شبكة ذي قار
عـاجـل










أثبتت الدراسات التاريخية أن الحضارة العربية من أقدم الحضارات وأغناها ثقافة ، وهي الحضارة التي غذت حضارات الكون جميعاً وأثرت بمسارها وتقدمها دون أن تؤثر أي حضارة أخرى بها تأثيراً جوهرياً.


وحكم العرب دول ومناطق عديدة منها أوروبا قبل الميلاد،وكان القائد العربي فيليب الذي حكم أوروبا وعاصمة دولته مدينة سرت الليبية حالياً وأخته حكمت بذات الوقت سوريا الطبيعية والعراق والاحواز وأجزاء واسعة من الخليج العربي وتركيا وأجزاء واسعة من ارض الفرس.


ضعفت الدولة العربية المركزية بممالكها المختلفة نتيجة الترف والفساد الذي أصاب منظومة الحكم وثورة القبائل داخلياً والقبائل الغير عربية.


وخضع العرب لحكم أباطرة ودول مختلفة وكان هناك محاولات لبناء دولة عربية مركزية والاستقلال والتحرر كان من أبرزها محاولة القائد (مينا) ومحاولات لقادة آخرين وثبت بالتاريخ أن العرب في حال تعرضهم لأي إساءة تمس ثوابت الهوية الحضارية والتي سنتحدث عنها في الأوراق القادمة يتوحدون بوجه المعتدي.


الهوية الحضارية للعرب هوية تامة،جاءت نتيجة تراكم الخبرة والمعرفة ، وللإنسان العربي خصال وصفات هي بمجموعها مرآة الهوية الحضارية .


وهذه الخصال والصفات والفضائل لم تجتمع إلا بالإنسان العربي والوصف الدقيق للعرب، أنهم رماحهم طويلة ، أعراضهم جواهر، نار موائدهم لا تطفئ، البخل عندهم منبوذ والإسراف محتقر والكرم بلا حدود، والمروءة والشجاعة ظلهم.


والحوادث التاريخية المثبتة التي تبين واقعية هذه الصفات والخصال والفضائل متعددة ولا تحصى ، ومنها قصة الكرم الطائي وما حدث مع السيدة هند زوجة أبو سفيان قبل إسلامها فقد سمعت رسول الله صلى علية وسلم يقول (أن الزنا محرم ) فردت عليه بالقول ( أو تزني الحرة يا محمد) وقصة أبو جهل عندما كان يشرب الخمر مع تاجر من الحبشة وكان الرجال يطوفون حول الكعبة عرايا وهم يصفقون ويصفرون فسأل التاجر عن سبب عدم تعري النساء بالطواف فرد أبو جهل غاضباً ( أنهن حرائر) .


وفي هذا المقام حوادث كثيرة وكما أشرنا بالورقة الأولى عن معركة ذي قار وسببها أن كسرى طلب الزواج من بنت الحارث بن نعمان ورفض الحارث،فالعرب لا تزوج الحرة إلى أعجمي ، وكانت المعركة لهذا السبب.


الخلاصة من هذا بالعودة إلى بدء الدعوة الإسلامية وبالتدقيق بتعاليم ومبادئ الإسلام نجدها عززت الخصال والفضائل بأحكام سماوية دون المساس بها وحثت عليها ، وعلى سبيل المثال كان حكم السارق قبل الإسلام قطع اليد وجاء الإسلام بذات الحد.


وكما أسلفنا القول فإن الإسلام بمبادئه وتعاليمه عزز المكانة العربية بالحفاظ على الخصال والفضائل كون القومية العربية تشكلت بظروف سماوية أسهمت بجانب تراكم الخبرة لنشأتها وتطورها.

وقد جاء قول الرسول صلى الله علية وسلم في أكثر من موضع للحديث عن مكانة العرب منها ( من سب العرب فأولئك هم المشركون) وقوله أيضاً ( أحبوا العرب وجالسوهم) ،فالعلاقة بين العرب والإسلام علاقة تكاملية لا يمكن لطرف أن يستقل دون الآخر، فمن يدعي أن القومية العربية طارئة بأي شكل من الأشكال هو منكر لجوهر الإسلام .


والعربي هو المعني الوحيد بالدفاع عن أي مسلم ، والمسلمين في أي بقعة من بقاع الأرض هم رعايا الدولة العربية، وفي هذا لنا حديث في ورقتنا الثالثة.
وبالعودة إلى أسباب تراجع التيار القومي عموماً والذي اشرنا إليه في ورقتنا الأولى أن القطريين جابهوا القوميين وعملوا ضد وحدة الأمة تحقيقاً لمنافعهم الخاصة شخصيةً كانت أو تنظيمية.


ولم يلتفت القوميون تنظيمات وأفراد خلال مسيرتهم إلى القطريين لمجابهتهم مجابهة حقيقية مع أنهم حذروا منهم واعتبروهم أحد أدوات الاستعمار.
وفي المسيرة النضالية التنموية للقوميين كان شغلهم الأساس التصدي لقوى عداء الأمة وبخاصة الصهيونية التي احتلت فلسطين بدعم القوى الاستعمارية وتأمر القطريين.


وفي لحظات البناء والتنمية لقطر محدد حكم من قبل القوميين كانت التنمية جزء من المشروع القومي الناهض، وقد نجح القوميون بمعركة التنمية والبناء والتقدم وخاصة في مصر والعراق، وكان التركيز على اللحاق بركب التقدم العلمي في العالم من خلال بناء الإنسان وتطوير أدائه وتحديث إمكانياته، وفي ظل معركة البناء الداخلي قاد القوميون معركة الدفاع عن الأمة فالنظام القومي في مصر حارب ودعم وهيأ الظروف للتصدي للاستعمار بكل أشكاله دفاعاً عن كرامة الأمة وقضيتها المركزية فلسطين، وكذلك فعل النظام القومي في العراق، مع الأخذ بعين الاهتمام أن النظام القومي بقيادة (احمد بن بيلا) استطاع تحرير الإنسان والنهوض به.


أخطر القطريين بالتصنيف الذي أشرنا إليه بورقتنا الأولى لا يقل عن خطر المستعمر كونه أداته الداخلية في التخريب والتعطيل.
وأخطر القطريين على مشروع الوحدة والنهضة هم التيار السياسي الإسلامي واليسار عموماً.


فقد تعامل التيار السياسي الإسلامي مع المشروع الوحدوي بطريقتين مختلفتين حسب المدرسة الفكرية للتيار، فمدرسة دعت إلى تدويل العرب رافضة فكرة وحقيقة أنهم جوهر الإسلام فبايعت الأعجمي قائداً وسارت بركبه دون إدراك منها لفهم معنى الهوية الحضارية فغلبت فهم القوة على المنطق والضجيج على الحقائق العلمية والتاريخية.


ومدرسة أخرى حالفت النظام القطري دفاعاً عن مصالحها وأصبحت أداة بيد الاستعمار يحركها ويوجهها لمجابهة التيار الوحدوي، مستخدمةً عباءة التدين لتمرير مشاريع قطرية تخدم الاستعمار من خلال ترويجها للنظام القطري وتحالفها معه والدفاع عنه وإعطائه شرعية شعبية لكل الإجراءات والقوانين القطرية التي تهدف إلى تعطيل المشروع الوحدوي.


ولم يختلف اليساريين عن التيار السياسي الإسلامي مع أنهم يتوزعون إلى أكثر من نهج إلا أنهم بعمالة بعضهم وغرور البعض الأخر وصبيانية الآخرين ،وعدم فهمهم جميعاً لمعنى العروبة وخصائصها وخصالها التي تميزت بها عن كل حضارات الكون، أصبحوا جزءاً من الطرح القطري، وبعدائهم اللا أخلاقي للإسلام مع تحالفهم المبطن مع تيار الإسلام السياسي ، صاروا أعداء تقليديين للتيار الوحدوي.


أن إنكار أحد جناحي الحضارة العربية إسلاميا أو قومياً، هو إنكار للتيار الوحدوي وانحياز كامل للقطرية.
فمعركة القوميين اليوم ضد القطريين معركة أساس لتحجيمهم وتجريدهم من وسائل شرعيتهم التي اكتسبوها زوراً.
وفي ورقتنا الثالثة سيكون الحديث عن القوميين ومدارسهم وأسباب تراجعهم من خلال فقدانهم لوسائل و أدوات الاتصال بالجماهير.


Etehad_jo@yahoo.com

00962795528147
 

 

 





الاربعاء٢٥ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة