شبكة ذي قار
عـاجـل










إن مفردة التضامن العربي لم تغـادر يوما واحدا سطور الصحف في المشرق والمغرب العربي وتقفز الى واجهة العناوين وبخط عربي عريض حين يكون هناك زائر عربي رسمي لقطر عربي آخر . ولهذه المفردة ساحتين الاولى الرسمية وهي المستخدمة بشدة في كل اجتماعات المؤسسة العامة لسايكس بيكو او ما يسمى بالجامعة العربية ، ويبرز لمعان استخدامها عند إجتمـاع وزراء الداخلية العرب حيث يكون لها مكان خاص في نفوس الحاضرين لتنشر الاخـاء والمحبة بينهم والاتفـاق التـام والشعور بالمسؤلية التضامنية والحفاظ على قدسية التضامن العربي ، وتكون كل اتفاقاتهم التي لم تتعثر يومـا نابعة من وحي التضامن العربي الرسمي .


لقد لعب التضامن العربي الرسمي دوره الفعال في تقزيم القضية الفلسطينية حتى اصبحت أسـمأ تاريخيا دون حدود جغرافية يمكن الاستدلال اليها . وفي العراق فقد اسدل التضامن العربي الرسمي الستار على حياة اكثر من مليون ونصف المليون مواطن قضوا نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية بسبب تشديد التضامن العربي الرسمي للحصار الجائر على العراق ولمدة ثلاثة عشر عام قبل يوم الفجيعة في التاسع من ابريل / نيسان 2003 يوم وصل اليانكي محتلا الى بغداد المنصور ، وأشاد التضامن العربي بمجلس بريمر وامتدت خيوط التضامن مع عملاء المحتـل حتى انعقاد مؤتمر القمة العربية الاخير في بغداد وهي أسيرة التضامن العربي الرسمي واليانكي الامريكي والقنفذ الايراني .


وفي خضم الاحداث الأليمة على الامة العربية وتداعياتها على الساحة السياسية ينهض صوت التضامن الشعبي الحقيقي الذي يرى إن المشروع الحلم هو وحدة الامة وإن التضامن العربي هو من أولويات البناء النهضوي وليس السقف الاعلى للطموحات العربية . كما هو الحال في التصريحات الرسمية عن التضامن العربي .


إن عمق الهـوة ما بين معنى التضامن العربي الرسمي والتضامن الشعبي أفضت الى التباس في أدراك المعنى الحقيقي للتضامن العربي عند العديد من أصحاب الاقلام والسياسين ليصبح التضامن حسب الاحتياج اليه وإذا مال لصالح قُّطر مـا فيتكئ عليه وإذا خالف هواه أمسك بالبعد القطري و أسـماه إرهــاب .


إن لتداعيات ألاحداث الثـورية المتلاحقة في الوطن العربي تأثيرا كبيرا على شباب الأمـة مما حدى بالبعض منهم للتفكير ومباشرة الحق في التضامن الشعبي بين أبنـاء الوطن العربي الواحد لدعم ونصرة اخوانهم في الاقطار الملتهبـة والتي تـدور فيهـا طواحين الموت تحت يافطـة قـمع الارهـاب ، فستهانوا بسايكس بيكوا ومروا باقدامهم من فوق خريطة الاسوار التي بنوها ظلما لتقسيم الوطن العربي غير أبهين غضب حراس سور مؤسسة سايكس بيكو . إن سُلم الجود يبداء بالمال وذاك بعيد عن الاستطاعة لأغلب أبناء الامـة لذا يتسلقوا درجته الثانية وهي الجود بالنفس لانها الغالي والنفيس مما يملكون . ومع شفق الليل يودع بعض أبنـاء طرابلس الليبية واللبنانية والخرطوم وجدة وعمـان ومن باقي مدن وبلدات وطننا الكبير ، يودعـون أمهاتهم ليكون جنب أخوانهـم في حلـب ودرعا والبو كمـال ودمشق ويضمدون جراهم ويتضامنون معهم تضامنا عربيا خالصا أملين إيقاف طواحين الموت التي تـدور .


لقد تناولت بعض وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية هذا التضامن الشعبي بمسميات لاتتفق والمنطق الاخلاقي لوحدة المصير العربي ،، نعتوهم بالارهـابين ،، ولا أدري لماذا لم نطلق هذه الصفة على الأسكندراني الذي أستُشهد في ميدان التحرير بالقاهرة أو الحلبي في حمص !! . هل هناك فرق عند المواطن العربي بين حلب والاسكندرية وبغداد والفلوجة وطرابلس والبصرة ؟ أم هو تقديسأ لسايكس بيكو ؟ أم الهوى السياسي أو الأصطفاف حسب أجندة شعوبية ؟ . من حقنـا ان نختلف مع توجهات البعض الفكرية ودوافعهم لكن لا نرميهم بما ليس فيهم ولا نجعل تمزيقهم خطوط سايكس بيكو ارهابا بل ممارسة حق طبيعي للمواطن العربي في المشاركة الوجدانية مع أخيه اينما وجد تحت سمـاء الوطن العربي .


وما يدفعنا للاستغراب هو قيـام البعض بنكران وجود شباب من أقطار عربية اخرى في سوريا او أي قطر اخر ظنا منهم انها محاولة للدفاع عن هوية حركتهم وكانه عيب من عيوب الزمان لكن هذا وهو نكران حق هؤلاء بالتضامن ليس إلا . وليس مستغربا إن نجد بعض القومين العرب اللذين يعتاشون على فضلات حزب نصر الله يستنكرون التضامن العربي ويرفضون وحدة المصير المشترك ويسبغون صفة الارهاب على شبابنا ، ويتمسكون بإرهاب سايكس بيكوا والآلية القطرية في تحديد الهوية للمواطن العربي . أليس حريا بهم ان يتذكروا أن العدوان على الاقطار العربية تُحشد له جيوش جرارة لا تربطهم رابطة ، لا لغـة ولا تاريخ ولا ارض سوى الحقد على الامـة وهذا ما حدث ويحدث للعراق منذ الحصار مرورا باحتلاله تضامنيا على يد الامريكان والفرس والصهاينة .


إن مشاركة أبنـاء الامـة الواحدة مصير أهلهم في اي قطر اخر هو تحدي لارهاب سايكس بيكوا وإن اختلفنا مع فصيل منهم فكريا سيضلوا أبناء هذا الوطن الكبير يمارسوا حقهم في وحدة الدم .

 

 





الاثنين ٢٧ ذو الحجــة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاهين محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة