شبكة ذي قار
عـاجـل










  إذاً  يمكننا أن نقول من خلال الذي قلناه بأن هنالك حقيقتين مهمتين وأساسيتين تجاوزت كل الافتراضات  والافعال النضالية وسواء على المستوى النظري أوالنضال الثوري على الساحة العربية وحتى في بعض ألاحيان والمراحل كانت تبرز بل تفرض نفسها وبقوة وفعل نضالي إنساني وفي مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقد أفلحُ في إقتناص نموذج واحداً لكل منها,إجتماعياً إنسانياً منح المرأة حقوقها,وثقافياًوإنسانياًالقضاءعلى الامية بالكامل في تجربة البعث في العراق,وسياسياً وإنسانياً منح الأقليات الحقوق الثقافية والدينية ومنح الاكراد الحكم الذاتي في شمال العراق,وفي السياسة الاخلاقية كان العراق الاول من أعترف بدولة المانيا الديمقراطية من خارج المنظومة الاشتراكية في حينه,والمواقف الوطنية والقومية كثيرة وكبيرة كانت في التجربة البعثية.إن هاتين الحقيقيتين  والتي أُريد ان أجتهد من خلاله وذلك من خلال عدة ظواهر و حقائق ومواقف وعلى مدى أكثر من ثمانية عقود وهي :


(الاولى):- أن البعث فكرياُ  هو حصيلة الجهد الثقافي والفكري والممارسة الثورية ولكل مناضليه من المفكرين والمثقفين وعلى مدى مسيرته, وبنفس الطريقة التحليلية وبذات الادوات العلمية والعملية يمكننا ان نفهم مجموعة مواقفه النضالية سواء على مستوى كل قطر عربي أو على المستوى الدولي,ومن هذا نستطيع أن نقول أن الفكر البعثي هو اشمل من ان يُنسب لاي من مثقفيه أو حتى أحد مفكريه,وأن مواقفه النضالية العظيمة هي أيظاً أشمل واكبر من مواقف أي مناضل أو قائد أفنى سنين عمره في العمل البعثي الثوري,يمكن ان اضيف إجتهاداً لي في هذه المجموعة من الاستنتاجات أن دور القائد المؤسس الاستاذ ميشيل عفلق يستثى من هذا كله بإعتبار أن جهده الفكري والنضالي كان موجوداً في التأسيس سواء على مستوى الفكرأو المواقف التي تمخضت عنها مرحلة تأسيس هذا الحزب العظيم وإستمر هذا الحراك الفكري و النضالي الى أخر يوم في حياته..أي بتعبير أدق نقول أن النظرية البعثية نشأت من تفاعل كبير وكثير بين  العديد من مناضليه مفكرين ومناضلين, وهي لم ترتقي لان تكون نظرية ثورية إلا لكونها تخطت نظريات الاستنتاجات العامة,بل إنها أكثر بكثير من ذلك إنها كلُ متماسك ومتفاعل من التحليلات والاستنتاجات,وهذا الكل كان ولايزال ليومنا هذا يغتني دائماً ويتمدد بالمعرفة وبما يضيفه عليها الاستكشافات الجديدة  للتاريخ العربي الغني بالنظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمواقف والمحنكة في تصريف الازمات وبنسبية في الرؤية والتعامل تتحكم بهما عاملي الزمن والبيئة, وما يؤثر فيها من إفرازات الواقع ومن قبل كل مناضليه.. وإن هذه القدرة في الاغتناء من التأريخ العربي الاسلامي كان بالدرجة الاولى في بداية التاسيس ظاهراً في التأثيرات الفكرية للتأريخ العربي وعوامل تطوره على الصياغات الاولى للفكر البعثي و بما قدمه من دروس وعبر الى جانب كل عوامل وعناصر محركاته العامة ضد التحديات التي تواجه الامة وأسباب قهرها وبمزاوجة دقيقة لهذا الاغتناء مع معطيات وإفرازات الواقع كانت الانطلاقة الاولى للنظرية الفكرية البعثية,بل ما زالت نهجاً يتعامل به هذا الفكر الغني باسس التجربة العربية المستوحاة من التاريخ وبما يفيض عليه من الحركة اليومية للمجتمع العربي من فكر مضاف.ويتمتع هذا الفكر الى جانب كل ذلك بخاصيته في إمتصاص الفكر والثقافة العربيةعموماً المُنقى من شوائب ومداخلات فكرية وثقافية غريبة تسللت عبر مراحل إستعمارية تَحكمت بحياة الامة العربية سواء كانت صفوية الاتجاه أو عثمانية النوايا أو غربية المناهج,والتي كانت وما زالت هذه الشوائب الفكرية تُصَدر للوطن العربي بهدف خلق ثقافة وطريقة حياة هجينة تخلط بين الثقافة العربية وهذه الثقافات ولكن ليس بصيغة الجدلية بل بصيغة التبادلية والتي تمهد لضياع الطريق العربي الخاص في بناء المجتمع بناءاً سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.وقد أعتمدوا هولاء في تحقيق ذلك أولاً بخلق ثقافات جديدة غريبة عنا ومن ثم تسويقها الى العرب عبر أقلام أوإعلامين عرب يمكن إستئجارهم من بازار الاعلام العربي الرسمي وهو اليوم في بحبوبة من التوسع وتحت شعار تفاعل الحضارات والثقافات ليُفتتح بازارات كثيرة تُسَوقْ للاحلال الثقافي بدلاً من التفاعل الثقافي,والحق يقال ان الامة العربية من الامم التي يشهد لها التأريخ بحبها ورغبتها وأيظاً بخطواتها الايجابية في مجال التفاعلات الثقافية سواء الادبية او العلمية أو الفنية,فهي أخذت من ثقافات الاخرين من الامم وأضفت لها وأعطت الكثير من الذي عندها,ولكنها تعيش اليوم في خضم أفعال تهدف لتميع خصوصيتها الثقافية والحضارية بإعتماد التبادلية والاحلال وتحت خطابات كاذبة تحمل شعارات التفاعل والحوار..


إننا نعيش اليوم في عالم تتحكم فيه قوة تقوم على نشر خطابات تتداخل فيها الكثير من القيم والمبأدئ ومن هذه الخطابات ما يحمل الكثير من شعارات العمل على تفاعل الثقافات ولكن الواقع يقرأ هو إحلال الثقافات بل فرض ثقافات كما حصل ويحصل في العراق بعد الاحتلال,ولفرز حقيقة هذه الخطابات يحتاج الكثير من الجهد والعمل, أولا قلوب وعقول من الايمان بإصالة الامة والعمل بجدية بإتجاه ذلك, وثانياً قوة فكرية قادرة على الفصل في هذه الحملات الديماكوجية المضللة للجماهير العربيةوليس الذوبان في شعارات هذه الخطابات وثالثاً قوة إعلامية مادية ومؤسساتية لمواجهة هذا النوع من التدابير التي تهدف لضياع شخصية الامة.وإلا سوف يأتي يوم (لا سمح الله به) سيكون طريقة التفكير والسلوك العربي غربياً أكثر من الغربي نفسه,ودليلي الواقع الذي يفرزه الان ما يسمى بالربيع العربي,فالتأريخ الغربي المعاصر يكشف عن ان التغيرات المعاصرة في الغرب وحتى تلك التي كانت حادة ومتطرفة إذا صح التعبير لم يشمل العنف شعوبها ذاتها ولم تنقسم الى معسكرات تتصارع بينها, ولكن التغيرات أفضت الى معسكرين اساسين فالمعسكر القديم كسلطة أو حزب ومعه جماهيره سَلم السلطة الى قوى التغير الجديدة,ولم يعيش المجتمع حالة من الفوضى والاقتتال والعنف, فالقيادة السابقة حوكمت في أقسى الحالات بعدالة وإنصاف ووفق قوانين وبقضاء عادل يتماشى في بعض الاحيان مع حقوق الانسان,وأستمرمعسكر القديم في نضاله ولم يستسلموا فكرياأو ثقافياً بل نقلوا صراعهم بعد التغير  الى صراع سياسي سلمي وشكلوا جبهات من المعارضة الجديدة. وهذا الذي حدث في كل بلدان الاتحاد السوفيتي السابق,وحتى في رومانياالتي كان التغير فيها دموياً بحق الرئيس تشاوشيسكو وعائلته وحاشيته فقط, والان يعيشون الرومانيون جميعاً بنظام يتصارعون عليه سياسياًوكفى.ونحن في بلداننا العربية التغير حدث ويحدث عبر طريق دموي,فالاعدام هو وسيلة التغير والاقصاء والاجتثاث معاويل لتهديم المجتمع وحرق البلد بطريقة لا تدل على رُقي في اساليب التغير كأنما الدولة ملك للسلطة..وهذه أمية قاتلة لان اللذين يريدون التغير لايمتلكون ثقافة شاملة ومن خلالها يفهمون ان السلطة أو النظام شئ و الدولة شئ اخر,ولم تكتفي إنتفاضات التغير بذلك بل أُخذ المجتمع الى أكثر الاتجاهات تخلفاً في العالم وهوالاتجاه بالمجتمع نحو الطائفية والانقسامات المناطقية والعرقية, وبالتأكيد السبب واضح لان قوى التغير العربي  سمحت للاميريالية الصهيونية أن تنفذ الى حركتها, والعراق الجديد نموذج لهذا الواقع والذي يسير بإتجاه تحقيق الاهداف الصهيونية لتقسيم العراق والعالم العربي كله تحت أخبث بند دُسَ فيما يسمى بالدستور العراقي الجديد وهو الفدرالية.فاين شعارات الحريةوالديمقراطية من هذا الواقع السئ؟

 

 





الاحد٠٨ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة