شبكة ذي قار
عـاجـل










" اذا لم تعدلوا من مواقفكم فإنكم ستصلون الي مرحلة لا تستقبلكم فيها سفراء أمريكا لتسليمكم الأوامر أو غيرها و انما ستستقبلون من قبل فراشي ـ منظفي ـ السفارات و منهم تؤمرون "

الشهيد رحمه الله طــــــه ياسين رمضان في اليوم الثالث للعدوان الأمريكي ـ الصهيوني ـ أنقليزي ـ  الايراني علي العراق سنة 2003 .

 

لست لسان دفاعا عن أحد بقدر ما استفزني مقترح السيد الأخضر الابراهيمي الذي ذكرني بنوعية الدبلوماسية التي قادها حتى وصوله لاتفاق الطائف المعروف بنتائجه ،دبلوماسية اعتمدت اختلاف التسميات أساسا و يود تطبيقها بصورة أو بآخري علي سوريا ، و لعلّ اختلاف التسميات لما يحدث في سوريا ، يظهر هذا المزيج من عناصر الصراعات الداخلية والخارجية معاً. فمن لا يريد تبيان الأهداف الخارجية للصراع يصرّ على وصف ما يحدث بأنّه "ثورة شعبية على النظام " ، فقط لا غير. ومن لا يعبأ بالتركيبة الدستورية السورية الداخلية وبطبيعة الحكم ، ويهمّه فقط السياسة الخارجية لدمشق ، يحرص على وصف ما يحصل بأنّه "مؤامرة كونية " . في الحالتين هناك ظلمٌ للواقع وتضليل سياسي وإعلامي لا تُحمد عقباه على الشعب السوري وعلى المنطقة كلّها. و يزداد الظلم تعمقا عندما يصبح الحل مرهونا بمن لا يري الحقيقة كما هي أو ينخرط في صيغ الارضاء . عوضا التأكيد علي ما يجب أن يتخذ بصيغة قاطعة تضع كل طرف في حجمه الحقيقي  بعيدا علي المدخلات الخارجية .

 

علي من يقرأ الوضع قراءة واقعية بصيغة من يستحضر مصالح الأمة و حركة تحررها في المرتبة الأولي أن لا يمسك الحبل اما من الطرف الداخلي أو الطرف الخارجي فقط ... داخليا النظام في سوريا لم يكن في مستوي ما يرفعه من لافتة و لسنا الآن في باب تعديد جملة هفواته منذ السبعينات و حد الآن لا علي مستوي التعاطي و الشعارات و لا علي مستوي الانحياز لحركة التحرر العربي حتى ما كان منه بالنسبة لقضية فلسطين فهي حالة القصد منها مسك أداة للمناورة لا غير و قد انكشفت مواقفه و بالكامل في ما يسمي بجبهة الصمود و التصدي ـ و لا يجب أن ننسي موقفه في لبنان ـ و لا علي مستوي علاقاته العربية و الاقليمية ... فلا يجب أن ننسي مسائل محورية فيما تعرضت له المنطقة و في أي الخنادق كان النظام يقف ، مرحليا النظام في سوريا لم يستوعب المرحلة و غلب ارتمائه في الأحضان الاقليمية بديلا علي الاستجابة المرنة في التعاطي مع مؤشرات الحراك في بداياته بما يجعله الأقدر علي المناورة و تجنيب البلاد ما تعيشه من دمار و لا مارس مفهوم تحويل ساحة الصراع بما يجعل التحشيد المعادي للأمة العربية فيما تمارسه الأسلمة السياسية بمفهوم العثمانية الجديدة مرتدا عليها و بما يورط أيضا ولاية الفقيه في استحقاقات ما فتئت توظفها للتمدد في الجسد العربي لتعريتها ...عدم استيعاب و دمار يجعل حتى المحايد لا يتردد في تحميله مسؤولية ذلك باعتبار ما بائن للآخر هو فقط مسألة سلطة و ليس مسألة رؤى كما نراها نحن كعرب و توجه ،. خارجيا :  من من العرب لا يعرف من أن المنطقة مستهدفة و من أنها كانت و ستبقي منطقة صراعاتٌ إقليمية ودولية نتيجة عدة اعتبارات فهي منطقة تقابل حضاري أولا و منطقة عبور بالمفهوم الجيوسياسي و الاقتصادي ثانيا و ثالثا ثرواتها النتيجة : عجز النظام علي فهم المستجدات اما بحكم اطمئنانه لارتباطاته الدولية أو الاقليمية ـ ايران خاصة ـ أن حرك الخللٍ السياسي الداخلي و خلق بيئة طائفية انقسامية ، رغم ما يمثله هكذا فعل من كوارث ملامحها طفحت أمامه في العراق و في لبنان و بصيغة مفعلة و مقتادة من ذات الطرف الذي رهن مستقبله اليه بدل استباق الحالة منذ 2005 و بشكل أدق و أقرب للفهم منذ 2008 . بما جعل أو ساعد علي أن يكون القطر السوري مفتوح أمام التدخّل الخارجي من أطراف عديدة رغم أن أخطرها الطرفين الإسرائيلي و الايراني أساسا ، اللذان يجدان في الحروب الأهلية العربية فرصةً ذهبية لتحقيق جملة أهداف ؛ بينها تهديم الكيانات العربية الحالية ، وإنشاء دول طائفية ومذهبية كنموذجٍ مطلوبٍ إسرائيلياً و ايرانيا لكلّ بلدان المنطقة العربية بما يخلق لهما الأرضية في التمدد كل و مشروعه الامبراطوري ذي المرجعيات المعلنة و المتداولة ... و ان كانت الرغبات في استمرار الأزمة السورية بين الطرفين الاسرائلي و الايراني متباينة بحكم ظرفية كل منهما الآن .

 

إنّ "الأماني بصيغة الفعل  " الإسرائيلية ـ  الايرانية بائنة و كلاهما سعيد جدا لتطوّرات الأزمة السورية و كلاهما قطعا مع مزيدٌ من التفاعلات السلبية أمنياً وسياسياً وعدم التوصّل إلى أيِّ حلٍّ في القريب العاجل.

 

فمصلحة ايران تقتضي ذلك لكسب الوقت اللازم في مفاوضاتها المعلنــــة و السرية لتحقيق جملة مصالح استراتيجية علي مستوي بنيتها الصناعية داخليا و تحشيد عوامل قوتها في جانب و في جانب ثاني تأكيد استحقاقها فيما قدمته للاحتلال الأمريكي  في  العراق بمفهوم اليد الطولي الغير معترض علي فعلها دوليا من ناحية و من ناحية ثانية الاطمئنان علي تسربها في أكثر من قطر عربي لا يلاقي أي من الاعتراضات و هي تتوافق عمليا مع رؤية الكيان الصهيوني الذي يري مصلحته في ابقاء هذا الكابوس و تفاقم تفاعلاته في علاقات الأقطار العربية بعضها البعض و هو أمر قائم حاليا .. كابوس مهدّد لوحدة القطر و الشعب ، قطعا تتمناه أن يتحول الي عاصفة من الحروبٍ الأهلية في عموم المنطقة ، بما يهمّش القضية الفلسطينية ، و يحيلها الي ملف للحفظ في أدراج السياسات العربية و الدولية .

 

علينا عند النظر لحالة ما من الحالات القائمة في الواقع العربي سواء كمواطنين أو كإعلاميين أو مثقفين و بخاصة السياسيين ممن يتصدرون القيادة و منهم السيد الأخضر الابراهيمي أن نعي من إنّ الأمَّة العربية و منذ العدوان الثلاثيني علي العراق 1991 ليست ساحة صراع إقليمي / دولي فقط بل هي أمّة مستهدَفة بذاتها وبثرواتها وبأرضها وبوحدة كياناتها. وما لم نصل بفهمنا الي التعاطي مع ما هو مستجد بصيغة القول لا للمخطئ و المتهور و المرتبط ، فإنَّ التمزيق سيزداد ، وستتحوّل الصراعات الإقليمية / الدولية إلى مشاريع حروب أهلية عربية تفرز كياناتٍ متصارعة إلى أمدٍ طويل ، ولن ينفع عندها تغيير الأشخاص أو السياسات .


d.smiri@hotmail.fr

 

 





السبت ٣٠ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة