شبكة ذي قار
عـاجـل










مقدمة لابد منها

قبل أن نبدأ الحديث عن هذه الثورة التي شهد لها ثوار العالم الثالث وشعوبه ؛ بأنها الثورة التي لابد أن تكون النموذج الذي يقتدون به لتحقيق مايطمحون له من نمو وتطور يسبقون به الزمن للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة في البناء المدني والتطور الصناعي في إطار حظاراتها الذاتية ، كما فعلت ثورة البعث في 14 -30 تموز ، التي لم تقحم نفسها في الأخذ بمظاهر مايسميها الأوربيون الحضارة التي لا يتجاوز عمرها في أغلب بلدانهم البضع مئات من السنين ، والتي شوه مظاهرها اليهود وحركتهم الصهيونية لتظهر محملة بوباء الرذيلة ، إبتداءً من تشويه العبادة المسيحية التي أوصلها لهم العرب وإنتهاءً بالديمقراطيات التي شرعنت ممارسة كل الحريات بدون أي ضوابط ، وصولاً إلى تشريع حق الزواج المثلي الذي حرمته كل الأديان السماوية .

 

سبقت هذه الثورة ثورتين ... الأولى ؛ هي الثورة التي غيرت نظام الحكم في العراق من النظام الملكي الى النظام الجمهوري . ورغم ان من قام بتنفيذ هذه الثورة منظمة الضباط الأحرار في الجيش العراقي ، إلا أنها كانت بالتنسيق مع جبهة الاحزاب الوطنية والتي كانت تتكون من الأحزاب ( البعث ، الاستقلال ، الوطني الديمقراطي ، الشيوعي ) . غير أن إنفراد ( القائد الأوحد ... !!! ) عبد الكريم قاسم بالحكم بعد ضربه للتيار القومي والوطني وإعتماده على الحزب الشيوعي الذي وجد من حزب البعث الخطرالرئيسي الذي يهدد وجوده . وإنفراد عبد الكريم قاسم  ودفع بالشيوعيين وأعانهم على التنكيل بالتيار العروبي وفي مقدمتهم البعث وجماهيره . ونكل عبد الكريم قاسم برفاقه من الضباط الاحرار وأعدم الكثير منهم . كل ذلك دعى بجماهير العراق وبقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي أن تهب وتندفع مع عدد من الضباط الاحرار إلى مقر الطاغية في وزارة الدفاع الكائنة في باب المعظم وإعتقلته ، ثم أخذ بثأر من قتلهم أوتسبب بقتلهم بيد الشيوعيين الذين هربوا من نقمة الشعب ... كان كل ذلك خلال يوم واحد ، هو يوم 8 شباط من عام 1963 ... وليتنا نشاهد عودة هذه الثورة الجماهيرية التي سميت ( عروس الثورات ) لتتقمص جسد إنتفاضة 25 شباط التي إستمرت لغاية هذا الوقت ... ولكن هذه الثورة ( الثانية ) لم تستمر أكثر من تسعة أشهر حتى حدثت ردة تشرين التي قادها عبد السلام محمد عارف بعد أن إئتمنه الحزب لدوره المتميز في قيام ثورة 14 تموز وبإعتباره ضابطا قوميا من الضباط الأحرار، إذ جاء به من بيته في اليوم الأول من الثورة ووضعه رئيساً لجمهورية العراق ، وبمقارنة ظروف اليوم بظروف تلك الثورة فإننا نخاف أن يكون مصير ثورتي شباب مصر وتونس مصير عروس الثورات  ... !!!  . فقد قام عبد السلام مع مجموعة من الضباط الذين لايهمهم شيء غير تولي المناصب والكراسي في وزارات الدولة ، ولم تعطي للشعب أي إنجاز غير التصدي للبعثيين الذين غصت بهم سجون العراق . وقد تورّث أخوه الفريق عبد الرحمن محمد عارف رئاسة الجمهورية إثرسقوط الطائرة بعبد السلام فوق مدينة البصرة ...

 

قيام ثورة الثورات

قاد حزب البعث البعث العربي الإشتراكي ( قطر العراق ) هذه الثورة ، وقد تعجل في قيامها لأسباب سنتكلم عنها لاحقاً ، وهذا الإستعجال أدى إلى صعود بعض العناصر العسكرية ، غير البعثية ، ممن لم يؤتمن جانبهم بالإنحراف بالثورة الى ما لا يحمد عقباه ، وعلى وجه الخصوص، المنازعات بين هذه العناصر العسكرية للحصول على المواقع المتقدمة في الدولة على حساب مصلحة الشعب والوطن ، خصوصاً وأنهم لايملكون بالأساس أي برنامج للحكم . وكان سبب سماح الحزب لهؤلاء ، إنهم عرفوا بطريقة أو بأخرى بنيّة الحزب بالثورة فهددوا بإفشاء سرها لحكومة عبد الرحمن عارف إن لم يكن لهم مناصب متقدمة في دولة الثورة ، وبذا فقد أصبح الحزب أمام أمر واقع لابد من قبوله ولو إلى حين ... وهكذا فقد قامت الثورة في 17 تموزمن عام 1968 ومن دون إراقة أي نقطة من دم ... وكانت الفترة ما بين 17 – 30 تموز من ذات العام ، هي فترة التحضير للتخلص مما علق بها من أدارن هؤلاء الدخلاء على الثورة ، ففي الثلاثين من تموز تم إعتقالهم ونفيهم خار العراق ... إما مصير الرئيس المخلوع عبد الرحمن محمد عارف ، فهو لم يبدي أي مقاومة في يوم 17 تموز فقد تم الطلب منه إختيار أي بلد ليقيم به وكانت نهايته أن أُقام في تركيا ، وتم إجراء راتب شهري يناسب موقعه كرئيس سابق لجمهورية العراق .    

 

إما أسباب إسراع الحزب بقيام الثورة رغم الضروف الصعبة الي كان يعيشها الحزب ( نتيجة مطاردة السلطات العارفية له ولجهازه التي غصت باعضاءه وأنصاره ومؤيديه السجون والمعتقلات ، بالإضافة لإنشقاق بعض السوريين عن القيادة القومية ، وبروز تكتل الخط السوري ذو التوجه القريب من الشيوعية والذي لم يجد له صدى لدى بعثيي العراق ، والإنقلاب الذي قاده حافظ الأسد ضد حكم الحزب في سوريا والذي كاد أن يكشف الأسماء القيادية لقطر العراق من خلال الإذاعة والتلفزيون السوري ) ، وكانت الأسباب الأساسبة مايلي :-

 

1 ) – النكسة التي أُصيب بها القطر المصري في 5 حزيران عام 1967 ألتي إحتلت فيها قوات العدو الصهيوني شبه جزيرة سيناء وعبرت قناة السويس ، نتيجة خيانة بعض قادة الجيش المصري ، وفي مقدمتهم المشير عبدالحكيم عامر ، المسئول عن إدارة دفة تلك الحرب ، بإعتباره القائد العام للقوات المسلحة ، بالإضافة الى تخلي الحكام العرب عن تقديم المساعدة لمصر في هذه الحرب وكان من هذه الأنظمة ؛ نظام عبد الرحمن عارف في القطر العراقي ، الذي لم يفعل أي شيء  لتخفيف الضغط العسكري الصهيوني على القطر المصري ، بل ان النظام العارفي قام بإستضافة القوة الجوية المصرية الذي أبعدها عبد الحكيم عامر من ميدان المعركة الى قواعد في الأقطار العربية الأخرى وكان من حصة العراق إستضافة السرب الذي كان آمره آنذاك حسني مبارك ، الذي بقي هو وسربه مقيماً في قاعدة الحبانية إلى أن إنتهت الحرب ... وإثر هذه الإنتكاسة العربية خرجت الجماهير العراقية بقيادة البعث بتضاهرة في بغداد يتقدمهم أمين سرالقطر أحمد حسن البكر ونائبه شهيد الحج الأكبر صدام حسين ، من ساحة الميدان في بغداد عبر شارع الرشيد ثم عبرت التضاهرة الى ساحة الشهداء في جانب الكرخ ، ثم أعتلى الرفيق أحمد حسن البكر رحمه الله إحدى دروع الجيش العراقي الذي أستنفره النظام العارفي للتصدي للمتضاهرين إلا أن هذا الجيش لم ينفذ أوامر النظام ، بل وقف مع الشعب الثائر . ثم خطب الرفيق أحمد حسن البكر في الجماهير متوعداً بإسقاط النظام الذي خان الأمة ، بعدم إمداده لمعركة مصر مع العدو الصهيوني بما كانت تحتاجه من قوات برية وجوية ... وبالفعل فقد نفذ الحزب الثورة بعد عام من هذا الخطاب ...

 

2 ) تكالب الشركات الأجنبية وفي مقدمتها الشركات الأمريكية في إستثمار الكبريت والفوسفات العراقية . وكان هناك تجاوب من قبل النظام العارفي لإعطاء الترخيص لهذه الشركات بإستثمار هاتين المادتين المهمتين في الصناعات العالمية  ...

 

الثورة وإنجازاتها

فيما تقدم تكلمت عن قيام الثورة وأسباب التعجيل في قيامها ، ولكني أجلت السبب الرئيسي لقيامها بالأساس . فالسبب الرئيسي يعود الى أن البعث هو حزب قومي ثوري , له أهدافه الثورية التي لابد من تحقيقها على صعيد الواقع ، بهدف النهوض بالواقع العربي من وضعه المتخلف الى حالة التقدم والتطور وصولاً الى مستوى الدول المتقدمة عبر قفزة زمنية تختصر المئات من السنين التي مرت بها تلك الدول المتطورة الى بضع من السنوات ، خصوصاُ وإن لدى العرب القدرات المادية والبشرية التي تحتاجها مثل هذه القفزة . وقد وجد الحزب إن تحقيق شعاره في الوحدة والحرية والإشتراكية هو الكفيل بإحداث هذه القفزة ، من خلال ثورات الحزب أوإتلافه مع القوى الوطنية والتقدمية ذات التوجهات العروبية في كافة الأقطار العربية .

 

بداية الثورة :- كانت السنوات الأولى من الثورة هي سنوات إعداد القواعد الأساسية للبناء  وتتلخص هذه القواعد في أمرين رئيسين هما :-

 

1 ) بناء الإنسان العراقي الجديد تربوياً وعلميا وسياسيا ليتمكن من تحمل المسئولية في بناء العراق الجديد ، حيث لايمكن أن تكون هناك حرية حقيقية وبالتالي أي ممارسة للديمقراطية بشكل حقيقي ونسبة الأمية في العراق آن ذاك تتجاوز 72% ،كما لايمكن إحداث القفزة النوعية للتطور الصناعي والإعماري في العراق من دون إعداد الكادر العلمي والتقني الوطني لهذه القفزة . ولذلك فقد باشرت حكومة الثورة في أكبر حملة شهدتها دول العالم الثالث لمحو الأمية حاز العراق على أثرها من منظمة اليونسكو في منتصف السبعينات أعلى جائزة خاصة بمحو الأمية وهي ( جائزة كروبسكاي ) .. ثم شرّع قانون إلزامية ومجانية التعليم وبنى الكثير من المدارس ودور ومعاهد إعداد المعلمين لتنفيذ مستلزمات تنفيذ هذا القانون . ولم يمر عام 1982إلاوقد قضى نظام البعث على الأمية بشكل كامل وأغلق منابعها في العراق . وخلال هذه الفترة كان العمل على أشده في التوسع في الدراسات الجامعية ، فبعد أن كان في العراق جامعتين في بغداد فقط ، أنشأت الثورة في كل محافظة من محافظات القطر جامعة واحدة كحد أدنى وقد وصل عدد هذه الجامعات إلى 22 جامعة ، كل ذلك يجري والكوادر الجامعية الوطنية تعمل بكل همة وجدية في إعداد مستلزمات ومقررات هذه الجامعات وما تحتاجه من كوادر تعليمية عراقية. ولم تنسى الثورة بناء مايقرب من مئتي معهد بمختلف التخصصات التقنية والإدارية والتجارية لإعداد الكوادر المتوسطة لهذه القفزة الصناعية التي تضع العراق في مستوى الدول المتطورة صناعي ...  

 

2 ) عندما إستلم البعث الحكم بعد قيامه بالثورة وجد خزينة الدولة خاوية وإن العجز في ميزانيتها يبلغ مايقارب نصف ما مقدر لها ، علماً أن ماكانت تتفضل به الشركات الأجنبية المحتكرة لنفط العراق لحكومة العراق لا يتجاوز ال 5% خمسة بالمائة ، بأحسن الأحوال ، من عائداتها السنوية من النفط العراقي . ووجد الحزب أنه لابد من الإسراع بتأميم عمليات إستخراج النفط وتصديره معتمداً بذلك مساعدة بعض الدول الصديقة كالإتحاد السوفيتي الذي ساعد العراق في إستخراج نفط حقل الرميلة الشمالي منفذاً بذلك قانون 80 الذي شرع بعد قيام ثورة 14 تموز عام 1958 واسبانيا من خلال رئيسها فرانكو الذي سمح لشركات بناء السفن في إسبانيا ببناء ثلاث سفن من حاملات النفط وبالدفع الآجل ( لحين تصدير النفط العراقي ) . وقبل أن تقوم الثورة بطرد الشركات الاجنبية . إستشار الحزب الشعب من خلال الندوات الشعبية التي كانت تعقد تحت إسم ( الشعب يسأل والحزب يجيب ) . وكان الإجتماع الجماهيري المخصص لإستشارة الشعب في قرار التأميم قد عقد في ملعب ساحة الكشافة ( لأن ملعب الشعب لم يكن قد بني في ذلك الوقت ) وقد ترأسه نائب أمين سر القطر شهيد الحج الأكبر صدام حسين ، الذي خطط منذ بداية الثورة لتأميم النفط العراقي وطرد الشركات الأجنبية من العراق . وفي هذا الإجتماع الجماهيري هتفت جماهير العراق بصوت واحد ( التأميم ألتأميم ) ... وهكذا تم طرد أكبر آفة خيمت على العراق متذ بداية الحكم الوطني عام 1920 حتى عام 1972 ومنعته من النمو والتطور وأكلت كل خيراته وثرواته  ... وبعدها إنطلقت اعظم ثورة صناعية في العراق ، أعتبرت النموذج الرائد لدول العالم الثالث  ...

 

الشهيد صدام حسين وقيادته للثورة

قاد الشهيد صدام حسين الثورة منذ بدايتها وهو نائب للرئيس أحمد حسن البكر حتى تسلم الرئاسة في عام 1979 ، فقد كان رئيساً لمجلس التخطيط ، الذي تألف من كافة وزراء الدولة وبعضٍ من العلماء والخبراء والكادر الحزبي من ذوي الإختصاصات التي تعمل في وزارات الدولة . وفي هذا المجال وقف بوجه التيار الذي قاده عبد الخالق السامرائي داخل الحزب الذي كان يدعو إلى إبعاد الحزب وكادره عن ميدان عمليات التحولات الجذرية في الواقع الإجتماعي والتربوي والسياسي والصناعي والزراعي على أسس العلم الحديث ، وقد إنكشف للشعب والحزب بعد فترة ، تآمره على الحزب والثورة بقيادته لمؤامرة ناظم كزار التي كانت مخططة لإغتيال الرئيس أحمد حسن البكر وصدام حسين في مطار بغداد ولكن هذه المؤامر قد كُشف أمرها بمشيئة الله قبل لحظات من التنفيذ .

 

بعض من الإجراءات التي إتبعها وأوصى بها الشهيد صدام حسين لإحداث القفزة  النوعية في العراق :-

 

1 ) لابد أن يشعر كل عراقي أن نفط العراق هو ملكية عامة للشعب ولكل أجياله القادمة وأن لا يعتدي هذا الجيل على حصة الأجيال القادمة من هذا النفط ... وأن يعمل كل جيل من هذه الأجيال ما تستفاد منه الأجيال ألاحقة من مصانع ومزارع ومؤسسات ينعم الشعب بإنتاجها وتمتص كل الأيادي العاملة العراقية بالكامل وبهدف عدم تعرضها للبطالة في يومٍ من الأيام وأن نحدد إنتاجنا للنفط ولانبذر في إنتاجه بحيث ، يكون آخر برميل ينتج في العالم هو برميل عراقي ...

 

2 ) كان رحمه الله يؤكد على المسئولين أنهم حينما يعقدون إتفاقاتهم مع الشركات الأجنبية لبناء المؤسسات الصناعية والخدمية كالطرق والجسور والكهرباء ، على سبيل المثال ، أن يضعوا بنداً يشترطون فيه على تلك الشركات ، بأن يضع الجانب العراقي عدداً من المهندس والمختصين العراقيين يرافقون من يماثلهم من العاملين الأجانب في تلك الشركات ليتعلموا كيف يعالجوا ما يحدث من خلل في تلك المنشئات بعد إستلامها من الشركات الأجنبية ومباشرتها بالعمل ... لقد كان الهدف من هذا البند بالأساس تعلم الكادر العراقي بناء مثل هذه المؤسسات والمنشئات في المستقبل من دون الإعتماد على الشركات الأجنبية في ذلك . وبالفعل  فقد إستطاع الكادر الوطني العراقي لوحده ببناء الكثير من المنشئات الصناعية والخدمية المتعلقة بالطرق والجسور ومولدات الطاقة الكهربائية التي تنوعت فيها مصادر التوليد كالبترول ومساقط المياه المتولدة من السدود والأشعة الشمسية ...

 

3 ) كان رحمه الله يطالب الموفدين إلى خارج العراق ، تضمين تقاريرهم عند عودتهم بما يلاحظونه من الحالات والمظاهر التي تفيد تجربة العراق التنموية ... وقد كان لهذه التقارير أهميته في التطورات التنموية العراقية في المجالين الزراعي والصناعي .    

 

4 ) كان منذ بداية الثورة يخطط لتطوير القدرات القتالية للجيش العراقي ولمختلف صنوفه . لقناعته الكاملة بأن الإستعمار سوف لن يترك العراق ليكمل بناء تجربته الثورية ، لأنه سيصبح مركز إستقطاب لكل العرب ولدول العالم الثالث ،وبذا ستخسر دول الإستعمار وشركاتها الإحتكارية كل ما كانت تجنيه من أرباح وإمتيازات على حساب ثروات ومقدرات شعوب العالم . 

 

وفي هذا المجال قال رحمه الله ؛ بأن الدول التي لاتستطيع إنتاج سلاحها فإنها ستفقد حريتها ، بسبب الشروط التي تضعها الدول المنتجة لهذا السلاح ، حتى ولو كانت ولو كانت صديقة ، على الدول التي تشتريه منها وقد تصل هذه الشروط الى حدود التدخل بشؤونها الداخلية . ولذلك فقد أكد على ضرورة أن تقوم الثورة بنفسها، بإنتاج السلاح بمختلف أنواعه كي يتحرر من العراق من أي ضغوط خارجية تقيّد من حرياته في تعامله مع الدول وبالأخص فيما يتعلق الأمر بتحرير فلسطين ... وبالفعل فقد بدأت الثورة بتأسيس هيئة التصنبع العسكري التي ابتدأت بتصنيع السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل . ومن هذه الاسلحة ؛ مسدس طارق .. بنادق كلاشنكوف الرشاشة .. بنادق آر بي جي سفن .. دبابات بغداد .. والمدافع ... والصواريخ بمختلف المديات ( المديات القريبة والبعيدة ) ومن هذه الصواريخ ( أبابيل والحسين والعباس ) والتي ضرب بها العراق الكيان الصهيوني في أم المعارك أربعين صاروخاُ من هذا النوع ،إنطلاقاٌ من أرض العراق ... كما صنعت الثورة مختلف الأعتدة والقنابر والقنابل وقواعد الصواريخ ... ومن الصواريخ المهمة التي كان لها صداها العالمي هو صاروخ العابد الذي أطلقه العراق إلى الفضاء الخارجي ...

التحولات الثورية

 

1 ) المجال السياسي وحرية الإنسان العراقي : - في ها المجال أعطت الثورة حرية تشكيل النقابات العمالية والمهنية . وأُشركت قيادات هذه النقابات في مجالس إدارات المؤسسات الصناعية والمهنية ، كل حسب إختصاصاتها ، للمساهمة في التخطيط للإنتاج ورسم السياسة العامة لهذه المؤسسات والدفاع من خلالها عن حقوق العضو النقابي . وهذه المشاركة تتدرج صعوداً إلى أن تتمثل إتحادات هذه النقابات في أعلى تشكيل للدولة المتمثل ب ( رئاسة الوزراء ) ... وقد كانت القرارات والقوانين التي شرعت تؤكد وتثبت حقوق العمال وقد تضمن كل ذلك في تشريع الثور لقانون العمل ...    

 

كما أعطت الثورة الحقوق القومية والدينية لكافة المواطنين من أكراد وتركمان ومسيحيين وصابئة ويزيدية وغيرهم ... وفي مجال القضية الكردية التي حركها الإستعمار  والكيان الصهيوني  وإيران من خلال حزبيهما العميلين ليجعلوا منها معوقاً وملهات للثورة ولتحويل إهتماماتها من البناء وتطوير العراق بعد تحرير نفطه وجميع ثرواته المعدنية إلى القتال مع عصابات العميل الصهيوني مصطفى البارزاني . ومن خلال بيان 11 آذار وإتفاقية الجزائر مع نظام شاه إيران في عام 1975 والتي سحبت إيران بضوئها قواتها من وادي برسلين في الشمال العراق ، بعد أن دخلته بطلب من العميل مصطفى البرزاني . فقد قامت الثورة بجعل اللغة الكردية لغة رسمية بجانب اللغة العربية في المنطقة الشمالية ، وكونت المجلس مركزي لإدارة المحافظات الكردية الثلاث في شمال العراق في إطار السياسة والخطة العامة للدولة المركزية في بغداد . كما جعلت اللغة التدريسية في مدارس المحافظات الشما لية اللغة الكردية وكذلك الحال بالنسبة للدراسة الجامعية . وأدخلت اللغة الكردية في المنهج الدراسي ، كلغة يتعلمها كل الطلاب العراقيين بشكل إجباري كما هوالحال في تدريس اللغة الإنكليزية .    

 

في المجال الصناعي : - مع مسيرة حركة التربية والتعليم وتريبة الكوادر الخاصة بمختلف الصناعات التي ، أنجزتها الثورة ، وفق تكامل هرم العمالة لكل هذه الصناعات فقد أقامت الثورة مختلف الصناعات ؛ الكهربائية والإلكترونية وصناعة الحديد والصلب والصناعات الزراعية وما يحتاجه البيت العراقي من مستلزمات كان العراق يستوردها بمليارات الدنانير قبل الثورة ، ثم أصبح يستوردها بمليارات الدولارات بعد إحتلال العراق في عام 2003 . ناهيكم عما تحدثنا عنه في أعلاه من الصتاعات العسكرية . وكان من أبرز الإنحازات التي وضعت العراق على أعتاب عالم الفضاء هو صناعة الصاروخ الذي أطلقه العراق بنجاح إلى الفضاء الخارجي وكانت الدوائر العلمية المختصة قاب قوسين أوأدنى من تمكنها من صناعة القمر الصناعي العراقي من دون الإعتماد على مساعدة الآخرين من غير العراقيين ... وكنا نتباهى أمام العالم باننا أول دولة من الدول العربية التي أنتجت التلفزيون الملون ( قيثارة ) ، وأجهزة الإتصالات الارضية وأجهزة التبريد والمجمدات والثلاجات الكهربائية وفي مقدمة الصناعات الغذائية، كانت صناعة السكرفي كل من محافظتي ميسان ونينوى . وقبل أن نختم حديثنا المختصر في مجال النشاط الصناعي للثورة لابد أن نذكر بأن الشهيد صدام حسين قد قرر بأن تكون مواضيع إطروحات الحصول عل الشهادات العليا في الجامعات العراقية ذات علاقة مباشرة بحل الإشكالات المتعلقة بالصناعة العراقية ... وقد تغطت كل هذه النشاطات الصناعية بغطاءٍ واسع وكبير من الطاقة الكهربائية التي أنتجتها قدرات الثورة ، كما أسلفنا ، والمنتجة من النفط ومساقط المياه والشمس ...

 

في المجال الزراعي :- كان البعث يعتبر الزراعة في العراق نفطٌ دائم ولذلك فقد إهتم بالزراعة والفلاح العراقي بعد قيامه بالثورة ، فقد قام بتظيم العمل الزراعي وأنشأ الجمعيات الفلاحية وطور قدرات الفلاح العراقي عن طريق نقل التعليم المعرفة الى القرية العراقية ؛ وذلك بشمول جميع الفلاحين بقانوني محو الأمية والتعليم  الإلزامي بعد أن بنى القرى النموذجية وأنشأ فيها المدارس . وأوصل لها الكهرباء الذي نقل لها المعرفة في كل العالم عن طريق التلفزيون الذي وصل إلى بيت الفلاح العراقي لأول مرة في تأريخ العراق .  

 

وقد أدخلت الثورة الطرق الحديثة في الزراعة وأستصلاح الأراضي الزراعية ، فأدخلت أنواع عديدة من طرق الإرواء ومنها ؛ الري بالرش وخصوصاً مزارع الحبوب الواسعة ( الحنطة والشعير ) وبهذه الطريقة     إقتصد الفلاح من إستعمال الماء وعدم التبذير به وأستعمل بهذه الطريقة حوضيات خاصة لرش الماء . كما إستعملت هذه الطريقة في مكافحة التصحروزراعة الصحراء بالحبوب . كما قامت الثورة بتجارب ناجحة في إستعمال طريقة التنقيط في ري بعض بساتين الفواكه ، وكل ذلك كان بهدف تقليل الهدر الكبير في مياه ري المزروعات  ... وفي مجال توفير المياه وخزنها ، قامت الثورة ببناء سد صدام على نهر دجلة في شمال نينوى وسد حديثة على الفرات .. كما قامت الثورة بمشاريع خاصة لجمع مياه سيول الأمطار في كل من الخالص في محافظة ديالى وسيول وديان حوران والسهيلية وغيرها من الوديان ذات الطبيعة الصخرية التي لا ينفذ من خلالها الماء في محافظة الأنبار ، والتي بنى في فتحاتها التي تصب مياهها في نهر الفرات بوابات لمنع فيضاناتها المخربة في موسم الأمطار ،  والإستفادة من خزينها المائي في الزراعة في أوقات إحتياجها للزراعة والإحتياجات الأخرى  ...  

 

ولمكافحة التصحر منعت الثورة الرعي الجائر بالنسبة للحشائش والأدغال التي تنبت بشكل طبيعي في الصحارى ، قبل نضوج أزهارها وإنتشار بذورها لتعيد إنباتها في المواسم اللاحقة ، لأن إستمرار إنبات هذه الحشائش سنوياً يبقي على تماسك التربة ونكون بذلك منعنا الأرض من أن تتصحر ...

 

 

الخاتمة

فيما تقدم ذكرت خلاصة مقتضبة عما أنجزته الثورة ، إذ أن الحديث عن هذه الإنجازات لوتكلمنا عنها بشكلٍ تفصيلي فإن ذلك يدخلنا بالتطرق لتفاصيل علمية تشغل القاريء الكريم عن الغاية الأساسية التي دفعتني للكتابة عن عظمة هذه الثورة التي وضعت العراق على عتبة الدول الصناعية الكبرى  ... ذلك الأمر الذي دفع بالإستعمار وفي طليعتهم أمريكا التي خسرت عائداتها التي كانت شركاتها العابرة للقارات تسرقها من العراق ، إلى أن يثيروا على ثورة العراق حروب بالنيابة عنهم من قبل إيران وعصابات مصطفى البرزاني في شمال العراق ، ولما خرج شاه إيران محمد رضى بهلوي عن إرادة أمريكيا ، توقع القائد الشهيد صدام حسين ؛ بأن الأمريكان سيُصقطوه ويأتوا بنظام ذو طابع ديني موالي لهم ليحارب العراق بالنيابة عنهم ... وكان توقع الشهيد صدام حسين صحيحاً إذ تعاونت فرنسا والكويت في المجيء بالخميني بعد إسفاط الشاه بمساعدة عملاء المخابرت الأمريكية من قادة الجيش الإيراني ... وبدأت إيران الملالي الحرب بالنيابة عن الأمريكان والكيان الصهيوني بالعدوان على الأراضي العراقية التي صدت الثورة هذا العدوان بقادسية صدام التي جرعت الخميني خلال 8 سنوات السم الزعاف وانتصر العراق في هذه الحرب على مجوس الفرس ... وحينما وجدت أمريكا إن الحرب بالنيابة عنها لاتجدي نفعاً ً في لَي ذراع الثورة , حركت القضاء السليب ( الكويت ) ليحاصر العراق إقتصادياً، وكان ماكان من قيادة أمريكا لثلاث وثلاثين دولة لتحارب بهم ( دولة واحدة هي العراق   ... !!! ) وإندحر هذا العدوان في أم المعارك التي قادها الشهيد صدام حسين في عام 1991 ثم قادت أمريكا عدواناً من نوع جديد هوالحصار الذي دام 13 عام ، وبالحلف الثلاثي الخبيث [ الأمريكي الصهيوني الفارسي ] مع الثلاث والثلاثين دولة تم إحتلال العراق وجاء العملاء ليحكموا العراق وليخربوا كل ما بنته الثورة ... ولكن هيهاة فالثورة مستمرة في نفوس وضمائر مقاومة أبطال الرافدين ... وستنتصر الثورة بعون الله تعالى ... وسيحاسب الشعب خونة العراق الذين جاءوا بالإحتلال إلى أرض الأنبياء والتأريخ والحضارة ... وسيرى الذين خانوا وكفروا وضلموا وسرقوا أموال وثروات الشعب أي منقلبٍ سينقلبون ... ومن الله النصر والتوفيق ...  

 

 





السبت٢٩ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد عبد الحياني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة