شبكة ذي قار
عـاجـل










 


في 28 نيسان من كل عام يستذكر العراقيون والعرب والشرفاء في العالم ميلاد القائد التاريخي الشهيد المجاهد صدام حسين رحمه الله الذي كان أمل الأمة وقائدها نحو التحرير والتقدم، وان الاحتفال بهذه المناسبة الكريمة إحياء لقيم البطولة والشجاعة والحكمة وتعبير صادق عن معاني الاقتدار الذي كان يمثله القائد الشهيد في المواجهة الإستراتيجية مع أعداء الأمة أينما وجدوا


وفي هذه المناسبة نرفع الأكف بالدعاء وقراءة سورة الفاتحة على روحه الطاهرة مع باقات الورود داعين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته وان ينصر شعب العراق العظيم على أعدائه أعداء العراق والأمة العربية


لم يكن مولد القائد الشهيد صدام حسين عام 1937 اعتياديا


لأنه رحمه الله لم يعش طفولة مريحة سهلة، وواجه الحياة الشاقة العسيرة، فقد علمته بيئته الزراعية معاني الصبر وتحمل الصعاب متدرعا بالشجاعة وروح الاقتحام ومواجهة المخاطر منذ الصغر.. ولذلك فقد طبع على حب الفقراء والسلوك الأخلاقي المنضبط . وامتلك صفات الفارس منذ طفولته لتعده الأقدار كي يلعب دورا قياديا بارزا في تاريخ وطنه وأمته.


التحق صدام حسين بعد أن أكمل الدراسة الابتدائية ، فأصبح طالبا في ثانوية الكرخ لينتمي بعدها إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1956 ويبدأ مسيرة نضاله التي شهدت اعتقاله ومطاردته من قبل أزلام السلطة آنذاك ودخل السجن لأول مرة في حياته خلال عامي 1958ـ 1959 وبقي في السجن ستة أشهر وهو لا يزال طالبا في الثانوية. عاد صدام حسين إلى القرية ليكتب في كل مساء على جدران البيوت شعارات البعث … ثم جاءه من الحزب من يطلب منه التوجه إلى بغداد ليشارك في مهمة تصفية عبد الكريم قاسم عام1959، فشارك وهو في عمر الثانية والعشرين وبما يمتلكه من مؤهلات الجرأة والشجاعة مع رفاقه، بعد أصابته أثناء الواجب في ساقه ، و اصبح هدفا للسلطة حينها، ومن هنا بدأت رحلة الفارس الجريح ..غادر بغداد إلى أطرافها متلمسا الطريق إلى قريته في تكريت …ساقه المجروحة تنضح بالألم الشديد الذي يحول بينه وبين السير لمسافات طويلة … امتطى الفارس صهوة فرسه، وقبيل وصوله منطقة الدور بالقرب من تكريت، اتجه إلى ضفاف دجلة وعبر النهر سباحة مع جرحه ليصل إلى شاطئ الآمان وفي تكريت استقبلته عائلته بالقبل والفرح والبكاء استجابت العائلة لارادة الفارس الجريح في عبور الحدود إلى سوريا ، وبدأت رحلة العبور عبر رمال الصحراء واستمرت سبعة أيام بلياليها ومخاطرها ، ليحط رحاله أخيرا في العاصمة السورية دمشق. وفي الشام مكث صدام حسين ثلاثة أشهر، وفي 21 شباط 1960 غادرها إلى القاهرة ليعيش فيها ثلاث سنوات وبضعة شهور ،كان في الثالثة والعشرين من عمره سكن في حي الدقي مع عدد من رفاقه المناضلين. وامتاز بأنه كان جادا منشغلا بدروسه بعد أن التحق بالمدرسة الثانوية ثم بكلية الحقوق، وظل يمارس دوره النضالي ضمن تنظيمات الحزب في مصر حتى أصبح عضوا قياديا في اللجنة المشرفة على تنظيمات مصر والسودان والمغرب العربي .


وفي أحد الأيام ، وعندما كان عائدا من رحلة مع زملائه جاءه إلى البيت من يبلغه أن الحزب قد فجر ثورة جديدة في العراق هي ثورة 14 رمضان ـ 8 شباط 1963. وعلى الفور عاد إلى بغداد والتحق عضوا في مكتب الفلاحين المركزي، واستطاع بذكائه وفطنته وقدراته الفكرية وخلال فترة قصيرة أن يشعر بالخطر الذي يحدق بالثورة في غياب الربان والحازم والحكيم... وانطلق صوته مدويا في المؤتمر القطري الخامس للحزب في العراق نهاية عام 1963 منتقدا يهاجم التكتل والشللية ويطالب بوحدة الحزب والخوف على الثورة ومستقبلها .


وقف رحمه الله أمام أعضاء المؤتمر القومي السادس وقال كلمات "أنني لا اعتقد أن المؤتمر القومي القادم سينعقد والثورة مستمرة في القطر العراقي" ولم يمض شهر ونصف حتى أجهضت الثورة وامتلأت المعتقلات بالمناضلين البعثتين. غير أن الأمل ينطفئ في قلب الثائر القائد صدام حسين وكان لديه الاندفاع نحو أمل جديد ،فغادر إلى دمشق ، والتقى القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله ليعود إلى العراق ويشكل قيادة قطرية مؤقتة إلى ان جاء قرار القيادة القومية بتشكيل قيادة قطر العراق .


وكان القائد المجاهد الشهيد صدام حسين أحد أعضائها ليتسلم مسؤولية المكتب ألفلاحي والمكتب العسكري وفرع بغداد العسكري...وبدأ العمل للقيام بالثورة من جديد، لكن سلطة ردة تشرين كشفت الخطة .. واعتقل أعضاء القيادة وباتت المسؤولية التاريخية الكبيرة ملقاة على عاتق المناضل صدام حسين، وجاء من القيادة القومية مبعوث يطلب منه مغادرة العراق إلى دمشق لكي لا يقع بأيدي السلطة. رفض رحمه الله ان يترك ارض النضال، حتى اعتقلته السلطة وهو يقاوم ويهتف باسم حزب البعث العربي الاشتراكي .


وضع الثائر في زنزانة انفرادية مقيدة من السلاسل سبعة أيام نقل بعدها إلى سجن التاجي. كان صدام حسين قائدا عملاقا لكل رفاقه وكان الأخ والأب لكل من معه في المعتقل، وعندما وجد أن الوقت قد حان للثورة، قرر وبعض رفاقه التحرر من السجن، ونجحت الخطة ،اصبح بعدها حرا طليقا، لتبدا ملحمة جديدة من ملاحم البطولة والشجاعة والعزيمة.واعادة بناء التنظيم الحزبي وليبدأ العد التنازلي للاقتراب من ساعة الصفر للقيام بثورة 17ـ30 تموز العظيمة عام 1968 بعدما خطط لها مع رفاقه المناضلين في قيادة الحزب بدقة عالية ، اعتلى صدام حسين الدبابة الأولى التي اقتحمت مقر قيادة النظام (القصر الجمهوري) وبمعييته مجموعة من أعضاء الحزب .حيث مثلت هذه العملية الجزء الأصعب والأساس في تفجير الثورة، وفي صبيحة 17 تموز منهيا بذلك مرحلة من مراحل التخبط السياسي الذي كان يتصف به الحكم ألعارفي .


وما بين 17و30 من تموز ظل القائد الشهيد صدام حسين منشغل في كيفية تشذيب الثورة من العناصر الغير مرغوب فيها من الذين فرضتهم ظروف قيام الثورة الذين لم يكونوا بالأساس من ضمن هيكل الحزب وقياداته.


ففي 30 من تموز1968 حسم بنفسه عملية إبعاد هؤلاء وتنقية الثورة منهم ولبدا بعدها مرحلة الإشراق والبناء التي شهدها العراق وجماهيره منذ ذلك الحين، وقد استطاع الفارس صدام حسين رحمه الله ان يقود عملية التأميم في 1حزيران عام1972 ضد شركات النفط الأجنبية التي كانت تحتكر النفط العراقي .وكان له الدور في حل القضية الكردية من خلال بيان الحادي عشر من آذار عام 1970 والذي ارتكز إليه في بلورة وصياغة قانون الحكم الذاتي للمواطنين الأكراد العراقيين في 11 آذار 1974القضاء على شبكات التجسس وقد بلغت شبكات التجسس بمختلف جنسياتها حتى عام 1973 خمسمائة وخمسون شبكه تجسس ومنها الصهيونية وإرسال الآلاف من الطلاب العراقيين إلى الخارج للتخصص في العلوم الهندسية والتطبيقية، بحيث أصبح العراق يضم جيشا من المهندسين والعلماء حسب تعبير ديفيد كي و إصدار قانون مجانية التعليم من الروضة حتى الدكتوراه مجانية الرعاية الطبية في كل أنحاء العراق. والعناية بالطب والأطباء حتى أصبحت المستشفيات في العراق من أفضل مستشفيات المنطقة. توزيع مئات الآلاف من القطع الأراضي للموظفين بأجور رمزية بناء 850 جامعا ومسجدا على نفقة الدول، ومساعدات مالية وتخصيص أراض لبناء الكنائس المسيحية، والمعابد الصابئية. وبرعايته تم ترجمة الكتاب المقدس لدى الصابئة إلى اللغة العربية. توزيع الأدوات والمستلزمات الزراعية للمزارعين بأجور رمزية إرسال آلاف من العراقيين للعلاج خارج العراق على نفقة الدولة تأمين خدمات شبه مجانية في مجالات كالنقل والاتصالات، ودعم السلع الاستهلاكية وأسعار الملابس والأجهزة الكهربائية المنزلية، وتوفير ماء وكهرباء بأسعار رمزية وضع الخطط الخمسية للتنمية الانفجارية وبناء البني التحتية للصناعة والاقتصاد العراقي إيجاد فرص عمل لـ 3 ملايين مصري ومئات ألاف من العرب في العراق واعتبارهم متساوين مع العراقيين في الحقوق أول حاكم عربي ضرب عمق الكيان الصهيوني بالصواريخ 43صاروخاً وأسقط نظرية الأمن الإسرائيلي


إننا نرى من خلال هذه الادراكات والاستدراكات إن الشهيد صدام حسين قد عاود الحضور مجدداً في الخيال والواقع العربي وأصبحت الجماهير العربية أمام مديونية ثقافية بإعادة قراءة عناوين ومضامين مشروعه القومي وتجربته وبمعاهدته على الوفاء ومواصلة مشوار الممانعة والمقاومة•


إننا ونحن نتلمس أطياف الشهيد صدام حسين نرى بأن إعادة إنتاج مفردات مشروعه القومي كان واحداً من ألمع أحلامه الكامنة وأحد غاياته التي تطلع إليها في مشواره النضالي بأن تبقى المعاني والتقاليد الكبرى للأمة حاضرة وحافزة، وان تتجدد الرؤى ودروب النضال، وفي سبيل ذلك افتدى نفسه وقضى نحبه ومضى الى الموت غير عابئ بحياة عابرة أو بسلطة مستباحة موهومة او بوطن مخطوف•


إننا نأمل ونحن نتمعن في استشهاد المجاهد صدام حسين وأطيافه ان تكون هذه اليقظة الجماهيرية الاحتجاجية التي رافقت استشهاده نقطة بداية للتنوير والتغيير وان تضع أمام عقل الأمة سؤالاً وتحدياً وان تتوافر قوى النهضة في الأمة على اجتراح قراءة عقلانية تقرأ الشهيد في ارتباطه بمشروع قومي نهضوي وحضاري وتقرأ حالة الوطن الذي ولد فيه الشهيد وقاده نحو النهضة والحرية وتكالبت كل قوى الشر الاستعمارية على تدميره وإعادته إلى ما قبل التاريخ بادعاءات وأكاذيب ثبت بطلانها وزيفها فيما بعد كما ثبت زيف ديمقراطيتهم ألمزيفه


الرحمة وفي عليين للقائد الرمز الشهيد صدام حسين وسنبقى نحتفي في ذكرى ميلادك سيدي مثلما نحتفي في ذكرى استشهادك في كل عام وعلى مر السنين.

 

 





الثلاثاء٢٢ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ماهر زيد الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة