شبكة ذي قار
عـاجـل










رغم وجود وثبات فصائل وجبهات جهادية للمقاومة الوطنية العراقية المسلحة، وما حققته ميدانياً بإلحاق هزيمة مريرة بالجيش الأمريكي الغازي. إلا أن سنوات المجابهة الضارية بين المقاومة العراقية وقوات الإحتلال الأمريكي ما بين (2003-2008) والتي تقهقر فيها الجيش الأمريكي وإنسحب مسكوراً عبر خطة الإنسحاب الرسمي التي أكتمت قبل نهاية 2011. فإن ستراتيجية المقاومة العراقية كانت تتجه نحو الشطر الثاني من عملية التحرير، وهو مجابهة الوجود الصفوي الإيراني الممسك بالعملية السياسية والدولة من خلال الكتلة التي صنعها ودعمها وأوصلها للسيطرة على مقاليد السلطة بالتوافق مع المحتل الأمريكي. زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بغداد في 3-3-2008، نموذجاً.


بيد أن المقاومة العراقية مهما كانت تمثل الجانب الشرعي والإرادي للشعب وللوطن، ومهما خططت وجابهت أذناب الإحتلاليين الأمريكي والإيراني، لكنها تبقى محدودة ضمن نطاق مكوناتها وما يترتب على ذلك من تنظيم داخلي، وتنسيق خارجي مع بعضها الآخر، بحكم وحدة الهدف المشترك بين كافة المقاومين المجاهدين. إلا أن ثورة العشائر بالقدر الذي إنفجرت فيه جراء الظلم والجور الذي مارسه الطاغية نوري المالكي على مدى تسع سنوات تقريباً، فإن هذه الثورة المسلحة تعتبر إمتداداً طبيعياً للمقاومة العراقية من جهة. وتكملة حتمية لأبعاد الثورة الشعبية المسلحة من جهة أخرى.


وهكذا ما أن أرسل المالكي قواته الطائفية إلى محافظة الأنبار لكي تقمع المعتصمين المسالمين، ثم أرتكبت جريمتها في 28-12-2013، وقبل أن تتوسع قوات المالكي بإرتكاب مجزرة أخرى على غرار "مجزرة الحويجة" في 23-4-2013، بمحافظة كركوك، وما بعدها من مجازر "جامع سارية" بمحافظة ديالى، والقتل العمد للمتظاهرين في محافظة نينوى. فما أن تم الهجوم على آل بو علوان وإعتقال النائب أحمد العلواني وتصويره بوضع مُذل، وقتل أخيه ميادنياً ونشر صورة للقتيل وبصطال سوات على رأسه، حتى هبت عشائر الأنبار الأصيلة بثورتها المسلحة. وسرعان ما أنتشرت هذه الثورة العشائرية المسلحة لتعم بقية المحافظات المنتفضة.


ومع سرعة تشيكلات المجالس العسكرية لثوار العراق في المحافظات الست المضطهدة، فقد باشرت أيضاً محافظات الوسط والجنوب بالتجاوب الوطني معها. حيث تم الإعلان عن تشكيل المجالس العسكرية لثوار العشائر في محافظة المثنى، وذي قار، وكربلاء، وواسط، والبصرة. وبعد أسبوعين من الثورة العشائرية المسلحة، تم الإعلان عن تشكيل "المجلس العسكري العام لثوار العراق" في 16-1-2014. حيث أنضوت تحت قيادته جميع المجالس العسكرية التي ناهزت (حتى الآن) قرابة الخمسين مجلساً عسكرياً، منتشرة في أحدى عشرة محافظة لغاية اليوم.


وبعد إكتمال الجانب العسكري في ترابطه الهيكلي الميداني، وما تحدث به الناطق الرسمي اللواء مزهر القيسي في وسائل الإعلام عن مهمام وواجبات وأهداف هذا المجلس العسكري. جاء الجانب السياسي جناحاً مكملاً لتحليق هذه الثورة عالياً نحو الداخل والخارج. حيث أنبرى شيوخ العشائر وعلماء الدين والمثقفين من الوطنيين بالإعلان عن "المجلس السياسي العام لثوار العراق" بتاريخ 22-1-2014. ومن بين أهم أهداف هذا المجلس السياسي، ورد في بيان تأسيسه ما يلي:


أولاً: تأمين الدعم السياسي للثورة العراقية وإيصال صوت ثورة الشعب العراقي إلى المحافل الدولية، والتأكيد على أن هذه الثورة ثوة الشعب العراق كله ضد الحكومة العميلة الطائفية الفاسدة، وليست ثورة فئة أو طائفة أو عرق.


ثانياً: العمل على إسقاط الحكومة العميلة الطائفية الفاسدة بكل الوسائل المشروعة.


ثالثاً: الحفاظ على الوحدة الوطنية لكافة مكونات الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه، ونبذ دعوات تقسيم البلد تحت أي مسمى، وحماية إستقلال العراق، والمحافظة على سيادته وهويته العربية الإسلامية.


رابعاً: التأكيد على أن أبناء الشعب العراقي متساوون في الحقوق والواجبات الوطنية.


خامساً: ضمان عدم حدوث فراغ سياسي بعد إسقاط الحكومة العميلة الطائفية الفاسدة بتشكيل حكومة إنتقالية مؤقته وإنتخاب برلمان مؤقت ليقوم بإعداد مسودة دستور جديد وإجراء إنتخابات عامة حرة ونزيهة في وقت لاحق وفق البرنامج السياسي للإستقلال والتحرير.


ولم يفت البيان في الختام أن يشير إلى دعوة "الوطنيين وأبناء العشائر وأبناء شعبنا العراقي الأصيل في الداخل والخارج لمساندة المجلس السياسي العام لثوار العراق، وصب الجهود نحو الهدف الأخير وهو إسقاط الحكومة العميلة الطائفية الفاسدة وتطهير العراق من براثن النفوذ الأجنبي ليسود الحق والعدل والإنصاف والعيش بكرامة".


ومع إنطلاقة الجناح السياسي، تم تشكيل "اللجنة الإعلامية المركزية لدعم ثورة العراق". حيث تشكلت لحد الآن أكثر من عشرين لجنة إعلامية في العديد من العواصم العربية والأجنبية. حيث يقع على عاتقها توصيل الحقائق لعموم العالم بأن قوات المالكي الطائفية بحجة محاربة الإرهاب تقتل العشائر العربية الثائرة ضد الأستبداد والتسلط وسياسة القتل والتصفيات الممنهجة التي يتبعها المالكي في تطبيق المشروع الصفوي الصهيوني الأمريكي في تمزيق النسيج الإجتماعي، وتقسيمه البلد على أُسس طائفية وعرقية، وهذا ما يرفضه الغالبية العظمى من الشعب العراقي.


وإذا أكتملت الجوانب الضرورية واللازمة في بنية الثورة المسلحة، فإن ذلك ينم أيضاً عن تعاضد وتظافر المقاومة العراقية بكل أطيافها ومكوناتها في مؤازرة ثوار العشائر. علاوة على إنتماء أعداد كبيرة من ضباط الجيش الوطني السابق إلى "المجلس العسكري العام لثوار العراق". ولقد تجلت هذه البنية القوية بإلحاق الخسائر الفادحة بقوات المالكي التي كشفت عن حقيقة تركيبتها الهزيلة، كونها ميليشية لا تفقه شيئاً عن العلوم العسكرية، وليست لها خبرة قتالية بخوض المعارك، بل أنها تجيد مداهمات البيوتات الآمنة، والإعتقلات العشوائية، وزج النساء بالسجون بجريرة الأب أو الأخ أو الأبن المطلوب تحت تهمة "المادة 4 إرهاب".


هذا وأن تواصل هروب العناصر المنتسبة إلى قوات المالكي من الذين لا يريدون مقاتلة أخوتهم من أبناء جلدتهم، وتسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى شيوخ العشائر، وما يقوم به الشيوخ الأفاضل من تأدية الواجب العربي بالضيافة لهم وتوصليهم إلى مناطقهم وذويهم؛ فإنه يضفي بُعداً شعبياً آخراً على هذه الثورة.


ستدخل ثورة العشائر العراقية في شهرها الثاني، وأن عنصر الوقت مهما طال، فإنه يسير لصالح ثوار العشائر. إذ كلما صمدوا وألحقوا الخسائر بقوات المالكي الطائفية، كلما أظهروا قوتهم ومقدرتهم، مما يحفز بقية العشائر على الإنضمام إليهم ضد الظلم العام على الجميع. وكلما تعرضت قوات المالكي الطائفية للهزائم، وتزايد أعداد الهروب الجماعي بين صفوفه، كلما أقتربت العشائر الأصيلة من تحقيق الهدف في إسقاط الطاغية المالكي، وتحرير العراق أرضاً وشعباً من العملية السياسية التي صنعها المحتل الأمريكي ومسكها المحتل الإيراني الصفوي.


إن ثورة العشائر التي إنفجرت كرد فعل طبيعي بعد سنوات الحيف والتعسف المتعمدة في سياسة المالكي الطائفية الصفوية. فإنها المرحلة التكميلية على طريق التحرير، لكنها المرحلة النهائية بعون الله تعالى. فإن المجابهات الميدانية التي كانت ضد قوات الإحتلال الأمريكي، تجري الآن ضد قوات المالكي الطائفية. وبما أن نتائج المجابهات السابقة بين الذي يؤمن بتحقيق إحدى الحسنيين: أما النصر أو الشهادة، وبين الغازي الصليبي القادم من بلاد بعيدة، قد إنتهت لصالح المؤمن بالحياة الحرة الكريمة؛ فإن نفس النتائج سوف تتكرر بين الذي يحمل عقيدة النصر أو الشهادة، عن الذي يحمل العقلية الصفوية الصفراء المتمثلة بالغدر والإغتيال وإعتقال النساء البريئات. وإن غداً لناظره قريب.

 

 





الاثنين ٢٦ ربيع الاول ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / كانون الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة