شبكة ذي قار
عـاجـل










من سديم متناثر ما انفكت أجرامه ومكوناته مع نهاية فترة التاريخ القديم تحتك ببعضها البعض سواء بصيغة قبائل مستقرة حول مراكز دينية و أخري تجارية أو الإثنين معا ، و أخري متنقلة تعتمد الرعي و الغزو أو بصيغة دول تدور في مسارات تابعة للقوي الدولية المهيمنة في مرحلتها ، قوي تستخدمها بالنيابة اما تأديبا لذات المكون أو لجس نبض درجة قوة المنافس لها في النفوذ ، استخدام لا يسمح بالخروج عن سلطة المستخدم و لا عن رؤيته المصلحية . وضعية ما كان لها أن تستمر باعتبار ما تختزنه المنطقة من ارث بصيغة الفعل الحضاري و ما هو متراكم من قيم طمستها حالات التناثر بصيغة سديم اثر سقوط الأقطاب الثلاث " مصر في الغرب و بلاد كنعان في الوسط الشمالي و اليمن السعيد في الوسط الجنوبي و بلاد الرافدين في الشرق " المكونة للمجال تحت تأثير استهداف القبائل البربرية من الشرق أو بدرجة أقل من الغرب و خليط من أقوام متعددة المنابت جمعهتهم روما من الشمال .


وضعية سديم انتهت مع ظهور الإسلام الذي وضع حدا للتاريخ القديم فاتحا مرحلة جديدة للتاريخ الإنساني بقيمه الجديدة و ما مثله من ثورة نقلتها كمكونات متناثرة تشقها الصراعات و الضياع و العصبية الي نجم مثل مركز الفعل ، و الإقلاع الإنساني بكل ما يعنيه الإقلاع معنويا و ماديا ؛ اقلاع تأسس علي قيمة التوحيد المعنوي في جانبه الروحي و المعنوي ثقافة و سلوكا و احتراما للآخر، و ماديا في ما مثله من امتداد المجال و تكونه بما يمثله اليوم من ملامح ثابتة غير قابلة للقسمة يختزن جملة ألوان تفاعلت في ظل الفعل القيمي للإنسان و تطلعه الدائم لما هو خير في واقعه المباشر أو بما يود فعله بصيغة تخليدا لذكراه ؛ مشكلة لوحة رقي كتبت تاريخ البشرية لأكثر من ست قرون في جل مجالات الحياة البشرية ، و أسس بما أنتجه لمرحلة الإقلاع الكبري التي نعيشها اليوم حد توصيف هذا الفعل ب"جسر الحضارة البشرية " أي انكسار له يمثل ردة علي مستوي القيم بما تتضمنه من شراكة بين الإنسانية علي طريق التقدم و التطلع الي السعادة حتي في جوانبها المعنوية .


ألوان تعمل اليوم أكثر من جهة اما تحت الحقد التاريخي الموروث بمفهوم التقابل بين الشرق و الغرب و ما لعبه الجانب الديني من تغذية لها ؛ أوتحت تأثير امتلاك عوامل القوة الهجومية و الرادعة و بحكم طبيعة مصالح مجتمع الشركات و ما يتطلبه من انفتاح " العولمة " علي تفكيكها و جعلها متنافرة و متقابلة رؤية و فعلا حد الإقتتال بهدف كسرهذه " اللوحة ــ الجسر" بصيغة المرحلة أو بشكل نهائي ؛ بعد أن تمكنت مختلف هذه الجهات من خنق كل محاولات البعث الثاني في انطلاقتها من تجربة عبد الناصر الي ثورة الجزائر بصيغ غير مباشرة و بصيغة مباشرة في ما تعرضت له تجربة العراق في ظل البعث بعد فشل محاولات الخنق لها بما هو غير مباشر ؛ النتيجة غياب الإطار المرجع و مركز التوجيه للأمة العربية ، غياب خططت له هذه الجهات و تعمل علي ملئه بأكثر من مثال اقليمي يدور في فلك فعلها من حيث المصالح في جانب ، و في الجانب الثاني جاعلة من كل طرف اقليمي يمني النفس بالتوسع علي حساب هذا المجال بما يمكنه من استعادة بناء قوته و تقدمه سواء علي مستوي المجال أو المصالح بما جعلها كمنطقة بامكناتها البشرية و الجغرافية و ما تختزنه من موارد ثروة تتجه نحو حافة الثقب الأسود بعد أن كانت و بعد الإنتصار التاريخي لها ضد " الخمينية بما حملته من شعارات " علي أبواب التحول الي نجم فاعل لا في المحيط الإقليمي فحسب و انما حتي العالمي و ذلك كله بفعل قطب واحد من أقطابها العراق في ظل تجربة البعث وما جسدته من بناء سواء مادي أو بشري أو علمي و بالرغم من تعطل القطب الغربي منذ مسيرة التطبيع التي قادها السادات و ما فتحته من ثقوب في جدار الأمن القومي ، و انكفاء الثورة الجزائرية بعد اغتيال بومدين حول ذاتها القطرية بصيغ مصلحية ضيقة كلفتها الإنهيار الأمني الداخلي طيلة عشر سنوات دون أن ترتقي الي مستوي بلورة مفهوما للدولة حتي بصيغه القطرية ، و تآمر الوسط الشمالي الذي قاده حافظ الأسد بما شكله من اختراق لأسس النظرة القومية في رؤيتها التحررية رؤية و سلوكا بصيغة الفعل المتآمر ماديا ، واغراق الوسط الجنوبي في صراعات داخلية ، و الدور المبتور و المعادي لطموحات العرب في التحرر الذي ما فتئ وسط الوسط القيام به منذ بداية التأسيس للبعث الثاني بصيغة سياسية رسمية علي يد تجربة عبد الناصر و الدخول الفعلي و العملي بالضد من النهوض العربي في تآمره علي تجربة العراق في ظل البعث و المشاركة في اسقاطها و فتح أبواب العراق علي الإحتلال الخارجي الأمريكي و الإقليمي الإيراني .


احتلال العراق جعل من أبواب المجال العربي مشرعة أمام التدخل الأجنبي و حول مكوناته من مرحلة الإستقطاب للتحول الي نجم فاعل في محيطه الإقليمي عند نهاية عقد الثمانينات متوجا بانتصار تاريخي علي استهداف اقليمي ايراني كاداة مباشرة بما اختزنه من آفاق و أبعاد استراتيجية للقوي الدولية المحركة لهذا الإستهداف تؤكده حادثتين أولها " ايران ــ غيت / كونترا " و ثانيها " حلبجة ــ السلاح الكيمياوي " الي سديم متناثر منذ 2003 تاريخ الإحتلال تحركه أقطاب دولية و اقليمية و تدفع به بقوة نحو الثقب الأسود بصيغة متسارعة خاصة مع ما عرفته مكونات هذا المجال من حراك أساسه رفض و ضعية السديم و اعتبارها المسؤول المباشر علي حالة الضياع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي و العمل علي تجاوزها .. دفع تؤشره حوادث هامة أولها "حرب لبنان و ما انتهت به من قوات اليونيفال و تلميع صورة ايران الغارقة في الدم العراقي حتي قمة هرمها ولي الفقيه /السفيه و تقديمها مثالا منقذا " و " حرب غزة و ما انتهت به من تصعيد للدور التركي بصيغة مقابلة " ، الحراك الذي حولته ذات الأقطاب الدولية بالتعاون و الأطراف الإقليمية الي عامل من عوامل تسريع بلوغ هذا المجال بمكوناته الي أطراف ثقب الإندثار اعتمادا علي ذات الأدوات التي عادت تجربة عبد الناصر في جانب و في الجانب الثاني تلك التي رقصت فرحا و طربا لأحتلال العراق و هي ذات الأدوات التي كانت العنصر الأساس في انكفاء التجربة الجزائرية علي ذاتها و اغراقها في حرب أهلية دامت عقدا كاملا من الزمن .. و هي ذاتها التي تبرر و تتكلم عن انتصار ما في مخيلتها المحشوة "مناكفة و منافقة و عمالة لا ممانعة و مقاومة " كما تدعي حد بلغ ببعض من راقصيها ــ نارام سرجون ــ الي القول : " {{ لكن الشمس والقمر الحقيقيين اللذين خسرتهما حماس من يمينها وشمالها كانا .. سورية وايران .


قذى بعينك ام بالعين عوّار ؟ ---- أم ذرّفت اذ خلت من اهلها الدار


بدأ ربيع الخريف السوري .. وهناك سؤال طرحه بتوجس ديبلومسي فرنسي في الكواليس ويستحق التوقف عنده وهو ان كان مايجري هو ترجمة لاتفاق لافروف ــ كيري .. أي بتقاسم النفوذ وانهاء مرحلة الربيع العربي فكان ترحيل الحمدين في قطر وتسهيل ترحيل مرسي واخوانه .. ونجاة سورية من براثن المؤامرة و بقائها تحت المظلة الروسية و ضمن محورها القوي [ ايران ] الذي لم يخذله .. وعلى كل حال وكما توقعنا جميعا فان عدم انكسار العقدة السورية شجع القوى الوطنية والعلمانية العربية في المنطقة على الاستقواء على الحركات الدينية .. وتخلت هذه القوى عن التسليم بهذا القدر الاخواني وهي ترى الشعب السوري يقاوم بعناد وصلابة هذا الهولاكو الاسلامي .. واستمدت من التماسك السوري زخما لها .. وهذا ساعدها على الاحساس بأن النصر على هذه الموجة الطاغية والطوفان ممكن جد .. فلا أدري من يستحق الشكر أكثر .. والاعجاب أكثر .. شعب مصر .. أم شعب سورية.}}"،Bottom of Form مشتركة و سابقتها في الرقص و الترويج للآخرعلي نوطة الفعل الإستراتيجي الأمريكي ــ الروسي ــ الإيراني و هو يجرد سوريا من سلاح ردع و حماية ، متناسة أنه سلاح الشعب في أوله و سلاح الأمة العربية في أساسه و لم يكن سلاح نظام حتي و ان كان النظام مرفوض و ممقوتا شعبيا ؛ أطراف ترقص و لا تري الآ بعين واحدة هي عين العمالة و تسويق الأوطان في مزادات أسواق الإستراتيجيات الدولية و تقاطعاتها مع ما هومصلحي اقليمي ، لا تري المتسولين من أبناء الشعب السوري أمام المساجد الذين لا تخلوا منهم قرية و لا مدينة و لا حي من أحيائها في أقطار المغرب العربي دون اعتبار حجم مخيمات اللجوء في أقطار الجوار و لا جملة أسواق بيع الرقيق الأنثوي التي فتحت في مدن أقطارمجموعة الثمانية التي شبكها حافظ الأسد و اشترك من خلالها في العدوان علي العراق سنة 1991، أطراف تروج للإنتصارموهوم و هي تفتح أبواب الوطن ــ القطر ــ و تجرده من وسائل الدفاع و الردع .. تماما كما رقصت علي ذات النوطة مع ذات القوي و الأطراف الإقليمية المتحالفة معها وهي تجرد في وقت سابق العراق من قوته الرادعة بعد أن كانت عاملا هاما و مشارك أساسي في ادامة الحصار المقيت و البشع عليه طيلة عقد و نيف من الزمن لترقص و تهلل لاحقا للإحتلال علي ذات الطبيعة التي سبقها لها الأنذال المستعرقين من " الجلبي و أحزاب الدعوة و الإسلامي و غيرها من الميليشيات " التي نراها اليوم في العراق و نعيش بالملموس مدي عهرها و عدائها لكل ما هو وطني خاصة و لكل ما هو عربي عامة .


فما هي الحلول لوقف مسيرة الإندفاع اللاواعي نحو الثقب الأسود؟ و كيف نستعيد اتجاه اعادة بناء مرجعية الأمـــــة العربية الذاتية ؟ و استئناف مسيرة بناء مجالنا العربي بمفهوم النجم و القطع مع ظاهرة السديم المتناثر التي تهدد الأمة العربية بالخروج الواقعي من التاريخ اذا لم يكن بالإندثار ؟

يتبــــع ...


d.smiri@hotmail.fr

 

 





السبت ١٤ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة