شبكة ذي قار
عـاجـل










عملية تشكيل الحكومة في لبنان، أصبحت تعكس الواقع السياسي المأزوم الذي يعيشه لبنان، كفرع من اصل، تتداخل فيه تأثيرات الداخل والخارج.


أن الدستور اللبناني لم ينص على تمديد مهلة زمنية للتأليف،لذا فإن الأمر يبقى مفتوحاً على الزمن طالما ان الرئيس المكلف لم يبد أي استعداد للاعتذار. وبما ان الضبابية، تلف الوضع المحيط بعملية التأليف، بدأت التساؤلات تطرح عن أسباب التأخير الفعلية، هل هي المرتبطة بتوزيع الحصص كماً ونوعاً على من يفترض أنهم يعتبرون أنفسهم أصحاب حق في حصصهم التي يطالبون بها، ام أن الأمر مرتبط بشيء آخر، وما التعقيدات الداخلية المظهرة إعلامياً سوى حجاباً حاجياً للسبب الذي يملي التأخير؟


إن طبيعة الأزمة اللبنانية بتشكل عناصرها والتي تندرج عملية التكليف و التأليف ضمن عناوينها ،تسقط مقولة بأن التعقيد مرتبط فقط بسلة المطالب أو ما يسميها البعض حقوقاً.


فرئيس الجمهورية يجري الاستشارات ليقف على رأي الأكثرية النيابية في تسمية رئيس للحكومة وهذا ملزم. والرئيس المكلف يجري استشارات نيابية ليقف على رأي النواب كتلاً وأفراداً فيما يرونه شكلاًً وبرنامجاً للحكومة وهذا غير ملزم.


والدستور اللبناني لم ينص على تشكيل الحكومة من الكتل التي سمت الرئيس المكلف، لأن المادة 28 من الدستور تنص على أن الوزراء يجوز انتقاءهم من اعضاء المجلس النيابي على قاعدة جواز الجمع بين النيابة والوزارة أو من أشخاص خارجين عنه جميعاً. كما أن الدستور لم ينص على أن الرئيس المكلف يجب أن يكون نائباً في البرلمان.


من هنا، فإنه لا الزامية لتشكيل الوزارة من نواب طالما لا يوجد في الدستور ما ينص على الزامية ذلك. وان السلطة الدستورية في تأليف الحكومة تعود لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وعلى هذا الأساس، فإن حق الخيار والاختيار في التأليف يعود لرئيس الجمهورية ولرئيس المكلف ، وأنه لا تقييد لسلطة الرئيسيين في هذا المجال، وهذا ما أثارت إليه المادة 64 من الدستور.


استناداً إلى وضوح النص، فإن النواب كتلاً وأفراداً، ليسوا أصحاب حقوق فرضية في أن يمثلوا في الحكومة، طالما أن الدستور لم ينص على ذلك، وهذا الحق لم يشر إليه ضمن الحقوق التي يتمتع بها النائب، وهي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وعضوية المجلس الأعلى.


إن الحكومة عندما تشكل تقدم نفسها من خلال بيانها الوزاري، وهذا البيان يجب أن يعبر عن السياسة العامة التي تسير عليها وعليه تطلب الثقة. فإن وجد النواب أن اراءهم مدرجة في صلب البيان الوزاري يكون الرئيس المكلف قد أخذ بعين الاعتبار ما طرح في استشارات التأليف، وبالتالي يجدون أنفسهم ممثلون بالبرنامج السياسي وليس بشغل المقاعد الوزارية. وعليه يمكن منح الثقة، وإذا لم يجد الذي سموا الرئيس المكلف أن ما طرح أثناء استشارات التأليف لم يؤخذ به في البيان الوزاري امكن حجب الثقة عن الحكومة. هذه هي الأصول الديموقراطية.


أما لماذا يصر النواب كتلاً وأفراداً على الاشتراك في الحكومات فليس لأنهم يريدون تفعيل عملها، بل لأجل توظيف امتيازات الحكم في سبيل تحقيق غايات سياسية اغلبها انتخابي، وهذه واحدة من علل العرف السياسي الذي يعمل به في لبنان.


استناداً لذلك فإن الرئيس المكلف بإمكانه أن يتجاوز تعقيدات قوى الداخل حول الحصص والحقائب اذا ما اراد ذلك، وأن لا تبعة دستورية عليه. ولكن هل يمكنه ان يتجاوز تعقيدات تأثيرات الخارج ؟هذا هو السؤال الجوهري المطروح حول الملابسات المحيطة بتشكيل الحكومة؟


الجواب،ان الازمة في تعبيراتها الداخلية ليست الا تظهيراً اعلامياً في هذه المرحلة بالذات ولهذا فان التعقيد الاساسي مرتبط بالواقع الاقليمي والعربي المتسم بضبابية لم تتضح حتى الان مداياته وما سيرسو عليه من نتائج .وعلى هذا الاساس يبدو الترقب الداخلي هو سيد الموقف بانتظار جلاء الموقف في الخارج وتأثيراته على الوضع اللبناني وعلى قاعدة ان الفرع ينوء تحت تأثير الاصل.في ظل هذا الواقع هل بات الامر يحتاج الى توافقات كبرى؟ اذا كان من امكانية لللبنانيين ان يفعلوا شيئاً فما عليه الا ان يعملوا على تدوير الزوايا ريثما تمر هذه العاصفة بأقل انعكسات سلبية على لبنان وبإنتظار هذه التوافقات ..


Hasan_bayan@hotmail.com

 

 





الاربعاء١٦ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة