شبكة ذي قار
عـاجـل










في غمرة "ثورات الربيع العربي" ،كنا مشدودين بكل جوارحنا إلى تلك الانتفاضات الشعبية على حكام استساغوا الجلوس على كراسي السلطة وامتصاص دماء شعوبهم لعقود طويلة، ونسينا أن في العراق ثورة شعبية عظيمة أجبرت المحتل الأمريكي على الخروج مهزوما عسكريا ونفسيا وماديا.


وفي غمرة الأحداث التي تمر بها سورية منذ ثلاث سنوات بما فيها من قتل وتدمير وتهجير وارتكاب جرائم حرب ومذابح من قبل نظام الأسد الذي آثر ارتكاب تلك الفظاعات بحق الشعب السوري الذي لم يفعل شيئا سوى أنه طالب بالحرية والكرامة وبشيء من المشاركة في الحياة السياسية للبلد، على أن يتنازل قيد أنملة لتحقيق طموحات هذا الشعب، نسي الكثير منا أيضا أن في العراق الشقيق ثورة شعبية ضد حاكم طائفي حاقد على العرب والعروبة، حاكم عميل مسخ، فرضته كل من أمريكا وإيران كأتفه شخصية ليحكم بلدا وشعبا عظيمين.


ظن المالكي أن بإمكانه، وبدعم من إيران وأمريكا، قادر على إجهاض ثورة العراق وضرب وحدته الوطنية ومسح هويته القومية العربية من خلال انتهاج سياسة طائفية مقيتة والاعتماد على اللصوص والمجرمين والعملاء وضعاف النفوس من الفاسدين. ظن أن سياسة الإقصاء للعنصر العربي السني وتهميشه وتجريمه قد تحقق له شيئا من أحلامه وأحلام أسياده الإيرانيين، ظن أن سياسة تجريم البعثيين والقوميين وملاحقتهم بالقتل والتشريد وبالحرمان من أبسط الحقوق المدنية والمعيشية سوف تجعلهم يستسلمون لإرادته، لكنه غبي ومغفل، فقد نسي أنه في العراق بلد الرجال المؤمنين المخلصين.


وهاهم رجال الثورة من أبناء العشائر ومن رجال البعث ومن كل طوائف المجتمع، وبهجوم صاعق، يستعيدون المدن والنواحي والأقضية والقرى كما يستعيدون المعسكرات والمطارات ويهرب رجاله الخائبون أمام الثوار الأشداء كالفئران المذعورة أو يسلمون أنفسهم في إشارة بليغة على عدم استعدادهم للموت من أجل رجل طائفي حاقد.


ولأنه لم يجد ما يفعله أمام زحف الثوار فقد بدأ بالاستنجاد بأسياده من الأمريكيين والفرس لعلهم يتدخلون لإنقاذه بحجة أن من يهاجمونه هم من الإرهابيين من جماعة "داعش" التي يصفونها بالإرهابية.


ليس مستغربا أن تتدخل أمريكا بشكل غير مباشر وإيران بشكل مباشر لمحاولة إنقاذ عميلهم، لكن من استطاع هزم أمريكا حين جيشت أكثر من 200000 من جنودها قادر على دحر من انتدبوه لتخريب بنية العراق الاجتماعية وسرقة ثرواته وخيراته وجعله من أكثر بلدان العالم فسادا.


كل من يتابع أحداث الساحة السورية يعرف تفاصيل الحلف الذي يربط سورية وحزب الله والعراق بإيران، ليس حلفا طبيعيا، إنه هيمنة إيرانية بما تعنيه الكلمة من معنى على مقدرات بلدان الشرق تلك، وأن الدعم العسكري والمالي وبالرجال والعتاد والتجييش الطائقي لنظام بشار الأسد هو الذي سمح له بالبقاء حتى الآن على كرسي السلطة، وقد كان المالكي وما يزال هو الحلقة الرئيسية في تنفيذ هذا الدعم.


إن إسقاط العميل المالكي ومن يلف حوله من الطائفيين والحاقدين والفاسدين ستكون أكبر خدمة يقدمها ثوار العراق الأشاوس ليس فقط للشعب العراقي ولكن للشعب السوري الذي يتصدى لأخطر حرب إبادة له ولتاريخه من قبل حاكم مجرم ربط مصيره بالفرس وبمخططاتهم الخطيرة على عموم المنطقة العربية.


إن على القوى الوطنية السورية وقوى الثورة إيجاد أفضل سيل التعاون والتنسيق والعمل المشترك عسكريا وشعبيا للقضاء على عملاء الفرس ومنفذي مخططاتهم العنصرية في كل من سورية والعراق، فالثقل العربي الحقيقي يكمن في وحدة الشعبين الشقيقين المجاهدين في هذين البلدين، وبدونهما لا يمكن أن تقوم للعرب قائمة، وإن من يعتمد على صداقة أمريكا من القوى السياسية والعسكرية السورية لن يحصد سوى الخيبة والفشل إذ أن أمريكا هي عدوة الشعوب العربية والإسلامية بامتياز وما احتلالها للعراق ومن ثم تسليمه على طبق من ذهب لإيران، ثم مواقفها المتخاذلة من بشار الكيماوي إلا إمعان في تفكيك المنطقة على أساس "الفوضى الخلاقة"، والتي في جوهرها ليست سوى تفتيت المنطقة العربية على أسس طائفية ومذهبية ودينية بحيث تقضي على أي أمل لتلك الشعوب بالوحدة وبالتقدم والتطور والديمقراطية الحقيقية.

 

 





الجمعة ١٥ شعبــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. هشام رزوق نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة