شبكة ذي قار
عـاجـل










ذكرني الزميل الدكتور فؤاد غازي في أكتوبته على صفحته الفيسبوكية ( اضحك مع بلد البيئة النظيفة ! ) بالصديق الأديب الراحل شامل الشمري وروايته عن رجب المسكين الذي جعله سوء حظه يدفع أربع غرامات في العهد العثماني.

والزميل فؤاد هو نجل الشاعر الشعبي الراحل غازي ثجيل، وهو من بين أبرز الصحفيين العراقيين، الآن، ودود خلوق دمث، لكنه ذو قلم حاد ناقد. أما الراحل الشمري، فهو أبو عمار رجل مجلسي أطلق عليه العلامة الدكتور حسين علي محفوظ لقب (فاكهة المجالس)، وكتب أواخر حياته مقالات في الصحافة العراقية فيها نقد حاد لأداء الأجهزة الرسمية في تسعينيات القرن الماضي، وكان عاشقا للتراث باحثا فيه وله مخطوطات لم تر النور للآن، مع شديد الأسف.

نص أكتوبة الدكتور فؤاد غازي هي الآتية :
"اضحك مع بلد البيئة النظيفة !

شرطة تدعي أنها شرطة البيئة بدأت تتجول في بغداد، وأي بيت عنده مولدة يتغرم 300 ألف دينار، بحجة الحفاظ على البيئة، وبحسب بعض الأصدقاء في منطقة زيونة فانهم تسلموا غرامات لهذا السبب اليوم! زين مو هو البلد عبارة عن مولدات! متعرف الجماعة يردون يعوضون النقص بالموازنة بهاي السوالف؟! زين، ماذا عن أبراج الهواتف النقالة التي تسبب الكوارث، وعوادم السيارات، وتلال النفايات، زين بدل مليارات الدولارات اللي باگتها الحكومات ( الرشيدة ) بحجة إصلاح الكهرباء، حاولوا توفرون بديل مناسب يصلح لبيئتنا النظيفة جدا!! ).

وأقول للدكتور فؤاد: إن المبالغ التي ستستحصل من غرامات المولدات إذا لم تسد نقص الموازنة فسيلجأون إلى فرض غرامات عن أبراج الهواتف وإذا لم تكف هذه فإنهم سيلجأون إلى فرض غرامات عن عوادم السيارات.. وهكذا.. ولن يسد العجز وجيوبهم النهمة مفتوحة.

ولكن ما علاقة ذلك كله بالأديب الراحل شامل الشمري؟

مرة، وفي أحد المجالس البغدادية، روى لنا الراحل الشمري هذه الحكاية التي تنطبق على الحال التي عرضها الدكتور فؤاد.
قال: في العهد العثماني، طلب الباب العالي في استنبول من والي بغداد أن يرسل إليه مبلغاً كبيراً جداً من المال لا تمتلكه خزينة الولاية، فاستشار الوالي المقربين منه في كيفية تدبير المال فأشاروا عليه بفرض رسوم على كل أقرع في بغداد، ففرضها وأخذ رسماً من كل أقرع، لكن المبلغ لم يكتمل، فأشاروا عليه بفرض رسم على كل من فقد إحدى عينيه، وهم كثر في بغداد، يومذاك، بسبب كثرة البساتين التي تصيب أغصان أشجارها الناتئة عيون الناس الغافلين فيفقدون إحدى عينيهم، ففعل لكن المبلغ لم يكتمل، فأشاروا عليه أن يفرض رسماً على كل من يضع على رأسه طربوشاً ( كشيدة )، ففعل ولم يكتمل المبلغ أيضاً، فأشاروا عليه أن يفرض رسوماً على كل من اسمه رجب في بغداد.

المهم، استوقف الجندرمة شخصاً كان يضع كشيدة على رأسه ويمشي بخيلاء غير عالم بما يخبئه له القدر وطلبوا منه الرسوم لأنه يضع على رأسه الكشيدة فجادلهم محاولاً التملص من الدفع فصاح أحد الجندرمة أن هذا الرجل عليه أن يدفع الرسوم مرتين لأنه بعين واحدة أيضاً، فأخذ الرجل يصرخ، فضربه أحد الجندرمة على وجهه فسقطت الكشيدة من على رأسه فتبين أنه أقرع، فقالوا له عليك أن تدفع الرسوم ثلاث مرات، فجلس الرجل على الأرض وأخذ يلطم على رأسه ويقول: صخام الصخمك يا رجب، أي يالسوء حظك يا رجب، فقال له الجندرمة عليك دفع الرسوم أربع مرات.

إن حكومة الاحتلال لا تكتفي بسرقة ثروات البلاد وإنما تسعى إلى إفقار من لم يفتقر بعد من سكان البلاد الأصليين، فضلا عن إبادتهم في الحروب الطائفية التي تفتعلها، وإذا لم يضع سكان البلاد حداً لهذه المهازل التي تحصل ببلادهم بطرد الغرباء منها وتنظيفها من إفرازات المحتل فستستمر هذه المهازل ويغدو الواحد منا مثل المسكين رجب وأكثر.





السبت ١٧ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة