شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))


لم أتوقع بأنني في يوم من الأيام سوف أذرف الدموع على فراقك أيها العزيز ، وأقيم لك مجلس عزاء ، وأكتب كلمات أنعيك فيها ، بل كنت أتوقع بأنك سوف تنعيني وتقيم لي مجلس عزاء وتبكي على فراقي ، لأني الكبير وأنت الصغير ، وأنا المريض وأنت كنت لا تعاني من مرض ، لكن الأقدار هي هكذا لا اعتراض على حكم الله سبحانه وتعالى ، حيث خلال سنوات داهمك المرض العضال الذي عانيت من آلامه ما لم يعانيه غيرك ولكنك كنت صابراً كلما سألتك عن صحتك كان جوابك ( الحمد لله أرجو دعائك ) .


عندما ولدت وكنت الطفل الأول في العائلة أصبحت الابن لكل أعمامك وأخوالك وأنا منهم ، وبعد أن كبرت وأصبحت شاب كنت صديقي وأنا أشعر بأنك تعتبرني صديقك ، لذلك لم ينقطع تواصلنا منذ ولدت حتى عام الاحتلال اللعين الذي فرقنا من اللقاء لكنك كنت حريص أن تتواصل معي هاتفيا حتى قبل ثلاثة أيام من رحيلك عندما حدثتني لتقول لي ( هل تحتاج شيء )، وهو أنت المحتاج لكل شيء عندما داهمك المرض وأقعدك بالفراش بلا حراك لكن إيمانك بالله كان قوياً ولم يؤثر عليك المرض وكأنك تدرك أن من يحبه الله سبحانه وتعالى يبتليه بالمرض الذي هو تزكية النفوس .


سوف أظل ألعن الاحتلال ومن عاونه الذي منعني من التواصل معك ، ومنعني من أن أقدم لك المساعدة والرعاية في مرضك ، ومنعني من أسير خلف جنازتك ، ومنعني من أن أواري التراب على قبرك ، ومنعني من أن أزور قبرك وأقرأ القرآن على روحك الطاهرة أيها السيد الرفاعي حفيد سيدنا الحسين عليه السلام .


لقد غادرت البكاء منذ احتلال العراق لأن مصيبة العراق هي أكبر المصائب ، لكني اليوم ( 12-7-2012 ) عندما وصلني خير رحيلك وفراقك إلى الأبد لم أستطع أن احبس دموعي ، كلما تذكرتك وأنت الطفل الذي كنت اعتبره ولدي ، وكلما أعود بالذاكرة إلى أيام شبابك وصداقتنا وأنت سليم الجسم معافى ، وكلما تحدثت مع والدك أو خالك أو خالتك أو أبن عمك أو صديق جاء يواسيني ، لأنك العزيز على قلبي ، وكنا قد اتفقنا أن نلتقي حيث كنت تتمنى ذلك ، ولكن حكم الله هو الأقوى من أمنياتنا ، لذلك لا نقول إلا ما يرضي الله ( إنا لله وإنا إليه راجعون ).


نم قرير العين يا عزيزي بجوار أجدادك والصالحين في مقبرة الشيخ معروف ألكرخي ، وهناك سيستقبلك أجدادك من أحفاد آل البيت والعلماء والصالحين رحمهم الله ، وستكون بجوار جدك والدي رحمه الله الذي أحبك منذ أن كنت طفلاً وأنت حفيده الأكبر، وستكون بإذن الله من الشهداء وأنت الذي عانيت من المرض العضال في بطنك وعانيت من آلام عشرات العمليات ، وقد بشرك جدك المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك وهو القائل : ( الشهداء خمسة : المبطون ، و المطعون ، و الغريق ، و صاحب الهدم ، و الشهيد في سبيل الله عز و جل . ( وما ابتلائك بالمرض إلا بشرى لك من الله سبحانه وتعالى ، تصديقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، الذي لا ينطق عن الهوى ، وهو القائل " من يرد الله به خيراً يصب منه " و معنى هذا الحديث أن الله تبارك و تعالى إذا أراد لعبده المؤمن درجة عالية في الجنة ينزل عليه المصائب في الدنيا ، ومن مصائب هذه الدنيا المرض ، وهذا يعني أن الله تبارك و تعالى من أحبه من عباده يكثر عليه المصائب الدنيوية .


رحمك الله يا ولدي العزيز ، ويا صديقي الحبيب ، وسأبقى أدعو لك وأهديك قراءة أيات القرآن الكريم ، وإذا وفقني الله أحج بيت الله نيابة عنك ، وأدعو الله أن يصبر والدك ووالدتك وأخوك وأخواتك ، وكل أهلك وأحبابك . وإنا لله وإنا إليه راجعون .


عمك
أبو ياسر
 ١٢ / تمــوز / ٢٠١٢

 

 

 





السبت ٢٤ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبو ياسر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة