شبكة ذي قار
عـاجـل










رغم أن القوة العسكرية الإيرانية جاءت على حساب البنية الاقتصادية للبلد، حيث تصاعدت نسب الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية والإدمان على المخدرات الخ. إلا أن حجم وثقل هذه القوة العسكرية تبقى ضمن موازين أقليمية وليست دولية. ونكاد نجزم أن التصريحات التي أطلقها بعض القادة العسكريين الإيرانيين حول غلق مضيق هرمز هي للإستفزاز الإعلامي وليس للمواجهة الميدانية. بل أن النظام الإيراني برمته يدرك هذا الأمر جيداً وللأسباب التالية :


أولاً : تُعتبر إيران عضواً في الأمم المتحدة، وأن إقدامِها على غلق منفذ مائي دولي يعبر من خلاله 17 مليون برميل يومياً، ناهيك عن ملايين الحاجيات التجارية الأخرى، سيجعلها في تضاد طبيعي مع المجتمع الدولي. وهكذا تقابل سلبي سوف تخسر فيه إيران خسارة باهضة ومؤكدة.


ثانياً : أن القوة البحرية الإيرانية مهما تمكنت بدايةً من غلق المضيق، فأنها لن تستمر طويلاً بالاحتفاظ بهذا الموقف العسكري. خصوصاً وأن مواجهتها الحربية ستكون مع قوات دولية على رأسها البحرية الأمريكية والبريطانية وغيرها.


ثالثاً : أن الاقتصاد الإيراني لا يتحمل أعباء حرب خارجية تستهلك سريعاً معظم طاقاته. فالمواجهة الحربية مع دولة عظمى كأمريكا تتطلب حسابات كثيرة ودقيقة.


رابعاً : أن إغلاق مضيق هرمز يعني خنق قاتل للاقتصاد الإيراني نفسه. وإذا تتمكن مؤقتاً دول المنطقة والعالم من إيجاد ممرات بديلة لتجارتها، فأن إيران لا يسعها ذلك وهي في حالة حرب مع المجتمع الدولي.


خامساً : أن الخسائر بالأرواح والمعدات ستكون فادحة وباهضة على الجانب الإيراني، نظراً للفوارق التقنية العالية والمتقدمة وخصوصاً في الجانب العسكري الأمريكي.


سادساً : قد ينتج من هذا الغلق أن يتبنى مجلس الأمن الدولي قراراً أو قرارات ضد إيران. وبالتالي يجد النظام الإيراني نفسه في قبضة لا مفك منها سوى السقوط، كما جرى مع النظام العراقي سابقاً.


وعليه فأن موقف إيران من غلق مضيق هرمز هي سياسة تهديدية ليس إلا. فالنظام الإيراني يعمد إلى مناورة عسى أن يخفف فيها وطأة العقوبات الاقتصادية بسبب برنامجه النووي من جهة. ومحاولة منه لشد الداخل الإيراني نحو عدو خارجي من جهة أخرى.


وإذا أراد النظام الإيراني الإقدام على غلق جزئي لمضيق هرمز، لكي يجابه به التصعيد الأمريكي خصوصاً، والغرب عموماً. فأن هكذا عمل سيجلب على إيران نتائج عكسية أيضاً. إذ أن أستعراض العضلات العسكرية في مجال إقتصادي عالمي حساس يخضع إلى قوانين دولية، سوف يزج بإيران في مواجهة مع الإرادة الدولية التي ستكسب النزال في آخر المطاف.
أما إن كانت نية النظام الإيراني جر القوت الأمريكية في إشتباك بحري يؤدي إلى تدخل بري لإلحاق خسائر بشرية في صفوفه، وهذه نقطة الضعف الأمريكي دوماً. فأن هكذا تفكير قد لا يتحقق، لاسيما وأن درس المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي ما زال ماثلاً للعيان.


وبما أن ملالي طهران يمتلكون الدهاء والمراوغة والحيل الخبيثة، لذا فأنهم سوف يحافظون بصورة أو أخرى على قوتهم العسكرية ونظامهم السياسي ومصالحهم الاقتصادية وذلك عبر الشد والجذب في تصعيد مترجرج يغتنمون فيه الفرصة المؤاتية لصالحهم. ولحين تحقيق هكذا أمر، ستبقى فكرة غلق مضيق هرمز مجرد جعجعة إعلامية خالية من التنفيذ الميداني.

 

 





الاحد٢١ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة