شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد تسع سنوات عجاف من الغزو الأمريكي الهمجي والبربري للعراق، لا يزال الشعب العراقي يعاني الكثير من آثار هذا الغزو المدمرة على مختلف الأصعدة وفي مختلف ميادين الحياة، ومن هذا تسببه في تدهور وتراجع الكثير من القطاعات الاقتصادية والتعليمية ومنها القطاع الزراعي الذي يشكل قطاعاً هاماً ورئيسياً في النشاط البشري العراقي، حيث يعمل فيه نحو ثلث القوى العاملة.

 

تواجه الزراعة في العراق اليوم تحديات جمة بسبب ممارسات الاحتلال والقوى المتحالفة معه وما جرته على البلد من ويلات وكوارث أهمها انعدام الأمن وانتشار العنف وقصور السياسات الحكومية والممارسات الخاطئة في إدارة البلاد.

 

مقارنة بسيطة من قبل شيخ وقور من شيوخ عشائر آل فتلة من أبناء  وأحفاد رجالات ثورة العشرين الغيارى قادة معركة" الرارنجية" وتاريخهم المشرف في الوطنية والكفاح فهو يتمتع بوعي وثقافة غزيرة وأدب جم إضافة إلى فهمه بالسياسة والاقتصاد والأمور الدينية يحفظ الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال من نهج البلاغة، ويعمل بصمت وبدون ضجيج إعلامي، مخلص في أعماله وصادق في أقواله، -أكثر الله من أمثاله- وحبذا لو أن كل مسؤول سواء أكان رئيسا او برلمانيا أو زيراً أو موظفاً كبيراً الاقتداء بهذا الرجل العظيم.  يحفظ الكثير من الأهازيج الثورية والشعر والدارمي يمتلك حسا وطنيا كبيرا يقارن بين عراق ما قبل الاحتلال وعراق اليوم ولا يخشى في قول الحق لومة لائم.

 

أردت أن اسرد هذه القصة التي حصلت في شهر كانون ثاني من هذا العام عند زيارتي لمضيف الشيخ أبو فالح الفتلاوي في إحدى نواحي الفرات الأوسط  لوجود مشكلة عشائرية بين أبناء عمومتي ونسبتهم من عشيرة  من أل فتلة التي يترأسها  الشيخ  المذكور ، حيث تحدث الشيخ الوقور عن معاناة أبناء الشعب العراقي ومن جميع المحافظات من جراء الاحتلال وأزلام العملية السياسية الهزيلة ، موضحا بان العراق بعد عام    2003 بلا سيادة ولا كرامة تنتهك حقوق الناس وحرياتهم وحرماتهم من زمر متخلفة عميلة جاءت من خلف الحدود تسنمت مناصب ليس من استحقاقها  عقولهم متحجرة  نفوسهم مريضة وضمائرهم ميتة، لايحللون ولا يحرمون ولكنك تراهم يتحدثون باسم الدين والمذهب وهما منهم براء، يتكلمون أكثر مما يفعلون ، والحمد لله فقد كشفهم هذا الشعب المظلوم على حقيقتهم بأنهم كذابين وسراق ومرتشين وفاسدين، مزدوجي الولاء والهوية باعوا شرفهم قبل وطنهم للأجنبي. وأضاف مستهزئ ( العراق الجديد بصاية الله وصاية الحكومة ومجلس النواب بخير، الناس تعيش بالمزابل وفي سراديب المقابر ، والشباب يقبع بالمعتقلات دون محاكمات وبتهم باطلة، السجون مليئة بالأبرياء والإرهابيين الحقيقيين طلقاء لأنهم موجهين من كتلهم للقيام بأعمال القتل الممنهج بالكواتم في وضح النهار وبسيارات الدولة وأسلحتها،"العراق الجديد " عراق أفواج من البطالة وتاركي الدراسة  يزاولون أعمال التسول و السرقات و بيع الحبوب المخدرة والخمور وأعمال منافية للأخلاق في مناطق مهمة ومقدسة لم تشهدها من قبل، يالها من مهزلة..!! الأمية محاها نظام صدام حسين وأعادها المحتلون والمفسدون،عراق الفساد المالي والإداري، عراق الظلام الدامس  والأمراض الخبيثة المسرطنةالذي جاءتنا بها أمريكا وفقا لديمقراطيتها المزعومة )

 

 ثم أضاف قائلا: لقد دمر الاحتلال كل مقومات الاقتصاد الزراعي حيث لوث البيئة بتربتها ومائها وهوائها ودمر مراكز الأبحاث وبنوك البذور ومستلزمات الإنتاج وقتل وشرد الكثير من الباحثين والعلماء المتخصصين في الشأن الزراعي وتطويره، مما جعل العراق يتحول إلى مستورد للغذاء بعد أن كان مصدراً له. وفي هذا يلقي الضوء على الواقع الزراعي وحال الفلاحين في العراق وفي محافظات الفرات الأوسط بعد الاحتلال.

 

 فيقول : بعد أن كان العراقيون يستخدمون بذورهم المحلية بنسبة 97% وينتجون من القمح ما يكفي حاجة العراق ويمكنهم من التصدير إلى الخارج، ويذكر أن العراق كان يمتلك ومنذ التسعينات بنكاً جمعت فيه البذور المحسنة والمهجنة طبيعياً بخبرات وطنية متميزة دمر بعد الغزو ونهبت محتوياته لتضيع بذلك ثروة لا تقدر بثمن استغرق الحصول عليها زمناً طويلاً. نقص الثروة الحيوانية بسبب انتشار الأمراض والأوبئة التي تفتك بالثروة الحيوانية بسبب قلة الأمصال وأنواع اللقاحات المطلوبة ورداءتها وارتفاع تكاليفها إن توفرت ، إضافة إلى انتشار ظاهرة تهريب الثروة الحيوانية إلى دول الجوار ، وظاهرة الذبح الجائر للثروة الحيوانية وعدم توفر الأعلاف الجيدة. فقد تقلصت أعداد قطعان الأغنام والماعز والأبقار والجاموس والدواجن وقضي على المناحل وأصبحت بعض أنواع الأسماك مهددة بالانقراض كسمك البني. انتشار الأمراض والأوبئة التي تفتك بالمحاصيل الزراعية وقصور المعالجة بسبب قلة الدعم الحكومي فقد تراجعت أعداد النخيل كثيرا على ما كانت عليه قبل الاحتلال بسبب انتشار الآفات الزراعية وانعدام وسائل المعالجة والمبيدات الحشرية وأضاف بان أراضيهم في الفرات الأوسط أصبحت متصحرة بسبب شحة المياه وبسبب عدم توفر الكهرباء والوقود والمبيدات وان اغلب بساتين النخيل ماتت للأسباب أنفة الذكر وان وزارتي الزراعة والري تتحملان المسؤولية الكاملة عن ما حصل لبساتينهم ومواشيهم  كما إن مجالس المحافظات غير مهتمة بشؤونهم. حيث كانت البساتين والمزارع منتجة للمحاصيل الزراعية والتمور والفواكه وكانت الحكومة السابقة ( قبل الاحتلال ) مهتمة بزراعة النخيل والمحاصيل الأخرى ومشجعة للفلاح على إدامتها مما أدى ذلك إلى اكتفاء ذاتي لمحافظات الفرات الأوسط وتصدير الفائض إلى المحافظات الأخرى إضافة إلى تصدير التمور إلى دول الخليج ، وكانت  الشركة العامة للمستلزمات الزراعية والجمعيات الفلاحية مهتمتان جدا بتوفير السماد الكيماوي وبأسعار شبه مجانية إضافة إلى قيام الشركة العامة للسيارات بتزويد المزارعين بسيارات البيكب والحاصدات والمكائن الأخرى وكان الفلاح يتفنن بزراعة محاصيل إضافية حتى وصل بنا الآمر والكلام للشيخ الفتلاوي إلى زراعة الزيتون و الموز والجوز والذرة، أما اليوم فالفلاح ترك أرضه وتطوع بصفة شرطي أو جندي مقابل بيع عدد من مواشيه لإعطائها رشوة لأعضاء المجلس البلدي أو مجالس المحافظات بغية تعيينه. أليس هذا  هوا لفارق بين عراق ما قبل عام 2003 وما بين العراق"الجديد" كما يسمونه ؟ واليس هذا الفارق بين العقلية الوطنية الكفؤة التي تقود البلاد قبل الاحتلال وبين العقلية المتحجرة ألان؟ وسرد  الشيخ الجليل قصة حدثت معه قائلا : في عام 1983 أصبح خلاف بيني وبين مدير الناحية ( ن ) وهو من محافظة ذيقار بسبب عدم انجاز مشروع جدول مبطن رغم مرور ثلاثة أشهر على مقاولة انجازه وهذا المشروع يروي الكثير من الأراضي والبساتين في الناحية ولم اقتنع بتبريرات مدير الناحية فتكلم بكلام أزعجني فيه وهو شخص كفء ونزيه وابن أصول وهددته بان اشتكيه لدى " صدام حسين" وفعلا في الصباح ذهبت إلى بغداد والى استعلامات القصر الجمهوري وقدمت شكوى وبعد ثلاثة أيام بلغت من قبل المحافظة بالحضور إلى القصر الجمهوري لمقابلة السيد الرئيس وكنت في حينها لم اصدق ذلك لان العراق يمر بحالة حرب مع إيران والرئيس هو القائد العام للقوات المسلحة ومنشغل بأمور الحرب فقلت مع نفسي لماذا أنا فعلت ذلك فندمت كثيرا على تسرعي بتقديم الطلب..!!، وفعلا حضرت بالموعد المحدد وإذا بي أشاهد مدير الناحية "ن " حاضرا أيضا وبعد أكثر من ثلاث ساعات على جلوسنا وضيافتنا في القصر الجمهوري نقلنا إلى مكان تواجد" الرئيس صدام حسين " فأرسل علينا سوية وكل منا تحدث عن أسباب المشكلة وإذا بسيادته يفتي بيننا قائلا وبالحرف الواحد ( الشيخ على حق ومدير الناحية على حق ) بعد أن أوضح لنا ذلك بقناعة نشاوره ونشكى له همومنا العامة والخاصة بل كان دائم السؤال عن تفاصيل أحوالنا الشخصية .  ونحاوره في كل القضايا السياسية والوطنية ومنها تكشف لنا معدن الرجل الذي يجمع بين مزايا القيادة ألحقه أخلاقها وفراستها وتواضعها وزهدها وصدقها وعلمها ومعرفتها وبين حداثة رجل الدولة الاقتصادي السياسي الجماهيري الحزبي المجرب الذي استفاد من عمالقة الحركة الوطنية والسياسية والرجل صدق فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله )

 

وسيادته كانت لديه فراسة يقرا بها كل ماحولنا قراءة أثبتت لنا الأيام صدق ما توصل  إليه في كثير من القضايا.وعند نهاية المقابلة طلبت من سيادته زيارة الناحية ونقلت له تحيات أبناء المحافظة والناحية وقد أوعدني بالزيارة وما أن مضى شهرا على المقابلة وإذا بسيارات النجدة تجوب شوارع الناحية صباحا لتخبر المواطنين بقدوم السيد الرئيس وسيارة من الحماية ومعها موظف من الناحية تقف أمام داري لتخبرني بمقابلة السيد الرئيس في بناية الناحية ثم أشار بيده على صور معلقة في المضيف واحدة تعود لجده ووالده  رحمهما الله يجلسان بجانب متصرف اللواء آنذاك وأخرى لجده مع احد الجنرالات الانكليز بعد معركة الرارنجية للتفاوض بشان أسرى من الجانبين وأخرى صورته مع السيد الرئيس صدام حسين في وسط جمهور غفير جدا من أبناء الناحية لدى زيارته رحمه الله للناحية حيث علق قائلا: أتحدى أي مسؤول في الحكومة اليوم أن يجمع واحد بالمائة من هذا الجمع الغفير وان يقف بوسط شعبه يستمع لمشاكلهم واحتياجاتهم ويأمر بتنفيذها فورا  ثم أضاف قائل ( ليش هو كلمن حجاله احجايتين وكعد ورى الكرسي صار مسؤول ... أنطي الفرس ألخياله ) .

 

 ثم أضاف قائلا :أليس هذه حقيقة ما كان عليه العراق قبل الاحتلال؟ يحتاج العراق اليوم إلى أمثال رجال قبل الاحتلال يتمتعون بثقة مواطنيهم، وطنيين غيورين على بلادهم، وأبطال أصحاب قلوب نظيفة خالية من أي أفكار مسبقة أو مرارات، وعقول نظيفة قادرة على الإبداع والخيال الخلاق، من المختصين اختصاصاً عالياً في فقه بناء الدولة ومؤسساتها وعلى قدر جيد من المعرفة الدستورية،


 إما رجال السلطة اليوم فهم يتصارعون حول الغنيمة  وان صراعهم لا يخلو من عواقب سيئة على
المتصارعين أنفسهم. وقد اثبت السنوات التسع العجاف من الاحتلال أن الخلافات حول النهب والسلب والتسلط قد أدت إلى إحداث انقسامات حادة بين القوى السياسية وانقسامات عضوية في الأحزاب نفسها، وميلاد أحزاب جديدة. فقد سبق أن انقسمت أحزاب كثيرة بسبب الصراع حول التسلط أو بسبب ما ارتضته قواها التنفيذية. وقد بدأت هذه الانقسامات في الظهور وأثرت على الحالات النفسية والمعيشية والأمنية لأبناء العراق العظيم. قصة الفشل السياسي الذي لازم النخب الحاكمة حتى أصبحت معلماً بارزاً من معالم تاريخنا الحديث.

.

وعليه لا يرغب المواطن العراقي المظلوم أن يرى كما يحصل اليوم  اتفاقات تقضي بتوزيع المناصب على أسس عرقية أو جغرافية أو دينية، حيث من حق أي مواطن العمل في دوائر الدولة، أو البرلمان، وان تكون المواطنة هي المعيار الوحيد في ذلك، إذا لا معنى لوثيقة دستورية مثقلة بقائمة طويلة من الحقوق والحريات، وفي نفس الوقت تجهض حقوق الآخرين في تولي المناصب العامة، ولا جدوى من دستور يحترم حقوق الإنسان كافة ويقوم بتوزيع المناصب على حسب العرق أو الجهة الجغرافية.او الطائفية ويعمل على إقصاء الخصوم ورغم ما قيل عن إمكانية اللحاق ومشاركة الآخرين ، إلا أن هذه المشاركة تصطدم بحقيقة أن هذا الدستور الهزيل يميز بين الفئات السياسية وبين أبناء الشعب تمييزا يستمر لعدة سنوات، كما يعطي الفيتو للقوى التي صاغته.

 

يختتم الشيخ فيقول هذه الحرب اللعينة المشئومة والاحتلال البغيض عطلت التنمية في العراق، خلفت كم هائل من الفاقد التربوي ، أعاقت  الناس عن ممارسة نشاطاتهم الحياتية ، حصرت كل أهل العراق في المدن أو المعسكرات ، النهب المستمر لأموال الناس دون وجه حق ، القتل العمد دون وازع ولا ضمير ولا رادع ، ساهمت في تفشى العطالة والتسكع في الطرقات ، أسقطت كل المفاهيم القيمة لتحل محلها الرزيلة ، حالت دون المبدعين والموهيين الأفذاذ من أبناء العراق العظيم من أن يثبتوا وجودهم ، كل هذه المثالب تفرض واقعا لا بد له وأن يزول بالرؤى الصائبة والأفكار النيرة  لأهلها وبخاصة العقلاء منهم  ذوى الأفكار الثرة والرؤى  الصائبة بالحكمة والجودية والرأي السديد.

 

وفي نهاية حديث الشيخ أبو فالح طلب من الحضور قراءة سورة الفاتحة على روح القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله وبعد إن قرأها الجميع وإذا بأحد الجالسين يقول مازح (  شيخنا أبو فالح المخبر السري سجل كل شيء ) فرد عليه الشيخ قائلا وبالحرف الواحد ( والله لااخاف من المخبر السري ولا  من هكذا حكومة أخاف فقط من الواحد الأحد كلمة الحق لابد أن تقال ) فصفق له الجميع ومدحوه على صراحته وشجاعته وقد أشاد الكثير من الحاضرين من أبناء عشيرته ومن أبناء العشائر الأخرى الحاضرين في المضيف به بأنه بثَّ الوعي الوطني في نفوس كثير من المواطنين لمقاومة الاحتلال الأمريكي الصهيو فارسي من خلال جلسات المضيف الليلية .. ألف تحية وتقدير للشيخ الفتلاوي على حسن الضيافة والكرم وعلى صدقه ونبله وشجاعته وبقاءه على العهد ولن تغييره رياح " الديمقراطية "المستوردة..!!

رحم الله القائد الشهيد صدام حسين واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء ووفقنا جميعا لتحقيق ماكان يصبو إليه ويتمناه .

 

 





الاحد٢٤ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ماهر زيد الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة