شبكة ذي قار
عـاجـل










قليل هم الرجال الحقيقيون عند المصائب والمصاعب، وكلما زادت حدة المجابهة وزادت شراستها كلما قل أولئك الرجال الحقيقون الذين يعنون مايقولون ويؤمنون بما يفعلون، أولئك الذين يقول عنهم الحق جل وعلا في كتابه العزيز" ... رجالُ صَدقوا ماعاهدوا اللهَ عليه. فمنهم من قضى نحبَه ومنهم من ينتظرْ، ومابدلوا تبديلا" الأحزاب- 23. 

 

وكان في صحابة الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صفوة من الرجال هم من نزلت في حقهم تلك الآية الكريمة. وكان أولئك الرجال هم خط الدفاع الأخير عن الرسول ورسالته عندما تشتد الخطوب وتتدافع الأعداء وتبرق السيوف. وكانوا ( رضي الله عنهم ) أشد الناس حباً لشخصه الكريم وأكثر الناس استعداداً للتضحية والأستشهاد بين يديه، وكانوا ( رضي الله عنهم ) كثير نعرف معظمهم بالأسماء ونعرف آخرين بالأفعال ونجهل الكثير ممن أستشهدوا حتى يبلغ الدين ورسالته الخالدة ما بلغا من علوٍ وأنتشار وتأثير. ولأن الله العزيز الحكيم يقول- وقوله الحق والصدق- "لأغلبنَ أنا ورسلي" المجادلة-21، فقد كان أولئك الرجال الحقيقيون هم أداة الغلبة الآلهية للأسلام ووسيلة أنتشاره.

 

وكما كان لمحمد عليه الصلاة والسلام رجال، كان لعيسى عليه الصلاة والسلام رجال مخلصون هم حواريوه، وكذلك كان لموسى وغيره من أنبياء الله عليهم السلام. يقول تعالى:" وكأيٍ منْ نبيٍ قاتلَ معهُ ربيّونَ كثيرونَ فما وهنوا لما أصابهم وما ضَعفوا وما أستكانوا واللهُ يحب الصابرين" آل عمران-146. وبأولئك الرجال سادت ديانة التوحيد وأستمرت شعلتها تضيء وتتناقلها الأيدي والعقول من جيل إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ) حتى يومنا الحاضر. ولكن أنقضاء جيل العمالقة من صحابة رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعل الناس ينظرون إليهم كنماذج لن تتكرر وكقامات عالية لا يمكن الوصول إليها.

 

وعلى مستوى أدنى كثيراً من مستوى الرسل، كان هناك في التاريخ قادة حقيقيون وضعوا بصمتهم على مسيرة البشرية، وأثّروا في أجيال ممن عاصرتهم وأجيال أُخر بعدهم. وبدون الدخول في كثير من التفاصيل والأمثلة فقد كان للبعض منهم تأثير ايجابي ولكثير منهم تأثير معاكس. ولأن الرجال الذين عاصروا الرسل وناصروهم وأستشهدوا بين أيديهم أو من أجل رسالاتهم هم رجال لايحملون أية صفة رسالية وإنما يحملون صفات بشرية تظهر عندما تَدْلَهم السماء ويختفي النور ويكون نور القلب والمباديء هو الدليل الوحيد على طريق الصواب، لذا هم قلة من البشر لا يحكمهم ضابط ولا يمكن تصنيفهم مسبقاً ولا التنبؤ بخطواتهم المستقبلية فهم يحملون صفات قد يحملها أي منّا ولكنها صفات ظهرت في وقتها المناسب واعطت تأثيرها المطلوب.

 

سقنا هذه المقدمة لكي ندخل في موضوعنا دون أن نضطر بين الحين والآخر على التأكيد على أننا أنما نتمثل التراث ونتلمس بأيدينا سمو قممه العالية دون أن نمس بقدسية الرسل أو أن نحط من مكانتهم العالية التي رسمها لهم رب العزة، ودون أن نحاول مقارنة شخصية بأخرى، وإنما موقف بآخر يماثله أو يذكّر به.

 

وفي هذا السياق، لا ينكر أحد أن القائد الشهيد بأذن الله صدام حسين كان واحداً من أولئك القادة الذين وضعوا بصمتهم على مسيرة الأمة العربية والأسلامية وترك لنا ولأجيال ستأتي من بعدنا إرثاَ نضالياً ثراً تكون عبر معاناة نضالية وجهاد أبتدأ منذ بلغ الفتى صدّام حسين مبلغ الأدراك الواعي ولم ينته حتى حين أعتلى القائد الشجاع منصة الأعدام ليواجه لحظة استشهاده بصمود الأبطال وبأيمان الصحابة بحتمية الأنتصار، مبتهجاً واثقاً متماسكاً لم يهتز ولم يتأثرلا بجلال اللحظة ورهبتها ولا بتفاهة الحاضرين وسوقيتهم. كان صدّام حسين الذي عرفه المناضلون، وعرفه العراقيون وعرفه كل الذين عاصروه قامة عربية شامخة منتصبة تسخر من المصاعب ولا تنحني إلا لبارئها. فصدّام حسين وحتى بعد رحيله الجسدي عن هذه الدنيا مازال شخصية مؤثرة ونموذجاً رائداً ولآجيال قادمة.

 

ومثلما كان صدّام حسين كان رفاقه ورجاله. فرجال القائد سواءً الذين أستشهدوا او وقعوا في الأسر أو الذين مازالوا طلقاء، كانوا كلهم رجالاً تحملوا المسؤولية التاريخية بشرف وذادوا عنها وعن مبادئهم بشجاعة قل نظيرها، وبصمود سيتكلم عنه التاريخ حين يسنح الوقت وتزول السطوة الأمريكية المطلقة على وسائل الاعلام التي ماتنفك تدعي الحيادية وتلتزم ظاهرياً بمنطق الحقيقة.

 

لقد رفض كل رجال القائد المساومات الرخيصة على مبادئهم كما رفضها قبلهم صدام حسين، ورفضوا كل العروض الأمريكية التافهة مقابل "حريتهم" كما فعلها قبلهم صدام حسين وكان كل منهم نخلة عراقية شامخة لم تهزها الريح ولم تثنها العواصف. فعاشوا أحراراً واستشهد من أستشهد منهم حراً عالي الرأس منتصب القامة.

 

وهاهو الشهيد سبعاوي إبراهيم الحسن يسجل أسمه اسماً آخر في سجل الشهداء الخالدين بعد أن رفض كل مساوماتهم وتحمل بسبب الرفض هذا كل صنوف التعذيب النفسي والجسدي، وتُرك يعاني مرضه الخبيث دون رعاية صحية مناسبة، وهذا الأهمال بحد ذاته هو تنفيذ لحكم إعدام ولكن بوسيلة بطيئة وخبيثة تخلو من أي معنى من معاني الأنسانية وتدل على وحشية المتسلطين على رقاب الناس ومقادير الحكم في بغداد.

 

ومن الغريب أن نرى هذا الصمت المريب من قبل المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الأنسان وتحقيق العدالة عن كل الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام الطائفي المقيت في السجون والمعتقلات التي تضج بالأبرياء وباصحاب المواقف الشريفة والمبادئ الأنسانية، من لتعذيب ممنهج ولحد الموت تمارسه عصابات سادية ترتدي لباس وزارة الداخلية وتظللها مباركة "الجهات العليا" فيما يسمى  بدولة القانون. لقد أدت هذه الممارسات اللاإنسانية الى استشهاد الكثير ممن المعتقلين-خصوصاً كبار السن منهم- كما ادت الى اصابة الكثير منهم بأمراض أو عاهات مزمنة يتحمل وزرها القائمون على أمر تلك السجون والمعتقلات واسيادهم في المنطقة الخضراء، كما يتحمل الوزر الأكبر فيها شيطانهم الكبير الذين يأمرهم فيطيعون.

 

اللهم ندعوك وهذا شهرك الكريم أن تفرج عن الأبرياء همهم وتفك اسرهم وتقصم ظهور من ظلمهم، أنك سميع عليم ...  

 

 

الأول من رمضان ١٤٣٤

 

 





الاربعاء ١ رمضــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / تمــوز / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أمير البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة