شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد تسع سنوات من غزو العراق الذي أدى إلى احتلاله من قبل أمريكا ، وعلى الرغم من أن جميع الدول التي تعرف مواد القانون الدولي وتتعامل معها عندما يعنيها الأمر ، لكن الجميع سكتوا عن هذا الانتهاك ولم يحددوا موقفا منه ، لا بل لم يتحدثٌ عنه خوفا من أمريكا .

 

من أجل أن يطلع كل مواطن عربي شريف على جريمة أمريكا عند غزوها واحتلالها العراق ، سوف نناقش هذا الموضوع من وجهة نظر قانونيه وغير سياسيه ، وبعيدا عن مشاعر الأسى التي اشعر بها لاحتلال هذا البلد العريق.

 

سنبدأ النقاش من نصوص ميثاق الامم المتحدة ، ومدى عدم شرعية غزو العراق:

1 - نصت الماده  (2) الفقره ( 4) من الميثاق على الآتي : "يمتنع اعضاء المنظمه في علاقاتهم الدوليه عن التهديد باستعمال القوه او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي لأية دوله او على اي وجه لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة"  هذه المادة تؤكد بشكل واضح لا لبس فيه  ان الاساس الذي اتفقت عليه الدول الموقعة على هذا الميثاق هو تحريم استخدام القوه او التهديد بها إلا في حالة تفويض من قبل الامم المتحدة ، او في حالة الدفاع عن النفس .

 

ومن ذلك يستوضح لكل من له عقل أن جريمة غزو العراق تعتبر خرقا للميثاق على اعتبار ان مقاصد الامم المتحدة حفظ السلم والأمن الدولي والحفاظ على سيادة واستقلال الدول الاعضاء ، وان غزو العراق يعتبر اخلال بالسلم والأمن الدوليين،ومما لاشك فيه ان هذا الغزو ادى الى تجاذبات وتوتر بين دول العالم ولازلنا نرى تداعيات هذا الغزو على المشهد الدولي  . وأحدث خللاً في موازين القوى في المنطقة مما سنح الفرصة لايران بان توسع من نشاطها وتواجدها ، وتهدد الدول الاخرى بعد ان حطمت امريكا السد الذي كان يحمي دول المنطقة من خطر التوسع الفارسي ، وتصدير الدمار الذي تخطط له ايران ضمن مخطط ( تصدير الثورة ) .

 

هذا من جانب ، أما الجانب الآخر فان قيام أمريكا ومن تحالف معها من الدول باحتلال اقليم دوله عضو مؤسس في الامم المتحدة بدون تفويض من الامم المتحدة ، ولم تكن في حالة دفاع عن النفس،يعتبر خرق آخر للميثاق.

 

2 -   نصت الماده  (2) الفقره  (7) على الآتي :  "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون في صميم السلطان الداخلي لدولة ما"

ان هذه الفقره حظرت على الأمم المتحدة التدخل في الامور التي تمس سيادة الدول،مع ان الأمم المتحدة أعلى سلطه دوليه ، فكيف لمجموعة دول ان تنتهك سيادة دوله باحتلال اراضيها والقضاء على نظام سياسي منتخب من قبل شعبه تحت شعار مزيف هو ما تسميه ( نشر الديمقراطية) !!!! .

 

كما صدر عن مجلس الامن القرار 1441 بشأن اسلحة الدمار الشامل في العراق والذي منح للمفتشين الدوليين صلاحيات واسعة، منها امكانية الوصول فورا ودون عوائق الى كل المناطق التي يودون تفتيشها والى جميع الاشخاص الذين يودون مقابلتهم،وفي حال رفض العراق للقرار فأنه سيتحمل "عواقب وخيمة".

 

فقد قبل العراق القرار وتعاون معه الى اقصى الحدود فشمل التفتيش جميع مباني الدوله والتى تعبر عن سيادة العراق ومنها القصر الجمهوري ووزارات الدوله  ،وتعاون العراق مع المفتشين بالمقابلات وشملت حتى الوزراء الذين يتمتعون بحصانه وفق القانون الدولي.

 

كما ان القرار لم يتضمن على كلمة "استخدام القوة " لتستخدمها الولايات المتحدة وحلفائها لغزو العراق،وهذا ما صدر عن روسيا والصين وفرنسا"ان القرار 1441 لا يعطي صلاحية استخدام القوه".

كما ادت الضغوط الأمريكية الى استقالة رئيس لجنة التفتيش الدوليه "هانز بليكس "لعدم انصياعه للاملاءات الأمريكية.

 

كما صرح الامين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي في 28-4-2005 "ان غزو العراق خرق لميثاق الامم المتحدة"كما صرح كوفي عنان الامين العام الأسبق للأمم المتحدة"ان غزو العراق منافي لميثاق الامم المتحدة". وبعد احتلال العراق تبين ان ادعاء العراق بعدم امتلاك اسلحة دمار شامل كان صحيحا.

 

ولكي تكتمل الصورة حول هذا الموضوع سوف نسلط الضوء على الموقف القانوني الرافض لاحتلال العراق داخل بعض الدول التي شاركت فيه :

 

أ : بريطانيا

اكد المستشار القانوني لوزارة الخارجية البريطانية -مايكل وود-2003 ونائبته -اليزابيث- ان"الحرب على العراق غير شرعيه"

وأكدت اليزابيث ان رئيسها ابلغ المسؤولين الحكوميين المعنيين بمن فيهم المدعي العام –اللورد بيتر غولد سميث – بأن الحرب واستنادا للقانون الدولي ليست شرعيه ، كونها لم تحصل على تفويض صريح من الامم المتحدة.

 

وتعتبر شهادتا –وود ونائبته – بمثابة نقض صريح لقرار –غولد سميث- المدعي العام للحكومة البريطانيه،والذي اعطى رئيس الوزراء السابق –توني بلير – الضوء القانوني الاخضر للمشاركة في الحرب.

كما وجه-غولد سميث- رسالة سريه الى – بلير – في تموز 2002 تحذره من ان الإطاحة بنظام الرئيس صدام ستكون خرقا صارخا للقانون الدولي ، كما اوضح في رسالته على الرغم من ان ميثاق الامم المتحدة يسمح بالتدخل العسكري للدفاع عن النفس إلا ان هذه القاعدة لا تنطبق في حالة الحرب على العراق،لأن بريطانيا لا تتعرض لتهديد من العراق. وقد اخفى –توني بلير – هذه الرساله عن وزراءه.

 

ب : هولندا

اوضحت لجنة التحقيق الهولنديه بشأن حرب العراق ، ان الحكومة الهولنديه ساندت غزو العراق مع انه لم يكن لديها سند قانوني ، ولم تبلغ البرلمان بخططها بصوره كأمله قبل الحرب. وأوضح رئيس الوزراء الهولندي في رسالة الى البرلمان :

"بناء على ما نعرفه الآن فأن الحكومة تقر بأن مثل هذا العمل كان يتطلب تفويضا قانونيا كافيا بدرجه اكبر"

وقالت اللجنة الهولنديه في تقريرها المؤلف من 550 صفحه  :

"ان قرار مجلس الامن التابع للأمم المتحدة لم يمنح تفويضا للتدخل ألعسكري وان هولندا قدمت دعما "سياسيا " للحرب ولحليفتيها في حلف شمال الاطلسي-الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين قادتا ألغزو وتبين لاحقا ان العراق لا يمتلك اسلحة دمار شامل.

 

وخلصت اللجنة ان اخفاء معلومات عن البرلمان يعد "أثما سياسيا " في هولندا.

ومن كل ما تقدم وغيره الكثير من الأدلة والوثائق التي تؤكد أن أمريكا بغزوها للعراق الذي أدى إلى احتلاله انتهكت بشكل واضح وصريح القانون الدولي ، لذلك يترتب على هذا الغزو الفاقد للشرعية ، نتائج قانونيه وهي:

 

أولا :عدم شرعية احتلال العراق وما ترتب من نتائج لهذا الاحتلال،والسند القانوني"كل ما بني على باطل فهو باطل "  ، فكل ما ترتب على احتلال العراق داخليا يعني باطل سواء في مجال تشكيل الحكومات أو البرلمان او القرارات التي أصدرتها الجهات القضائية.


فكل ما صدر عن الحكومات من اعمال تنفيذيه تعتبر باطله وكل ما صدر عن البرلمان من قوانين او تشريعات فهي باطله وكذلك كل ما صدر من احكام قضائية تعتبر باطله لأنها صدرت في ظل الاحتلال وأساس الاحتلال غير شرعي ( باطل  .(


 وعليه لا يجوز للدول ان تتعامل مع نتائج الاحتلال على اساس امر واقع ، لأنها بذلك تكون عرضه للمسؤولية الدوليه لأنها تتعامل وترتضى حاله تعتبر خرق لميثاق الامم المتحدة وهذه المسؤولية سوف تتحملها الدول العربية التي تنوي حضور مؤتمر القمة العربية في بغداد . على الرغم من أن الجميع يدركون أن العراق ليس فيه حكومة تمثله ، بل فيه حكومة نصبها المحتل ، وهي بذلك غير شرعية لأن من نصبها هو باطل فهي حتما ستكون بحكم الباطل. كذلك مثل هذا الحضور سوف يعطي بشكل غير مباشر شرعية لحكومة تديرها وتسيطر عليها ايران التي تهدد أكثر من دولة عربية ، لذلك فالرئيس أو الملك الذي يحضر هذا المؤتمر أو يرسل من يمثله فهو يعني بشكل غير مباشر يتوافق مع التوجه الايراني في عداء الامة العربية .

 

ثانيا : في القانون الدولي كل عمل غير مشروع ويترتب عليه ضرر للدولة او افرادها يوجب التعويض ، وبما ان احتلال العراق يعتبر خرقا لميثاق الامم المتحدة وسبب ضرر للعراق وشعبه فانه يوجب التعويض بنوعيه المادي والمعنوي وإعادة الحال الى ما كان عليه   .

 

ومن أجل تفعيل هذه القضية والوصول إلى نتائج إيجابية لإحقاق الحق ندعو المحامين العراقيين والعرب الى انشاء هيئه قانونيه لتلقي الدعاوى من المتضررين من هذا الاحتلال ورفع الدعاوى ضد الدول التي شاركت في غزو العراق لكي يحصل العراق وشعبه على حقوقهم المشروعة وفق القوانين.

 

ثالثا :نصت الماده  (6) من ميثاق الامم المتحدة :  "اذا امعن عضو من الاعضاء في الامم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامه ان تفصله بناء على توصية مجلس الامن".

وندعو الدول الاعضاء في مجلس الامن من غير الدول التي شاركت في غزو العراق ان تقوم بإرسال توصيه الى الجمعيه العامه لفصل الدول التي شاركت في الغزو على العراق من الامم المتحدة  . ليكون ذلك رادعاً للدول الاخرى التي تفكر للقيام بمثل هذا الغزو الهمجي .

 

 





السبت٠١ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور بشار سبعاوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة