شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا كانت عظمة الشهادة تكمن في صيرورة أبطالها، أحياءاً عند ربهم يرزقون.


فإن الأسرى والمعتقلين في سبيل القضايا التحررية الكبرى، هم أيضاً شهداء أحياء تخطُّوا في عطاءاتهم كل حدود البطولة والفداء، ليرتقوا إلى "الأكرم منا جميعاً"، الذين نذروا أنفسهم للرسالة الخالدة ليتماهوا بها، شهداء أو مشروع شهادة، وما بدَّلوا تبديلا.

 

طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور، يجسدان هذه الأمثولة اليوم، وهما يواجهان أقسى ظروف الاعتقال والتعذيب الجسدي والنفسي على أيدي عملاء الاحتلالين الأميركي – الفارسي الصفوي في سجون العراق، ويشكلاِّن في محنتهما وصلابة شخصيتهما نموذجاً موحداً مشرِّفاً لكل أسرى ومعتقلي البعث والقوى الوطنية والقومية والإسلامية، الذين يتعدى عديدهم عشرات الآلاف، ومن العسير التحدث عن كل تجربة بمفردها، رغم أن تجارب الجميع محفورة اليوم في ذاكرة كل عراقي وعراقية، وكلها أسفار خالدة من التضحيات والصمود الإعجازي ستسطرها المجلدات وكتب التراجم والسير التي تحكي عن العراق، ومستقبل العراق المشرق، المحرَّر بزنود وسواعد أحراره وماجداته تحت راية "الله أكبر" التي خطها الشهيد صدام حسين بدمائه الذكية على علم العراق، ليبقى هذا العلم مرفرفاً في سماء العراق وكل جنباته، شمالاً وسطاً وجنوباً، حراً مستقلاً عزيزاً كريماً على كل أبناء العراق والعروبة على مختلف مكوناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم الوطنية والقومية والإسلامية.


وإذا كان الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، القائد الرئيس صدام حسين، قد تحسب دائماً لكل قساوة الظروف والضغوط النفسية والجسدية التي قد يتعرض لها المناضلون، فقال في إحدى وصاياه:


"إذا خذلتك المبادئ، حاول أن لا تخونك قيم الرجولة"

 

فإن ما يعزز ثقة البعثيين بأنفسهم، ان أسراهم ومعتقليهم تمسكوا بقيم الرجولة، ولم يتخلوا عن المبادئ التي تربو وشبّو وشابوا عليها، مجسدين الوفاء بكل معانيه ليكفيهم فخراً أن أسيراً أو معتقلاً واحداً، من أصغر حلقات المسؤوليات الحزبية إلى أكبرها، لم يتمكن الاحتلال أو عملاؤه حتى من انتزاع أي تنصل منهم بحزبهم أو قيادتهم ورئيسهم الشرعي أو الشهادة ضدهم رغم كل ما هي معرضة حياتهم للخطر وعوائلهم للتشرد والتعذيب، وإذا كان هذا الواقع المشرف ينطبق على المناضلين طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور، فإنه يسحب نفسه بالتأكيد على كل أسير ومعتقل، لسانه لسان حال عبد الغني عبد الغفور وهو يهتف "بروحي أفدي العراق وأمة العرب"، لحظة تلاوة حكم الإعدام الجائر عليه، مستكملاً هتافه:


يسقط الاحتلال الفارسي، يسقط الاحتلال الأميركي، يسقط العملاء، النصر والجهاد والتحرير والله أكبر،


مشيداً برئيسه ورفيقه صدام حسين، شأنه شأن طارق عزيز الذي لم يكتف بالرفض أن يشهد ضد "رفيق عمره" صدام حسين، وإنما شكلت شهادته أمام ما يسمى بالمحكمة الجنائية العليا صفعة لكل من حاول استغلال وضعه الصحي المتردي لبث الضعف والخوف لديه عندما أعاد تكرار ما هو مكرر ومعروف في مواقفه قائلاً:


"لم ولن أتبرأ من النظام السابق ومن القرارات التي اتخذها، بل يشرفني أن أعمل معه، ومع البطل صدام حسين، بطل وحدة العراق وسيادته".


طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور، بالرغم من كل ما يعانيه الاثنان، وكثر غيرهم، من أمراض مزمنة وخطيرة، وحياتهم معرضة لخطر الموت في أية لحظة،


كان يكفيهم لحظة تخلٍّ عن مبادئهم وقيم الرجولة فيهم، لينطقوا بغير الحق، و "ينفذوا بجلدهم" كما يريد العملاء،


غير أن من يفهم الحياة لا يراها إلا في وقفات البطولة والفداء على خطى الشهيد الحسين عليه السلام، والحرية ليست في انفكاك القيود وإنما هي (كالنفس حيث جعلتها فأبلغ إذا شئت السحابا)، فكم من أحرار والقيود في أيديهم والأصفاد في أرجلهم، وكم طلقاء عبيد في دواخلهم عاجزون حتى عن نطق كلمة الحق.


طارق عزيز، عبد الغني عبد الغفور، سبعاوي إبراهيم الحسن، أحمد سعدات ومروان البرغوتي وغيرهم المئات والآلاف من معتقلي الحرية والرأي، في فلسطين والعراق.


مناضلون ثوريون، مثقفون، جريمتهم حب الوطن والحرية والاستقلال ومقارعة الإمبريالي الأميركي والمغتصب الصهيوني، وان رفع الظلم عنهم والتضامن معهم هو مسؤولية الأحرار والشرفاء وكافة المؤسسات الحقوقية والدستورية والإنسانية في هذا العالم.


فكيف بأبناء الوطن الذي يبحث عن كرامة مفقودة، والأمة التي تصارع من أجل استعادة حرية مسلوبة.

 

 





الثلاثاء ١١ رجــب ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / أيــار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة