شبكة ذي قار
عـاجـل










{{ انظربعينيك إلى أسفل واخفض صوتك وتطلع الي المكان الذي تقف عليه . فإنه لو كان المرء يستطيع أن يبني بيتا بالصوت العالي المرتفع لكان الحمار يستطيع أن يبنى دارين في يوم واحد. ولو أن القوة الشديدة (وحدها) هي التي تجر المحراث لكان النير لا يفارق كتف الجمل }} .


من وصايا أحيقارالحكيم ــ و قيل أنه لقمان ــ كاتب الملك سنحاريب القرن السابع قبل الميلاد .


الشعب يبقي الكائن الوحيد الحي و دائم الصيرورة ، و التاريخ الإنساني يثبت هذه الحقيقة و لايناقشها ، لكون الشعب هو من يتصرف بعقل حد أن الصبر الذي يمارسه يتحول في نظر المستعجلين الي استسلام ؛ و يغيب عند الكثير ممن يحملون الشعب حدود رؤيتهم لايعرفون من أن الشعب يأخذ مقاسات فعله من جديد و دوما عند كل منعراجات حياته مستحضرا ماضيه بكل ما فيه من ايجابيات و حاضره بما يختزنه من قدرة علي اعادة انتاج تلك الإيجابيات في روحها متقصدا التأسيس لما هو مستقبلي قابل للتقدم نحو أمام ...تماما كالخياطة المهنة الوحيدة التي يتعامل فيها متعاطيها ــ الخياط ــ بعقله و باحتساب مقاسات الحريف دومـــا .


النظرة الجامدة للمستعجلين حركة الشعب كبعد ثالث غير مرئي باعتبار أن ما هو ظاهري ينحصر فيما يقوله او يفعله المتنفذون سياسيا ، ويردده الإعلام ، هذه النظرة لا تفهم سر الحياة و كنهها ، و تتناسي من ان أي عمل جدي يؤثر في الواقع و يخلق منه واقعا جديدا إلا و يكون هذا العمل عملا فيه ما في البحر الواسع المتحرك من شوائب .و من يريد أن يكون عمله تاريخيا فليكن كالبحر لا كالساقية الصافية. اذ من السهل أن تكون حركة أي فرد أو أي جماعة أو أي حزب ساقية صافية و لكنها لن تروي شعب أو أمة و لن تصنع تاريخا .


الحياة لا تعرف التوقف و تيارها لا يرتد للوراء لا بصيغة الرؤية و لا بصيغة الفعل ، و تيار الحياة تيار مبارك طاهر مهما علق به من شوائب . هكذا هي دروس التاريخ فلماذا يتصرف جماعة * الحوار الوطني * عندنا بعكس هذا المنطق ، و يحولوننا الي متابعين بلهاء دورنا لا يتعدي قياس بورصة فعلهم صعودا و نزولا دون أن نحصد اي من النتائج الا ما هو مخيب للآمال ؟


أيها السادة :

الحوارات في الدول الديمقراطية ليست وسيلة وحيدة لصعود هذا السياسي أو هذا الحزب ونزول ذاك عن عرش السلطة فقط ، بل هي وسيلة لانتاج مناهج سياسية تقوم على التسارع في خدمة البلدان والشعوب، وحرق المراحل الزمنية للوصول الى الأمثل في كل الحقول ، حتى أصبحت الحوارات الوطنية وسيلة ثقافية يطلع المواطن من خلالها على احدث ما انتجه العقل السياسي و المعرفة السياسية من طرائق لخدمته فينحاز للأمثل منها. فهل تعتقدون و لو في الحد الأدني أنكم بما تقومون به قاب قوسين أو أدني من محيط ذلك كمثال ؟ لقد أصبحنا نحن أبناء الشعب البسطاء رؤية و حضورا في فعلكم نستفيق كل يوم و في ذات اليوم كل أربع ساعات ــ كمعدل ــ على طرائق جديدة في فن الاحتيال لسرقة :


عقولنا اعلاميا لا بل استحمارنا ليتحول النقاش الشعبي من أي القاطرات التي تنقذ البلاد و الشعب و تصل به الي محطة السلامة و الإقلاع الي مناقشة أي الشخوص قال كذا و جابهه الاخر بكذا


سرقة أموالنا و جهدنا و زمننا ، و تركنا فريسة للأوهام تتقاذفنا بين الفزع حد الخوف من القادم و بين التمني في حل ما أنتم بالرغم مما توفر لكم لم تؤكدوه لا خطابا و لا حتي مواقف


سرقة ارادتنا بتحويلكم الحوار من حوار يستهدف تحصين سكة الشعب الي حوار ينطلق من تحصين كل طرف لسكة الحزب الذي يمثله ، أي حوار انتخابي سابق للأوانه و فاشل في مضامينه بكل مواصفات الفشل .


صحيح المواطن في هذا القطر و نتيجة لثقافة نصف قرن بالكامل ترسخت في ذهنه مسالة المقارنة التي مورست كلما تضايق الشعب و أراد التعبير عن قلقه و غضبه من أمر ما و لكنها كانت تعتمد أمثلة من افريقيا أو من آسيا و في كلا العهدين "بورقيبة و لا يجوز أن نقول فيه غير رحمه الله فللموتي حرمتهم " أو " بنعلي و حاشيته " ، و لكن كأبناء لهذا الشعب نتطلع الي الإقلاع و القطع مع الماضي في سلبياته و ما نضح منها من قذارات ، من حقنا أن نقارن بين حواراتنا و حوارات من يصنف بمقاييس التقدم أكثر تقدما منا و لو كان ذلك بقصد أن نصدم التجربة التي نخوضها بغيرها من التجارب المتقدمة عنها ، بعد أن أصبح من غير المفهوم حقا ان يغيب الوعي الشعبي الى هذه الدرجة الحرجة من قبل السياسين في جانب و توابعهم من الإعلاميين في جانبه الثاني . و أن تستمر حالة التصعيد من هنا و حالات الجذب من هناك لتهيمن الغرائز ونضيف للمشهد السياسي في الساحة العربية عامة مشهدا آخر من مشاهد الطائفية بصيغة سياسية و ان كان الله قد نجي هذا القطر من كل الأشكال الطائفية الأخري . طائفية عبر عنها السيد راشد الغنوشي عندما يقول في موقع الجزيرة.نت {{ " أن خشية أنصارالنهضة مما قد يتعرضون له إن تركوا السلطة مشروعة ونابعة من نقص في ترسخ التقاليد الديمقراطية في تونس، مستشهداً بالأحداث في مصر. وأضاف الغنوشي: "لقد أشكل علي البعض تطميني لبعض أنصار النهضة المتوجسين مما قد يفعله بهم خصومهم إذا هم تركوا لهم السلطة، وهي خشية تبدو مشروعة في ظل أوضاع انتقالية لم تترسخ فيها التقاليد الديمقراطية حكماً ومعارضة، لاسيما بالنظر إلى ما يحدث في مصر".}} كما أوردت ذلك شبكة تانيت براس يوم14/11/2013.


لنتساءل أيهما أولي بالسلامة سكة الشعب و الوطن أم سكــة "الجماعة" يا سيادة " المرشد " ؟ ناظر الإمامُ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري شيخُ السنة، والمتوفى سنة 324 عن 64 سنة، أستاذَه في علم الكلام والإمامَ المعتزلي أبا علي محمد بن عبد الوهاب المعروف بالجُبَّـائي والمتوفى سنة 303 عن 78 سنة، فسأله عن ثلاثة إخوة، أحدهم كان مؤمناً براً تقياً، والثاني كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟ فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدَرَكات، وأما الصغير فمن أهل السلامة، فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ فقال الجبائي: لا، لأنه يقال له إن أخاك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعاته الكثيرة، وليس لك تلك الطاعات. فقال الأشعري: فإن قال ذلك الصغير: التقصيرُ ليس مني فإنك ما أبقيتَني، ولا أقدرتَني على الطاعة، فقال: يقول الباري جل وعلا: كنتُ أعلم أنك لو بقيتَ لعصيتَ وصرتَ مستحقا للعذاب الأليم، فراعيتُ مصلحتك. فقال الأشعري: فلو قال الأخُ الكافر: يا إله العالمين كما علمتَ حاله فقد علمتَ حالي، فلمَ راعيتَ مصلحته دوني؟ فقال الجبائي للأشعري: إنك مجنون فقال: لا بل وقف حمار الشيخ في العقبة، فانقطع - أي أُفحم - الجبائي. وهذه المناظرة دالة على أن الله تعالى أفعالُه غير معللة بشيء من الأغراض التي تجري في دنيا البشر.


التصعيد المستمر" تماما كالصياغة الجديدة لها تحت لافتة " التدافع الإجتماعي" التي روج لها ـ راشد الغنوشي ــ السلفي المتأصل رؤية و افعالا ، إن كان تقريرا أو تسييرا ، و الحداثي خطابا نحو الخارج الشعبي . اللافتة التي تلقفها أنصاره سواء قطريا أو عربيا و أصبحت أداة استراتيجية المرحلة بصيغة التصريف اليومي لما يستهدفونه سلطة ، و صياغة شمولية لواقع المجتمع و الدولة ، واضعين المجتمع بين سنديان القبول و مطرقة غياب الأمن ، و تمثل ما هو قائم في ليبيا أو سوريا أو العراق ؛ في قراءة لا يمكن اتهامها بالقصور للمكونات المختارة بصيغة مقابل في "الحوار الوطني " و هي ذات المكونات تقريبا التي غادرت " مجلس حماية الثورة الذي تاسس علي خلفية جبهة 14 جانفي " ، عندما لوح لها الباجي قايد السبسي ب"لجنة بن عاشور ذات الإسم الطويل " و النتائج المقرفة التي صاغتها و أوصلت البلاد اليها ،و في الدعوة " للحوار " يتكرر ذات الفعل الإنتقائي دون أن ينتبه لا الداعي و لا المدعو من أن الغباء يكمن دوما في استخدام نفس الأداة و ذات المنهج الذي أثبت وقوفه في العقبة .


ليصبح الفعل مطابقا للمثل الذي نضح عن الإمامُ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري شيخُ السنة " وقف حمار الشيخ في العقبة " ليصبح " وقف الحوار الوطني في العقبة " ، و تصبح مسألة الشرعية في الفعل تماما مطابقة لنتيجة المناظرة بصيغة القول :
** ان الشعب في أفعاله يصبح في حل من الأغراض التي يتوخاها ساسويو الحوار الوطني **


d.smiri@hotmail.fr

 

 





الجمعة ٣ صفر ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / كانون الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة