شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن الشيخ الجليل ابا مثنى رفيق درب النضال والكفاح ضد المحتل الامريكي والايراني فحسب، وانما كان اخا كريما وصديقا وفيا بكل ما في هذه الكلمة من معاني. كان الشيخ حارث مهموما على الدوام بالعراق واهله. كان التفكير بتخليص هذا البلد من محنته شغله الشاغل.فعلى الارض وفي سوح الجهاد قاتل الضاري القوات الامريكية المحتلة، وفي الميادين السياسية لعب دورا كبيرا لحشد الناس ضد الاحتلال، مثلما عمل بكل امكانياته على كسب التاييد العالمي لحركة المقاومة العراقية. وقد نجح في كلا المجالين كون الشيخ الضاري يتمتع باحترام كبير من قبل عموم العراقيين، ويتمتع ايضا بمكانة مرموقة في العالمين العربي والدولي.

كان صموده يزداد كلما تخاذل البعض، كان قويا ويزاد قوة كلما ضعف البعض الاخر ، كان راسخا وثابتا في جميع مواقفه، وكان يزداد رسوخا وثباتا كلما اهتزت قناعة هذا او ذاك من المناضلين. كان ايمانه بالوطن والشعب منبعا يرد منه محبيه ولا ينضب ابدا. لم تغريه اعلى المناصب التي عرضت عليه سواء من قبل المحتل الامريكي او من قبل اتباعه، وفضل عليها طريق الصعاب والمشاق.

كانت مواقفه الوطنية ثابته وراسخة. لم يقبل اي مساومة مع المحتل وعملائه. كان واضحا وصريحا في اهدافه، واولها تحرير العراق من رجس الاحتلال واستعادة استقلاله وسيادته ووحدته الوطنية كاملة غير منقوصة. كان وطنيا نقيا لا يميز بين جميع العراقيين، الكل يعتبرهم اخوة له سواء كانوا عربا او كردا او تركمانا. نعم هو مسلم ومتدين لكنه يحترم الاديان الاخرى ويحترم معتنقيها سواء كانو مسيحيين او ايزيديين او صابئة او غيرهم. وحتى حين يختلف الضاري مع الاخرين لم يفسد هذا الخلاف علاقاته معهم. كان مقره الدائم في عمان، بعد ان اضطرته الظروف لمغادرة ارض العراق، مفتوحا لكل العراقيين والعرب. بل كان مقره بمثابة غرفة عمليات لادارة معركة تحرير العراق. حتى الاجانب الذين يهمهم امر العراق والمنطقة كان لهم نصيب من الضيافة ووقت من اللقاءات والحوارات معهم.

وحين الم به المرض ورغم خطورته لم يسمع نصائح الاطباء بالابتعاد ولو قليلا عن ساحة العمل والنضال. كان يرد على كل سائل او متصل، ويلبي الواجبات ويشارك الناس افراحهم واحزانهم. وحتى حينما يصيبه الاعياء كان يكابر ويواصل عمله، كان متفائلا بالانتصار لانه كان شديد الايمان بقدرة شعب العراق على تحقيق مثل هذا الانتصار.

اثبت الراحل الكبير من خلاله مسيرته ومواقفه الشجاعة بانه واحد من ابرزالقادة في الحركة الوطنية العراقية وحركة التحرر الوطني العربية، وكان ذو خبرة واسعة وباع طويل وكان شخصية مؤثر في المجالات السياسية والكفاحية والتنظيمية، كان مثال يحتذى به في التمسك بثوابت العراق الوطنية والقومية، كان نقيا طهورا، كان على خلق كبير، وكنت مع كل حديث معه حول الشان العراقي ازداد قناعة وايمانا بالعراق واهله وبالمسيرة الكفاحية نحو التحرير والاستقلال. وكان وكان وكان، فتعداد مناقب شيخنا الراحل لا تسعها هذه السطور او تختزل في كلمات او عبارات. وشخصية من هذا الوزن والمقام العالي يعتز الانسان العراقي به. ولهذا من حقي ان افتخر بصداقتي لهذه القامة الشامخة. نعم كان الشيخ الضاري بالنسبة لي مثال الوطني والمناضل والمجاهد، ولهذا كان رحيله مصابا جللا بالنسبة لي

لم افقدك وحدي يا ابا مثنى فقد فقدتك عموم الحركة الوطنية العراقية وحركة التحرر الوطني العربية، فقدتك ساحات النضال ، فانت يا شيخنا المجاهد قائد كبير في مسيرتنا الوطنية والنضالية.

ولكن هل تركنا حارث الضاري الى الابد حين انتقل الى رحاب الرفيق الاعلى؟، ام انه بقى معنا بروحه وفكره وعقله؟. فارس من هذا الطراز ومقاتل بهذه الشجاعة وسياسي بهذا المستوى ومكافح بهذا القدر الكبير من اجل العراق واهله سيبقى معنا ومع العراق والعراقيين شعله متقدة تنير الطريق امام الاجيال الاخرى، ويسجلها التاريخ بحروف من نور ونار. سيبقى حارث الضاري بيننا وفي كل حبة من تراب العراق من شماله الى جنوبه، ومن شرقه الى غربه، سيبقى معنا في نضالنا وفي كفاحنا، في عقلنا ووجدانا،.

رحم الله المجاهد حارث الضاري برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته بصحبة الرفاق الذين استشهدوا وانضموا الى قافلة شهداء العراق والامة قبله، الذين سقطوا في معركة تحرير العراق، وألهمنا جميعا الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون






السبت ٢٣ جمادي الاولى ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أذار / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عوني القلمجي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة