شبكة ذي قار
عـاجـل










في كل مرة تثار قضية قانونية أو دستورية، متعلقة بآليات عمل وصلاحيات المؤسسات الدستورية، أو بملفات قضائية، تتعرض هذه القضايا لإسقاطات سياسية، بحيث ينشد النقاش حولها إلى خارج الإطار الدستوري والقانوني، وتتحول هذه القضايا إلى مادة سياسية سجالية، وكثيراً ما ادت هذه السجالات السياسية إلى التباسات حول المسائل المثارة وبما يجعل الرأي العام يقع تحت تأثير الضخ السياسي المتناقض الذي يولد ضبابية ويشوش الموقف من هذه القضايا التي يفترض أن تكون خارج الإسقاطات السياسية، خاصة إذا ما كان النص على درجة من الوضوح بحيث لا يعود مجالاً للاجتهاد، عملاً بالقاعدة القانونية، أن لا اجتهاد في موضع النص.


والمسألة الأخيرة التي يدور النقاش حولها، هي وضع المجلس النيابي في ظل الحكومة المستقيلة فالمجلس النيابي كسلطة اشتراعية يجتمع حكماً في دورتين عاديتين كما جاء في نص المادة (32) من الدستور. والمادة (33) منه حددت الالية التي يلتئم بها عقد المجلس النيابي في دورات استثنائية بحيث يحق لرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النواب الى عقود استثنائية بمرسوم يحدد افتتاحها واختتامها وبرنامجها، وعلى رئيس الجمهورية، دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية النيابية.


يتبين من هذا النص، أن مرسوم الدعوة لعقد دورة استثنائية يتطلب أن يحدد المرسوم المدة والمواضيع التي يجب إدراجها على جدول أعمالها، أما في الدورة العادية التي تعقد حكماً فإن المجلس سيد نفسه في إدراج المواضيع على جدول أعمال سواء المحالة إليه بمشاريع قوانين أو باقتراحات قوانين مع استثناء لدورة تشرين التي تخصص جلساتها للبحث بالموازنة قبل كل عمل آخر. واذا لم ينته المجلس من مناقشة الموازنة وإقرارها، تفتح دورة استثنائية عملاً بنص المادة (33).


هذا الوضوح في النص لا يترك أي التباس حول دستورية عقد المجلس لدوراته العادية والاستثنائية، لكن الالتباس يدور حول ما ورد في نص المادة 69/ الفقرة (3) حيث تنص هذه الفقرة عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة.


هذه المادة كانت من ضمن التعديلات الدستوري التي وردت في وثيقة الطائف والتي تحولت إلى وثيقة دستورية بعد إقرارها أصولاً.
والتساؤل، هل يحق للمجلس عند اعتباره منعقداً في دورة استثنائية سنداً للفقرة (3) من المادة 69، أن يشرع في قضايا عادية، أم أن مهمته خلال هذه الدورة تقتصر على انتظار الحكومة إحالة بيانها الوزاري لإعطائها الثقة على أساسه أو حجبها؟


إن بعضاً يقول، أنه لا يحق للمجلس التشريع، وبعضاً أخراً يقول أنه يحق له التشريع، ونحن من جانبنا، نرى أنه له حق التشريع للمبررين التاليين.


الأول: ان انعقاده هو حكمي عملاً بالنص الدستوري، وهذا يرتقي في قوته الدستورية إلى مستوى العقد الحكمي في دورتي الخريف والربيع والتشريع مباح وشامل خاصة في دورة الربيع دون أولويات كما في دورة الخريف.


الثاني: أنه وأن اعتبر منعقداً في دورة استثنائية، حتى تأليف الحكومة ونيلها الثقة. فإن هذه الدورة محددة بتاريخ بدئها وتاريخ نهايتها، إلا أنها ليست محددة بمواضيعها. وبالتالي عملاً بالقاعدة الشرعية التي تأخذ بقاعدة الإباحة في الأعمال، فإن المجلس يمكنه التشريع في المواضيع المدرجة أو التي ستدرج على جدول أعماله، حتى تاريخ إحالة البيان الوزاري، بحيث يتفرغ حينذاك لمناقشة البيان الوزاري وتحديد موقفه منه سلباً أو إيجاباً.


من هنا، فإنه ليس ما يمنع المجلس من التشريع في دورة الانعقاد التي نصت عليها الفقرة (3) من المادة 69 من الدستور، نظراً لتوفر شروط الانعقاد الحكمي، ولأن الاستثنائية قائمة كون المجلس ينعقد خارج العقدين العاديين وليس كما نصت عليه المادة (33).


أما الذين يرون أن لا صلاحية للمجلس بالتشريع في هذه الدورة، فإنما يعكسون وجهة نظر سياسية من مسألة دستورية، وبالتالي لا يجوز أن تبقى القضايا الدستورية الخاصة الشديد الوضوح في أحكامها تحت تأثير الإسقاطات السياسية والتي تؤدي إلى تشويش الراي العام، وتضيف عوامل إرباك جديدة إلى ما هو قائم.

 

 





الجمعة ١٩ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة