شبكة ذي قار
عـاجـل










كل عام تتجدد ذكرى جريمة واحدة من جرائم الاحتلال الكبرى التي نفذها بالتواطيء مع أعوانه من الأقزام والجبناء، الا وهي ذكرى أغتيال القائد الشهيد بأذن الله صدّام حسين- رحمه الله. وفي مثل هذا الوقت من كل عام نحاول نحن الذين عشقنا صدّام حسين نهجاً وسلوكاً وشخصاً ثابتاً على المباديء أن نتناول هذه المناسبة ومن زوايا مختلفة وحسبما يستجد من ظرف أو يحدث من حدث. وكل عام ندخل في حضرة الذكرى ونحن متهيبين من رهبة الموقف، ومستلهمين قيم الشجاعة والرجولة من رجل الوقفة الرهيبة ومستذكرين تلك الدقائق المهيبة التي لن ينساها المناضلون.


وعندما وصفنا الحادثة بأنها واحدة من جرائم الاحتلال الكبرى لم نكن مبالغين. إن جريمة احتلال العراق وتدميره ومحاولة طمس تاريخه القريب والبعيد ومسخ هويته العربية الأسلامية هي جريمة العصر الكبرى بلا نقاش، لكن جريمة إعدام الرئيس الشهيد وبالطريقة التي نفذ بها وبالتوقيت الذي أختير لذلك هي بلا شك واحدة من الجرائم الكبرى التي ستظل نقطة عار في تاريخ الاحتلال الأمريكي، وعلامة سوداء في سجل عملائه الجبناء، بقدر ما ستظل مناراً مضيئاً ينير الدرب للمناضلين والباذلين والمضحين والمؤمنين بنهج الحق والصدق مع النفس ومع الآخرين، والذين يوقنون بأن الموت نهاية الطريق، وأن الموت الشجاع هو أفضل ألف مرة من موت لايجلب لصاحبه فخراً ولا نصرا.


لقد قام عملاء الاحتلال وبالتواطيء مع أسيادهم الأمريكان بتنفيذ جريمتهم تحت ستار من الكتمان والسرية، متناسين أن العلي القدير مطلع على كل مايفعلون، وأنه معهم أين ماكانوا، فأنكشف أمرهم وانتهك سترهم وبانت عورتهم، وظهروا جبناء متهاوين يختفون خلف أقنعة لم تغن عنهم من الله ولا من الناس شيئاً، يرتجفون هلعاً من الأسد الذي وقع في اسر اسيادهم، ويخافون بطشة الله والشعب. فبعد سنوات ست من الجريمة التي ظنوا واهمين أنها ستقضي على البعث، وستقضي على المقاومة العراقية الشريفة، وستقضي على صدّام حسين كرمز وعَلَم، خابت كل أوهامهم وأكتشفوا أن كل حساباتهم كانت مقلوبة وانما زَيّن لهم الشيطان أعمالهم.


فهاهو البعث اقوى من ذي قبل وهاهم مناضلوه ينتشرون في كل مكان في العراق يقلقون ليل الغزاة وعملائهم، وينغصون عليهم الملايين التي يسرقونها من قوت الشعب وثرواته، ويجعلون شرطتهم وجيشهم تلهث وراء سراب وهي تبحث عمن يضع الملصقات ويوزع المنشورات في جنوب العراق قبل وسطه وشماله، وهاهو قائد الركب وحادي المسيرة المعتز بالله والمحروس بسوره المنيع يجوب البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ويعقد الأجتماعات الحزبية مع كوادر البعث المختلفة دون أن تستطيع أنوف كلاب السلطة أن تشم رائحته ولا آذان مخبريه أن تسمع وقع خطاه. وهاهو البعث يزداد عدة وعدداً ويزداد مناضلوه تالقاً وثباتاً وإيماناً بالنصر المطلق القريب بأذن الله.


ولما كان البعث ومناضلوه ومحبوه هم العمود الفقري للمقاومة العراقية المقاتلة، وهو الشريان الأكبر الرافد لها بالرجال والمال، وهو المشارك الفاعل في معظم قياداتها السياسية والميدانية، فأن أغتيال الرئيس صدام حسين رحمه الله لم يزد تلك المقاومة إلا قوة وجسارة، ولم يزدها الا تصميماً على المضي قدماً لتحقيق الهدف الأسمى والأغلى والذي كان صدّام حسين واحداً من القرابين التي قدمت على طريق تحقيقه، ألا وهو تحقيق التحرير الكامل للعراق المحتل، والذي هو مفتاح تحقيق أهداف الأمة الأخرى في تحقيق حريتها ووحدتها وعزتها وأستعادة دورها الحضاري والأنساني في عالم اصبحت تسوده مفاهيم الغاب وشريعة القوة ومنهج الأحتلال، عالم لم يعد فيه الكذب والأحتيال والتدليس وسرقة المال العام عيباً ولا حراماً، بل أصبح فيه الكذابون والخائنون لشرفهم وأوطانهم رؤوساء جمهوريات ووزارات، واصبحوا فيه نجوم الأعلام الزائف الذي يمجد الأمعات والمخنثين والفاسدين، ويسلط أضواء ثنائه على الفاسدين والقتلة المجرمين، بينما يتجاهل المقاومين الشرفاء الذين يحملون دماءهم على راحة أيديهم ويسطرون كل يوم أروع أمثلة التضحية والأقدام ونكران الذات. عالم اليوم هو عالم البهرجة الزائفة التي تتبدد حال سطوع الشمس عليها، وعالم التغييب المتعمد لكل قيم الرجولة والشرف. عالم اصبحت فيه تعابير مثل الغيرة والنخوة والتضحية والإيثار تعابير غريبة لاتجد لها على أرض الواقع سوى أثارة من علم. وفي هذا العالم مازال مناضلو البعث والمقاومون الشرفاء يحفرون في الصخر ويجترحون الأعاجيب ويجابهون ويقهرون أمبراطورية الشر كل يوم وكل ساعة بينما الآخرون يضعون اصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت غير مدركين أن الله محيط بالكافرين، وأن جولة الباطل ساعة.


لقد اعدموا صدّام حسين أملاً في اطفاء جذوة تأثيره وحصر دائرة مؤيديه ومناصريه، واعدموه بعد أن بذلوا ما بذلوا لتشويه ماضيه وحاضره، وتسفيه نضالاته ومآثره، وأستمروا في حملة التشويه المنظم حتى يومنا هذا منعاً للجيل الجديد من أن يسأل كيف بُني العراق ولماذا تم تدميره. أعدموه بعد أن يأسوا من كسر ارادته، وأعدموه بعد أن فشلوا في منعه من زيارتهم في أحلامهم وإدخال الرعب الى قلوبهم الجبانة، وأعدموه بعد أن ظنّوا أنهم قادرون عليه! أعدموه أملاً في التخلص منه، ولكنهم خابوا ولم يحققوا شيئاً مما كان في خلدهم. فلا جذوة تأثيره خَفّت ولا أرادته أنكسرت ولا أرادة المناضلين السائرين على دربه تراجعت أو أنثنت، ومازال أسمه وطيفه يرعبهم ليس في مناهم فحسب وإنما حتى في يقظتهم! فمازال صدّام حسين ذلك الجبل الأشم الذي لم يستطيعوا زعزعته، ومازالت ذكراه تذكرهم بفشلهم وخيبتهم، ومازل، وهذا هو حقاً مايرعبهم، الجيل الناشيء يسأل عمّن بنى وكيف ولماذا.


وفي ذكرى ميلادك سيدي القائد الشهيد تتجدد الآمال، ويثبت اليقين بأن وعد الله حق وأن الشهداء لا يموتون، وفي ذكرى استشهادك سيدي القائد نستذكر تلك الدقائق التي تصاغرت فيها الدنيا في عينيك فأبتسمت وحبل المشنقة حول رقبتك، وقلت لهم قولتك التي أرعبتهم" هي هاي المرجلة؟" فذكّرتهم برجولتهم المفقودة، وبشرفهم المثلوم وبجبنهم الذي حاولوا أخفائه فكشفته لهم.


وفي كل ذكرى من ذكرى ميلادك سيدي لا نقول سوى "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" ففقدك كبير وغيابك عزيز وشوق العراقيين الى ايام العزة والكرامة يزداد يوماً بعد يوم، والله أكبر.

 

 





الاثنين ١٠ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أمير البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة