التاريخ الحديث كل الصراعات القطرية العربية إن كانت بينية أو حتي داخلية لم تؤشر في مجملها علي أي شكل من أشكال الصراع الديني أو الطائفي أو المذهبي بما يؤكد أن أمة العرب حقيقة قائمة و هوية غير قابلة للإختزال ؛ أمة تمتلك كل مقومات الأمة في الفكر السياسي الحديث ، و من أن المجتمع و في كل أقطار الوطن العربي يختزن تجانس و اندماج بنسبة عالية و علي مختلف الدعائم المكونة للهوية الواحدة " التاريخ ، اللغة و الثقافة ، الدين و المذهب " دعائم تؤكدها الدراسات العلمية ذات التوجه الإجتماعي عامة و بخاصة تلك التي تود الإرتقاء بمضامينها إلي مستوي علم الإجتماع السياسي ؛ فلماذا يكثر اللغط الإعلامي عامة وبخاصة لغط بعض قراء الساسوية و محلليها الفكريين من أن ما يعيشه الوطن العربي من تدمير و قتل ما هو الا نضح صراعات عرقية ودينية مردها ضغوطاً داخلية بالأساس ؟ لغط في توافق تام و بائن مع رؤية المستشرقين في نهاية القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع التي أسست لاحقا لما عايشه هذا المجال الوطن من إحتلال و أشكال استعمارية مقيتة ... القولة القائلة من أن الوطن العربي؛ مجرد فضاء جغرافي بلا هوية قومية تميزه، و هو في رؤية أغلبيتهم لا يعدو ان يكون أكثر من لوحة فسيفساء من أعراق وأديان ومذاهب شتى، في إستخفاف بائن بالتاريخ ، و تنكر متعمد لتاريخ العرب ومعطيات واقعهم السياسي والاجتماعي والثقافي . تنكر تسفهه الدراسات العلمية علي الصعيد القومي ، إذ يبلغ العرب لغة و ثقافة و أنماط سلوك 88% ، و قطريا لا تنخفض النسبة إلي أقل من 70% ، و دينيا يتجاوز المسلمون عتبة 91% قوميا بتوزيع مذهبي 84% سنة و7% شيعة . كما تسفه وقائع التاريخ الحديث ما هو قائم حاليا من لافتات تطبع الإعلام الذي يعمل علي تطويع الصراع القائم الذي لا ينكر العربي من أن له مفاعيل داخلية ؛ غير أن صياغتها و توجيهها خارجي و بالكامل منذ أن تراجع دور " الإقليم القاعدة " في ردة ساداتية كاملة عن إنجازات ثورة 23 يوليو 1952، والمرحلة الناصرية لتفقد مصر " الإقليم القاعدة " العربي دورها القومي التقدمي، وبالنتيجة قدرة المتصدر لوضع قرارها السياسي على ضبط الصراعات والنزاعات العربية والحيلولة دون تداعياتها الخطرة لا بل الإنخراط الغبي في تسهيل إحداث الخرق المطلوب في الأمن القومي العربي الذي تسلل من خلاله التهديد الخارجي فكانت :

أولا = حرب الثماني سنوات الإيرانية علي العراق ، الحرب التي يذكر أثنائها عن مدي أهمية الخرق الذي أحدثه السادات بسياساته أنه وأثناء زيارة مناحم بيغن للسادات أغارت الطائرات "الإسرائيلية" على المفاعل الذري العراقي ودمرته . ولم يكن حسني مبارك بأحسن حال من سابقه إذ تؤكد جل القراءات من أنه على علم مسبق بغزو شارون للبنان سنة 1982، وعوضا أن يقف بالضد و يمنع ذلك ، طالب عرفات بتسليم سلاح المقاومة للجيش اللبناني .

ثانيا = أزمة الكويت التي عرت بالكامل الأمن القومي العربي من كل ما يتضمنه و لحسني مبارك دورا مفصلي في ذلك كأمين علي توجه الردة الساداتية في تتمة مفاعيلها و تحشيد مصادرها ، حد تأبيد الحصار و شموليته علي قطر عربي كالعراق الذي مثل ماديا و معنويا أهم رد علي الردة الساداتية . تعرية الأمن القومي العربي سهلت إحتلال العراق لا بل أكدته و فتحت كل المنطقة العربية أمام ردة فكرية و سلوكية و قيمية لا علي مستوي الخطاب البيني بين العرب عامة وصولا الي أفراد المجتمع لا بل عند الساسة و المفكرين و الإعلاميين ... مما جعل من مقولة مستشرقي القرن الثامن عشر تجد أرضيتها الخصبة للنمو و الإنتشار . و تناسي هذا الكل من أن سوريا عندما وضع كقطر تحت الإنتداب الفرنسي قد تعرض للتقسيم سنة 1920 إلي أربع دويلات طائفية تقسيم أسقطته ثورة الشعب العربي في سوريا "{{ ثورة سلطان باشا الأطرش في جبل العرب"الدروز" والشيخ صالح العلي في جبال العلويين }}". ومن أن العراق إن كان قديما أم حديثا و منذ تأسيس دولته الوطنية إثر ثورة العشرين لم يعرف المحاصصة العرقية والطائفية ... محاصصة إن كانت خطابا أم ممارسسة أتت مع الغزو الأمريكي سنة 2003 ، ووضعت مفاعيلها بقرارات بول بريمر، وتواطئ و قبول من جاؤوا متخفين في أحذية المارينز وعلى ظهور الدبابات الأمريكية .

صحيح من ان التركة التي أفرزتها الردة الساداتية ثقيلة بما أفضت اليه من انكفاء قطري لمصر ولد ما نراه قائما من تهديد محلي لمصر و إختلالات قاتلة للهوية العربية الجامعة خاصة عنوانها " الفوضى المدمرة " و لا مجال للخروج منها إلا بالتقاء جناحي الأمـــــــة العربية مصر بما تمثله اليوم من تلمس لإستعادة دورها القيادي ك" اقليم قاعدة " عربي و العراق بما تمثله من ثورة تستهدف التحرير و قبر المحاصصة الطائفية بكل أشكالها . نعم اعتراف مصر بالمقاومة العراقية اليوم يمثل توجيه الضربة الحاسمة لكل ما هو سائد من سياسات تتقصد إذلال العرب و إخراجهم من دائرة الفعل الإنساني بما يعنيه من أبعاد تاريخية و حضارية ثابتة .

d.smiri@hotmail.fr
 





السبت ٢ صفر ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تشرين الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة