شبكة ذي قار
عـاجـل










يستبشر العراقيون دائما بقرب يوم الخلاص من أجل تحرير وطنهم، وخاصة عندما أنجزت الفصائل الوطنية العراقية المسلحة جزءا أساسيا من مهمة التحرير بعد الضربات الموجعة لقوات الاحتلال الأمريكي وعملائه، وهي التي أجبرت قوات المحتل الأمريكي على اتخاذ قرار الإعلان الرسمي والانسحاب من العراق وإقرار الهزيمة تحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية الباسلة باستحالة البقاء والاستمرار في حكم العراق بصيغة الاحتلال المباشر؛ غير أن أحابيل المحتل وعملائه وبالتنسيق مع التدخل الإيراني نجحتا، مرحليا، في تدمير وإجهاض النصر الذي بدى محققا لشعبنا عندما تم الالتفاف الخبيث على نصر المقاومين من خلال التبشير والتضليل بلعبة الديمقراطية الزائفة من جهة والعمل على تدمير الحواضن الاجتماعية الوطنية المخلصة للمقاومة والعمل على تدمير منظم لبنية ولحمة الجماهير العراقية من خلال زَجّها بمعارك جانبية، تصاعدت حدَّتها بطرق عدة، حتى فرضت هذا الواقع المُر الذي يعيشه شعبنا اليوم في حالة الانقسام والتشرذم والقتال الطائفي البغيض الذي ساعد قوى الاحتلال الأمريكي وحلفائه على البقاء واستغلال الحالة المتأزمة بالقفز على المراحل والتشبث بمقاليد السلطة في حكم المَضبَعة الخضراء .

لا شك إن شعبنا بفطرته وذكائه قد تلمس طرق الخلاص الوطني مؤمنا بحتمية انتصار مقاومته الوطنية والذهاب نحو استكمال معركة التحرير عندما اكتشف بالملموس أن لعبة الديمقراطية المزيفة والاقتراع الباطل كانت تغطي الوجه البشع لتركة الاحتلال الأمريكي وحليفه الإيراني الصَفَوي، ومن خلال تسلط حفنة من العملاء الذين مَكَّنَهم الإحتلال من استلام السلطة، وقد أثبتت السنوات التي تلت الاحتلال الأمريكي للعراق من أنهم فئات ضالة من الفاشلين والمرتزقة السياسيين، وأنهم مجرد مجموعات من اللصوص والمافيات العميلة من فاقدي الضمير والحس الوطني، وليس لهم من برنامج أو توجه لبناء دولة عراقية عصرية واستعادة لحمة مجتمع دمرته ظروف السنوات القاسية السابقة؛ فكان أن استفحلت الكوارث الوطنية تباعاً، وتعمقت الأزمات الاجتماعية والسياسية، وبات العراق على شفا هاوية سحيقة من التفكك والضياع، كشعب وكيان سياسي ودولة، ليس لها من مستقبل منظور بين الأمم في ظل استمرار هذه الأوضاع المزرية.

حال الخروج الجزئي لقوات الاحتلال الأمريكي وفرض الاتفاقية الأمنية المشبوهة مع الولايات المتحدة بدأ الحراك الشعبي في العراق يعبر عن التذمر والسخط ضد سلطات صنائع الاحتلال، فتحركت الجماهير،حسب ظروف المحافظات العراقية المختلفة، وبدى الوضع متباينا في قوته وشدته وزخمه النضالي هنا وهناك؛ إلا أن المناطق التي كانت حاضنة لقوى المقاومة الوطنية خلال تواجد وانتشار القوات الأمريكية وحلفائها في العراق بعد 2003 أبدت استعدادا أكبر للانتفاضة الشعبية وبحالات عكست مستويات عالية من التنظيم والانضباط وبشكل أبرز من غيرها من المحافظات الجنوبية، تحركت الجماهير رافعة شعارات رفض القمع والإرهاب والمطالبة بوقف التجاوزات والاعتقالات الكيفية والمحاكمات الجائرة واتسعت حركة المطالبة بتحرير المعتقلين والمعتقلات وتصفية تركة الاحتلال الأمريكي والشروع بالإصلاحات المطلوبة لبناء الدولة والمجتمع، كما اقترنت المطالب الشعبية بتصاعد وتيرة رفض كل أشكال الفساد الإداري والمالي والسياسي، والمطالبة بإيجاد حلول للمشاكل المعيشية اليومية التي يعاني منها المواطن بتوفير الماء والكهرباء وخدمات التعليم والصحة التي تدهورت قطاعاتها بشكل مريع؛ بل إنفقدت أبسط مستلزماتها على مستوى العراق كله، وقد وصلت في كثير من حالاتها إلى الحضيض بسبب الاختلاسات الكبرى للميزانيات المرصودة لتلك القطاعات التي تقاسمها لصوص المحاصصة السياسية من خلال صفقات إئتلافاتهم الحكومية والسياسية لتوزيع مغانم السلطة.

كانت الانتفاضة الوطنية المرتقبة هي صمام الأمان للحفاظ على الوحدة الوطنية العراقية من جهة وفقدان المواطن العراقي الثقة بالمؤسسات والكينات السياسية التي بشر بها " العهد الديمقراطي الجديد" الذي وعد به المحتلون واتباعهم ولمست الجماهير بنفسها إستحالة التغيير والتداول على السلطة سلمياً وضاقت على الناس وسائل التعبير والمطالبة بالحقوق بالطرق السلمية ومن خلال التظاهرات وتنظيم الاحتجاجات التي وصلت إلى حالة إعلان الاعتصامات المفتوحة التي استمرت بعضها لأكثر من عام ونيف من الأيام القاسية المتواصلة في مدن وجماهير كانت تتعرض لكل أشكال الإرهاب الحكومي والمليشياوي الطائفي.

ورغم مناورات حكومة المالكي وتصاعد قمعها وتنفيذ مجازرها المتتابعة ضد السكان العزل، وتآمر قوى عديدة من داخل الحكومة وخارجها لإجهاض هذه الانتفاضة المباركة، التي خذلتها وللأسف، محافظات أخرى معينة بسبب ظروف القمع والتعبئة السياسية والاجتماعية والإعلامية الطائفية، وبنفوذ عدد من رجال الدين الموظفين سياسويا من خلال إصدار تعليمات وفتاوي المرجعيات المُضَّلَلَة والمجندة في خدمة إدارة الإحتلال، وتكثيف تضليل الخطاب السياسي والإعلامي ضد قوى المقاومة وطلائعها السياسية، خاصة حملات الإعلام الإيراني الصفوي وتوابعه من الفضائيات العربية والمحلية الموظفة في بث صور التشويه المبرمج الذي مارسته معها مراكز الإعلام الدولي بإعطاء الانتفاضة صورة طائفية و جهوية عراقية أو تصويرها بأنها مجرد حالة مؤقتة من الحراك المرتبط بأجواء الربيع العربي العابر، الذي بدأ بالتراجع والانحسار بسبب الظروف القطرية والإقليمية العربية والدولية والإحباط الجماهيري لما آلت إليها الأوضاع في مصر وسوريا وليبيا واليمن.

إن محاولات حكومة المالكي إلى دفع الانتفاضة العراقية وقواها الشعبية في بعض المحافظات العراقية وجرها نحو الصدام المسلح كان مُدَّبراً وواضحاً منذ البداية بغية توفير الأجواء الاحتراب الطائفي قصد تصفيتها بمبررات مكافحة التمرد أو العنف أو حتى وسمها بـ " الإرهاب" ، كل تلك الأساليب لم تفلح تماما في إيقاف نبض الانتفاضة واستمرارها، وقد فشلت حكومة المالكي وكادت أن تسقط جماهيريا وسياسيا أمام صعود هبة شعبية عارمة بدأ التململ الشعبي لها على مستوى القطر يتصاعد بشكل ملموس، وفي المقابل صمدت جماهير الانتفاضة الشعبية على مدى عام كامل ونيف بانتظار الحسم النهائي لإسقاط السلطة العميلة ببغداد.

ورغم تواجد عناصر المقاومة الوطنية العراقية في محيط الانتفاضة وفي قلب مدنها ألا أنها ضبطت نفسها في كثير من الحالات القاسية لقطع الطريق على سلطة المالكي التي اعتمدت سياسة البطش والقمع المسلح الدموي لجر البلاد نحو حرب طائفية كان يجري التخطيط لها بشكل واضح من قبل حكومة إيران وأتباعها في العراق والمنطقة، وبتدخل فيلق القدس الإيراني بشكل مباشر في كل صغيرة وكبيرة في أمور العراق، فكان أن ضاق الأمر بصدر سلطة المالكي الطائفية، ودفعها غرورها الأحمق إلى الإقدام المباشر بالاعتداء على الجماهير العزلاء وتنفيذ العديد من المجازر الدموية المفجعة في مناطق الحويجة والفلوجة و ديالى وصلاح الدين، بينما استمرت في تضييق الخناق على محاولات تَفَّجر الأوضاع الاجتماعية في محافظات الجنوب ومحيط بغداد ومناطق الفرات الأوسط، ولم تتوان سلطة المالكي عن تنفيذ مجازر أخرى وتنفيذ أبشع الاغتيالات ضد النشطاء الاجتماعيين من شتى الطبقات والفئات المعارضة لسياساتها، وخاصة في مدن البصرة و ديالى وبغداد وطالت عمليات التعسف والمظالم مدنا مثل كربلاء والنجف والبصرة بمطاردات دموية قاسية أبرزها تصفية أتباع المرجع الديني العربي السيد الصرخي بمجزرة يندى لها الجبين الانساني.

ولا شك إن حالة الانتفاضة وصمودها في المحافظات الغربية والشمالية قد شكلت حالة خطرة على كل المخططات الأمريكية والإيرانية من جهة، ومن جهة أخرى شجعت فصائل العمل المقاوم على تبني كافة الخيارات المتاحة للنضال، ومنها استمرار العمل المسلح ضد السلطة وحلفائها الإيرانيين، وأيقنت قوى المقاومة العراقية بوعي ونضج سياسي كذلك أن نقطة الارتكاز في عملية التحرير وتحقيق النصر العراقي هو التوجه وبشجاعة نحو العاصمة بغداد لتحريرها، فكان شعار " قادمون يا بغداد" مطلباً رفعته جماهير عراقية واسعة، وكان علامة بارزة تعبر عن مستوى الوعي الشعبي الهادف نحو تتويج عمل الانتفاضة الشعبية بنصر مؤزر يتم في بغداد العاصمة التي توفرت من حولها حواضن اجتماعية وطنية وثورية هامة تدعم المقاومة التي ظلت عصية على سلطة المالكي وقبلها قوى الاحتلال الأمريكي .

وعندما اقتربت لحظة الحسم بإسقاط حكومة الاحتلال المالكية الرابعة تعاون الجميع ممن خدموا المخطط الاحتلالي الأمريكي ـ الصفوي على إجهاض انتفاضة الشعب العراقي ومقاومته الوطنية لتدخل البلاد في دهليز آخر مظلم لا نهاية له كما يبدو للبعض من المُحبَطين.

إن أهم خسارة تعرض لها شعبنا هو تفكيك ما تبقى من الحواضن الاجتماعية الداعمة للمقاومة وللمجالس العسكرية التي تشكلت في عديد المناطق العراقية إيذانا بتلاحم مدني شعبي سلمي مع المسلحين الثوريين لتحرير العاصمة العراقية بغداد. هذه الخسارة تجلت بشكل منظم ومدروس بتشريد سكان المدن المنتفضة بشكل جماعي ودفعهم إلى النزوح والتشرد و اللا إستقرار والضياع في واحدة من أكبر مئآسي النزوح الجماعي من المدن والريف العراقي، وهي من أكبر المحن التي يعيشها وطننا وشعبنا الذي أضحى بلدا للنازحين والمشردين والمُهَجَّرين والمعتقلين من دون ذنب أو محاكمة عادلة، وهو الهدف الذي تحقق فعلا؛ لكي تصبح البلاد بأجمعها لقمة سائغة بيد الأطماع الإيرانية والأمريكية في مرحلتها الثانية بعد الغزو والاحتلال عندما تحول أبناء المدن الجنوبية خدما للمشاريع القمعية والارتزاق وأضحوا وقوداً لحرب أهلية طائفية يُساقون الى الموت و ممارسة القمع ضد إخوانهم في المناطق الوسطى والغربية والشمالية تحت شعارات مُضَللة أطلقتها أبواق المرجعيات الطائفية الفاسدة وما سمي بـ "الجهاد الكفائي" تحت قيادة مخابراتية وعسكرية إيرانية مباشرة بعد أن تم التمهيد لتفكيك بُنية وحدات الجيش الذي أسسته إدارة الاحتلال بنفسها، وفق منظور لا وطني، وسرعان ما تفكك ذلك الجيش الهزيل في أول مواجهة بعد ظهور الدواعش في الموصل وصلاح الدين وغيرها من المدن، وتتابع سقوط المناطق الأخرى هنا وهناك بشكل درامي لا يوصف، ليجري تسليم البلاد برمتها وتقسيمها بين مُعَسكَرين متناحرين، لا قرار وطني بينهما، سوى الاستئثار والتمسك بما تبقى من السلطة والتهالك على توزيع ريوعها وواردات البلاد المالية والنفطية، ولترتهن البلاد إلى المرحلة التالية من الاحتلال الأجنبي، أمريكيا وإيرانيا، في ظل الانقسام الشعبي والاجتماعي الحاد بمختلف العوامل والأهداف لتنفيذ مشروع بايدن لتقسيم العراق ترضية لخدمات العملاء شمالا وجنوبا.

إن الجماهير المنتفضة في محافظات القطر الشمالية بدءا من الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل باتت جماعات مشتتة، نازحة، مطاردة، ومحاطة بكل أحقاد البغض الطائفي والقومي والشوفيني البغيض، تتعمق في دواخلها وتنمو حالات من اليأس والقنوط وفقدان الأمل لتعيش متشردة وشبه ضائعة، في الوقت الذي تحتل مدنها من قبل المليشيات الطائفية أو الدواعش، والغرباء القادمين من كل حدب وصوب، في حين تراجع ظرفيا صوت فصائل المقاومة ومجالسها العسكرية بفعل تلك الظروف الشائكة والمعقدة وصعوبة التمييز إجتماعيا بين ما هو تابع ترهيبا أو ترغيبا، وما هو محسوب على المقاومة وجمهورها من جهة أخرى، ولخسارة تواجد الحاضنة الشعبية والاجتماعية للمقاومة في اغلب مدن الانتفاضة واريافها بسبب عمليات النزوح القسرية لمئات الألوف من المواطنين ممن أجبروا على التواجد في أماكن أخرى، أغلبها، تشغلها تراكمات من حساسيات وضغائن مفتعلة؛ رغم روح التضامن الوطني والشعبي العالي التي عبر عنها العراقيون الأصلاء بين النازحين من جهة وسكان المدن التي تم النزوح إليها، سواء في شمال الوطن أو جنوبه وفي العاصمة بغداد أيضا.

لا شك إن قوى المقاومة الوطنية وحواضنها اليوم تمر في أصعب الظروف بسبب ما يسمى ( الحرب على الإرهاب ) التي تشنها قوات التحالف الأمريكي بالتنسيق مع قوات ومليشيات تابعة للحكومة العميلة، تلكم الحكومة المُستلبة الإرادة الوطنية، والتي باتت عاجزة تماما ولا خيار لها سوى التنقل الانتهازي بمصالحها ما بين الحضن الإيراني الطائفي من جهة والحصول على الدعم الجوي والعسكري واللوجستي والأمني من الطرف الأمريكي العائد مرة أخرى لترتيب أولويات حكم العراق والمنطقة وفق حسابات مصالحه وتنفيذ مخططاته الاستعمارية، وتقاسم مصالحه الظرفية والمستقبلية مع النظام الفارسي الحاكم في إيران.

إن كل ذلك يطرح من جديد أسئلة مستجدة أمام شرفاء وأحرار العراق، بكل فصائلهم الوطنية، وهي أسئلة تؤرق الكثير منهم، وهم يتفرجون على أخبار الفواجع العاجلة المتتالية عن مصير العراق اليوم، وهم يتساءلون الى متى يبقى الكثير منهم وهم مكتوفي الأيدي والمبادرات لخلاص شعب العراق من محنته. وهي بلا شك أسئلة تحث في كل تفاصيلها على التوصل وبسرعة لإيجاد كل الوسائط والوسائل والتحالفات التي تضمن تحرير العراق وخلاصه الوطني واستعادة مصير شعب العراق وافتكاكه من أنياب شرسة متكالبة لا زالت تتمسك بامتيازاتها الانانية على حساب عذابات العراقيين ودمار العراق الشامل بعد كل ما جرى ويجري من مهازل وفضائح تزكم الأنوف باسم الديمقراطية وغيرها من الشعارات الزائفة والمضللة.

وبغياب الدعم والتضامن العربي والدولي المطلوب لنجدة شعبنا فلا أمل من أية وعود مضللة من هنا وهناك حتى بأمل الحصول على المساعدة المطلوبة بأقل مستوياتها، حتى إعلاميا يكاد ان يكون شعب العراق منسيا في معاناته الفضيعة، ولم نسمع له سوى الدعاء في خطب الجمعة وهو أضعف الإيمان، ناهيكم عن شحة تقديم الدعم الإنساني للنازحين وضحايا المأساة الوطنية العراقية التي عمَّقها الاحتلال وتوابعه الى هوة عميقة لا قرار لها.

وطالما أن الموقف الرسمي العربي عامة، وخاصة المواقف المصرية والخليجية لازالت متفرجة عن قرب وبعد وهي ترى في الأمريكيين بأنهم هم وحدهم سادة العقد والحل في المنطقة، وطالما ظلت الإدارة الأمريكية ورئيسها المتردد باراك اوباما بالذات تقف متفرجة أمام استهتار وعبث العنجهية الإيرانية وامتداداتها الاقليمية في المنطقة عامة وفي العراق خاصة بحجة التريث لضمان مصير توقيع الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي وإستشرافاته المستقبلية في جميع الأحوال لا تبشر بخير للجميع.

إن العمل على استعادة لحمة أبناء شعبنا ووحدته والتبصير بالمخاطر والدفع نحو تنشيط العمل الجماهيري في كافة محافظات القطر التي تعيش حالة من التعاسة وهي ترى بأبنائها وشبابها يزجون في أتون حرب طائفية شرسة وتصاعد السخط الشعبي على الاحتلال الأمريكي وصنائع الاحتلال والتدخل الإيراني كلها عوامل مُسرعة في تثوير حالة الجماهير العراقية ودفعها ثانية إلى الانتفاضة الشعبية الشاملة؛ فالجماهير العراقية لا تملك بيديها اليوم شيئا تخشى خسرانه، ولم يبق في العراق من ثمين أو غال ماديا سوى الكرامة الوطنية؛ الجماهير باتت تدرك أنها تعيش أمام أسوء الخيارات، إما حالات السجون أو الركوع في المحتشدات أو النزوح والمطاردة أو الإجبار على مواجهة الموت بقتال لا يشرف أحدا تحت رايات الطائفية أو التعرض للمجازر الدموية، فلا خلاص أمامها سوى بالثورة والانتفاضة الوطنية وهي تحمل اليوم من الوعي المتقدم ما يؤهلها على تقريب ساعة الخلاص الوطني.

على الجهة النخبوية سياسيا وثقافيا واجتماعيا فان الزمن لن يرحم المتقاعسين والمتفرجين والمنتظرين لقدوم ساعة الخلاص بمعجزة تصنعها كواليس السياسة الدولية المتآمرة على العراق، وليس أمام العراقيين إلا التحالف الوطني المنشود وفق أسس واضحة، كما أن خلاص الأشقاء العرب في الخروج من حالتهم المزرية سواء في سوريا ولبنان وليبيا ومصر وحتى دول الخليج العربي والسعودية مستقبلا فلا يتم إلا بدعم شعب العراق ومساعدته لاسترجاع دولته الوطنية المستقلة وطرد كل أشكال التواجد الأجنبي ورفض الاحتلال المباشر وغير المباشر.

وعلى الجميع الفهم الواعي من أن السياسات الدولية الساعية إلى التدخل بشؤون المنطقة باتت واضحة وغير أخلاقية وتحكمها المصالح والصفقات ، وما استهداف العراق بالاحتلال وإشغال قوى شعبه في الصراعات المذهبية والقومية وإلغاء وجوده الحضاري إلا تمهيد واضح لشمول كافة الدول العربية بنفس مواصفات المخططات اللئيمة التي طالت شعب العراق.






الاثنين ٢٢ رجــب ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أيــار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة