شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يتفق معي القاريء الكريم, أن الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم يفرض على كل مسلم سنياً كان أم شيعياً أو حتى مسيحياً كان أم يهودياً, أن يفكر بماهية الخطاب الديني والتوظيف السياسي له, أو بمعنى آخر عن قضية علاقة الدين بالسياسة.


وبالتالي, يكون المعنى العام لهذا المقال واضحاً لدى القاريء الكريم, وهو الدين والسياسة. فالمفهوم اللغوي للدين: هو مجموعة المباديء التي تدين بها الأمة إعتقاداً وعملاً. إما المفهوم الإصطلاحي للدين: فهو وضع إلهي يرشد الى الحق في المعتقد ( العقيدة ) , وحسن النية في السلوك والمعاملات ( الفضيلة ) . أما الإسلام فهو أوسع مفهوماً من الدين ليشمل الدنيا أيضاً عقيدة وشريعة, فهو إذن عبادة ومعاملة.


في حين أن المفهوم اللغوي للسياسة يعني: الترويض والتدريب على وضع معين, والتربية والتوجيه وإصدار الأمر, وكذلك الإشراف على الشيء والإهتمام به والقيام عليه. أما المعنى الإصطلاحي للسياسة فهو يختلف أختلافاً كبيراً من فكر لآخر تبعاً للعقيدة والمبدأ والنظرية التي يستند إليها, لذلك أطلقت للسياسة تعاريف عديدة, إلا أن مايعنينا هنا هو المفهوم الديني للسياسة.


فالحقيقة, أن كل عمل يتعلق برعاية الأمة وتدبير شؤونها الإقتصادية والثقافية والإجتماعية, وكذلك إدارة الدولة والعلاقات الخارجية أو نشاط الأفراد والدفاع عن الأمة والعقيدة كل ذلك يدخل في مفهوم السياسة.


إذن هذا هو المعنى العام للعنوان الوارد في المقال. أما عن المعنى الخاص له, فهو مايتعلق بالبعد الطائفي للخطاب السياسي والرابط العقائدي الذي يحكم ذلك الخطاب.


فعلى سبيل المثال, نجد أن "مبدأ المسلم أخو المسلم" هو واحد من المباديء التي يقوم عليها الدين الإسلامي بغض النظر عن كون هذا المسلم متفق في الرأي مع أخيه المسلم الآخر أم لا ! والسبب ؟ هو أن هذا الإتفاق أو الإختلاف إذا كان مصدره علماً, فهو لا شك من أنه مرحب به. وبالتالي, تعد ظاهرة ديمقراطية صحية في المجتمع لإستنادهم الى الدليل.


أما في حالة الإختلاف الذي يفتقد الدليل, والذي يمليه التعصب والهوى والعقيدة. فينبغي علينا أن نعلم أننا بشراً قد نخطيء ونصيب. وهذا التعامل يوجب علينا أن نحمل الآخر على خيره وشره طالما كان مسلما ينطق بالشهادة. والسبب في ذلك ! هو المبدأ القاضي بأن المسلم أخو المسلم !


وهو مايحملنا بالتالي على حفظ غيبة المسلم وحظوره وكذلك ستر عورته والإشارة عليه بالرأي الناصح وتسديده وإرشاده, بدل لعنه وسبابه وربما قتله.


نعم, هذا هو المنطلق النظري للإسلام, أما عن تطبيقاته من قبل المسلمين ؟ فمع الأسف أقول !
تصوروا !!! أن أحد خطباء المساجد هنا, وهو على منبر الرسول الكريم وفي خطبة يوم الجمعة المصادف 24.08.2013, أخذ يسب ويلعن حكاماً من بلاد المسلمين. بل وأكثر من ذلك, أخذ يجاهر في إتجاهه السياسي, ثم أخذ ينذر المصلين بمن لايعجبه ذلك الخطاب فليترك المسجد ولايعد إليه ثانية ! ناسياً أم جاهلاً أمر أن المساجد لله وحده وليست ملكاً أو حكراً على أحد ! وأنه إمام للمصلين وعليه أن لايتلفظ البذيء والسوء من الكلمات, وأن لايسب أويشتم أحداً فكيف وهو على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ! يا أخي أتق الله بمن تؤم من المسلمين, وتذكر قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ”ليسَ المؤمِن بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء ". فأنت لاتملك إلا أن تذكر فقط عسى أن تنفع الذكرى.


فالإنسان المسلم والذي ينطلق من لواء لا إله إلا الله, هو الذي يفترض به أن يكون مسلماً واعياً, ويؤمن بمبدأ أن "المسلم أخو المسلم", دمه من دمه, وعرضه من عرضه, وكرامته من كرامته. سواء إتفق معه بالرأي أم خالفه. فلكل منهما رأيه وقد يخطيء أو يصيب.


لكن ذلك لايعني تكفيره ولعنه أوقتله. "ولاتقولن لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا", فإذا جائكم من يقول "أشهد أن لا إله إلا الله" فقد حقن دمه وماله وعرضه ! هذا هو الإسلام. أما عن التفاصيل فاتركها له تلك علاقته مع ربه وهو بالتالي من يتحمل وحده مسؤوليتها, ولاشأن لك بها.


تلك هي رابطة العقيدة التي تأتي في الإسلام من بعد رابطة الإنسانية والتي يرتب الشارع عليها إلتزاماته ! ماهي هذه الإلتزامات ؟ أولها "المسلم أخو المسلم", يتكافأ دمه وماله وعرضه. لذلك مايشدني حقيقة من بعد الرابط الإنساني هو رابط العقيدة, فالإسلام لم يدقق بها كثيراً ! لماذا ؟ لأن الإسلام دين عملي, جاء ليقول لك " لا إكراه في الدين".


وهنا يتسائل المرء عما يجري اليوم في بلاد المسلمين في العراق, سوريا, مصر وليبيا من إنحراف لمنطوق الحق ومدلوله, ونذّكر بأن الله سبحانه قد يسر لنا ألواناً وخصوصيات لنكون فيها أنموذجاً يحتذى به في المحبة والعفو والتسامح والتعايش فيما بيننا طبقاً لذلك المبدأ "المسلم أخو المسلم". فلا تجعلوا ورثة كسرى ومغول العصر وسواساً في الصدر على أبناء جلدتكم . "فوالله آيس آيس من رحمة الله من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة" ( صدق رسول الله ) .


لذلك ينبغي على كل من لديه الغيرة على أمته ووطنه الدعوة لتصحيح المسارات والطرق, وعلينا أن نعي لحقيقة أن طريقنا واحد ومنبعنا واحد. والأنا التي يأخذ بها كل منا يجب أن لاتغير من وحدة المنبع الواحد

 

 





الاحد ١٨ شــوال ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أب / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور علي خليل أسماعيل الحديثي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة