شبكة ذي قار
عـاجـل










مناطق التقابل الحضاري العراق خاصة والوطن العربي عامة أهمها باعتبارها مركز العالم القديم و سرّة العالم حاليا .. مثلت قديما مركز صياغة القيم التي تحدد الفعل الإنساني المتطلع للخلود بجانبيه ، المعنوي متمثلا في علاقة الفرد بالزمان من ناحية ومن ناحية أخري جانبه المادي في إسعاد الإنسان بما يحدده من علاقة بالمكان كمفردات غير ثابتة .. بما يخلق التوازن في الذات البشرية بين ما هو مرئي محسوس ومتعامل معه وبين ما هو متخيل كمطلق قائم في داخل هذه الذات البشرية التي تعمل علي بلوغه حد التطابق ، وهي لم تتخلص بعد من المحسوس المهيمن عليها. و إذا كان الإسلام قد قدم في ذلك حلولا قطعية من خلال جعل حاضر الإنسان النقطة المظلمة وحدها وكل ما عداها مضي باعتبار أن حاضر الإنسان مكان التجربة والامتحان والهوة السحيقة التي لا تجتاز إلا علي جسر الجهاد والتقوى ــ أي العمل و محاسبة الذات ــ بما يجعله غير مطمئن إلي قيمة أعماله قصد بلوغ التطابق مع ما هو معنوي مطلق و ثابت.. مؤشرا بذلك الحكمة الثابتة في فهم الحياة ومحددا الأداة و الطريق المؤدية لتحقيق معادلة التوازن في الذات البشرية ، الذات التي تخضع لتأثيرات مادية طاغية كلما اطمأنت إلي إشباع حاجاتها الحياتية في صيغها المباشرة . حالة عاشتها الأمة العربية الإسلامية عند بلوغها مرحلة العطاء الحضاري ، ومثّلت منطلقا بائنا للردة عن معاني الرسالة التي خصها الله بها دون غيرها من الأمم ، ارتداد جعلها هدفا لتنامي النفوذ الأجنبي لتدفع ضريبته قرونا من التخلف والضياع المادي والمعنوي ، ارتداد تعيشه حاليا برؤية مغايرة ونتيجة حالة مختلفة ، يتأكد في جانبين :


• الأول = استعادة العرب لثوابت الرسالة الخالدة فعلا و سلوكا بائنا بما مثلته تجربة الحكم الوطني في العراق بين تموزـ جويلية 1968 و نيسان ـ أفريل 2003 ، بما جعل الأمة العربية محل استهداف مركب و متعدد الرؤوس و المقاصد اعتراضا علي التجربة في جانب و قطعا للطريق أمام تحولها الي حالة جامعة بمفهوم المثال المرجع الذي يحتكم اليه الضمير الوطني العربي من الحيط الطلسي غربا و حتي الخليج العربي شرقا .


• الثاني = تفعيل ذات الثوابت بصيغة منحرفة فعلا ميدانيا و مرتدة رؤية و خطابا بما يجعل سيف العقيدة نصل تقسيم و تشضية بديلا عن قيمه الصافية في كونه عامل توحيد و عزة و كرامة و تكريم .


جانبان بما فيهما من تقابل يفرضان علي الأمة العربية الآن و طبقا لمقتضيات العصر أن لا تهرب من قدرها في أن تكون مركز إعادة صياغة ذات القيم في جوانبها المثالية الروحية عامة و في نتائجها الميدانية كما تؤكده المقاومة العراقية الباسلة بشكليها المسلح القتالي طيلة عشر سنوات في جانب و في الجانب الثاني من خلال شكلها السلمي القائم حاليا و الذي تجاوز منتصف شهره السابع .المقاومة التي تبقي راية الأمة الأساس في خروجها من أزمتها المركبة دون أن ينقص ذالك من أهمية الرايات المرفوعة في أكثر من ساحة و ما تتوشح به من شعارات الكرامة و العزة ، لا لشئ الا لكون راية التحرير تبقي الأولي و الجامعة لكل القيم .



d.smiri@hotmail.fr

 

 

 





الخميس ٢ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغــــرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة