شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا غيب الموت جسدياً شيخنا الجليل حارث الضاري (1941-2015) إلى رحمة الله تعالى، فإن شموخه الباسق وطنياً يبقى حياً معنا روحياً. فالضاري كان ضارياً تجاه المحتل الأمريكي ومشاريعه السلبية في تقسيم العراق، فمنذ دخول الجنود الأمريكان إلى بغداد في 9 نيسان/أبريل 2003، وإنهيار المنظومة الرسمية للدولة، سارع الشيخ حارث مع مجموعة من علماء بغداد إلى تأسيس "هيئة علماء المسلمين" بتاريخ 14-4-2003، ليتشعب منها فروعاً منتشرة في أرجاء الوطن، حيث تبث القوة والإيمان في مواجهة الواقع، والإرتقاء نحو تغييره وفق ما يمليه الشرع الإسلامي.

وكذلك كان الضاري مناهضاً عتيداً للطائفية التي تغذيها عمائم إيران الصفوية، وممانعاً قوياً ضد المشروع السياسي الذي يخدم مصالح الإحتلالين الأمريكي والإيراني على حساب العراق أرضاً وشعباً. وكان رحمه الله أبياً عزيزاً رفض جميع أشكال المغريات من مال ومنصب وغيرها، وأستمر حتى رمقه الأخير وهو يؤكد على عدم شرعية الإحتلال وكل ما نتج عنه من عملية سياسية ودستور وقوانين إلخ.

وفوق هذا وذاك، كان الشيخ حارث الضاري مؤيداً وداعماً ورمزاً كبيراً للمقاومة الوطنية المسلحة ضد الإحتلال العسكري الأمريكي، وضد إستفحال النفوذ الإيراني الذي سيطر على مقاليد الدولة تماماً بعد هزيمة المحتل الأمريكي أوآخر 2011؛ علاوة على أستهجانه المطلق للإمعات من العراقيين الذين ساروا خلف مشاريع الإحتلال، وفضلوا مصالحهم الشخصية والفئوية على حساب مصالح الشعب والوطن، .

لا غرو إن كانت هذه مواقف الشيخ الضاري، فهو سليل أسرة وطنية مرموقة ومقدامة حيث حاربت الإحتلال البريطاني للعراق، وشاركت في ثورة العشرين (1920)، وقدمت التضحيات الكثيرة في سبيل الله والوطن. كما وأن هذا الأرث الكبير الذي حمله الشيخ حارث الضاري قد جسده في حياته بأسمى المعاني الواجبة لها، وخصوصاً في سنوات الإحتلال التي كان يرجو فيها أن يرى العراق حراً محرراً من براثن المحتلين ودنس أذنابهم في المنطقة الخضراء. لكنها مشيئة الله سبحانه وتعالى أن يرحل الضاري إلى الرفيق الأعلى مع من سبقه من المجاهدين الأبطال والثوار الأشاوس قبل أن يتحقق النصر المبين في تحرير العراق. إنه طريق العزة والكرامة الذي يسلكه من كان قلبه عامر بالإيمان.

لقد رحل الضاري عنا بجسده، وإن روحه ستبقى بين ظهرانينا تمنحنا الحافز والإصرار على تكملة المشوار في طريق التحرير. وإن العراق "رمح الله في الأرض" يزدان بنجوم رموزه الذين تلألؤا تباعاً منذ عام الإحتلال ولحد يومنا هذا؛ فرحمة الله عليهم وعلى الشيخ الضاري أجمعين.






الاربعاء ٢٧ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة