شبكة ذي قار
عـاجـل










وربطا بواقع وصول الأموال الأجنبية إلى العراق تحت صيغ وعناوين شتى يواصل الكاتب إسماعيل مصبح الوائلي القول: ( ... سماحة المرجع السيستاني، وقبل الدخول في تفاصيل الخيرية نؤكد أن الحكايتين ـ الإنكليزية والحوزوية حول شروط الوقفية ـ غير قابلة للتصديق، وسوف نرى ذلك بوضوح، ويساندني بالرأي مصدر ، لا تستطيعون رده من أصحاب الشأن فقد تمَّ توزيع الأموال بشكل واسع وممنهج، ولكن يوجد هناك من رفض تسلُّم هذه الأموال، منهم السيد إسماعيل الصدر الكبير جد أسرة آل الصدر، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والشيخ مرتضى الأنصاري الذي لم يكتف بعدم تسلُّم الأموال وإنما أبدى شكوكه بمصدر الأموال والأهداف من وراءها . وهنا أورد نصاً بقلم سبط الشيخ الأنصاري: من جملة المبالغ التي وصلته عند رئاسته هي أموال الهند [ ... في ذلك الحين قالوا للشيخ إن امرأة مسلمة شيعية المذهب تملك مبالغ ضخمة وليس لها وارث أودعت جميع نقودها في إحدى مصارف الإنكليز في لندن، وأوصت بأن تُعطى فوائد هذه المبالغ إلى مرجع تقليد الشيعة ليوزعها بين طلبة النجف وكربلاء ويأخذ سبعمائة تومان له.

هذه المبالغ كانت تُسَلَّم بواسطة القنصل الإنكليزي في بغداد ـ بدون أي ضجة وبصورة غير مباشرة ـ ولما كان الشيخ لا يعرف المسلِّم الأصلي للنقود طلب من وكيله في بغداد الحاج محمد صالح كبة استلام المبلغ واستخراج السبعمائة تومان المخصصة له وتوزيعها بين طلبة مدينة الكاظمين الذين لم تشملهم حصة من المبلغ الأصلي، وتقبَّل الشيخ الحقوق مرة ثانية، ولكن لم يسمح لوكيله في بغداد الحاج محمد صالح كبة باستلام المبلغ في المرة الثالثة، وقال لبعض أصحابه : إني أشم رائحة سياسة الأجنبي في هذا المبلغ. ولآخر عمره امتنع عن استلام هذا المبلغ]. [محمود سبط الشيخ الأنصاري. مجلة الفكر الإسلامي. التي يصدرها مجمع الفكر الإسلامي، العدد السابع، السنة الثانية، رجب ـ رمضان. 1415 هجري، ص 22ـ23. ا. عدد خاص بالشيخ الأنصاري].

أثار تدخل المقيم البريطاني في بغداد عام 1912 لوريمر في عملية توزيع الخيرية قلق السلطات العثمانية من تزايد النفوذ البريطاني في العراق والخشية في تسربه في صفوف الشيعة والمرجعية.

ولكن احتلال بريطانيا للعراق في الحرب العالمية الأولى أتاح لها مرة أخرى إمكانية توسيع نفوذها في صفوف الحوزة من خلال عملية توزيع الأموال الخيرية التي استمرت بها بعد الحرب. وأصبح البريطانيون أقدر على التلاعب بالنسيج القومي في الحوزة وتفضيل قوم على قوم. كما استعملت هذه الخيرية كوسيلة ردع لأعداء السياسات البريطانية وفي عام 1933 قرر البريطانيون عدم إعطاء أية منحة لمن شارك في أي شكل من أشكال التحريض السياسي ضدهم وكان من ضحاياهم الإمام الشيح محمد حسين كاشف الغطاء الذي وضع اسمه في قائمة الأعداء بسبب نشاطاته المعارضة للحكم الموالي لهم في العراق.

وبعد انكشاف أبعاد خيرية إوده اضطر الانكليز إلى تجميد اللجنة الموزعة في كربلاء عام 1934.

وبعد وفاة الإمام طه نجف سنة 1905في بداية القرن العشرين واصل الطريق نفسه كبار المراجع التالين له. وقد حاول المقيم البريطاني المعين في بغداد ميجر نيو مارش استعمال "الخيرية" لأغراض سياسية ووسيلة لزيادة المحسوبية وتوسيع النفوذ والتأثير على انتخاب المرجع الأعلى. وحاول الوزير البريطاني في إيران السير آرثر هاردنغ استخدام نفوذ بعض المحسوبين على الوضع الديني من علماء الحفيز، كما كانوا يوصفون، ممن يستلمون "الخيرية" للتأثير على الأوضاع السياسية في إيران وقطع الطريق على السياسات الروسية في إيران.

هذا ما دفع عددا من المراجع كالإمام الميرزا خليل والإمام السيد كاظم اليزدي والإمام السيد إسماعيل الصدر عام 1908 إلى رفض قبول أي سهم من الخيرية.وكما مر في نقول هذه المقالة في قول ألطريحي: ( ( .... الواقع أن طلاّب العلم من العرب كانوا من أكثر المتضررين من هذا التوزيع ) ، من الطبيعي أن يكون ذلك لان المراجع العرب كانوا إجمالا ضد خيرية إوده ، الانكليزية الجوهر، والهندية المظهر، مما يعني أن تلاميذهم وحاشيتهم ومريديهم سوف لا يستفيدون من المبالغ المالية التي كانت تدرها خيرية إوده.

يقول العالم الاجتماعي الدكتور على الوردي في كتابه [ ملامح اجتماعية ملامح اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج3 ص 102]. عن التركيبة المرجعية آنذاك: يمكن القول إن المجتهدين الذين نالوا اكبر عدد من المقلدين بعد وفاة الشيرازي كانوا ثلاثة هم: الميرزا حسيين الخليلي وكان أكثر مقلديه من الفرس، والشيخ حسن المامقاني ، توفي في آذار 1905 وكان أكثر مقلديه من الترك، والشيخ محمد طه نجف مات بعده ببضعة أشهر، وأكثر مقلديه من العرب.

فإذا كان مرجع العرب رافضاً لهذه الخيرية فهل يمكن للطلبة العرب الاستفادة منها؟؟. ومن الجدير ذكره: إن الإمام طه نجف ألنجفي رفضها وهو يقول: قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون.... وأردف: أشم بها رائحة المستعمرين الانكليز. وعندما قال له حاملها: انأ مسلم اشهد الشهادتين قال له المرجع الأعلى للعراق يوم ذاك : نعم أنت مسلم لكنك أداة بيد الكفار والاستعمار.

للدراسة شهادات ومراجع وإحالات وهوامش كاملة





الثلاثاء ٢٧ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد ا. د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة