شبكة ذي قار
عـاجـل










حتى نحدد من له مصلحة في كل هذه الضجة بصيغتها و افرازاتها الآنية يستوجب منا تقديم عام لما هو قائم في الساحة المستهدفة بهذا الفعل في علاقاتها بما هو قائم عالميا من تنافس شديد حول صياغة جديدة للنظام العالمي من جانب و من جانب آخر سلوكيات الطرف القائم بالفعل بالمقارنة مع محطات أخري مشابهة من حيث الأداة و ان اختلفت من حيث الاخراج و ما أفرزته من تحولات سياسية و ثقافية ...

 

I انكشاف المستور:

1ـ الأمريكان من قوة مقررة الي جانب قوي دولية أخري الي قوة عالمية مهيمنة .

لا أحد ينكر الآن من أن التدخل السوفياتي في أفغانستان كان الي جانب عوامل أخري عاملا أساسيا في تفكك هذه القوة و تراجعها من مرتبة القوة الدولية الكبري الي قوة دولية في حالة تحول و نهاية النظام الدولي الذي ساد ما بعد الحرب العالمية الثانية فاتحا الطريق أمام أحادية الاستقطاب الدولي الذي لعبته الادارة الأمريكية متحولة الي قوة همجية متنفذة غادرت كل ما هو أخلاقي و قانوني متفق عليه عالميا ...همجية وصلت حد تقسيم العالم بين " عالم خير و آخر شر " لتبرير نفوذ و تسلط "مجتمع الشركات ـ العولمة " علي غيره من المجتمعات قصد صياغته صياغة جديدة تنسجم و شعار القرن الذي " سمته بالقرن الأمريكي " معتمدة في ذلك مفهوم الصدمة و الترويع " أي القتل و بكافة الوسائل المرخصة و الغير مرخصة دوليا " الذي جربته بكل وسائله البشعة حد القذارة المخلقة تشفيا من الذات الانسانية في العراق ...عامل ما كان لها أن توظفه بالصيغة و الشكل لو لا فهمها لطبيعة العقل الشرقي العربي خاصة الذي لا زال جانب هام منه حتى ذاك التاريخ لا يحتكم لما يفرضه المنطق و العلم بقدر ما يحتكم للتذيل المملي عليه و الانتماء الغريزي للموروث الحضاري دون اخضاعه توظيفا بما يقتضيه العصر و ما تمليه المصالح الاستراتيجية للمجتمعات التي تحتضنه من ناحية و من ناحية ثانية قراءة واعية من أن تجربة العراق في ظل قيادته الوطنية آنذاك بما تمثله من صعود في مختلف جوانب الحياة التي تستهدف بناء الانسان معنويا و ماديا بصيغة عقلية مقابلة و منافسة لها رؤية و تصورا لا بصيغة قطرية و انما بصيغة الامتداد القومي لها و ما يشكله من نقيض معرقل آنيا و ناسفا لطموحها استراتيجيا ... عامل اعتمد علي شعار " الالتقاء بالإيمان في مواجهة الالحاد و الكفر ". شعار سرعان ما شكل الأداة المستخدمة في جعل فعله قائما واقعا ملموسا داخل المجتمع العربي أو في علاقته بمحيطه الجغراسياسي ( التحالف الأمريكي الاسلاموي في أفغانستان . الحرب الايرانية العراقية وما ميزها من تحالف الاسلاموي بين الأصولية السلفية و ولاية الفقيه . الاضطرابات الداخلية بالجزائر و دور الأسلمة فيها خلال التسعينات من القرن الماضي ) . تحالف التقطته الادارة الأمريكية و مؤسسات صياعة الفعل السياسي التي هيمنت عليها رؤية تحويل العالم الي ضيعة أمريكية ـ رؤية المحافظين الجدد ـ و غذته بأشكال متعددة منها الاختراق و التوظيف المزدوج لها ... داخليا للحشد حول رؤيتها خارجيا تسهيل مهمة حلفائها و اطلاق يدهم في ساحات تري أنها ضرورية لممارسة تقدمها بصيغة جس النبض أولا (يوغسلافيا وتفكيكها ـ الشيشان ) النجاح النسبي و محدودية رد الفعل العالمي شجعها علي الانتقال الي التدخل المباشر الذي تطلب اجاد الحجة فكان الاستخدام المزدوج لذات الأدوات التي خلقتها و سرحتها و لو كان بضريبة داخلية فسابقتها في التفكير و الفعل قائمة ( ميناء بيرل هاربر 1942) ليكون الاعتداء علي البرجين باعتبار أن الأول ( الهجوم علي بيرل هربر) سمح لها بالدخول في الحرب العالمية الثانية لتتحول من قوة دولية الي مرتبة القوة الدولية المقررة الي جانب قوي أخري و (الاعتداء علي البرجين ) يجعلها تتحول من قوة دولية مقررة الي قوة وحيدة مهيمنة بحكم كونها القوة المتحملة لتبعات مرتبة شرطي العالم الذي سيخلص العالم من الارهاب الذي هي نفسها صنعته و وظفته و سوقته الي المناطق المستهدفة فكان استهدافها بالصيغة و الشكل سواء خطاب أو أفعال للعراق و ما رافقه من تآمر دولي و اقليمي و عربي أساسا يبقي وصمة عار في الضمير الانساني عامة و العربي خاصة لا و لن تمحيه لا الاعتذارات و لا التعويضات ... استهداف العراق كمدخل لجعل القرن الأمريكي حقيقة قائمة كما تناولته جملة الدراسات سواء منها المنخرطة في الرؤية الأمريكية أو المنتقدة لها بنظرة اليائس من تحول قريب نتيجة فارق القوة الموظف ماديا جعلها لم تقرأ رد الفعل العراقي قراءة صحيحة رغم الحصار المركب عليه و الذي كان مفاجأة ليس للدارسين و انما للأمريكان أنفسهم و للقوي الدولية التي طأطأت رأسها أمام عاصفة الهمجية المغلفة بأماني لفظية لعالم خالي من الارهاب و قبلت التعاطي مع ارهاب الدولة العظمي الوحيدة ... فعل عراقي مقاوم حول الحلم في "قرن أمريكي " الي كابوس "الانهيار الأمريكي الأخلاقي و العسكري و الاقتصادي و السياسي " .. دفع باتجاهين الأول: عودة القوي الدولية الي المنافسة و الرفض الضمني لعالم أحادي الاستقطاب الثاني:اعادة الأمريكان لصياغة سياساتهم من الصدمة و الترويع الي التسرب المرن مع تبديل في الادارة من ـ المحافظين الجدد / الجمهوريين ـ الي ـ المعتدلين/ الديمقراطيين ـ دون مغادرة الرؤية الأساس في الهيمنة و ادارة العالم .

 

2 ـ المقاومة العراقية تعيد صياغة السياسة الدولية:

مقطعين لنفس القائد العربي الذي يبكيه الآن كل خيير في هذه الأمة و سيبكيه العرب تاريخيا و الذي أشرت عليه دون ذكر اسمه في الحلقة الأولي متقصدا ذلك الشهيد صدام حسين المجيد قالها في مناسبتين في فترة التهديد الأمريكي بالعدوان علي العراق ( لا أستحضرهما حرفيا و لكن في معناهما ) أحدهما بصيغة الرد الصحفي جوابا علي سؤال " ألا تخشون الاحتلال ؟ حيث كان الجواب بلي ضاربا مثال الفيل و البعوضة قائلا ما معناه ـ و لكن كم سيبقون فوق هذه الأرض خمس .. تسع .. احدي عشر سنة لكن عليهم أن يفهموا أنهم يدخلون العراق كقوة دولية عظمي و يخرجون منها كقوة دولية من درجة ثانية لا يحترمهم و لا يصدقهم أحد بعد ذلك و سيدفعون ضريبة دخولهم أكثر بكثير مما يمنون النفس به ـ " . و الثاني في خطاب تعبئة " ...مخاطبا الأمريكيين أنكم ستنتحرون علي أسوار بغداد " ...مقابل ذلك كان الأمريكيون يروجون دخولهم للعراق علي أنه نزهة لجنودهم الذين سيستقبلهم العراقيون بالورود ...(و فعلوها في اعلانات مصورة في استيديوهات هوليوود للتغطية علي الاستقبال العراقي الحقيقي و العملي لهم ) كما استخف بذلك من هو منخرط تذييلا لهم و اعتبره البعض قصورا في الرؤية وفي فهم الواقع . فمن صدق في رؤيته ؟ ... الرؤية العراقية صدقت و فعل المقاومة العراقية أكدها واقعا كما رآها الشهيد صدام حسين مما جعل الأمريكان يغرقون حد بروز دعوات داخلية للانفصال و فك عري الاتحاد الفدرالي(كاليفورنيا مثال) دون احتساب الخسائر المالية في شكل أزمة يصعب الخروج منها الآن وما تبع ذلك من خسائر بشرية مهما حاول الأمريكان التقليل منها فان ما تسرب من كتابات و دراسات حتي من الدوائر الرسمية يؤكد أنها أضعاف مضاعفة لما هو معلن ... لتبدأ سلسلة التراجع في الهيمنة لفائدة قوي منافسة منها من استعادت مرتبتها و منها من انتقلت من دور القوة الاقليمية الي دور القوة الدولية في طور الاكتمال ... كما دفعت بعديد الأصدقاء الي الابتعاد و التنصل من الفعل الأمريكي دفاعا اقتصاديا و أخلاقيا بلغ حد التلميح الي الفوارق بين الأخلاق الأنقلوـ ساكسونية و اللاتينية ( أمريكا الجنوبية خاصة الساحة الخلفية للأمريكان كما يعبر عنها في السياسة الدولية ) .النتيجة الأمريكان يعيدون ترتيب أولوياتهم تحسب من مزيد ألانهيار.

 

II ـ ترتيب الأولويات: مغالطة المجتمع الدوليو من المستفيد:

1ـ ترتيب الأولويات و مغالطة المجتمع الدولي :

تؤشر التقارير من أن اعادة ترتيب الأولويات عند الأمريكان انطلقت منذ 2006 و طبقت منذ 2007 انطلقت بمؤتمرات ظاهرها تفعيل الصداقة الأمريكية مع الشعوب كمؤتمر الدوحة و حقيقتها البحث علي مخارج لأزمتها الأخلاقية و كسب منخرطين و تصعيدهم الي صيغة الحليف الأداة الذي يجنبها تحمل التبعات المادية و البشرية و يبقي علي القرار بيدها ... انقلاب أفضي الي تراجع خطاب المحافظين الجدد ليحل محله خطاب المعتدلين الديمقراطيين ... خطابات أوباما و جولاته في الشرق الأوسط أساسا ... المقترنة بإعادة النظرة في الاسلام و المطالبة بحث الأنظمة التي تمسكت بها ادارة المحافظين علي فتح هامش ديمقراطي و ممارسة حد أدني من توزيع الثروة الوطنية ...و تحديد سقف زمني للانسحاب العسكري من العراق ... اشارات حققت اختراقات في النسيج الاجتماعي للمجتمع العربي بصيغة التكوين أولا و طورت العلاقة بالأداة المكسوبة منذ المواجهة مع التدخل السوفياتي في أفغانستان بصيغة الادماج في طرفيها(تراجع الكلام عن الارهاب العالمي ـ السكوت وتسليم الملف النووي الايراني الي الاتحاد الأوروبي ) لاستخدامها في منافستها الدولية بما يجعل لها الأسبقية في اتخاذ القرار الدولي مرحليا و تهيئة البدائل بصيغة المرحلة الاستراتيجية الا أن انفجار الحراك الشعبي العربي الذي كان بمنآي عن تصوراتها توقيتا و توسعا داخل الساحة العربية فاجأها و فاجأ العالم و القوي الدولية ليجعلها تعتمد ذات الأداة بصيغة الادماج أيضا لتسلم العراق اداريا لولاية الفقيه بمنطق رضي الحليف عليه و الذي حولته ايران الي حالة مكتسبة و قابلة للتوظيف استراتيجيا ... وتعمل ماليا و اعلاميا علي تصعيد الأصولية السلفية الي مراكز القرار و السلطة في المناطق العربية التي عمها الحراك الشعبي " تحت شعار الديمقراطية و حقوق الانسان " شعار سمح لها بمغالطة القوي الدولية حد القبول بالتدخل العسكري في ليبيا ...و الانتقال الي سوريا بذات الصيغة و التصور ...انتقال اصطدم بما أبداه النظام السوري من مطاولة لعب فيها الفعل الأمريكي في العراق و ليبيا دورا أساسيا في بدايته و المغالطة الأمريكية للمجتمع الدولي في تدخلها في ليبيا و نوعية القسمة التي تمت للمصالح الدولية في هذا القطر و استغلال ايران لورقة العراق التي أصبحت بيدها كورقة مساومة ليصبح الفعل الأمريكي محل نقاش دولي حد استخدام الفيتو ... النتيجة انسداد الآفاق أمام الرؤية الأمريكية و المراوحة في ذات المكان بصيغة البحث عن مخارج .. توقف يتوافق و الانتخابات الأمريكية التي لم يبقي عليها أكثر من سنة عند بداية الانسداد ... انتخابات يبحث كل طرف المحافظون ألجدد الجمهوريون من ناحية و من ناحية ثانية المعتدلون/ الديمقراطيون ... علي أن تحسب النتائج المترتبة عن الحراك الشعبي العربي ( الذي حولته أمريكا تسمية الي ربيع ) لفائدته ... في ظل هذا التنافس الانتخابي يقع انتاج الفلم الذي وزع قبل شهرين أي منذ جويلية 2012 .. و يقع عرضه الآن سبتمبر 2012 بشكل استعراضي لا يخلو من استفزاز ... مما يجعل السؤال قائما لماذا الآن و من هو المستفيد ؟

 

2 ـ من المستفيد:

من المتعارف عليه من أن السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها رؤية الشركات أساسا بالرغم من أنها تعبير عن القوة الداخلية في القراءة العامة اذا تطلب التنفيذ ذلك ...و الشركات لا تحكمها أخلاقيات الدول بقدر ما يحكمها رؤيتها لساحات النفوذ و مدي الربح الذي ستحققه من ذلك و مسألة التراجع البائن في الاقتصاد و ما تؤشره نسبة نمو الدين الأمريكي و اهتزاز قيمة الدولار تري أن سياسة معتدلة كالتي يمارسها الديمقراطيون سيجعلها تدفع من أصل الربح بما ينسجم و البرنامج الاجتماعي لهم مقابل أن حكما للمحافظين الجدد سيعفيهم من ذلك و يبقي علي صيغة الدفع من فائض الربح و هذا لا يكون إلا بالعودة الي سياسة الصدمة و الترويع و تحريك نظرية صراع الحضارات التي تستهدف أساسا التقابل القتالي مع الاسلام و بالتالي البحث عن مدخل لذلك يجعل الاسلام هو البادئ بالاعتداء و الخروج عن سلوكيات العصر(كلمة هيلاري كلينتون في تأبينها للقتلى الأمريكيين في بنغازي ) ... تماما كمسألة تفجير البرجين مع فارق في الاخراج و تغير في أشكال العلاقة مع المنفذين ( من أعداء لفظا الي أصدقاء مصعدين الي النفوذ) لجعل ادارة أوبام أمام اختيارين اما مغادرة رؤيته المعتدلة بنظرهم أو مزيد كسب الحشد الداخلي لذات الرؤية التي حكمت الادارة الأمريكية منذ بداية التسعينات ... هذا ما ستؤكده ردود الفعل الأمريكية و ما ستفرزه الانتخابات من ادارة جديدة في نوفمبر 2012 ... فمتي يستوعب العرب الدروس خاصة منهم الذين يعرضون أموالهم و جهود أبناء أقطارهم تبرعا لخدمة أغراض دولية أو اقليمية علي حساب أمنهم و أمن أمتهم العربية و معهم المصعدين بصيغة تسليم مفاتيح علي كتف حراك شعبي يستهدف الاستقلال و الحرية و الكرامة و اعادة بناء الذات العربية تواصلا مع الفعل المقاوم و دعما له .؟

 

d.smiri@hotmail.fr

 

 





السبت ٢٨ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة