شبكة ذي قار
عـاجـل










تذكّرت مقولة الفيلسوف الساخر الإيرلنديّ الأصل "برنانردشو" التي كان قد أطلقها من معرض حديث له أو حوار كان قد دار "بافتراض" عن جدليّة الحياة والموت , قائلاً بسخرية :ـ "كل الناس محكومون بالإعدام ولكن مؤجلون حتّى إشعار آخر" .. تذكّرت تلك المقولة وأنا أقف مندهشاً اليوم حائراً منذهلاً , كغيري من العراقيين , أمام هذا الإصرار العجيب الذي تصرّ عليه المحكمة العراقيّة وقد استمرأت بوحشيّة الّلا أبالي في إصداراتها المستمرّة لقراراتها المشكوك فيها جملةً وتفصيلاً من التي تنصّ على تنفيذ حكم الإعدام ضدّ ثلّة من خيرة ضبّاط الجيش العراقي وعلى غيرهم من قادة عراقيين مهنيين من كوادر "النظام السابق" من الذين ما كانوا يمارسون واجباتهم إلا للدفاع عن العراق وحماية حدوده , وهي نفس ممارسات وواجبات سائر مؤسّسات جيوش العالم التي لا تتعدّى حدود واجباتها حدود استلام أوامر السياسيين من أعلى هرم سلطات دولهم ومؤسّساتها , بدءً من حلف وارشو السابق ومن سبقه , وانتهاءً بحلف الناتو , بغضّ النظر عن من تكن تلك الجهة السياسيّة أو توجّهاتها أو أغراضها ومدى صدقها أو بطلان تلك القرارات أو وحشيّتها كما يحدث اليوم في ليبيا على أيدي حلف الناتو مثلاً ! , وهذا الإصرار الحكومي بما لا شكّ فيه يثير أكثر من علامة استفهام وشك , لعلّ أبرزها أنّ هذه المحكمة المشكوك في نواياها الحقيقيّة وفي كادرها وفي من هي الجهات السياسيّة التي تقف ورائها , هو تشبّثها المثير للشكّ في إصدارها المستمرّ للأحكام الدمويّة وإصرارها وحرصها على استمرار هذا النوع من العقوبات "الاعدام" رغم اعتراضات المجتمع الغربي والدولي المستمرّة ضدّ قرارات هذه المحكمة الدمويّة وصل الأمر بالجهات الدوليّة إلى إصدار أمر إيقاف حكم الإعدام في العراق وفي غيره ! "لو كان الأمر يخصّ سوريا أو الصين أو ليبيا أو روسيا أو الأوروغواي فإنّنا لن نرى من إعلام الغرب المهيمن في وسائله كافّة غير اللون الأحمر يرقص على مساحاتها" ..


المتمعّن بالحجج والأسانيد التي تستند عليها هذه المحكمة توصل في نهاية سلسلة حلقاتها بالنهاية إلى نتيجة هي الأخطر في عموم التاريخ البشري في جانبة الدموي .. أنّ :ـ


كلّ عراقي عايش مرحلة السنوات التي عزم قادة الثورة الإيرانيّة فيها على تصدير ثورتهم ساعة استيلائهم على مقاليد حكم في إيران إلى سائر دول الجوار ومنها العراق وصولاً من ثمّ للعمل على تصديرها إلى الدول التي تليها وفق منهج الشعار البشع الّلاإنسانيّ "تصدير الثورة" والذي كان من أبشع إفرازاته , الحرب الإيرانيّة على العراق , وما تركته تلك الحرب من مأسي دمويّة على كلا الشعبين العراقي والإيراني وليس على العراق وحده, وبالتالي , ووفق الضغينة المبيّتة من قبل أعضاء المحكمة ومن يقف ورائها , كل عراقي شهد تداعيات تلك الحرب مسئولاً "بالنتيجة التتابعيّة" مسئوليّة مباشرة على ما يجري اليوم في العراق .. وبالتالي فهو عرضة لاستدعاء هذه المحكمة في أيّ وقت تشاء هذه المحكمة , ومن ثمّ سيكون عرضة لإصدار بحقّه الحكم التلقائي المهيّأ سلفاً من قبل هذه المحكمة , ألا وهو "قرار الإعدام" .. وبالتالي .. وعليه .. فإنَّ :ـ


جميع العراقيّين .. سواءً منهم العراقيّون الذين شاركوا في تلك الحرب بصورة مباشرة , أم كانوا من الذين سيعتبرون , وحالة التعسّف القضائي الدموي هذه , قد شاركوا بصورة غير مباشرة فيها , من الذين أدّوا واجباتهم الوظيفيّة الاعتياديّة في بلدهم خلف خطوط المواجهة بمختلف تلك الوظائف وفي جميع مؤسّسات ودوائر الدولة العراقيّة ..


وعليه .. فإنّ :ـ


ذلك سيعتبر من الناحية العمليّة "القانونيّة" التي تستند على سلسلة وصلاتها هذه المحكمة , ووفق المنطلقات ومسالك الطرق التي صاغت منطوق الاتّهام المعدّ سلفاً والموضوعة خرائط صيغه المتهتّكة في الجيوب الخلفيّة من مدرجات مكاتب أعضاء المحكمة الذين انطلقت قراراتهم لإدانة العراقيين وفق غمز مؤشّراتها , هم بالنتيجة , وكتحصيل حاصل أقرّته المحكمة من تتبّعها لمسارات القرارات التي صدرت من أعلى هرم سلطة النظام السابق , يعتبرون مشاركون في الجريمة ..


وبهذا .. فإنّه :ـ


سيتوقّف عليهم , أي العراقيين , حق التعويض للجهة المعتدى عليها "إيران" ولغيرها من دول وممالك وإمارات تسوم اليوم الشعب العراقي سوء العذاب ..


وعليه .. وبناءً على نوايا أعضاء المحكمة "العراقيّة" هذه , فإنَّ :ـ


مدير المدرسة أو المعلّم أو المدرّس أو عميد الكلّيّة أو رئيس الجامعة أو الاستاذ الجامعي أو الطالب نفسه "كانوا يعلمون بأنّهم يعدّون جيلاً متعلّماً سيكون بالضرورة جيل قتالي متعلّم ينفّذ قرارات الدولة الإلزاميّة" ..


وعليه , فإنّ :ـ


"التعليم المنهجي العلمي لدى الجندي ـ الخرّيج ـ شكّل خطراً كبيراً ـ على السلم العالمي ـ" .. فهو إذن .. ووفق قرار في نصّ الاتّهام الرئيسي منه يقول : ـ


أنّ أعضاء الكادر التعليمي خلال سنين المواجهة ـ ضدّ إيران ـ أو قبلها ممّن عايشوا قرار تصدير الثورة الإسلاميّة , متّهمون بجرائم الإبادة الجماعيّة التي قام بها الجيش العراقي كونهم كانوا يعلمون بأنّهم كانوا يمدّون هذا الجيش بوسائل الإمداد العلمي .. وعليه .. توجّه لأفراده كافّة عقوبة الاعدام ..


وبالتالي .. وعليه .. وفي نفس الوقت.. فإنَّ :ـ


جميع أفراد الكادر الوظيفي والمستخدمين , والخدميّين أيضاً , من العاملين في تلك السنين في وزارتي التعليم العالي والتربية , بمن فيهم "حرّاس" أبنية التعليم والفرّاشون وباقي المستخدمون , هم جميعاً مدانون .. على اعتبار أنّ :ـ


أفراد كوادر التعليم الخدميّة هؤلاء كانوا يشكّلون الظهير الساند لأجهزة التعليم المساندة بدورها لمؤسّسة الجيش العراقي .. إذ لو أنّهم عصوا أوامر الدولة وقتها وتجرّعوا الموت هم وعوائلهم "لِخاطر عيون الحرس الثوري الإيراني ولخاطر عيون قوّات البيش مركه ولخاطر عيون جارتنا الحرّة المستقلّة الكويت" لعزفت المؤسّسة العسكريّة العراقيّة عن تنفيذ أوامر الدولة حينها بسبب انقطاع الإمدادات العلميّة عنها .. وبالتالي لدخلت إيران العراق من دون استعانتها بالشيطان الأكبر , وفي نفس الوقت , ما "انكشف المستور" عن حقيقة تديّنها وما انكشفت حقيقة الخطط المخفيّة التي كنّا نحن العراقيّون نستهزأ بها ونستهزأ بـ "النظام الصدّامي القمعي الدموي جلاّب المصائب والحروب" الذي كان يكذب بها علينا ويروّج لها إعلامه , ولأصبحت الكويت جارة شقيقة لصيقة وصديقة لدولة كردستان منذ ذلك الوقت..


وعليه ... ومن خلال تتبّع سريان أيّ قرار إداري يبدأ من أسفل الهرم إلى أعلاه , كسلسلة حلقات التعليم الآنفة الذكر مثلاً والتي تنتهي مغذّياتها وترتبط بخزين الجيش القتالي "الخدمة الإلزاميّة" وبالعكس , والتي لا تعطي لـ"المتتبّع القانوني" أو لن يحصل على نتيجة غيرها سوى نتيجةً واحدة لابدّ وسيخرج بها .. أنّ :ـ


كلّ حلقة إداريّة في جميع مؤسّسات ودوائر "الدولة العراقيّة سابقاً" كان قد سرا عبرها أيّ قرار حكومي حينها وانتقل من جهة إلى أخرى لابدّ وإنّه سيصل في نهاية سلسلته أو سيتّصل , بشكل أو بآخر , إلى جهات التنفيذ العسكريّة بجميع عناوينها ونوعيّاتها ممّا سيشكل في النهاية أمراً بمواصلة "القتال" .. وبالتالي :ـ


يستوجب على المحكمة "العراقيّة" إصدار قرار عقوبة الإعدام بحق كلّ من كان يعمل بحلقة من حلقات تلك المؤسّسات الإداريّة والدوائر الخدميّة والصناعيّة والزراعيّة الذين لولاهم ولولا عملهم "المعادي لدول الجوار" لما وجدت قرارات "الدفاع" أو الهجوم القتالي طريقاً للتنفيذ ..


وبناءً عليه .. فإنّ :ـ


المشمولون بهذا القرار "الإعدام المؤجّل" هم بالنتيجة سيكونون أفراد الشعب العراقي كافّة "وأحفادهم وأحفاد أحفادهم" لأنّهم جميعاً "بالنتيجة وتحصيل حاصل" وانطلاقاً من مبدأ "لولا الأب لما كان الإبن" قد ساهموا في إشعال واستمرار حقبة الحروب التي مرّ بها العراق أو مرّت عليه والتي لازالت تستمرّ , فهم بالنتيجة كانوا السبب المباشر لما آل إليه وضع العراق اليوم من احتلال ودمار وخراب "وليس عراق جديد مزدهر وديمقراطي كما يدّعي البعض من الساسة الموهوبون الذين تشكّلت محكمة الإعدامات هذه من رحمهم من ذوي الشهادات العليا أصحاب الفلسفة والبرفسرة والدكترة والدبلمة" .. والمتّهمون العراقيّون هم :ـ


جميع عمّال المصانع العراقيّة , العسكريّة أو المدنيّة , ومدراءها ومهندسوها وموظّفوها ومستخدموها
جميع الشركات "بكافّة أفراد سلسلة حلقاتها هي الأخرى بما فيهم المموّنون الغذائيّون" أجنبيّة أو محلّيّة ممّن ساهمت في إعداد برامج الصناعات العراقيّة
جميع من شارك في "الجيش الشعبي" ابتداءً من الذين شاركوا في "أبو منيصير" ولغاية أعياد وأفراح تحرير العراق
جميع من ساهم في تدريب وإعداد الجيش الشعبي أوّ من كساه أو ممّن موّنه غذائيّاً أو علميّاً أو تسليحيّاً
جميع أفراد ومراتب الجيش العراقي وخصوصاً "المليون عريف" ..
جميع من درّب المدرّبون الذي درّبوا الجيش العراقي
جميع المقاولون الذين كانوا يقدّمون التموين الغذائي للجيش العراقي


جميع من ساهموا في الأنشطة الرياضيّة العراقيّة وساهموا في رفع رأس العراق في المحافل الدوليّة , في حين كان يجب "أنّ ينكّس" فيها رأسه وهو أحوج ما كان يحتاجه شلّة "المُعتدى عليهم" ..


جميع مؤسّسات التدريب الرياضيّة العراقيّة


جميع من ساهم في تدريب الكوادر التدريبيّة العراقيّة , محلّيّة أو أجنبيّة أو ممّن ساهم في تمويلهم وتغذيتهم وتجهيزهم بما فيهم الجهات الأجنبيّة المشاركة وجميع من درّب تلك المؤسّسات التدريبيّة نزولاً في عمق التاريخ


جميع المؤسّسات الفنيّة وجميع من درّبهم وجميع من درّب مدرّبيهم نزولاً في عمق التاريخ التدريبي وجميع من شاهد عروض وفعّاليّات تلك المؤسّسات وجميع من شاهد معارضها "وخصوصاً عبّاس البغدادي الخطّاط والملطوش حاليّاً في أميركا هارباً والذي كان قد خطّ بيده مصحف الدولة العراقيّة بمداد الدم الخالص لصدّام حسين أبان حملة التبرّع بالدمّ" كما وتودّ المحكمة أن تذكّر العراقيين أنّ "جميع تذاكر الدخول وبطاقات الدعوات للمعارض والمسارح وباقي الفعّاليّات كانت تجمع أوّلاً بأوّل عن طريق زبّالو وكنّاسو ومتسوّلو الأحزاب الإسلاميّة الّذين تتشكّل ويتشكّل منهم الكثير من أعضاء وأفراد حكم عراق اليوم وميليشيّاته وقوّاته المسلّحة .. (فاصل غنائي "إسلامي" شرعي راقص يعقبه فاصل دعائي لبطاقات زين ) .. والمحكمة تحتفظ بهذه التذاكر وبطاقات الدعوات كأدلّة دامغة على الشعب العراقي" ...

 

 





الاحد٠٧ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة