شبكة ذي قار
عـاجـل










هل يمكن لدارس صادق مع نفسه وباحث في الحقيقة كما طرحها و أشرها التاريخ في كل مراحله ؛ أن يقدم لنا مثالاواحدا تأسست فيه الدول و تحققت فيه وحدة المجال الجغرافي للأوطان من خارج امتداد الذراع المركزية " الديكتاتورية "؟


جل النقاشات التي تناولت تجربة العراق كنموذج لبناء الدولة و المجتمع في علاقتها بقيادتها الوطنية و علي قمة هرمها الشهيد الرئيس صدام حسين إنطلقت و لازالت تنطلق من وضعية قطر عربي يتعرض للإحتلال و التقسيم من خلال أولويات المتصدرين للنقاش في قراءاتهم للقطر أو الأقطار التي هم منها و هي أقطار بعيدة عن الإستهداف المباشر و إن هي مستهدفة بالنتيجة بحكم الإنتماء الجغرافي و الإقتصادي و الحضاري ... و بذلك ساعدت و تساعد الآن سواء قبل أصحابها أم لم يقبلوا ، تعمدوا ذلك أم لم يتعمدوا على خلق المزيد من المرتكزات المادية و المعنوية و النفسية للامبريالية و الصهيونية و عملائها الإقليميين و المحليين لتوسيع دائرة التآمر على الأمة و الوطن ، و لا أعتقد أن أي منا لم يستوقفه "{{ المشروع الأمريكي ما إصطلح على تسميته ب " الشرق الأوسط الكبير"}} الذي دخل العراق في صراع ارادات معه منذ تأميم النفط ، و حل المسألة القومية حلا انسانيا بكل ما يعنيه من أبعاد حضارية ، و مباشرته البناء المؤسس للإقلاع ان كان في جوانبه الثقافية التربوية أو في جوانبه العلمية ...المشروع الذي لم يستوعبه ديمقراطيي اللحظات الأخيرة من القرن العشرين ، و مستنشقي هواء الخطابات الناضحة عن " ربيع العرب علي وقع العزف الغربي "؛ الذين تنطبق عليهم مقولة " الذين لا يطبخون و لكنهم ممن يأكلون بجشع حد انهم لايميزون ما هم يأكلونه " ..مما يعني شخوص تقدم النتيجة على السبب الذي لم يحسم أي الإنحراف و خدمة توجهات الأجنبي و مصالحه على حساب الوطن و مصالحه .


هل وضع آكلي طبخات غيرهم أنفسهم بصيغة التجربة في موقع القيادة العراقية بكل مكوناتها ( الفكرية الإستراتيجية –التنظيمية – الهيكلية ) بصيغة التبادل في الموقع مع محافظة كل منهم على توجهاته الفكرية ... و تعرضوا لهجمة إمبريالية صهيونية تعتمد أدوات محلية و إقليمية و أخرى مباشرة ، هل كان باستطاعتهم الجمع بين الدفاع عن الوطن واحلال الديمقراطية والبناء ؟ الجواب قطعا لا ...لان ذلك ضرب من ضروب المستحيل بالنسبة لمن يطبخ بنفسه...و هي اكثر تعاسة لمن يأكل من يد من طبخ له و في هذا الصنف الأخير الشواهد التاريخية كثيرة و كثيرة جدا .


إذا و حتي تبني الأوطان و تحقق حريتها و ارادتها المستقلة لابد منتقديم التضحيات ، و هنا فالذراع (القدرة) العملية لإي منا مهما كانت لا بد أنتنحاز لتطول و تبلغ غاياتها في جانب و تقصر حتى تبدو كأنها غائبة في جانب و مرئية بقدرما في الجانب الآخر من مثلث الأولويات طبقا لما تفرضه هذه المواجهة من ساحات ومن تقديم و تأخير في درجة الأهمية المرحلية لكل منها رغم ترابطها و ليس في ذلك ماينقص من صدق الوطنية أو ما يجعل المرء خارج حركة التاريخ ؛ و التاريخ يؤكد ذلك سواء في التجارب الثورية التي إنبنت على العقيدة السماوية " موقف أبي بكر رضي الله عنه من الردة " ؛ أو في التجارب الثورية الإشتراكية " موقف لينين من الثورة المضادة " أو التجارب الليبارالية " الثورة الفرنسية ــ و ــ الحرب الأهلية الأمركية "؛ أو الوحدة الإيطالية أو الألمانية .


فكيف غابت هذه الأمثلة عن فكرمنظرينا و مثقفينا ؟ حتي أصبحنا لا نري الا انسياقا وراء الإعلام الغربي ذي الأهداف المصلحية التي لا تستثني قطر من أقطارالأمة ؟


هل كان العراق ، قبل حكم البعث بقيادة المرحوم البكر و الشهيد صدام جمهورية إفلاطونية، لكى يتحول الحكم الوطني و بكل أبعاده الي "ديكتاتورية البعث من خلال أبرز قيادة عرفها التاريخ العربي المعاصر ان كان قراءة للواقع أو ادارة أو تعامل " الى قضية ؟


هل كانت توجد أسس لجعل الديمقراطية بالمقاييس الغربية معيارا لما يمكن ان يفعله رئيس فى أى بلد عربى أو في غيرها من بلدان العالم النامية ؟


ان الكثير من متطلبات الادارة فى العراق و في كل الأقطار العربية و دون استثناء كانت وما تزال وستظل، تتطلب سلطات صارمة و فردية ، وأحيانا مطلقة.


الديمقراطية علينا أن نفهمها من أنها ليست على أى حال هبة نتزين بها لغوا أو طبخة نجتمع علي مائدة لنلتهمها . انها مشروع ومثل كل مشروع ، فانها تتطلب أسسا ومقدمات اجتماعية واقتصادية وثقافية ، وما لم تتوفر هذه الأسس والمقدمات ، فان الديمقراطية لن تكون سوى هراء ، لا يختلف فى مضمونه علي منوال الهراء الذي أحدثه الإحتلال في العراق و يعمل " الربيع الأمريكي علي تثبيته في الواقع العربي".


بعد قطع طريق التجربة أمام العراق في عملية الإنطلاق لإرساء الإنتقال الديمقراطي الذي مثلها طرح القيادة الوطنية للعراق بداية سنة 1990 لمشروع الدستور الدائم للدولة ؛ يمكننا القول من أن أسس بناء ديمقراطية أغتيلت كما أغتيلت التجربة بقياداتها الوطنية لا فى العراق فحسب وإنما في أقطار الوطن العربي بمفهوم المثال القابل للتطبيق ؛ و أحلت محلها أسس، كما هو واضح الآن، تنذر بكوارث سياسية و اجتماعية و جيوسياسية ، أسس تؤسس لأعمال السلب والنهب والقتل والتعذيب و المحاصصة و القسمة الأفقية و العمودية للمجتمع العربي عامة و مجتمعات الأقطار العربية خاصة . فلا الاقتصاد ولا الثقافة ولا طبيعة العلاقات الاجتماعية تسمح بقيام ديمقراطية.


هل أحزابنا في تونس عامة و مجلسنا الوطني التأسيسي المتأتي علي خلفية استنشاق هواء ــ هراء ـــ الربيع يجمع رجالا يستحضرون استقلال و وحدة المجتمع و الوطن و البناء الديمقراطي ان كان خطابا أو سلوكا تشريعي رغما عن الدستور الذي أجازوه بالتي و اللوتي ؛ أم يجمع خليط من الترهات والإمعات والتفاهات تحت لافتة الديمقراطية . رغم انهم كلهم يتكلمون بصيغة أو بأخري علي من تجاوزهم شرفا و عفة و اقتدارا ان كان رؤية أو تصريفا بمسافات متقدمة زمنيا ؛مسافات غير قابلة للدراسة بالمقارنة ؟ .


لا نلوم أي كان و لا و لن نجادله لكون من يأكل من غير ما يزرع و يطبخ ، لا و لن يستحسن من يأكل مما زرعه و طبخه بجهده .

 

d.smiri@hotmail.fr






الجمعة ٢٥ جمادي الثانية ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / نيســان / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة