شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس من الإسلام من لم يطبّق تعاليم الإسلام، وعدوّ الإسلام من يعمل بالضدّ من تعاليم الإسلام.


تلك بديهية لا تحتاج إلى نقاش أو جدال.


إذن، نستطيع بسهولة أن نستنتج من ذلك أن من يقضّ مضاجع المسيحيين في العراق ويستهدفهم بالقتل والإيذاء والتهجير والتشريد ليس من الإسلام في شيء، إذا كان يحمل اسم (مسلم)، مع أني على ما يشبه اليقين أن من يفعل ذلك ليس مسلماً أصلاً، وإلا لكان عرف حجم الرعاية التي أحاط بها الإسلام أهل الذمة.


وكان للنبي الكريم محمد (ص) علاقات طيبة مع أهل الكتاب الذين لم يعاودوا الإسلام ولم يخونوا الله ورسوله، بل إن إباحة الشريعة للمسلمين إن يتزوجوا من الكتابيات عامل مهم في تقوية العلاقات الاجتماعية معهم .


واذا كان للذمي حق عند أكبر الشخصيات في الدولة الإسلامية فله حق مقاضاته، فقد وجد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) درعه عند يهودي فكلمه فقال اليهودي: درعي وفي يدي، ثم قال اليهودي بيني وبينك قاضي المسلمين فأتيا شريحاً القاضي، فقال علي إنها درعي، فقال شريح لابد من شاهدين، فدعا قنبر وولده الحسن فشهدا أنها درعه فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد أجزناها وأما شهادة ولدك لك فلا نجيزها، ثم قال لليهودي خذ الدرع، فقال اليهودي: أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين فقضى لي ورضي صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جملك فالتقطتها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فوهبها له علي (ع).


في عام 1993 زرت عمان وهيأ لي الاستاذ طارق مصاروة، رئيس تحرير مجلة (الافق) الأردنية آنذاك لقاء مع الأديب والعلامة والصحافي والمؤرخ الراحل روكس بن زايد العزيزي وكان عمره آنذاك قد تجاوز التسعين بقليل فسألته وهو المسيحي: لماذا الّفت كتاباً عن علي بن ابي طالب (ع)، هو كتاب (الإمام علي أسدُ الإسلام وقديسه)؟.


أجابني: إن هذا الرجل العظيم كان يخرج إلى الاسواق معتجراً عمامة رسول الله محمد (ص) شاهراً سيفه وينادي: (من آذى ذمّياً فقد آذاني)، فكيف لا نحبّ شخصاً هذه مواصفاته؟.


وأخبرني العلامة الدكتور حسين علي محفوظ أنه زار العزيزي وسأله السؤال نفسه وكانت إجابته واحدة لم تتغير.


والواقع، إن أخلاق المدرسة الإسلامية المتميّزة هي التي دفعت الأديب المسيحي جورج جرداق إلى كتابة سفر (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية) بخمسة أجزاء، وعندما تأثر الشاعر الكبير بولس سلامة بأخلاقيات أهل البيت (ع)، كتب عنهم وعن قيمهم الأخلاقية ديوانه الخالد (عيد الغدير)، وكتب عبد المسيح الأنطاكي (ملحمة الإمام علي)، وقد نذر الأديب المسيحي سليمان كتّاني نفسه وقلمه للكتابة عن أخلاق أهل بيت محمد(ص) وفضائلهم، فكانت حصيلة هذا الجهد أكثر من عشرة كتب في فلسفتهم الأخلاقية القادرة على قيادة العالم بأسره إلى شاطئ الأمان والإيمان، ولا ننسى هنا كتاباً مهماً للأستاذ أنطوان بارا، وهو كتاب (الحسين في الفكر المسيحي) يتناول فيه أهمية أخلاق الإمام الحسين (ع) وعظمتها من وجهة نظر مسيحية.


إن من يستهدف المسيحيين العراقيين بالقتل والتشريد وفرض الرأي لابد أنه ينفذ أجندة خارجية كما فعل الصهاينة في الأربعينات عندما استهدفوا اليهود العراقيين بالتفجيرات والقتل بهدف دفعهم للهجرة إلى فلسطين.


إن العنف في فرض القيم لا يولّد إلا العنف والضعف، في حين أن الكلمة الحسنة قد تفعل فعلها الإيجابي في الإنسان أكثر مما تفعله عملية الإخضاع للقيم بالإكراه والقوّة، ولو لم يكن الأمر كذلك لما قال الله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).

 

 





السبت٠٢ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة