شبكة ذي قار
عـاجـل










● هنالك الكثير من الثقافات المريبة لم تظهر بعد والتي تصب في تجزئة المجتمع العربي وتحت خطابات وشعارات يَنْخَدِعُ بها الكثيرين ويروج لها اليوم الكثيرين كتقسيم الواقع العربي من جديد بمشارط الطائفية والمذهبية,والاحداث الدموية التي صاحبت ولا زالت تصاحب التغير في ليبيا وتونس ومصر تعطي مؤشرات واضحة بهذا الاتجاه.ومن خلال ذلك يتأكد أن الحاجة ضرورية بل و ملحة لفكر أو موضوع النظرية القادرة على إستيعاب حركة الواقع والتأريخ معاً,والقادرة في نفس الوقت على إستيعاب وبشمولية أهداف المجتمع العربي .وإن هذه الشمولية في النظرة للمجتمع العربي وحتى الانساني فرضت نفسها على المفكرين البعثيين أن لا يتعاملوا مع الاعدادات النظرية ولا مع صياغة النظرية البعثية إلا من خلال المنافذ الاوسع للحياة العربية وأن لاتكون النظرية حزبية تقتصر في تحليلاتها وتحديد اهدافها على المنتمين لهذه النظرية,بل الامر تجاوزها الى الحد التي أصبحت النظرية البعثية نظرية حياتية للامة العربية وهذا يتأكد من خلال دقة التعاريف للمفاهيم والقيم التي أختارها البعث وأعتمدها في تفسيره للجدلية المعاصرة بين مشاكل ومعوقات تطورالامة وبين قدرات الامة الحقيقية والتي قد تؤثر في رسم الحياة العربية المعاصرة,وأيظاً من خلال حركة التطورالتي يجريها البعث سواء على مستوى نظريته أو السلوك النضالي والملاحقة القيمية لكل حالة تؤدي الى تباعد بين هذه القيم ومبادئ نظريته من جهة وبين السلوك النضالي للمنتمي وللحزب بشكل عام, وهذا كان ولا يزال يتجلى بإيمانه وتصرفه اليومي بمبدأ النقد والنقد الذاتي,وكل هذا لان البعث يمثل قيم و مبأدئ أستمدها من الشرائع السماوية وتعامل معها وحافظ عليها..أي أن البعث ليس حزباً فكرياً و تنظيمياً فقط,بل إنه مدرسة حياتية خَرَجت مناضلين بل أجيالاً من المناضلين وسيبقى مدرسة حياتية متطورة لتتخرج منه أجيالاً قادمة وستتراص هذه الاجيال لتشكل الهرم البعثي العملاق ليقف بإقتدار الى جانب الاهرامات الخالدة في التأريخ العربي الاسلامي وحتى الانساني,سواء كانت تتعلق بالفكر والنظريات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو التي تعلقت(هذه الدالات من الاهرامات التأريخية) بالادوار القيادية للمجتمع العربي عبر مراحل تطوره.ومن الحقائق الثابتة والقوية في هذا الحزب أن كل مناضل فيه سيحتفظ بلبنة في هذا البناء,و أن حجمها وأبعادها سيحددها دوره النضالي في هذا البناء ولا يحتاج الامر لاي تذاكي من احد أن يكبر أو يقلل من طوبة كل مناضل في هذا البناء ,فالتاريخ  كفيل بتدوين مثل هذه الحقائق,وسيسجله بعد معاينة حقيقية لكل دور تشكل عليه هذا البناء العملاق.المناضل لا يحتاج لمن يدعي بإسمه لان تأريخه النضالي وجعبته النضالية هي و هما اللذان يفرضان وزنهما وثقلهما النضاليين على الاخرين.وكما أن الابطال في المعارك دالتهم الشرفية مؤشرة على صدورهم فحياة المناضل البعثي تؤشر هويته  في مقدار ونوع مساهماته النضالية الفكرية والتنظيمية, ومن أراد أن يعبر عن إيمانه وحبه بشخصية نضالية وطنية أو قومية فأن الدقة العالية مطلوبة في عدم المزج بين ضرورات العقل وإندفاعات المشاعر, ولان صيغ التعبير لا تختلف فقط بحكم الزمن ولكن ايظاً تختلف بحكم الواقع المحلي والدولي ايظاً,وهذه الدقة مطلوبة أيظاً  في عدم حشر الجهد النضالي الكبير والعميق في أبعاد شخصية واحدة ولو كانت مناضلة وذات تأثير في مسيرة الجماعة أو الحزب.والذي أُريد أن اصل اليه هو خطورة إطلاق تسميات أو عناوين على الحزب مدسوسة من قبل أعداء مسيرته أوتسميات تحجم الحزب بشخصية قيادية مهمة من قبل رفاق يعظمون الشخصية القيادية أو حتى تغليف فكره القومي الاشتراكي التقدمي بأغلفة غريبة نوعاً ما عن أهدافه,أي إنتقاء مقصود من فقرات ستراتيجية موجودة في برامج الحزب وتقديمها على ألاهداف الرئيسية للحزب بهدف إيجاد مداخل لتحريف الحزب عن مساره الاصلي,كما حدث في بداية الستينات من القرن الماضي بحيث قدم بعض المتطرفون في الحزب  التفسير الماركسي للاشتراكية البعثية في ظروف كان هنالك تمدداً للفكر الماركسي في الوطن العالم ومع ذلك لم يجرئوا على إصطناع تسمية للحزب وبقى الحزب ولليوم يحمل البعث العربي الاشتراكي ويحمل نفس الاهداف وقد يكون هنالك إجتهاد قد حصل في مسئلة الطريق للتنميةوالبناء الاشتراكي وعلى مستوى الستراتيج فقط,ولكن بالنتيجة لم يكن هنالك تباين حول نظرية الحزب وأهدافه.ولا يمكن أن يُحسب هذا العمل بالانشقاق بقدر ماهو كان تقديماً وتقديساً للعفوية والاندفاعات المتطرفة في العمل الثوري.وهذا يعطي دلالة الى أن التحديد النظري لمسائل تتعلق بالنظرية الثورية او طرق تطبيقاتها ليس عمل مذهبي أو تنظري ومن اللذين أفتقدوا الى الابعاد النظرية للفكر البعثي مثلاً,أو حتى لأي تنظيم ثوري.ولأن النظرية البعثية نظرية متطورة وليست جامدة تتصف بنوع من الدوغمائيةوفالخلافات في التطبيقات أمر ليس شاذاً ولكنه في نهاية الامر يفضي الى جدلية صحية للتطبيق من خلال التجربة الناجحة في أي قطر عربي بشرط أن لا يفضي الى الطرق الدموية والعنيفة والمتطرفة.


( والحقيقة الثانية ) :- أن الفكر البعثي فكرٌ يلاحق التغيرات التي تحدث في الوطن العربي ولكنه يرتبط بها,ويتأثر بها ولكنه في نفس الوقت يؤثربها ,ولكن هذه الجدلية لا تجعله يغرق في إتجاهات ـتأثيراتها,وهذا ما يبعد عملنا عن العفوية التي تربك حركة الثوريين.ويصف مؤسس البعث الاستاذ ميشيل عفلق الحركة الثورية الاصيلة:(الحركة الثورية الحريصة على الصدق وعلى التجدد وعلى أن تبقى دوما قريبة  من قلوب الجماهير وقريبة من نبضات التأريخ.. عليها أن تعيد النظر بين الحين والآخر لتمتحن عملها وأفكارها وشعاراتها ولترى بملء الرؤية إذا كانت لا تزال قريبة من الواقع)(1),ويؤكد في وصف الصدق في حركة البعث يمثل بقدر ملاصقتها للواقع امر الذي يبعدها عن التجريد, ويقول):هذا أيتها الرفيقات وأيها الرفاق تذكير لنا جميعا بأن لا نغرق في المجردات وأن لا نسكر بالشعارات وأن لا نبيع الحقائق بالكلمات.. علينا أن نعود باستمرار إلى واقعنا الحي نتفحصه نحدب عليه، بغيرة وحب وتفاؤل لنرى ما حققناه وما أنجزناه ولنرى ما بقي علينا أن نتابعه وننجزه. هذه العملية مطلوبة في حزبنا.. مطلوبة باستمرار لكي نبقى صادقين مع أنفسنا.. صادقين مع حركتنا ومع امتنا ولكي تكون خطانا على أرض الواقع لا في أرض الأوهام، وأن يكون تفاؤلنا تفاؤلا جديا ناتجا عن معرفتنا ووعينا للظروف وللواقع لا عن تجاهلنا لهذا كله.)(2).

 

فشمولية الفكر القومي البعثي لا يعني أبدأ إختزالاً لغير العرب اللذين يتشاركون مع العرب الارض والمصير وايظاً لايعني إنغلاقاً على النظريات الاخرى سواء ماركسية أو ليبرالية,فهي نظرية تتسع لكل الاضافات والاجتهادات ولكن ضمن حدود فكرية رئيسية وجوهرية,وإلا ما كان البعث إنقلابياً..


(1) حديث في مدرسة الإعداد الحزبي بتاريخ 11/5/1977
(2)   حديث في مدرسة الإعداد الحزبي بتاريخ 11/5/1977

                                                 

 

 





الاثنين٠٩ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة