شبكة ذي قار
عـاجـل










تجاوز نيغروبونتي كثيرا المهمات المنتظرة منه كسفير لولايات المتحدة وأكد أن دوره كان مختلفا اختلافا تماما عن دور سلفه الحاكم الأميركي بول بريمر. وقد ظهر ذلك من خلال تصريحه الذي أدلى به في مقابلة مع شبكة ( ايه بي سي ) التلفزيونية في نفس يوم وصوله إلى بغداد يؤكد ( بأنه يرغب في توجيه مسار الأحداث في الاتجاه الصحيح ) ، ويبدو إن الاتجاه الصحيح في ذهنه كان هو تمكين القوات الأمريكية من الانسحاب من العراق بعد فشلها في فرض السيطرة على المناطق الساخنة، والتمهيد لانسحابها من العراق بأقل الخسائر الممكنة، من خلال توثيق التنسيق والتعاون الميداني العسكري والأمني مع إيران وحلفائها في العراق، والضغط بقوة وبقسوة على سكان المناطق الساخنة ومناطق تواجد المقاومة العراقية والعمل على توسيع الشرخ الطائفي بعد أحداث تفجير سامراء وبدفع الناس نحو الحرب الأهلية تمهيدا لتقسيم العراق لاحقا.

وهكذا وبعد أن صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيينه، ترأس نيغروبونتي إدارة أكبر سفارة أميركية في العالم بلغ عدد موظفيها أكثر من 3000 موظفا، عدى ما يساعدها من القوات الخاصة المرتبطة بمهام إجرامية خاصة وزرع شبكات التجسس الأمريكية العاملة في العراق في جميع المفاصل الاجتماعية والهيئات والمنظمات، حتى باتت السفارة الأمريكية تتحكم بإنفاق ما يقارب 18 ألف مليون دولار من المعونات الأميركية [حسب التعبير الأمريكي في الإعلام والدعاية ].

استلم نيغروبونتي المهام من مدير سلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر حال ما سُمّي بــ " انتقال السيادة" إلى العراق يوم 30/6/2004.

كانت مهمة نيغروبونتي وبالتعاون مع كوفي عنان ممثل الأمم المتحدة المنتدب لمتابعة الوضع في العراق بواسطة السفير الأخضر الإبراهيمي الذي كُلف بمهمة التواصل مع عدد السياسيين العراقيين الذين جلبهم الاحتلال إلى العراق ومحاورة الجماعات العراقية الأخرى المستعدة للانخراط في العملية السياسية التي مهد لها سابقه بول بريمر في مسعى لدفع وإقناع عدد أكبر من العراقيين للمساهمة في تشكيل حكومة انتقالية عراقية تتولى الحكم في 1/7/2004.

في ذات الوقت وعد كوفي عنان بتكليف وحدة خاصة للأمم المتحدة ستسهم بالتعاون مع سلطات الاحتلال وممثلي الحكومة العراقية بشأن الإعداد للانتخابات في العراق في موعد لا يتجاوز كانون الثاني/يناير 2005.

وقد عمل نيغروبونتي دبلوماسياً متمرساً في وزارة الخارجية طوال 37 عاما وتولى ثماني مهمات مختلفة في الخارج من بينها عضوية الوفد الأميركي إلى محادثات باريس حول الحرب الفيتنامية من 1968 إلى 1969. كما شغل منصب سفير في كل من هندوراس ( 1981-1985 ) والمكسيك ( 1989-1993 ) و الفليبين ( 1993-1996 ) . وخلال الفترة بين 1996 حتى 1997 كان مفاوضا خاصا حول الوجود الأميركي في باناما لفترة ما بعد 1999.

كما تقلد نيغروبونتي منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون المحيطات ومصائد الأسماك من 1976 إلى 1979 وكان مساعد وزير الخارجية لشؤون شرقي آسيا ومنطقة المحيط الهادئ في عام 1980. وعين الرئيس الأسبق رونالد ريغان نيغروبونتي نائب مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي تحت إمرة كولن باول حينما كان الأخير مستشار الأمن القومي آنذاك.

وقال في مستهل تعيينه في العراق متطرقا للزيادة الأخيرة في أعمال العنف في العراق: دعوني أكون واضحا جدا ( إننا سنكمل المشوار ) .

تأسيس فرق الموت في العراق :
بدأ السفير الأمريكي جون نيغروبونتي الذي أُرسِل إلى بغداد من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في حزيران/يونيو 2004 في تأسيس فرق الموت في العراق خلال الأعوام ( 2004 – 2005 ) بمبادرة قادها بنفسه مصطحبا معه مجموعة من مساعديه السابقين من منفذي المهمات القذرة في هندوراس وبلدان أمريكا الوسطى واللاتينية عندما كان سفيراً للولايات المتحدة في هندوراس في الفترة ما بين ( 1981 – 1985 ) ؛ حيث لعب دوراً رئيساً في دعم وتوجيه عصابات الكونترا النيكاراغوية المقيمة في هندوراس، وكذلك الإشراف على فرق الموت الهندوراسية. ( ... في ظل حكم الجنرال غوستافو ألفاريز مارتينيز، كانت الحكومة العسكرية في هندوراس حليفاً مقرباً من إدارة ريغان، وكانت ضالعة في " إختفاء" العشرات من المعارضين السياسيين بإتباع الأساليب التقليدية لفرق الموت ) .

وعلى غرار تلك التجربة والخبرة التي مارستها الإدارة الأمريكية في أمريكا الوسطى أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في كانون الأول / يناير 2005، وسفيرها بالعراق بأنه يدرس :

( ... تشكيل قوات ضاربة من المقاتلين الأكراد والشيعة لاستهداف قادة التمرد [المقاومة] في نقلة نوعية تحاكي جهود مكافحة رجال العصابات اليساريين في أمريكا الوسطى قبل عشرين عاماً ) .

وفي إطار ما سمي " الخيار السلفادوري" ، ستكلف القوات العراقية والأمريكية باختطاف وقتل قادة التمرد،[ المقاومة]؛ بل وحتى مطاردتهم في سورية، حيث كان بعضهم يقيمون كلاجئين.

وهكذا استفاد جون نيغروبونتي من تجربته السابقة عندما لعب دوراً قيادياً في كل الأحداث عندما كان سفيراً لبلاده في هندوراس في النصف الأول من الثمانينيات، كانت فرق الموت وجرائمها هي السمة القاسية للحياة السياسية في أمريكا اللاتينية خلال تلك الحقبة السوداء.

وإذا كانت مصادر التمويل لإدارة وتنظيم عصابات الجريمة في أمريكا اللاتينية قد تقيد ممارسات جون نيغروبونتي فاضطرته للحصول على مصادر تمويل أخرى فلجأ إلى تجارة السلاح مع إيران خلال حربها مع العراق. وبوجوده سفيرا للولايات المتحدة في العراق لم يواجه مثل تلك الصعوبات في العراق للتمويل حيث توفرت لديه كل وسائل تنفيذ الجريمة المنظمة من توافر مليشيات محلية شبه مدربة تقودها إيران من خلال فيلق القدس وهي التي تتحكم في منافذ تصدير النفط العراقي من الجنوب، وعبر موانئ البصرة وأم قصر والمنافذ المتعددة السرية عبر شط العرب حيث يشرف على تلك العمليات ضباط ارتباط إيرانيون لهم تنسيق مباشر مع وكلاء نيغروبونتي والحكومة العميلة المنصبة ببغداد، مما وفر للجميع مئات المليارات من الدولارات الأمريكية المختلسة من أموال العراق لتنفيذ مخططاتهم اللاحقة .

كان قرار المخابرات الامريكية CIA وبالتنسيق مع وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية من خلال السفارة الأمريكية وقيادة القوات الأمريكية في العراق الشروع بتنفيذ العمليات السرية والعمل على ( نشر " فرق الموت" من الطراز السلفادوري واستخدامهم ضد [المتمردين] في العراق ) . [ تايمز أون لاين ، كانون الثاني / يناير 2005] .

للدراسة شهادات ومراجع وإحالات وهوامش كاملة






الجمعة ٨ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد ا. د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة