شبكة ذي قار
عـاجـل










عجائب وغرائب العراق "الجديد" لا تعدّ ولا تُحصى. ويحتاج المرء الى أيام وأسابيع لكي يستوعب ويهضم ويفهم, ولو بشكل بسيط, ما يجري في يوم واحد في ذلك البلد المنكوب على يد قادته الجُدد, خصوصا من أصحاب العمائم السوداء ذات"الطوابق"المتعددة. فهؤلاء, وبالرغم من علاقتهم الغامضة والمشكوك فيها والخالية من المصداقية والجدية بالدين الاسلامي وآل البيت الكرام, الاّ أن لديهم قدرات خاصّة, لا يتمتّع بها عادة رفاقهم الأفندية أصحاب الوجوه الحليقة المعطّرة, في الدجل والشعوذة والتمثيل والرقص والقفز على الحبال والعوارض والحواجز من أجل إضحاك وترفيه الجمهور, يحسدهم عليها أكثر معلّمي ولاعبي السيركات ( جمع سيرك ) خبرة ومهارة في العالم.


لكن يبقى الدجال مقتدى الصدر, وصفة الدجّال برأيي هي أكثر الصفات ملائمة لسماحته, هو الشخص الوحيد بين "قادة" العراق المحتلّ أالذي يُفترض ان توضع أخباره وتصريحاته على إقراص سي دي وتُترجم الى جميع اللغات الحيّة والميّتة وتوزّع على شعوب ودول العالم, بما فيها طبعا الدول الغنية, لما فيها من مُتعة وفكاهة وطرافة تزيل الهم وتجلي الغم وتجعل الانسان يبتسم لأكثر من عشرة دقائق حتى وإن كان قد دفن والديه الاثنين قبل ساعة !


ويبدو أن جزءا من دماغ سماحة الدجّال مقتدى الصدر أصيب بعطل فنّي نتيجة دراجات الحرارة المرتفعة جدا في شهر آب. ونحن في جنوب العراق نقول عن العشرة الأوائل من هذا الشهر إنها, "تذوّب المسمار بالباب" من شدّة حرارتها. وغرابة ما في أقول وتصرفات "سماحة" مقتدى الصدر الغريبة جدا هو أنها خارجة عن جميع السياقات وبعيدة عن النظريات ولا تدخل ضمن منهج أو أسلوب أو مبدأ أو نهج معيّن. لا علاقة لها بواقع أو بخيال أو بظرف ما. فهي خليط من التناقضات والاشكالات المتشابكة والمتداخلة فيما بينها.


فقبل أيام أصدر الصدر مقتدى أمرا يمنع فيه إستخدام مكيفات الهواء والكراسي والطاولات والأرائك في مكاتب تيّاره. وقال في بيانه أنه: "يمنع ويلغي كل مكيفات الهواء والارائك والطاولات داخل مكاتب الشهيد الصدر وداخل الفروع التابعة له...",بل أمر بأن "تتحوّل الجلسة الى جلسة أرضية! " ّ لكنه إستثنى من هذا الأمر العجيب الغريب الهيئة السياسية التي تملك مكتبين في بغداد والنجف, وبعض المكاتب والمراكز المهمّة التابعة له, والتي ترتادها "النخبة" المدلّلة من تياره. الآخذ في التباطيء والانحسار.


وبالرغم من أن مقتدى الدجّال لا يشغل منصبا في دولة وحكومة العراق الجديد كوزير زراعة أو مدير عام أو وكيل في أحدى المؤسسات الزراعية, ولا حتى محافظا أو مرشدا في أمور البيئة والثروات النباتية, الاّ أن "سماحته" طالب أتباعه في جميع المكاتب والفروع بدون إستثناء على " العمل من أجل زراعة وتشجير حدائق الفرات, بل الأرصفة وما حولها, لاظهار العراق بصورة أجمل". ولا أحد يعلم, حتى الفتى الأرعن مقتدى نفسه, على نفقة مَن يقوم هؤلاء الأتباع "الرعاع" بهذ العمل المضني والمكلّف ماديا والذي لا يدخل في إختصاصهم أو واجبهم, لا مهنيا ولا إداريا ولا دينيا؟


ثمّ هل طلب مقتدى الأبله أو إستأذن أو فتح الموضوع مع وزارة الزراعة, أو على الأفل مع محافظي ورؤساء بلديات المدن الواقعة على الفرات؟ أم أن كلامه هذا, الذي قاله في الليل وسيمحوه النهار, مثل تهديداته العنترية ووعيده الفارغ ضد قوّات الاحتلال الأمريكي؟ خصوصا وأنه أعلن في التاسع من تموز عدم إعادة ما يُسمى بجيش المهدي الى العمل حتى لو لم تنسحب القوات الأمريكية من العراق, وذلك بسبب "إزدياد المفاسد بين صفوفه". ولكي يعاقب "سماحة" مقتدى الصدر أتباعه الفاسدين والمفسدين فقد قرّر إغلاق موقع التيّار على الانترنت لمدة شهرّ !


ويُشار الى أن الدجّال مقتدى الصدر ألزم قبل إسبوع أتباعه, الذين هم على شاكلته, بالتوقيع على نص يتعهّدون بموجبه بالالتزام باحكام الدين - أي دين هذا الذي يؤمن به المشعوذ مقتدى - والابتعاد عن الكذب والأذيّة! ومن الصعب حقيقة على بسطاء الناس فهم المغزى والمقصود تحديدا بكلمتي"الكذب والأذيّة"بسبب ضحالة إسلوب "سماحة" مقتدى وإنحطاط مستواه اللغوي والأدبي والثقافي بشكل عام.


وهو معتاد, لكونه بلا رصيد بلاغي أو خطابي, أن يطلق الكلام على عواهنه, ويرتجل أوامره وفتاواه بشكل عشوائي دون أن يعير إي إهتمام أو وزن لما يحصل بعد ذلك. لأنه يدرك أن التابع والمتبوع من نفس الطينة العفنة. وقديما قال أحدهم: "عن المرء لا تسأل وسَل عن قرينه - فكلّ قرينٍ بالمقارن يقتدي". أسمعت يا دجّال الحوزة الناطقة بالفارسي؟

 


mkhlaf@alice.it

 

 





الاثنين٠٨ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة