شبكة ذي قار
عـاجـل










مليونية باريس ضد الارهاب التي شهدتها باريس يوم امس 11 / كانون ثاني ـ يناير /2015 ، وشارك فيها العديد من قادة ورؤساء العالم بينهم عرب! قد اثارت العديد من ردود الفعل بين مؤيد وناقد ومشكك ومتسائل ،للطريقة الهوليودية التي جرى التعامل فيها مع حادثة صحيفة ( تشارلي ابيدو ) التي قتل فيها 12 صحفيا َوالتي تزامن معها حادث المتجر اليهودي!وبالذات طريقة قتل الشرطي الفرنسي من اصل تونسي ! اذ عزا البعض الى ان وراء العملية جهاز الموساد الصهيوني انتقاما من فرنسا لموقفها الاخير في تأييد مشروع "اقرار الدولة الفلسطينية " واعتبر ( د. بول ) مساعد وزير الخزانة الاميركي في عهد ريغان ".. ان العملية مصممة لتخدم تبعية فرنسا لاميركا وذلك لدفع باريس للمشاركة في العقوبات على روسيا" كما كشف ( ديفيد ايك ) الكاتب اليريطاني المعروف في بثه لفلم فيديو ( مالبث ان حذف مراراَ وتكرارا ليختفي اخيراَ! ) حول طريقة قتل الشرطي الفرنسي برشاش وعن قرب دون ان يترك ذلك اي اثار دموية! واصفاَ الحادث بانه" عملية مخابراتية قذرة ضحوا فيها بعدد من الصحفيين وذلك لتهيأة الرأي العام لتبرير سيناريو قادم ضد المسلمين في اوربا والشرق الاوسط " وارتبط بذلك اقدام عميد الشرطة الذي حقق في الموضوع على الانتحار قبل ان يدلي بتقريره! وكذلك تشكيك الناجية الوحيدة من حادث الصحيفة بقولها "من نفذ الهجوم ازرق العينيين ؟!!"

وبغض النظر عن كل ما قيل وكل مايصدر من ردود فعل.. فاننا، كعراقيين وعرب ومسلمين، ضد الارهاب والعنف ومهما كان نوعه ومصدره واننا ندعو المجتمع الدولي والانساني الى العمل في وضع حدّ للارهاب والعنف والتعامل بلا ازدواجية مع كل الارهابيين دولاَ واحزاباَ ومنظمات وميليشيات، وتخليص العراق البلد الذي يدفع اكثر من غيره ،ومنذ عشرات السنين ،الثمن دماَ طهوراَ بسبب الارهاب اذ فقد شعبنا، ومنذ الحصارالجائر والعدوان الثلاثيني الغاشم بقيادة الولايات المتحدة عام 1991 ، عدة ملايين وتشرد اضعافهم ومازالت الدماء تسيل بغزارة وعمليات العنف مستمرة بوحشية لا نظير لها في ظل الاحتلال الاميركي وسلطة مابعد احتلال وتدمير البلاد عام 2003 وبسبب تسليط ايران واتباعها وما يرتبط بها من ميليشيات طائفية دموية، وكذا الحال ما حصل في افغانستان ومايجري اليوم في سوريا والمنطقة العربية ، وما جرى مؤخراَ لشعب واطفال غزة.

لقد شبه البعض حادث الصحيفة الفرنسية باحداث 11ايلول / سبتمبرالاميركية ! وبهذه المناسبة وجد ت من المفيد والمناسب نشر مداخلة كنت قد شاركت بها في ندوة فكرية وسياسية اقيمت اواخر عام 2002 في دولة اوربية و تناولت فيها ما تروجّه وتطلقه دول وقوى الطغيان العاتية وعلى رأسها الولايات المتحدة على ( الارهاب والارهابي ودولة الارهاب ) من معاني ومفاهيم خدمة لسياساتها ومصالحها ،واليكم المداخلة التي حملت عنوان " شيء عن الارهاب والارهابي "...

الارهاب و الارهابي ، دولة الارهاب والحرب على الارهاب ..مفردات وعناوين وشعارات كثر تداولها بشكل ملفت للنظر بعد احداث 11 ايلول / سبتمبر الاميركية وما تبعها من تطورات متسارعة استغلتها ادارة الرئيس ( جورج بوش الابن ) لشن حربها ضد ما اطلقت عليه " معقل الارهاب العالمي" مبتدئة عدوانها بغزو واحتلال افغانستان بعد حصارها الجائر وعدوانها على العراق عام 1991 ، فحصدت آلة الموت الاميركية ارواح الملايين وشردت وهجرت امثالهم ودمرت وخربت البنى التحتية ، وهذا ما يتوقع حصوله في بلدان اخرى حددتها واشنطن بقائمة ما اسمته بـالدول الارهابية او " الخارجة على القانون" والتي تضم العراق وكوريا الشمالية وايران، ولعل من الغريب ورغم ان لهذه المفردة "ارهاب" وما يشتق منها مفهومها ومعناها المعروفين في قواميس اللغة ومعاجم السياسة ،الا ان المعنى الذي ساد ،بقصد،في تلك الفترة هو " المعنى الاميركي" الذي روجّت له وسائل الدعاية الاميركية العملاقة ودعاية الدول المتنفذة السائرة في ركابها حتى كاد ان يغطي على المفهوم والمعنى الحقيقين المعروفين لهذه المفردة بعد ان ألبسها الاميركان الثوب الذي يتطابق ودعايتهم وسياستهم في " امركة العالم" وجعله تحت الهيمنة الاميركية ! فـ "الارهابي ،في المفهوم الاميركي ..هومن يخالف السياسة الاميركية ويرفض الانصياع لاوامر واشنطن ! والارهابي هو من يرفض المساس بسيادة بلاده وكرامة شعبه ويتصدى للمعتدي ويحمي ارضه وثرواته! والارهابي هو من لم يقدم التعازي لاميركا بوش لما حصل في 11 سبتمبر ، فهو ارهابي حتى وان قدمها لعوائل ضحايا الحادث كما فعل العراق!" فالعالم في مفهوم بوش قسمان لا ثالث لهما ..عالم مسالم! هو عالم اميركا ومن معها! وسوى ذلك هو عالم ارهابي توعده بوش بحرب انتقامية فكانت افغانستان البداية في قائمة مفتوحة! فالمفهوم الاميركي للارهاب لايدعو الى الغرابة بالنسبة للمطلعين على تأريخ وحقيقة اميركا وكيفية نشأتها ، فساستها وصناّع القرار يتفاخرون بان " العنف والتوسع الاستماري هوجزء من التراث الاميركي الذي تقوم عليه الولايات المتحدة الاميركية " ويضرب المفكر الاستراتيجي ( بنيامين سوارتر ) مثلا بقيامهم بطرد سكان اميركا الاصليين من الهنود الحمراذ قتلوا منهم 100 مليوناَ في شمال اميركا و50 مليوناَ في الجنوب ، ويتفاخر اخرون بانهم قتلوا 20 مليون استرالي و2 مليون فيتنامي، وهم من ضربوا اليابان ( ناكزاكي وهورشيما ) بالقنبلة النووية !، ليس هذا حسب فقادة اميركا يشعرون بانهم افضل واعلى من الاخرين وان على العالم ان ينحني لهم وهذا ماعبرت عنه ( مادلين اولبرايت ) وزيرة الخارجية في قمة السبعة الكبار عام 1997 بقولها "نحن الاميركان نقف على طول قامتنا ونرى ابعد مما يرى الاخرون ، وان اميركا دولة لاغنى للعالم عنها ،وعلى العالم ان يقبل زعامة اميركا الكونية" ! ولعل ظروف ما بعد مرحلة الحرب الباردة قد زاد من شعور الغطرسة لدى حكام واشنطن الى حد وصفه السيد الرئيس ( صدام حسين ) بانه"ّ طغيان اجتاح العقل الاميركي المسؤول فافقدهم الصواب واسكرتهم نشوة فارغة عمياء مدمرّة لتركيع العالم وجعله يقبّل ايديهم " فشنوا عدوانهم البشع على العراق عام 1991 وفرضوا حصاراَ جائراَ مازال مستمراَ،وبعدها انفلت الارهابي الاميركي ليتدخل في العديد من الدول منها ..الصومال وهايتي وبنما ورواندا وبروندي وفي الشيشان والبلقان اذ قادوا بعد حصارمدمّر عدوانا للناتو على يوغسلافيا عام 1999 للايغال في تفتيتها الى دويلات صغيرة استكملت باسقاط نظام الرئيس اليوغسلافي الاسبق ( سلوبودان ميلوسوفيتش ) وارساله، في سابقة دولية خطيرة، الى سجون محكمة لاهاي تحت يافطة الديمقراطية!، كل هذه الافعال التي قامت بها بعد تزعمها ،بانفرادها كقوة غاشمة، العالم الجديد ليس ارهابا ،في المفهوم الاميركي ،وانما هو من متطلبات "حماية المصالح القومية"!! اما مصالح الاخرين فلا اعتبار لها ، انها الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين فمن يخنع لهم في منتهى الديمقراطية ولا صلة له بالارهاب حتى وان كان النظام دكتاتوريا يفتقر الى ابسط متطلبات الديمقراطية والحريات ومباديء حقوق الانسان ، ولعل من صور استهانة حكام واشنطن بالعالم اجمع ..

ان الكونغرس الاميركي غلّب القانون المحلي ( الوطني ) على القانون الدولي في التعامل الدولي الثنائي وراح يتعامل مع الدول ذات السيادة وكأنها ولايات تابعة لاميركا ليطبق عليها ويشّرع مايريد من قوانين ، وهذا ماحصل عند تشريع قوانين ( الدول الخارجة على القانون ،وقانون حماية الاديان والطوائف ،وقانون الحرب على الارهاب والدول الراعية له، وقانون تحرير العراق ، وقانون السماح للجيش الاميركي بالتدخل في اية بقعة في العالم! ) وهذه الاجراءات كلها في القانون الدولي تشكل ادلة قاطعة على ان الولايات المتحدة هي دولة ارهابية وانها الدولة الاولى في رعاية الارهاب باستخدام قوتها الغاشمة ضد من تراه يتعارض وسياستها الرامية للسيطرة على العالم وثرواته، فمن غير اميركا من عبرت قواتها المحيط الاطلسي عام 1991 لتلقي ما يزيد على 110 ألف طن من القنابل والقذائف الرهيبة على شعب العراق لتقتل الابرياء بينهم اكثر من مليون وربع المليون طفل ناهيك عن تدميركل البنى التحتية ومواصلة فرض حصارها الظالم ؟!!

ومن غيرها والحلفاء من استخدم اليورانيوم المنضب المحرّم دوليا ضد شعوب امنة كما حصل في العراق ويوغسلافيا ؟! ومن الذي يدعم ويحمي صهاينة اسرائيل الذين اغتصبوا ارض فلسطين العربية ويقتلون ابناء فلسطين العزّل دون رحمة ؟!

أليست اميركا واعوانها وراء كل ذلك ؟ أو لم تكن هذه الجرائم هي الارهاب بعينه وان واشنطن هي الراعي الاول له ؟ اننا عندما نسوق هذه الحقائق لا يعني اننا ضد محاربة الارهاب ،فلا يوجد في العالم من يقف بوجه الارهاب اكثر من بلداننا وشعوبنا المسالمة ، فالعرب والمسلمون دعاة سلام وامن واستقرار ،والاسلام دين رحمة ومحبة ومودة وانسانية كما هو الدين المسيحي السمح ،فشعوبنا من اكثر الشعوب حاجة الى السلام والامن والاستقرار لما عانته من ظلم وتعسف وعنف وارهاب الدول والامبراطوريات الكبرى على مر التاريخ . ان عالمنا اليوم بحاجة جدية لتحديد مفهوم ومعنى الارهاب والارهابي قبل القيام باي عمل يتم تحت عباءة " مكافحة الارهاب والحرب على الارهاب" وعدم تركه سائباَ" فضفاضاَ" تسخرّه القوى الكبرى لخدمة مخططاتها ونواياها ومصالحها ولتصفية حسابات سياسية مفضوحة الاغراض والمرامي كما تفعل الولايات المتحدة اليوم في افغانستان والعراق وربما تتسع لتشمل دولاَ اخرى! وان الواجب الوطني والانساني يدعو كل دول العالم والخيرّين ودعاة الحريات وحقوق الانسان الى العمل على تحديد معنى الارهاب والاّ فان زعيمة العالم الجديد وحلفاءها ،و تحت ذريعة الحرب على الارهاب..سيغرقون العالم بمزيد من دماء الابرياء .






الاربعاء ٢٣ ربيع الاول ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة