شبكة ذي قار
عـاجـل










لقد جاءت مشاركة الإيرانيين في مؤتمر القمة الإسلامية في القاهرة، وزيارة أحمدي نجاد لمصر ومقابلته لشيخ الأزهر على غير ما كانوا يحلمون ويتمنون، وكأني بالإيرانيين نسوا موقف الرئيس المصري محمد مرسي الصلب في قمة عدم الانحياز في طهران، ولم يضعوها في حساباتهم ويتحسبوا لموقف مماثل وأشد. كان نجاد يتصور أنه بهذه المشاركة سيكلل جانبا من سنوات ولايته المنتهية قريبا بانجاز كبير، فتوقع انه سيستطيع ترميم علاقات بلاده مع مصر اكبر دولة عربية بعد أربعين سنة من الانقطاع والتدمير بيسر من دون تنازلات وصدمات، وان كل التجاوزات العنصرية والمذهبية والسياسية والأخطاء القاتلة التي مارستها الحكومة الإيرانية ومرجعياتها بحق العرب والمسلمين ستمر أو تمررها مصر في ظل ظروفها الداخلية فخاب ظنهم.


رسالة شيخ الأزهر كانت مباشرة وصريحة، أثارت ردود فعل مختلفة، السيد عزيز الحافظ الذي أداوم على قراءة كتاباته يعنون مقالته “الأزهر الشريف يُحذّر من المّد الشيعي المُخيف!” وردود فعل لآخرين على مقالتي السابقة أيضا، فأقول لكل الزملاء المتشيعين على الطريقة الصفوية: يخطئ الشيعة إذا قرأوا رسالة شيخ الأزهر في مقابلته لأحمدي نجاد وفهموها على أنها موجهة لهم كطائفة شيعية من طرف أهل السنة والجماعة، وهو ما لا أظن شيخ الأزهر قصده، وإنما هي نصيحة وتوصية منه باعتباره المرجعية الإسلامية الشاملة لكل المسلمين في إيران وغيرها سنة وشيعة، فإيران باتت محسوبة على المسلمين في تصرفاتها الصائبة والخاطئة شئنا أم أبينا، وأن الرسالة لا تعبر عن رأي شيخ الأزهر في التشيع أو تهديدا موجها للشيعة، فسبق للأزهر أن اعترف بالتشيع الجعفري العربي الاثني عشري مذهبا إسلاميا، وإنما هي استنكار للانحراف والغلو الذي انتهجته حكومة إيران باسم الإسلام قصدا وعمدا وأخطاء ارتكبوها باسم التشيع الإسلامي قسمت الأمة إلى شطرين متناحرين تناحرا لم يشهد العالم الإسلامي المعاصر له مثيلا حتى على أيام الشاه،


توصية مشيخة الأزهر جاءت من منطلق الحرص على التشيع وحمايته من التطرف والعنف الذي تندفع فيه إيران الفارسية باسم التشيع، وليس كما جاء بعنوان مقالة الحافظ سلفيو مصر:إسرائيل أحق بخوفكم من التمدد الشيعي، فأهل السنة والجماعة لا يخشون الشيعة ولكن على الإنسان أن يطهر بيته من العنصرية أولا، والسنة لا ينكرون مذهب التشيع بأصوله العربية ولا يكفرون أهله، ويعتزون بالأئمة ومذهب جعفر الصادق حفيد أبي بكر الصديق، وإنما ينكرون تصرفات الحكومة الإيرانية ذات النزعة الصفوية، ويرون وجوب حماية التشيع العربي من الصفونة التي صارت إيران تظن بتطرفها مسئولة عن شيعة العالم خطأ، وهو ما قصده شيخ الأزهر.
إيران ليست مسئولة عن الشيعة العرب وليست وكيلة عنهم أو ناطقا باسمهم لتتدخل في شئون الدول العربية. ويذكر شيخ الأزهر السيد نجاد إذا كانت إيران تعطي لنفسها هذا الحق، فهناك خمسة عشر مليون عربي سني في إيران سلبت حقوقهم وهمشتهم، ويكفي أن نحصي أعداد من صدرت بحقهم أحكام الإعدام من عرب الأحواز خلال سنوات حكم نجاد لنعرف مدى ما لحق بهم من ظلم، وكان الأحرى بنجاد وإيران أن ينصفوا هؤلاء قبل أن يطالبوا بإنصاف من هم خارج حدود إيران ويتحدثون باسمهم. ألم يكن الأولى بإيران المسلمة أن تعطي رعاياها العرب في الأهواز حقوقهم وفق شرع الله؟ وهل من مطلع ينكر التمييز الصفوي بين ما يتمتع به سائر الإيرانيون وما يتمتع به الأهوازيون من حقوق، في السكن والملبس والغذاء والتعليم وحرية العقيدة والفكر والتعبير؟


وهل سأل الإيرانيون أنفسهم عن طبيعة الصداقة التي تجمعهم مع النظام الروسي الملحد الذي قتل وشرد المسلمين الشيشان، ولم يعطهم استقلالهم كما أعطى غيرهم من الدول التي ضمت إلى الاتحاد السوفيتي بالقوة واستقلت بتفتته، ويبحث عن السبب؟ وهل نست إيران ما فعله الروس بدولة الشيشان المسلمة وأهلها من قتل وتدمير وملاحقة لمجرد مطالبتهم بالاستقلال، كان أخرها اغتيال الزعيم الشيشاني المستقل سليمخان اندرباييف عام 2004في قطر على يد خلية أعدتها استخبارات السفارة الروسية، واغتيال الشاب الشيشاني المقاتل عمادييف في دبي غيلة وغدرا، ومازالت الشيشان محتلة من روسيا كما هي فلسطين محتلة من إسرائيل؟ هل حاولت إيران الدفاع عن حقوق مسلمي الشيشان المستباحة من لدن أصدقائها المستعمرين الروس؟ أم تفرغت فقط لمساعدة الأسد وشبيحته العلوية لقتل الشعب السوري وتهجيره، وظل عداء الفرس للعرب يدفع حكومة طهران للإساءة إلى دول الخليج ولاسيما مملكة البحرين، تحرض مرتزقتها من وراء الجدر لإشاعة الفوضى، ليصدق قوله تعالى في نجاد وحكومته: *وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُون* المنافقون4

 

 





الثلاثاء ١ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / شبــاط / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عمران الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة