شبكة ذي قار
عـاجـل










الثورة بتعريف مبسط هي فعل شعبي ينتجه مخاض عسير لتغير واقع فاسد يرفضه المجتمع وفي الغالب تقع الثورة ضد السلطة الظالمة التي تفرض هذا الواقع لتحقيق تغير كلي أو جزئي في تركيبة وطبيعة وأسلوب نظام الحكم وقد يتجه الشعب إلى انتزاع حقه الذي اغتصبته السلطة بعدة طرق تخضع لمجموعة من الظروف المحلية والإقليمية فمنها سلمي وتجري في الأنظمة ذات الدستور المكتوب والمقر شعبيا وفي النظام الذي يراعي الأعراف والقوانين الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان, لكنها ( أي الثورة ) في الغالب تأخذ طابع الفعل العسكري المسلح خصوصا مع فرض سلطة نظام دكتاتوري قمعي وهي دائما تهدف إلى البناء وتتبناها مجموعة أو نخبة من أبناء المجتمع الثائر نسميها الطليعة الثورية تأخذ على عاتقها قيادة الجماهير نحو انجاز الهدف أو الغاية من الفعل الثوري وتحقيق رغباتها وتستمد منها قوتها وديمومة حركتها ونشاطها في تغير نظام الحكم , وهي ظاهرة اجتماعية وسياسية تنتج بالفطرة عن انتصار إرادة الثوار على عامل الخوف من الإرهاب الذي يمارسه الحاكم في ذات الإنسان فيتخلصوا من كل القيود وينطلقوا إلى فضاء الحرية وقد تكون فعلا عفويا ينتجه ظرفا معين مبني على خلفية تراكمات ظلم الحاكم تكون ذروتها انفجار غاضب عظيم كما حصل في ثورة شعبنا العربي في تونس ومصر وليبيا وفي هذه الحالة تكون الثورة معرضة للافتراس والمصادرة من جهات متنفذة خارجية أو داخلية وقد تنحرف عن مسارها الوطني خصوصا إذا كان منفذيها حديثي الخبرة في الحياة السياسية فتذهب تضحيات الثوار في مهب الريح بينما تخلف روح الثأر بين أبناء القطر الواحد , أو قد تنتج عن تخطيط وبرمجة دقيقة تخضع لحسابات المطاولة في الزمن وعوامل التعبئة للقتال ومحسوبة نتائجها مسبقا كما يجري الآن في العراق وغيره من الأقطار العربية مع الاحتفاظ بخصوصية كل قطر وأهداف ما يجري فيه والجهات التي خططت له وتنفذه فلا يمكن المقارنة بين ما يجري في العراق مع ما يجري في ليبيا أو اليمن أو ما جرى في البحرين .


وفي ظروف كالتي تمر بها امتنا العربية في اغلب أقطارها حيث لا إرادة فوق إرادة الحاكم الذي يعمل على تلبية مصالح القوى الامبريالية العالمية , وشعب يئن من الجوع والحرمان وانتشار كل عوامل التخلف مع وجود ثروات هائلة تصب في غير مصلحة المواطن , فان قيام الثورة أمر حتمي لا خلاف عليه , لتصحيح وضع خطأ نشأ نتيجة لاستمرار فرض سيطرة القوى الامبريالية على النظام الرسمي الحاكم في امتنا لعقود طويلة صودرت من خلالها إرادة الإنسان العربي وامتهنت كرامته كما صودرت ثرواته ومن خلال الحدثين الأبرز في التاريخ العربي المعاصر احتلال فلسطين وما تبعتها من انتكاسات قوية وغزو العراق وما آل إليه وضع امتنا من تشرذم واختلاف في إرادة النظام الرسمي العربي واستسلامه المطلق على حساب مصالح وقرارات الجماهير العربية فان الثورة أصبحت واجب نضالي تقرضه استحقاقات وجود امتنا وليس ترفا شرط أن تأخذ مسارها الصحيح البعيد عن التدخلات الأجنبية .


وفق هذا التحليل وبالعودة إلى ما قبل عام 2003 وما بعده كنقطة زمنية فاصلة للمقارنة البسيطة بين الفترتين فإننا اليوم كأمة ندرك بشكل كامل وواعي إن العراق في كل الأحوال هو جمجمة العرب وهو المصد الحقيقي للدفاع عنها ضد عدوان متكرر وقائم ومستمر ومع سلامته لا يمكن اختراقها كما دللت على ذلك التجارب , فما أصابها من انتكاسات وتهريء كان نتيجة طبيعية وهدف للغزو الأمريكي الهمجي للعراق بما فيها انهيار النظام الرسمي العربي وهذا ما يوجب على الجميع لتغيير ما فرضه واقع العدوان وما نتج عنه دعم المقاومة العراقية المسلحة والثورة الشعبية السلمية فيه كخطين متلازمين يلتقيان في نقطة تحرير العراق ومدهما بكل وسائل الإسناد عربيا وعالميا وتصعيد تثوير المواطن العراقي وإبراز عوامل القوة في ثورته والتركيز على منجزاتها ودعمها مقابل فضح متواصل لكل ممارسات الاحتلال وحكومته العميلة وعدم السماح بالالتفاف المضاد الذي تعمل عليه حكومة الاحتلال لمصادرة ثورته.


إن تثوير المواطن العراقي والوقوف معه لا يأتي لضعف أو وهن في أدائه القتالي فبصموده الآن أمام تحالف أقوى دول الشر والعدوان في وسط ظروف دولية حرجة تتفرد الولايات المتحدة بالسيطرة شبه المطلقة على كل فعاليات الأمم المتحدة ومنظماتها ومواقفها السياسية التي تختلف في قياساتها بين قطر عربي وآخر يسطر المواطن العراقي ملحمة أذلت قوات الغطرسة المعتدية ومرغت أنوفهم ودفعته إلى الهاوية والانكسار بلغت به حد البحث عن مخرج لازمته هنا يحفظ معها ماء وجهه القبيح كما دفعت به إلى التفتيش عن وسائل جديدة لتغلغله في المنطقة والابتعاد عن تكرار تجربة العراق التي اقر بفشله فيها .


إن الوقفة العربية مع العراق هي إعادة الاعتبار لكرامة الأمة المهدورة لأنها بوابة تحرير كل الأراضي العربية المغتصبة وليست فلسطين وحدها وهي بداية نهوضنا الحقيقي ونهاية الفترة المظلمة التي طالت كثيرا كانت فيها امتنا نهشا وفريسة سهلة لغيرها .



Iraq_almutery@yahoo.com

alqadsiten@yahoo.com

 

 

 





الثلاثاء١٢ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عراق المطيري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة