شبكة ذي قار
عـاجـل










لا شك أن الصحافة الألكترونية قد حققت ثورة على الصعيد الإعلامي من حيث عدد القراء وسهولة إيصال الخبر لهم بما عجزت أن تنافسها بقية أجهزة الإعلام الأخرى مثل الصحافة المكتوبة والإعلام المرأي ، فاضطرت معه الى إستحداث مواقع لها على الشبكة المعلوماتية  أيضا لتوفير الخبر لمن لايشتري الصحف أو ليس لديه الرغبة أو الوقت لمشاهدة التلفزة رغم عالميتها من خلال البث عبر الأقمار الصناعية أو مااصطلح عليه بالفضائيات .

 

هذه الثورة الإعلامية وسهولة إستحداثها قياسا بإصدار صحيفة أو إنشاء محطة بث تلفزيوني أو حتى إذاعة مسموعة ، خلقت الآلاف من المواقع والمدونات والمجموعات البريدية . مايهمنا من كل ذلك المواقع العربية منها أو التي تعنى بالشأن العربي . الكثير من هذه أفرزت ومع الأسف  مردودات عكسية ، فقد عمَد بعضها الى تشويش أفكار القراء ، والآخر الى بث السموم والدعايات المضادة ، والثالث من حيث يدري أو لايدري قد تحول الى التخبط في إنتقاء المواضيع من أجل النشر ، ففقد بذلك البوصلة وأضاع آيديولوجية الفكر .

 

تصلني كما تصلكم المئات من الرسائل والمواضيع وتطالعنا بين فترة وأخرى أسماء لمواقع جديدة لترسل لنا أخبارها .. ولا شك أنكم تفعلون ماأفعل فترسلون معظم هذه الأخبار بعيدا الى صناديق قمامة الحاسوب إما لضحالتها أو لتكرارها عشرات المرات ..!

 

لفت نظري مؤخراً على سبيل المثال ، أن أحد المواقع أوالمجموعات البريدية والتي كنت أتسلم منها أخبارا تخص الوطن والقضايا الوطنية ، إذا بها فجأة ترّوج موضوعا وصلتني نسخة منه غريب في عنوانه ومضمونه يتحث عن مقارنة بين من يطلق عليها قصائد لشعراء من العصر الجاهلي منهم أمرئ القيس وبين الرسول محمد (ص) ويعتبر أن بعض ماجاء في القرآن الكريم مقتبس من أشعارهم (!!) .

قرأت الأبيات الشعرية المنشورة ولم أصدق ما أقرأ ولم أتمالك نفسي من السخرية مما أرى .. أبيات شعرية لاتستقيم مع عروض الشعر لا وزنا ولا بحرا ولا حتى قافية ، والمفروض كما يقولون أنها لشعراء هم كما نعرف من فطاحل الشعراء العرب وأئمة الفصاحة والبلاغة .

إستغربت ولعنت الحرب الألكترونية .

 

مواقع أخرى تنتمي كما يقولون الى الخط الإسلامي ، الأسماء والشعارات وتعلوها الآيات القرانية أو الأحاديث الشريفة ولاينقصها سوى أن نلبسها مما يلبسون من عمامة وجبة ولحى على ( الفوتو شوب ) .

معظم كتابها لاهمّ لهم سوى مهاجمة الأديان الأخرى وبالذات الدين المسيحي وبطرق مقززة .. ولا أستطيع أن افهم الهدف من وراء ذلك سوى إشعال نار الفتنة . والقرآن نفسه فيه من الآيات التي تنكر مايكتبون وتنهى عنه بالأمر . لا أشك مطلقا أنهم إن كانوا ذوي توجه إسلامي  أنهم لم يقرأوها أو يطلعوا عليها ولكنهم يبدو أنهم إما يخضعون لتوجيهات معينة ويترزقون من ورائها أو أنهم لاشأن لهم بالإسلام أو التوجه الديني ، وأن الموضوع بأكمله عبارة عن فبركة تحركها أصابع مشبوهة .. ومن الطبيعي ، وبالمقابل من ذلك فقد نشطت مواقع مضادة لذلك كرّست نفسها لمهاجمة الدين الإسلامي ، وينطبق عليها ماينطبق على الأولى ، إما الجهل ، أو العمل لحساب آخرين ، أو أن وراءها أصابع لاعلاقة لها أصلا بالدين أو العقيدة المسيحية ..!!

ومرة أخرى أستغرب وألعن الحرب الألكترونية ..

 

مواقع إسلامية أخرى تعود بلا شك إلى أحزاب وجماعات هنا وهناك ، وتموّل من قبلها وبسخاء  كل همّ كتابها والناشرين عليها هو تسفيه وتكفير هذا وذاك ..

السني يتطرف ويكفر الشيعي .. والشيعي يتطرف ويكفر السني .. ووصل الحد بهم أنهم نقلوا معاركهم السخيفة الى الوراء والى قرون مضت من الزمن ..  فبدأوا في هذه الجهة بالتجاوز في الكلام والألفاظ المشينة على أئمة كرام من آل البيت النبوي المطهر .. وفي الجهة الثانية ،  التجاوز وبوقاحة أيضا  على الصحابة من مهاجرين وأنصار ومن السابقين والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين ..

أسماء مستعارة برّاقة ، واستشهادات بقرائن ماأنزل الله بها من سلطان !

 

تقرأ لهم ولا تجد سوى أمراض نفسية متأصلة يريدون نشرها وتسويقها على القراء . ولا تجد سوى العبث وإثارة الفتنة وتأجيجها .

ومرة ثالثة يزيد إستغرابي وألعن الحرب الألكترونية .

 

وما رأيكم بمواقع الفتاوى .. أسماء جميلة يفترض بها أن تحمل مضامين فيها من المعرفة والإرشاد بما يفيد القارئ الذي تهمه مثل هذه المعلومات .. بعضها يحمل إسم علماء ورجال دين ، والبعض الآخر أسماء مراجع دينية  أي أنها مواقع شخصية لهم .. ولكنها تحولت الى منابر لاأعرف والله ماذا أطلق عليها .؟  

 

بعضها ينشر الصفحات في أسئلة وأجوبة عن إطالة اللحية من عدمها ، وما يتعلق بالشوارب ، أو طول الثوب وقصره ، وإدخال جميع ذلك ضمن إطار الحلال والحرام .. والجنة والنار ، مع مافي ذلك من أهمية مفرطة كالشعرة تفصل بين الإثنين ، ولكنهم ثبتوها وبإسرار غريب على أنها  فتاوى لازمة التطبيق ..! فنصبوا من أنفسهم بإسم الفقه حكاما يقررون مصير الآخرة لبشر لازالوا في دنياهم .

قرأت مؤخرا مقالا لطيفا للدكتور يونس حنون ، لاأعرف الرجل ، ولكنني شعرت حياله بإحترام شديد . وبعد أن إستعرض بإسلوب ساخر بعض الفتاوى الخاصة بالشوارب واللحى .. ختم مقاله بأجمل مما بدأه بالقول :

الشوارب رجس من عمل الشيطان ؟ هذا ما يكتبه ويفتي به من نسميهم العلماء الاجلاء في القرن الحادي والعشرين : زيان الشوارب من الايمان !!!!

بينما قال الشاعر العظيم المتنبي قبل الف عام :

أغاية الدين ان تحفوا شواربكم ...... يا امة ضحكت من جهلها الأمم ؟

ولكم ان تقيسوا كم تقدمنا منذ الف عام وحتى الان !!

 

أما البعض الآخر ، وهي مواقع لمن يُطلق عليهم مراجع دين وفقه ، ينشر الصفحات الطوال من الأسئلة والإجابات عليها ومعظمها يتعلق بزواج المتعة وأصول النكاح ، لا بل قد خصصوا قسما من مواقعهم لها ( يبدو لأهميتها !!! ) .. تقراؤها فتظن أنك تقرأ من موقع إباحي أو موقع جنسي سواء في الأسئلة المطروحة أو في تفصيلات دقيقة وفاضحة عند الإجابه .. ويقولون لنا (لاحياء في الدين) لا والله ، إن الحياء هو عند الكلام في الدين أو تطبيقه .. وأنا هنا يمنعني الحياء من نشرها ولا أشك أنكم قد إطلعتم عليها ..! ولمن فاته ذلك عليه الدخول الى موقع آية الله السيستاني على سبيل المثال ليطلع ويتثقف ..!!

 

لا أتجنى هنا على الرجل .. فقد وجدت ماهو أعجب على موقع من الطرف الآخر .. خبر نُشر كعنوان لموضوع .. وحين تفتحه لكي تطلع عليه .. تجد الى جانبه روابط أفلام فيديو تتضمن أخبار بعض الفنانات .. صور لحفلة زواج الفنانة اللبنانية الفلانية من شخصية سياسية مصرية سابقة والفضائح في تلك الحفلة !! وماذا تفضل الفنانة الأخرى في الرجل .. وهكذا ..!!

مرة أخرى يمكنكم أن تقيسوا الى أين وصلت وتريد أن توصلنا الصحافة الألكترونية ..؟

 

وينتهي الإثنان الى نتائج وكأنها كل ماتضمنه هذا الدين العظيم هو اللباس ( اليونيفورم ) واللحى! أو أصول النكاح وأسلوبه .. ثم نريد من العالم بعد ذلك أن يحترمنا .!

أليس ذلك حري بالإستغراب ولعن الحرب الألكترونية ..؟

 

وأخيرا ، وإذ أقول كل ذلك .. لابد لي ولكم من وقفة إحترام لبعض المواقع الصحفية والمجموعات البريدية والناشرين الذين إلتزموا بالحوار الجاد والمواضيع المتميزة والمواقف الوطنية التي لاغبار عليها فكانوا بحق مجاهدين ومناضلين من أجل القضايا الوطنية وتوجيه الرأي العام بشكل صحيح وملتزم وفضح العملاء وتجار وسماسرة السياسة والدين ..

 إنهم المحاربون بالكلمة وهم قادة الحرب الإعلامية الألكترونية الفعليون ويستحقون وبجدارة كل تحية وتقدير .

 

 

lalhamdani@rocketmail.com

مدونة مقالات الكاتب

http://www.blogger.com/profile/18395497774883363689

 

 





الخميس ١٥ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الحمـداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة