شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد أربعة عشر عاما على استشهاد القائد وبعد ما يقارب الثمانية عشر عاما على غزو العراق الوطن ، وبعد ما حل بالعراق بشكل خاص من دمار وتخريب وتراجع في بنيته وما حل بالأمة بشكل عام وعلى جميع الأصعدة ، أقف وقفة تفكير عميق ، وتذكر وتذكير بماض قريب ليس ببعيد ، ماض جمع في صفحاته وقفة للقائد ورفاقه الشهداء ، حيث جمعتهم مسيرة رافقها صلابة في الموقف والنهج في الفترة التي سبقت الاحتلال ،واستمرت فيما بعد ذلك في سجون المحتلين المظلمة والظالمة ، وفي اللقاءات التي نشاهدها مع بعض من هؤلاء الرجال ، أو في أي موقف أو تعبير لأي منهم هنا أو هناك.

اليوم ونحن نعيش أقصى درجات التراجع والتخاذل ، نقف وقفة استذكار لمواقف الشهيد صدام ورفاقه رحمهم الله جميعا ، وأمد بعمر الصامدين منهم في أي مكان أو موقف كانوا ، هؤلاء الرجال الذين كانوا وما زالوا أصحاب عقيدة ونهج ثابت وراسخ لا ظلام فيه ولا تضليل ، لم يخطئوا يوما بقصد الخطأ ، ولم ينحرفوا ساعة عن بوصلة الأمة وثوابتها ، كان العراق الوطن بالنسبة لهم جزء من وطن كبير ، له ما له وعليه ما عليه ، وكانت النهضة المتصاعدة فيه هي بداية لنهضة الأمة ، والتطور الحاصل فيه ينسحب على أي قطر عربي عندما يتطلب الأمر أو عندما يُفسح لهم المجال في ذلك.

صدام الشهيد ورفاقه ورجاله لم يتخلوا يوما عن فلسطين القضية ، ولم يتعاملوا لا بالأمس ولا اليوم مع الكيان الصهيوني أو أي من تبعاته ، ولم يقاتلوا أحد بنية العدوان ، بل بنية صد العدوان والدفاع عن النفس ، وكانوا المبادرين للدفاع عن أي قطر أو شبر عربي يتعرض للعدوان ، لم يتنصلوا يوما من مسؤولية ، ولم يتراجعوا عن موقف بنية التخاذل ، كانوا في مقدمة الخطر أيا كان ، والمهابون من قبل عدوهم قبل الصديق في وقت النصر أو حتى في الهزيمة ، التعبير لديهم موزون ، وجلي وواضح لا تلفيق فيه ولا مجون.

اليوم ونحن نرى كيف تتلاشى حقوق المواطن في وطنه ، ويُتطاول على حقه في العيش قبل حقه في الحرية والتعبير ، الديمقراطية فيه مجرد تعبير فارغ أجوف مزيف ، والحرية ليست سوى تطاول على القيم والأخلاق والتقاليد ، والقانون تعدي على الحقوق الفردية والجمعية ، الأمن والأمان تكميم للأفواه وسلب للإرادة ، وواقع تم فرضه ليعيش الإنسان وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ، وباتت فيه الحرية جريمة يعاقب عليها الفرد ضمن حزمة من القوانين المزيفة والمُخادعة.

اليوم والفرد منا يكد في عيشه وعيش أبنائه ، حيث تتسابق الحكومات لسلبك كدك والتعب ، بحجة حق الدولة في الضرائب المفروضة هنا وهناك بمسميات كاذبة وزائفة ، لا رعاية صحية ولا حقوق في التعليم ، ولا حق للحماية من اعتداء داخلي أو خارجي للمواطن أو للوطن ، ولا حتى الحق في توفير العمل لكسب الرزق كمواطن يعيش في وطنه ، حيث الكرامة ، العزة وغيرها من عناوين الإباء قد باتت تُرى وكأنها مجموعة من المصطلحات الغريبة والبالية.

اليوم والأمة تلهث خلف التطبيع مع العدو الصهيوني جماعات وأفراد ، حكومات ودول ، وحيث يقف الفرد الصهيوني في عقر وطن عربي ويتطاول على الدين والأمة ، حيث تُفرض الإتاوات على دول باتت مجرد كيانات ، وحيث يصف احد الصهاينة عاصمة عربية بصفة مدينة الإباحية والجنس ، ويتشدق أحد المطبعين العرب وهو يطأ أرض فلسطين المحتلة بحجم الحرية وبوصف ( تل أبيب ) مدينة الحرية.

اليوم وبكل هذا الهوان والتراجع والخذلان نقف أمام عناوين المبادئ والقيم التي حملها صدام ورفاقه بكل عنفوان ، نقف أمامها إجلالا وإكبارا ، تلك القيم والمبادئ التي تجلت :

بأن صدام ورفاقه يحملون في داخلهم الإنسان في زمن اللانسانية ، والعدل كقيمة يقتضيها العقل في كل التصرفات وفي جميع المواقف ، العدل في السلم والحرب ، في موقع المسؤولية أو في خارجه ، العدل مع العدو كما الصديق ، وأنهم من حملوا المسؤولية كأمانة وليس كسلطة وتسلط ، ومن وزعوا رزق الله على البشر بكل أمانة وإخلاص حتى في أحلك الظروف وأصعبها فكانت البطاقة التموينية والعدل في توزيعها في سنين الحصار الظالمة شيفرة لم يستطع حتى الاحتلال ولا أعوانه من حل رموزها وسر العدل في توزيعها.

في الحقيقة أنا لن أتحدث هنا عن انجازات صدام ورفاقه وهي كثيرة وعظيمة وأن الخوض فيها قد يطول ، لكني سأختصر بشواهد أن هؤلاء الرجال هم في الحقيقة بناة الأوطان ، وضمير الأمة ألواعي وطليعتها ، وأن النهج الذي حملوه هو القادر على تنوير الأمة وإعادة مسارها وتحقيق أهدافها.

لهذا سأعود بالقول بأن هؤلاء القادة والرجال بنهجهم لم ينجروا وراء مكسب شخصي أو ذاتي يوما ، وأتحدى ذكر ولو اسم واحد من هؤلاء الأبطال قد باع نهجه قبل أو بعد احتلال العراق ، أو تنصل من مسؤولياته أثناء وجوده في الحكم الوطني في عهد صدام القائد ، وهم من يحملون الوطن والأمة كوعي في حديثهم والتصرف ، حيث يُجلهم الجالس أمامهم والسامع لحديثهم ، فالأدب في الحديث وعمقه سمة من سماتهم حيث اكتسبوها من قائدهم الشهيد ، وان احترام الأمة تاريخها ، نضالها ، مسارها ومستقبلها تجده في كل كلمة أو جملة في حديثهم ، حتى في الرد على المهاترات والدجل والزيف الذي أطلق عن العهد والحكم الوطني تجدهم يفندون ولا يسبون ، يضعون الحقيقة فوق الحقيقة ولا يكذبون ، يستشهدون بالمواقف الحق ولا يزيفون ، لم تحركهم يوما أهوائهم ، بل مسؤولياتهم وتاريخهم المُشرف والناصع ، الشهادة لديهم عرس وطني ، والسلم أو الحرب هو واجب وطني في التصرف أو الحديث ، أما النصر والهزيمة فهي معيار الهي يرتبط بقضاء الله وقدره سبحانه ، فلسطين قضية والعراق جزء من وطن كبير ، الصهيونية عدو والتطبيع خيانة ، الأمة كيان وعقيدة راسخة ، والموقف لديهم ثبات ورسوخ ونهج ، دور الأمة حقيقة قادمة لا محالة إن لم يكن اليوم فغدا على أكثر تقدير ، الصدق مسيرة وهدف ، والكذب ليس في قاموسهم على الإطلاق.

نعم كان صدام ورفاقه رحمهم الله جميعا أصحاب نهج جذري فالشعار والموقف متطابقان ، كما يتطابق الموقف والعمل ، لا تردد ولا تراجع ، ولم يكن الموقف الجذري لديهم شعارات وخطابات مجردة ، بل تطبيق وممارسة فلا مهادنة ، ولا أنصاف حلول ، إما النصر أو الشهادة ، لا للذل ، لا للاستسلام ، وما النصر الا من عند الله.

وبهذا كانوا رجال الحق ، بناة الأوطان ، وكل من يسير على دربهم فهو بهذا الوصف وبهذا العنوان ويستحق لقب رفاق ورجال صدام , , , , بناة الأوطان.

الكرك / الأردن في ٢٨ / ١٢ / ٢٠٢٠





الاحد ١٢ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس صهيب الصرايره نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة