شبكة ذي قار
عـاجـل










 منذ الامس تضاربت الأنباء حول إيران، وما يجري فيها وحولها من زلازل، واختلفت التقييمات حول حصيلة ضحايا الزلزال الأخير الذي أُعتُبر الأعنف منذ نحو نصف قرن.  تناقلت وكالات الانباء ضرب الزلزال جنوب شرقي البلاد على الحدود مع باكستان، وقيل القليل عن حقيقة أعداد القتلى والجرحى، قيل عن مقتل 34 شخصاً فقط هناك ، فيما اهتزت بعد الزلزالين المتعاقبين في غضون الاسبوع الارتدادات السياسية والتحليلات في عموم دول الخليج العربي وباكستان والهند، وسكتت حكومة العراق موقفا إستثنائيا تماما  بالصمت وتجاهل الحدث الطبيعي وارتداداته السياسية.

 

واذا اكتفت إسلام آباد بالاعتراف بأن الزلزال أدى إلى مقتل 34 شخصاً على الأقل؛ بينما كانت  التقارير الحكومية تشير الى تدمير نحو ألف منزل في إقليم بلوشستان جنوب غربي باكستان.  وفي سائر بلدان المنطقة شعر الناس بالزلزال في مدن كثيرة في باكستان والهند ودولة الإمارات العربية والسعودية والبحرين والكويت وقطر، حيث اهتزت مبانٍ عديدة، وهرع السكان والموظفون إلى الشوارع.

 

 لم يعرف بالضبط موقع الزلزال ومركزه، إلا ان هيئة المساحة الجيولوجية في المملكة العربية السعودية، حددت بلسان طارق أبو الخيل، إن وقوع الهزة ألأرضية والتحسس فيها في مدن المملكة العربية السعودية الشرقية كان واضحا، إلا أنه لم ترصد أية خسائر هناك حتى الآن. وقال أبو الخيل لـصحيفة " الحياة" إن:  [... موقع الزلزال يبعد عن أقرب جزء من المنطقة الشرقية السعودية بنحو 1260 كيلومتراً]. وأوضح متابعا: [... أن الهيئة تابعت ارتجاجات الزلزال، التي استمرت ثوان على كل مدن المنطقة الشرقية].

 

 وأوضح رئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض، المشرف على مركز الدراسات الزلزالية، عبد الله العمري: [...  أن الزلزال نتج من تصادم الصفيحة اليوراسية والصفيحة الهندرية، في منطقة جبال الهملايا، على بعد نحو 600 كلم عن مسقط]. وأشار العمري إلى: [ أن الهزات التي شعرت بها دول الخليج كانت إرتدادية، وأخذت قوتها من الزلزال الذي بلغ عمقه نحو 50 كلم في باطن الأرض]؛ في حين أعلنت مؤسسة المسح الجيولوجي في طهران: [... أن قوة الزلزال بلغت 7.5 درجة على مقياس ريشتر، مشيرة إلى انه ضرب مدينة سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان المحاذية لباكستان]. لكن المركز الجيوفيزيائي الأميركي قدّر أن قوة الزلزال بـحدود 7.8 درجة.

 

وهكذا تباينت التصريحات الايرانية حول درجة وطبيعة وموقع الزلزال، وتناقضت التصريحات الرسمية حوله؛ ففي الوقت الذي أعلن فيه حاكم سراوان محمد شريف خالقي عن جرح 27  شخصاً، وتدمير نحو 15 %في من مبانٍ مبنية بالطوب في المحافظة، قال المسؤول في هيئة الهلال الأحمر الإيراني مرتضى موراديبور: " أن السلطات توقّعت أضراراً ضخمة في المناطق السكنية؛ نظراً الى عنف الزلزال" ، مستدركاً أن الزلزال كان " على عمق 95 كيلو متراً، ومدى ضرره يساوي زلزالا قوته 4 درجات".

 

وهكذا أثارت الهزة الأرضية الاولى التي سجلت قوتها 6.3 درجات القلق، وأسفرت كما قيل عن مقتل حوالى 40  شخصاً في محافظة بو شهر جنوب غربي إيران، وزاد هذا القلق خصوصا عندما  تكرر وقوع الهزة الارضية الثانية في غضون أسبوع واحد فقط من وقوع الهزة الاولى. عاد علماء وخبراء الجيولوجيا يوضحون تفسيراتهم ونظرياتهم للوضع شارحين: [... ان الحزام الزلزالي تحت هذه المنطقة من الأحزمة النشطة؛ والتي سيكون لها توابعها الاهتزازية لاحقا؛ مما ينبغي معه اتخاذ الإجراءات الاحترازية].

http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=225231

 

لم يبق القلق من مخاوف تدمير الزلازل عند هذا الحدث؛ بل ان المخاوف ازدادت من احتمال حدوث تسرّب إشعاعي في محطة "بو شهر" النووية الايرانية الواقعة على ضفة الخليج العربي الشرقية وفي الواجهة الخليجية لجنوب العراق وسائر الدول الخليجية العربية في الخليج وفي الضفة الاخرى. لكن طهران وموسكو سارعتا إلى نفي تعرّض المحطة النووية في بو شهر لأية أضرار. وأكدت الشركة الروسية التي بنت المحطة وتتكفل بتشغيلها  في تصريح منسوب لاحد خبرائها: [... إنها لم تتأثر بالزلزال أمس،.... علماً ان مركز الهزة يبعد كثيراً عنها]، كما دافع مدير " المنظمة الايرانية للطاقة الذرية" فريدون عباسي دواني عن تدابير السلامة في المفاعل والمحطة النووية في "بو شهر" ، مؤكداً: [ تمتعها بأحدث الوسائل التي تحميها من الزلازل]. وتعليقا على ردود افعال جيرانه في دول الخليج ذهب  فريدون عباسي دواني الى التهكم على جيرانه العرب قائلا:  [...  ان وجود مفاعل "بو شهر"  قرب دول الخليج، يدفعها الی اقتناء أحدث أجهزة قياس التلوث]، مضيفاً: [... لولا مفاعل بو شهر، لما كان الخليجيون يتوجهون الی هذه العلوم]. ولم تفت الفرصة للمسؤول الايراني فريدون عباسي دواني من التصريح ليلفت النظر الى قدرات ايران النووية فأعلن في نفس التصريحات: [... أن بلاده قد تخصّب اليورانيوم بنسبة أكثر من 20 %، لاستخدامه في سفن وغواصات... الخ]. [ حسب صحيفة "الحياة" ، ووكالات أ ب، رويترز، أ ف ب وغيرها –

 

http://alhayat.com/Details/504080

 

 منذ حدوث زلزال تسونامي توهوكو 2011 ، وهو زلزال عنيف بلغ 8.9 على مقياس العزم الزلزالي ريتشرد ، قبالة سواحل شرق اليابان يوم11 مارس 2011  نجم عنه حدوث موجات تسونامي عنيفة وسريعة ومدمرة في المحيط الهادي، كانت بؤرة الزلزال تقع على بعد 373 كم شمال شرق العاصمة اليابانية طوكيو وعلى بعد 130 كيلو مترا من شرق مدينة سنداي . نجم عن الزلزال أكثر من ألف قتيل ومفقود، وتدمير مطار سنداي في اليابان، وتسجيل أعلى نسبة من الخسائر في الممتلكات، وتدمير للبنية التحتية في المحطات النفطية والمحطات النووية التي توقفت عن العمل، كما تم إغلاق محطات نووية قرب منطقة الزلزال في اليابان.  

 

يعد هذا الزلزال من أعنف الزلازل في تاريخ اليابان، منذ بدء توثيق سجلات الزلازل قبل 140 عاما.  يذكر أيضا انه سبق ذلك الزلزال بيومين زلزال هونشو في ذات الموقع تقريبا، وكان بقوة 7.9 على مقياس العزم الزلزالي ريتشرد. ادى الزلزال الى مقتل وفقدان وجرح اكثر من 15 الف ياباني، بالإضافة الى إنفجارات في  بعض المفاعلات النووية اليابانية، أدت الى تسرب بعض الاشعاعات النووية.

 

 وهكذا  بات القلق الانساني من الزلازل ومن تاثيراتها على مفاعلات الطاقة النووية مشروعا، ولم يعد الخوف من حدوث الزلازل فقط؛ بل من الخوف الناجم عن تسرب الاشعاع ومواده الى البيئة بعد كل زلزال أرضي يمكن ان يؤدي الى تدمير مفاعل نووي.

 

 http://www.youtube.com/watch?v=z81FUat7QF8

 

 صارت المخاطر عن أي  تسرب اشعاعي ناجم عن انفجار أو توقف في منظومات التبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي في أي مفاعل محتملة وقائمة في اية لحظة. وكما اكدته سوابق الحوادث النووية في تشرنوبيل وفوكوشيما سيكون الخطر مضاعفا و بلا حدود، ولا يعيق انتشار المواد المشعة، لا بعد المسافات أو تباعد القارات، ولا اتساع الأجواء فوق الكرة الارضية، شرقها وغربها.

 

ان جميع الناس المتواجدين ضمن منطقة زلزالية، أو أي منطقة تتعرض الى حالة زلزالية  لسبب أو آخر، ومنها احتمال حدوث  تجارب نووية باطنية ستكون حياتهم جحيما لا يطاق بسبب تداخل خراب الزلازل مع حدوث التلويث الاشعاعي الناجم عن تعطل المفاعلات النووية او دمارها أو انفجارها لسبب او لآخر .

 

من هنا لا بد من  الاستعانة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في دراسة أوضاع كل المفاعلات النووية العاملة في المنطقة؛ خاصة مفاعل ديمونة الاسرائيلي ومفاعل بو شهر الايراني والمفاعلات الهندية والباكستانية، وحتى تلك المفاعلات الجديدة، التي هي قيد التخطيط والدراسات، أو أنها في مراحل التنفيذ والإنشاء والانجاز في بلدان الكويت والإمارات العربية والسعودية والأردن،  لكي توضع كل الاحتمالات على بساط البحث، ووضع إجراءات تنفيذية ووقائية لطمأنة دول المنطقة وشعوبها باتخاذ  التدابير الوقائية التي تنصح بها الوكالة فى هذا الشأن، وإلزام الجميع بقوانين وإجراءات السلامة النووية عند بناء المفاعلات النووية.

 

اليوم الاربعاء 17 من أفريل/ نيسان 2013 ، سارعت صحيفة الوطن القطرية فى افتتاحيتها الى التعبيرعن قلقها من احتمالات حدوث تسرب نووي من مفاعل "بو شهر" الإيرانى، إثر الزلازل المتكررة التي اخذت تضرب ايران، ووصلت ارتداداتها الى كل بلدان المنطقة.

 

http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=225231

 

 

لم تعد التصريحات الإيرانية الرسمية وأقوال ممثلي الشركة الروسية العاملة هناك، حول  ضمانات وسلامة تدابير السلامة النووية في مفاعل بو شهر تقنع أحداً، في الوقت الذي اغلقت فيه إيران آذانها الصماء لأصوات جيرانها ونداءات المجتمع الدولي، ورفضها خضوع مفاعلاتها النووية للتفتيش والمراقبة الدورية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لذا فان القلق لدى بلدان الخليج العربي قد وصل ذروته هذه الأيام.

 

وحسبما أفادت به وكالة الانباء القطرية أيضا :  ان هذه المخاوف تستند إلى حقائق هامة؛ لا ينبغي إغفالها، مؤكدة:  أهمية دعوة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحثها على زيارة هذا المفاعل، والتأكد من  ظروف  تشغيله وسلامته .

 

ان الدول الخليجية العربية، وهي تعيش قلقا واضحا تعكسه ردود افعالها إزاء ما يجري في محيطها السياسي والزلزالي، ونظرا لجهل البعض بالعواقب الحقيقية الناجمة عن أية أخطار زلزالية، وما سينجم عنها من أحداث، كتعطل أو دمار أو انفجار أي مفاعل في المنطقة و بجوارها، فإن بعضها تلجأ هذه الأيام الى الدعاية الساذجة والفارغة، كما هو الحال مع الكويت التي تحدث مسؤولوها الحكوميون عن إستعداداتهم لمواجهة الاخطار الإشعاعية المحتملة، دون تحميل الطرف الايراني مسؤولية العبث بمصير المنطقة، من خلال إندفاعه وتهوره في تنفيذ مشاريعه النووية، وأخطرها محاولات تشغيل مفاعل بوشهر المقابل لأراضيها رغم حالات اعطاله وتجاوزه العمر الافتراضي للتشغيل.

 

 وهكذا نفت مصادر وزارية كويتية، وصفت أنها رفيعة المستوى، ما يتردد عن حدوث تسرب اشعاعي في مفاعل بو شهر الإيراني، مؤكدة أن الشفافية مطلوبة في مثل هذه الحالات. وفي تصريح منسوب للحكومة الكويتية أيضا – طبقا لصحيفة "الأنباء" الكويتية:  [إن الحكومة لديها استعدادات كاملة لمواجهة أي تسرب اشعاعي، والتعامل معه، وهناك لجان وطنية وأمنية وفرق التدخل السريع للتعامل مع مثل هذه الحالات.]. وأدعت الحكومة الكويتية أيضا:  [ أنه تم توفير الخبراء والمختصين الذين يشرفون على تدابير الجهات المختصة بالدولة، إلى جانب أن الحكومة منذ سنوات اتخذت الاحتياطات الكفيلة، واستوردت أجهزة الاستشعار عن بعد للكشف المبكر عن أية إشعاعات نووية].

 

تناقض تلك التصريحات واقعا معاشا ومتواصلا معروفا في المنطقة ومنذ قرابة 22  سنة عندما سكتت المصالح الكويتية، من وزارة الصحة الى الهيئة العامة للبيئة، عن أخطار الاشعاع الناجم عن التلوث البيئي والإشعاعي الواسع في جنوب العراق، وفي الكويت خاصة، وفي مناطق واسعة من شمال الجزيرة العربية؛ بفعل انتشار آلاف الأطنان من المواد النووية الخطرة، ومنها كميات كبيرة من أعتدة اليورانيوم المنضب في الأراضي العراقية والكويتية، كنتاج تدميري شامل عن عمليات قصف القوات الامريكية وحلفائها للقوات العراقية داخل الاراضي الكويتية، وتابعت قوات التحالف الثلاثيني عمليات القصف للأراضي والمدن العراقية بأعتدة تضمنت في مكوناتها اليورانيوم المنضب،  وتلك الاسلحة التي تحمل مكونات ذات نشاط اشعاعي عال، وكذلك تعرضت الكويت الى انفجار مخزونات اعتدة اليورانيوم المنضب في حادثة معسكر الدوحة في الكويت في تسعينيات القرن الماضي، وما تبعها أيضا من عمليات قصف عند الغزو الأمريكي للأراضي العراقية 2003، حيث كانت الأراضي الكويتية مخزنا للمواد والأعتدة المشعة لعدة سنوات استعدادا لغزو العراق وحتى بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الماضي.

 

إن كميات ضخمة من اليورانيوم المنضب التي تم استعمالها في المعارك ضد القوات العراقية، والتي تتراوح بين 300 – 800 طن هي الآن متناثرة في أنحاء مختلفة من تراب وأجواء ومياه الكويت ومعظم مناطق جنوب العراق. وإذا كانت البصرة هي الجزء الصادم بالنسبة للقوات متعددة الجنسيات في عامي 1991 و 2003، مما خلف هناك مقابر واسعة للدبابات والآليات العراقية المدمرة، وهي ملوثة بالإشعاعات الخطرة ومتروكة في العراء تجتاحها العواصف الرملية طوال اشهر السنة. ولا زالت تلك المقابر الحديدية باقية الى اليوم في جنوب العراق وشمال الكويت وتحوي الكثير من السكراب والخردة المشعة، وهي تشكل خطورة داهمة على البيئة والإنسان من دون ان تتخذ أي من الجهات العراقية او الكويتية أو الأمريكية اجراءات فاعلة لمعالجتها.

 

ظلت الكويت تخفي دوما المعلومات التي تبين أضرار اليورانيوم على صحة الإنسان؛ فوزارة الصحة الكويتية ذكرت مرارا أن أسلحة وأعتدة اليوارنيوم المنضب التي استخدمت في الحرب على العراق، لم يكن لها من أثر مضر على الإنسان أو البيئة. ورغم  أن حجم التلوث الإشعاعي الذي تعرض له العراق والكويت يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما ونياغازاكي، وإذا ما أضفنا حجم وزن المقذوفات التقليدية التي ألقيت على القوات العراقية المنسحبة في طريق الموت بين مدينة الكويت وخطوط الحدود شمال الكويت، وماى القي على العراق خلال عدوان 1991 من اعتدة مقدرة بحوالي  (141921) طنا ( تعادل في تأثيراتها 7 قنابل ذرية من عيار قنبلة هيروشيما)، حسب  بعض الحسابات التي قدرها الخبراء النوويون. فلنتصور إذن حجم الدمار الهائل الذي تعرض له العراق ، والذي ليس له مثيل في تاريخ الحروب إلا في حرب احتلاله وغزوه ربيع عام 2003 .. هذا مع العلم بأن حجم أسلحة اليورانيوم المنضب التي استخدمتها القوات الأمريكية في حرب البلقان عام 1999 لا يزيد عن (13) ألف إطلاقة يورانيوم، حسب تقديرات معظم المصادر الغربية، والتي سببت حصول إصابات سرطانية كثيرة بين جنود حلف الأطلسي الذين استخدموا تلك الأسلحة.

 

ان الحجم الهائل والمكثف لأسلحة اليورانيوم الإشعاعية المحرمة دوليا، ومن مختلف الأنواع والعيارات التي استخدمت بوحشية مفرطة ضد الأهداف المدنية والعسكرية العراقية تسمح بتقدير مجموع وزن اليورانيوم المنضب الذي ألقي على العراق بين (350 ـ 450 ) طنا، وتقدر مصادر أمريكية متعددة، ومنها تقارير الخبير الأمريكي ( ديماسيو لوبيز) و (دان فاهي ):  أن مجموع الوزن الكلي لأعتدة اليورانيوم المنضب المستخدمة من قبل القوات الأمريكية والبريطانية ضد العراق بلغ (700) طنا، بما في ذلك كميات أسلحة اليورانيوم الهائلة التي تعرضت إلى التفجير والإحتراق في حادث معسكر الدوحة غرب مدينة الكويت بتاريخ11/7/1991 .

 

وحسب تقديرات أخرى تكون قوات الولايات المتحدة الأمريكية قد اسقطت  على الأراضي العراقية عام 1991 مئات الألوف من أطنان الأسلحة التدميرية المختلفة، منها ما كانت تحمل رؤوسا عالية القدرة على الاختراق تحتوي سبائك اليورانيوم المنضب، كانت حصيلتها المقدرة بـأقل التقديرات 340 طنا وأعلى تقدير بحدود 800 طنا من اليورانيوم المنضب، أُضيف إليها 2200 طنا في العام 2003 خلال عمليات غزو العراق.  وتطبيقا لدراسة البروفسور كاتسوما ياغاساكي وتقديراته التي يرى فيها:  إن فعل وتأثير كل 800 طن من أعتدة اليورانيوم المنضب يكون كتلك التي استخدمت في تدمير العراق هو ما يعادل  83000 ضعفا من مجموع المواد المشعة الناجمة والآثار الناجمة عن فعل قنبلة نياغازاكي التي أسقطتها الولايات المتحدة الأمريكية في بداية آب/ أوت 1945.

 

وعلى هذا الأساس من الحسابات التقديرية للأضرار يكون المجموع الكلي لكمية أطنان اليورانيوم المنضب التي أسقطت على العراق 2540 طنا، بأقل تقدير، سيكون ما يعادل 285000  ضعفا لتأثيرات قنبلة نياغازاكي الأمريكية.

 

ومع هذا كله فلا زالت سياسة التكتم الكويتية على الاخطار مستمرة، تعكسها التصريحات الاخيرة، ومنها تصريحات نسبت الى وزير الصحة الدكتور محمد الهيفي:  "إن الوزارة وضعت خطة طوارئ للحوادث الإشعاعية والنووية بالتنسيق مع الدفاع المدني ولديها استعدادات لأي تسرب من مفاعل "بوشهر". وبدوره  يذهب المدير العام للهيئة العامة للبيئة الدكتور صلاح المضحي الى التأكيد:  الى [ أن هناك 17 محطة لقياس درجات التسرب الإشعاعي؛ لافتا إلى أن الكويت على تواصل مستمر مع وكالة الطاقة الدولية في هذا المجال، مشيرا إلى أن مركز الزلزال الجديد يبعد نحو 1300 كيلومتر عن الكويت، وذلك يطمئن إلى حد بعيد بخصوص تأثيراته على الكويت].

 

وانسياقا وراء الدعاية الايرانية يذهب المدير العام للبيئة في الكويت الدكتور صلاح المضحي فنراه يصرح من دون علم او دراية : [ أن عددا من التقارير أفاد بأن مفاعل بوشهر محصن ضد الزلازل حتى 9 درجات بمقياس ريختر]، مشددا على أن دول التعاون اتخذت إجراءات احترازية حياله لوقاية مواطنيها من أي آثار يمكن أن تحدث. ولا ندري ما هي تلك الاجراءات الاحترازية الواقية لحماية ابناء الخليج العربي من الكارثة الايرانية المحتملة في اية لحظة.

 

وإذا ما علمنا ان جنوب الكويت كان الأكثر تأثرا بالزلزال الذي ضرب إيران أمس، حيث شعر السكان في أغلب المناطق الجنوبية للبلاد بهزة استمرت لثوان في بعض المناطق؛ خاصة المناطق الساحلية، حتى أن البعض تحدث عن شعوره:  [ بأن الأرض كانت تدور] ، وقال رئيس إدارة الهندسة الصحية بوزارة الأشغال المهندس محمود كرم - في مقر الوزارة بجنوب السرة - "شعرنا: [بالهزة وبشكل واضح وأكثر وضوحا وشدة من الهزة التي أعقبت زلزال الأسبوع الماضي]،  كما تم رصد الهزة في مطار الكويت؛ إلا أن مدير إدارة العمليات في الطيران المدني قال: إن حركة الطيران كانت عادية جدا ولم نستشعر ما يستوجب تغيير توقيت الرحلات، سواء المغادرة أو الواصلة.

 

تسائلنا منذ سنوات في مقالاتنا العديدة ومنها: [الهولوكوست النووي الايراني –الأمريكي القادم لا يحرق العراق وحده] وعن احتمالات المغامرة النووية الإيرانية في منطقتنا، سواء عند  قصف المفاعلات الإيرانية، كما تهدد بذلك إسرائيل والولايات المتحدة، أو عند تعرضها الى حوادث تخريب أو حتى عند  اقدام البعض من دول الجوار النووية او دول أخرى على  إجراء التجارب الباطنية تحت الارض او في اعماق البحار المحيطة بالمنطقة .

 

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=179912
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=145198
http://www.alhoukoul.com/article/2419

 

بعيدا عن نظرية المؤامرة، فان الاحتمالات الواردة في بعض المنشورات العلمية الرصينة ومنذ سنوات لا تستبعد حدوث بعض الكوارث الطبيعية بفعل فاعل، وعلى يد الانسان وآلاته العلمية وتجاربه ومغامراته. وفي مقالة سابقة لنا قدمناها غنية بالمعطيات والأرقام والتفاصيل وتحدثنا فيها عن " الاشعاع وواجهات السلم وحروب الصراع".

 

https://www.thiqar.net/Art.php?id=23667

 

 أشرنا الى  ان وسائل الحروب الجديدة مستقبلا، التي سوف لن تكون عسكرية مباشرة؛ بل يمكن أن تطبق فيها ادوات حروب علمية جديدة، لا عهد لنا بها من قبل، وهي ذات دمار شامل، ونتائجها لاعهد  لنا بها ايضا من قبل؛ فظواهر الجفاف وإسقاط الامطار والتصحر وهبوب الرياح وعواصف الغبار والتغيرات المناخية الكبيرة، وما ينتج عنها من ازمات وفيضانات ومجاعات وفقر وتدمير قد تمت في مناطق محددة من العالم، وجرى استبعاد مناطق أخرى؛ وتلك الظواهر باتت معروفة التقنيات والخبرات، وما ينشر عنها علنا أو يقال عنها همساً، تجاوز خانة الأسرار الخاصة بالأمن القومي للدول العظمى، وخاصة النووية منها.

 

 ولا يستبعد البعض حدوث زلازل إصطناعية، أي من صنع يد الإنسان وعبثه، إضافة الى الطبيعية. وحتى الطبيعية فان عوامل كثيرة يمكن أن يعجل بها، بفعل تدخل يد الانسان بها، حيث يمكن أن وتثيرها أو تزيد من حدة إتساعها ودمارها. ومن هذه العوامل يمكن إجراء سلسلة من التجارب النووية الباطنية المتحكم بها وبنطاقها، ومنها جرت تحت اعماق البحار والمحيطات.

 

 هناك عناصر اتهام للتخريب الزلزالي الذي تم في مواقع مختارة من  الكرة الارضية، ينسبها البعض الى فعل تجارب نووية باطنية متحكم بها أو ترتبط بظاهرة " تسلا"  الفيزيائية المعروفة في قدرتها على توليد اهتزازات ميكانيكية في التربة، ويمكنها الوصول الى حالة زلزالية خطيرة ومدمرة بشكل كبير.

 

 يقول البعض من الخبراء: ان الزلزال الآسيوي عام 2004 وما تبعه من تسانومي عارم  نسب الى تجارب نووية باطنية إسرائيلية وهندية مشتركة، جرت تحت البحر، قرابة سواحل اندونيسيا، وتمت بمراقبة أمريكية.  والى نفس الأسباب تثير تساؤلات البعض من المتشككين حول زلزال مرمرة في تركيا، وما لليد الإسرائيلية من يد فيه.

 

 كما ان هناك زلازل عالية الشدة على مقياس ريشتد سٌجلت، كما في خليج مرمرة التركي وفي هايتي وتشيلي وغيرها تٌنسب الى عبث تفجير نووي جرت تطبيقاته تحت الأرض وفي أعماق البحار بعد دراسات جيوفيزيائية وزلزالية ورصد فضائي عبر التوابع الارضية والأقمار الصناعية. ان المستقبل كفيل بفك رموز وأسرار ما يجري في عالمنا من كوارث تتجاوز المتوقع والمألوف عند البشر عبر الأجيال.

 

 ونظرا لسرية مثل هذه الموضوعات وحساسية التصريح عنها فان التكتم سيبقى سيد الموقف. ان زلزال مرمرة وزلزال هاييتي وأحداث زلزالية اخرى في العالم سبق ان أثارت الشكوك حولها. وكان لدينا السبق في محاولة تحليلها والتحذير من مخاطرها والإقدام على تنفيذ حماقاتها النووية ، خصوصا ان إسرائيل والولايات المتحدة عرفتا من بين الدول التي باتت متحكمة جدا وقادرة على تنفيذ تفجيرات نووية تكتيكية ومحددة بظرف ومكان معين.

 

 لقد تدربت إسرائيل على تنفيذ التجارب الباطنية تحت الارض والبحر، وكذلك أكدت قدرتها ونجاحها في التغطية على تلك الاحداث بإشاعة وتسريب الأخبار المموهة والحديث في أكثر من مرة عن احتمال حدوث الزلازل في هذه المنطقة او تلك ، كما أجرت إسرائيل مناورات تعبوية في داخل مناطقها المدنية والعسكرية عدة مرات، وتحدثت مصادر اعلامها وتصريحات خبرائها النوويين عن اخطار تشمل شمال اسرائيل او جنوب لبنان أو حتى في بلدان الخليج العربي، كما جرى الحديث والتبشير ايضا عن احتمال حدوث تسانومي مرتقب في المحيط الهندي والبحر العربي والخليج العربي.

 

لا أحد يعرف حقيقة ما يجري في مياه الخليج العربي والمحيط الهندي الآن بعد أن توقفت أخبار قرصنة الصوماليين في تلك البحار، وكم من مرة وصلت الى السواحل الصومالية عشرات الأطنان من المواد المشعة في براميل جرفتها موجات البحر الى الشواطئ.

 

ما يجري الآن هناك عصي الى الوصول اليه، خصوصا ان القوات الاجنبية والاساطيل الغربية والإسرائيلية إستغلت ما سمي بـ "مكافحة الإرهاب" ومطاردة "القراصنة الصوماليين" وبحجة حماية سفن وإمدادات النفط والغاز، ففرضت سيطرتها الكاملة على أعالي البحار والمحيطات وكثير من الشواطئ والخلجان والممرات المائية في جنوب الجزيرة العربية والبحر الاحمر والمحيط الهندي والبحر العربي.

 

  وما يجري فعلا هناك هل هي زلازل طبيعية؟ ، أم ارتدادات زلزالية ناجمة عن تجارب وتفجيرات نووية مجراة تحت البحر او تحت الارض في الجزر المنعزلة او الخالية من السكان؟. وسواء اجريت تلك التجارب من قبل إيران أو من قبل خصومها، فان الخليج العربي قادم على أيام حرجة وسوداء؛ سواء بالتأثير المباشر لتلك التجارب أو  ما ينجم من حدوث تسربات إشعاعية عن مفاعل بو شهر الايراني أو غيره، لكن مفاعل بوشهر الذي تجاوز عمره الإفتراضي وسنوات تشغيله المقررة منذ فترة طويلة، يعاني من مصاعب كثيرة،  ولا يمكن لعمليات الترميم او التطوير والصيانة الروسية له كافية لمنع اية كارثة نووية مرتقبة في اية لحظة.

 

إن كثيرا من القوى السياسية تعرف ان في بلدانها مفاعلات نووية قد تجاوزت عمرها الافتراضي منذ سنوات، ولكنها تخشى في قرارة نفسها، من حدوث كوارث نووية، ويعلم الخبراء النوويون ان بعض التعديلات  الهندسية التي اجريت على بعض التصاميم والنماذج المعتمدة لبناء مفاعلات المستقبل لم تجر اختباراتها بعد بنحو تام  من ناحية اجراءات السلامة النووية.

 

 ان ما تعرضت له المفاعلات اليابانية من صدمات تكذب الكثيرين من المتفائلين في صلابة وكفاءة مفاعلاتهم  التي هي اقل كفاءة من نظيراتها في اليابان.

 

وفي المقابل، يأخذ دعاة حماية البيئة بأيديهم دق ناقوس الخطر، ويقفون ضد مشاريع لإنشاء محطات نووية جديدة، ويبررون رفضهم بتبعات ذلك بيئيا وصحيا واقتصاديا. وحسب مطالبهم التي ترى ان اضافات اخرى ستضاف الى اخطار الحوادث النووية تكمن في التخلص من آلاف الاطنان من النفايات النووية التي تفرزها المفاعلات ومحطات الطاقة الكهرونووية، ويدعون الى الحد من إمكانيات التسرب النووي عن المدافن النووية ويفضحون كلفة معالجة النفايات وأخطارها، وهذه كلها مشاكل ستشكل تحديات كبيرة للمجتمع الدولي اضافة الى تلك البلدان التي تصر على السير في الطريق النووي لإنتاج الطاقة.

 

لا بد من التنبيه هنا الى ان التهويل الاعلامي والترهيب النووي الذي يكتسح العالم اليوم بات جانبا من السياسات الدولية المعاصرة، فلا بد من الانتباه من مغبة محاولة تجاهل الاخطار النووية ومسبباتها، أو تبسيطها كما تظن حكومات الخليج العربية. ورغم ان الكل يعيش في هستيريا وشد رهيب للأعصاب نتيجة لأي حادث يرتبط بالزلازل او التجارب والتفجيرات النووية الباطنية السرية التي تلجأ اليها بعض الدول، إلا ان المصادر الاعلامية الموجهة تقدم معلومات مفبركة وكاذبة بعيدة عن حقائق الامور التي تجري فعلا.

 

ونتيجة للكثير من التداول الصحفي المتعارض كليا مع الدقة العلمية ومع واقع الحقائق على الأرض، ولسكوت الكثير من الخبراء النوويين، بانتظار ما ستسفر عنه عمليات الرصد والمراقبة والتسجيل لمستويات الزلازل الحادثة في العالم او حتى التجاهل عن مستويات الاشعاع الناجم عن تسربات إشعاعية، ستكون مصادرها مستقبلا عديدة ومعقدة الرصد والتشخيص.

 

 كما ان تقدير الاخطار المرتقبة بعد كل زلزال أو اية كارثة نووية في العالم، مهما كانت درجتها، سينجم عنها ايضا تتفاوت في درجات القلق من بلد الى آخر، وعلى مستويات حكومية أو شعبية مختلفة؛ لذا لابد من الإحتراس من جانبين هامين هن : هما التضخيم والمبالغة بالأخطار من جهة، ومحاولة التجاهل والتقليل من الأخطار من جهة اخرى.

 

وقبل الاجابة عن مدى وصول المواد المشعة الى اقاليم العالم الأخرى، لابد من المقارنة مع حادثة وكارثة تشرنوبيل التي تعتبر قياسية في أخطارها، وتعد من أسوأ الكوارث النووية من صنع البشر. ورغم ان التقارير العلمية المكتوبة عنها وبعد أكثر من ربع قرن، فلا زالت المعلومات عنها شحيحة، وتنقصها الكثير من الشفافية والصراحة عن ما جرى فعلا؛ لأن جميع الاطراف الدولية ذات العلاقة بالكارثة قد عالجتها، حينها وبعدها، بردود فعل أكثرها كانت سياسية وإعلامية، وأقل منها، كانت علمية وواقعية وصادقة في تسجيل تلك المخاطر.

 

 وما بين مبالغات غربية بتضخيم الأهوال الى تجاهل سوفيتي شبه مطلق للأرقام الحقيقية للضحايا وحجم المخاطر تم اغتيال الحقوق على حساب تغييب الحقيقة. لا احد حتى الآن يستطيع إحصاء كم هو عدد الضحايا بعد ربع قرن مر على كارثة تشرنوبيل.

 

 حتى حدوث كارثة فوكوشيما آذار 2011  كانت تشرنوبيل تعتبر الكارثة الأكبر عالميا، حيث صنفت تحت المعيار 7 بعد سنين من وقوع الحادثة، وربما أن الدول النووية وغيرها لم تأخذ العبر من ذلك؛ بل دخلت أغلبها في سباق نووي محموم، واندفعت اغلبها في اخفاء الحقائق عن الرأي العام بعيدا عن المصداقية حول دقة إجراءات السلامة النووية في مفاعلاتها التجريبية والكهرونووية؛ خاصة عندما يتعلق الأمر بتكاليف اسعار الطاقة وبدائلها ومقاولات بناء مفاعلات جديدة محسنة، وجرى السكوت عن تقادم المنشئآت النووية وغض النظر عن مشكلات التخلص من النفايات النووية التي تطرحها المفاعلات. كل تلك المشاكل وضبابيتها لن يكون لها سوى البشر والبيئة ضحايا  لحساباتها وتقديراتها الخاطئة .

 

وبانتظار يوم 26 ابريل/نيسان من كل عام، الذي اعلنته هيئة الامم المتحدة يوما عالميا لذكرى ضحايا الحوادث والكوارث النووية، إنطلاقا من حادثة المفاعل النووي في تشيرنوبل عام 1986. لا بد علينا انتظار وعلى أحر من الجمر النووي لمعرفة خلاصات دراسة وضع تشرنوبيل وفوكوشيما وغيرها من المفاعلات النووية المعرضة للأعطاب، ومنها مفاعل بو شهر الايراني.

 

وردا على التصريحات التي رددتها البعض من المصالح الخليجية العربية وعن قدرات السادة الكويتين حول امكانياتهم التعبوية لحماية السكان في الخليج في حالة حدوث تسرب أو حادث نووي خطير بمحطة ومفاعل بوشهر الايراني لا بأس أن نعيد التذكير بما سجل عن  كارثة محطة تشيرنوبل بعد توقيف المفاعل عن العمل، لغرض الصيانة، كما قيل  ان الانفجار أدى الى قذف 190 طنا من المواد المشعة. وإنتشر 8 من أصل 140 طنا من الوقود النووي للمفاعل في الهواء. وخلال أسبوعين، وبفعل الحريق الذي شب في المفاعل تسربت الكثير من المواد الضارة الى المحيط خارج المفاعل.  وقيل حينه : " لقد تعرض الناس في تشيرنوبل الى الاشعاع الذري اكثر بـ 90 مرة من القنبلة النووية الامريكية التي القيت على مدينة هيروشيما اليابانية في العام 1945. وبسبب كارثة تشرنوبيل تم تلوث ما مساحته 160 الف كيلو متر مربع. وتطايرت سحابة نووية ناتجة عن الكارثة فوق الجزء الاوروبي من الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية واسكندنافيا، إضافة الى بريطانيا والجزء الشرقي من الولايات المتحدة الامريكية. وسقط ما يقارب 60% من النفايات الذرية على اراضي بيلوروسيا.

 

إذن تلك الحدود الاقليمية والعالمية لكارثة تشرنوبيل، وماذا كانت الحدود لكارثة فوكوشيما التي تجاوزت اخطار تشرنوبيل. سكت اليابانيون وصمت العالم المصنع عن الحديث عن الموضوع لكي لا يحرج اليابان.  ولا ندري حتى الآن كم هو التقدير لكارثة فوكوشيما ، هل تم ذلك لأهداف التهدئة لمخاوف العالم أم لغايات سياسية واقتصادية اخرى ستكشف عنها مستويات الاشعاع الحقيقية في يوم من الايام. لقد كان حجم الكارثة سواء في تشرنوبيل او فوكوياما  كبيرا،  وكما أكدت الدراسات والمسوحات الجيولوجية أنّ المواد المشعة يمكن ان تصل  وصلت إلى دول بعيدة وبآلاف الكيلومترات عن مواقع الاحداث النووية.

 

رغم هذا والى حد يومنا  ليست لدينا بيانات دقيقة عن الأعداد الحقيقية  للبشر الذين أزهقت أرواحهم و قضوا نحبهم بسبب التعرض المباشر للإشعاع أو غير المباشر نتيجة للتلوث البيئي بالإشعاعات المؤينة وانتشار أمراض السرطان التي لم ينحصر أثرها فقط بين أولئك الذين يقطنون في مناطق قريبة من منطقة الكارثة، بل تعداها الى مناطق أخرى. والى أجيال اخرى.  وعلينا الانتظار سنوات حتى تتبين بلغة الارقام نتائج كارثة فوكوشيما . قبلها بربع قرن والى اليوم تتوارد عن كارثة تشرنوبيل تقارير متفاوتة في الاحصاءات الرسمية وغير الرسمية:  فهناك حتى اليوم حالات سرطانية جديدة، قد سجلت بسبب هذا الإشعاع في دول أخرى كالسويد مثلا. وفي تقرير للأكاديمية الروسية للعلوم بيّن أنّ 270،000 شخص مصابون بالسرطان في روسيا البيضاء وأوكرانيا وروسيا نتيجة لإشعاعات نووية، وأنّ 93,000 منهم مصيرهم الموت المحقق.

 

وعن حجم الأعداد الحقيقية، اتهمت منظمة "غرينبيس" (السلام الأخضر) الامم المتحدة بالتقليل من أخطار هذه المأساة بالقول إنه :  "من المروع أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتكتم على آثار أخطر حادث نووي في التاريخ البشري". وحسب إحصاءات منظمة السلام الأخضر ايض : " فإنّ معدلات الإصابة بالسرطان في روسيا البيضاء قد ارتفعت بنسبة 40 في المائة خلال الفترة بين 1990 و2000" . وخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أنّ :  "جيلنا رأى كيف بدأت الكارثة، لكنه لن يرى النهاية". وفي السياق ذاته، خلص تقرير آخر أعده باحثون مستقلون بتفويض من ريبيكا هارمز عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الألماني عن أثر الكارثة خارج دول روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء إلى القول : "على الرغم من تعرض مناطق بروسيا البيضاء وأوكرانيا وروسيا لتلوث شديد فان معظم الغبار الذري المتساقط من انفجار مفاعل تشرنوبيل استقر خارج هذه الدول." وقد أشار التقرير ذاته إلى أنّ "تسبب الغبار الذري المتساقط من تشرنوبيل في تلويث نحو 40 في المائة من سطح أوروبا"، مؤكدا ان السكان خارج روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء واجهوا أيضا "وفيات سببها السرطان بمعدلات عالية."، وحسب هذه الدراسة فإنّ ما بين 30 ألف الى 60 ألف حالة وفاة بالسرطان حصلت تقريبا بحلول نهاية القرن الحالي مرتبطة بكارثة تشرنوبيل.

 

حادثة تشرنوبيل نعيش فصولها الدرامية  وبعدها جائت كارثة فوكوشيما لتعيد لنا المعركة الاعلامية حول سيناريو تشرنوبيل، ولكن في مناخات دولية وسياسية وإعلامية اخرى. واقع الكارثة وسجلها اليومي يسجل جملة من الملاحظات السريعة، منه :

 

اول : ان الفرق بين كارثتي فوكوشيما وتشرنوبيل،  هو ان : «العزل في محطة فوكوشيما أقوى إلى الآن من تشرنوبيل الذي انصهر بالكامل في حينها». وفوكوشيما تقع بين أكبر حادثين نوويين في التاريخ، ما بين حادث مفاعل تشرنوبيل في 1986 في أوكرانيا، وحادث ثري مايل أيلاند في بنسلفانيا في الولايات المتحدة في 1979. وتصنف كارثة فوكوشيما حتى الآن بأنها أقل حدة من تشيرنوبل، لكنها أقل أمن من حادثة ثري مايل أيلاند. وكانت التقارير تشير حينها إلى أنه : إذا لم يُسيطَر على التسرب في فوكوشيما فسننتقل من حالة الانصهار الجزئي لقلب المفاعل إلى انصهار تام، وعندها ستحل كارثة كبرى. وقد صدقت التوقعات وانهار المفاعل في سلسلة من الانفجارات وسقطت التقنية في فشل الامتحان العسير.

 

ثاني :  ان " آلاف أطنان المياه المشعة غمرت المباني والأنفاق تحت الأرض في المحطة، جراء محاولة تبريد المفاعلات. وفشلت  حينها محاولتان لسد أحد الشقوق في المفاعل، الذي تتسرب منه مياه مشبعه بالاشعاعات، بواسطة الإسمنت، ثم بمزيج من مادة كيميائية ونشارة الخشب وورق الصحف. وبغرض التقليل من خطورة التسرب الإشعاعي الى مياه البحر، طلبت اليابان من روسيا إرسال مصنع “سوروزان” العائم، لمعالجة الحالة".

 

لم يتوقف التسرب حتى بعد صب الخرسانة في الفجوة، مما اضطر الشركة المشغلة للمحطة إلى استخدام البوليميرات الكيميائية الماصة للمياه لتفادي تسرب المزيد من المياه الملوثة بالإشعاع الى خارج المحطة ثم تم صب  المزيد من الخرسانة فوق البوليمرات الكيميائية واكتشفت الشركة المشغلة للمحطة النووية شرخا بلغ أكثر من عشرين سم في تجويف خرساني في مفاعلها رقم 2 ، وهو ما ولد ألف ملي سيفرت من الإشعاع في الساعة في الهواء داخل فضاء المفاعل، كما لم يستبعد خبراء الزلازل والطاقة النووية حدوث شروخ اخرى في جدر المفاعل أو احتمال حدوثها لو استمرت الإنفجارات الناجمة عن توقف دورات التبريد وتوقف وصول التيار الكهربائي الى المحطة.

 

نستعرض كل هذا للتذكرة وعلينا تخيل حال دول الخليج العربي والعراق وهي تعيش تحت كابوس الرعب النووي الايراني، سواء بحادث نووي عارض أو زلزال مدمر او حرب وقائية إستباقية بين الدول النووية في المنطقة يتم فيها قصف المفاعلات النووية، وفي كل الحالات يكون العرب وأهل الخليج العربي هم جرذان التجارب وضحاياها؛ طالما انهم فقدوا كل أمورهم وإستنفذوا إستقلال قرارهم السياسي، وركنوا أمورهم الى خيال التصريحات المفبركة والعيش في طيوف الحلم الواهم  بسلامة احوالهم زلزاليا ونوويا.







الجمعة ٨ جمادي الثانية ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / نيســان / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة