شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى التأسيس في نيسان الخير والعطاء لابد لنا أن نتحدث عن دور حزب البعث العربي الاشتراكي في هذه المرحلة الصعبة والتاريخية التي يمر بها حزبنا المناضل وامتنا العربية المجيدة لان الحديث في هذه المرحلة ضروريا لبيان الأهمية الحقيقية لحزب البعث الذي جاء أساسا لتأصيل كيان الأمة وبعث طاقاتها الخلاقة وإمكاناتها المبدعة وتحقيق أمال الجماهير المناضلة في تحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية والوقوف بوجه كافة أشكال الاستبداد والعدوان ونبذ الطغيان.


وعندما نتحدث عن حزب الجماهير البعث العربي الاشتراكي هو في الحقيقة الحديث عن الأمة العربية المكافحة من اجل الخلاص من نير الصهيونية والامبريالية والرجعية والتخلف والانحطاط،حديث عن الجماهير المكافحة وهي تقاوم وتكابد من اجل لقمة العيش بعد أن عاث الاحتلال و الحكام والأمراء والملوك وحاشيتهم من السراق والفاسدين مصاصي الدماء بثروات الأمة وأرزاق الشعب فافسدوا في الأرض وانتهكوا الحرمات والأعراض وتأمروا على شعبنا العربي وهذا ما يحصل اليوم في العراق الجريح المحتل وفي أغلبية الأقطار العربية المغلوب على أمرها التي تصارع من اجل وجودها وبقائها واستمرارها أمام الهجمة الشرسة والبربرية للامبريالية العالمية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وإيران وأذنابها .


فامتنا العربية اليوم تخوض معركتها المصيرية في اغلب أقطار وطننا العربي ولهذا فان الحديث عن البعث وموقفه بل ومواقفه الوطنية والقومية ألان يصبح أكثر إلحاحا لان البعث نبه الأمة العربية حكام ومحكومين منذ فترة طويلة من الزمن نبههم من الاستعمار الجديد ومشاريعه ونبههم من إيران الشر ونواياها الجهنمية الطائفية المقيتة لان المعركة أي معركة تتطلب دليلا نظريا ينير الطريق ويضيء السبيل من خلال وجود قيادة تاريخية مناضلة حازت ثقة جماهير الأمة عبر نضال طويل وجهاد ومقاومة تقدمت صفوف أبناء الأمة في الجهاد والتضحية من اجل مستقبل الأجيال العربية المقبلة وبناء تنظيم مقاتل مجاهد تصدى لكافة أشكال التخلف والتجزئة وللاحتلال الغاشم وللحكام الخونة السائرون بركب الاستعمار، هذه القيادة الحكيمة التي تغرس في نفوس الجماهير الثائرة روح المبادرة وتوحد نضالاتها من اجل الوحدة والحرية والاشتراكية في مواجهة التجزئة والاستعباد والاستغلال والتخلف . هذه القيادة المتمثلة اليوم في عراق الرافدين بقائد الجهاد والمجاهدين الرفيق المناضل عزت إبراهيم الدوري رعاه الله ، بعد ان كان الرفيق المجاهد شهيد العصر صدام حسين رحمه الله ورفاقه مثالا للصمود والتضحية والفداء ونموذجا للأجيال العربية القادمة للاقتداء بشجاعته ورفاقه في مواجهة تحديات الأعداء والخونة الأذلاء، هذا الجيل الذي يقف اليوم في ساحات الجهاد في ساحة التحرير في بغداد والبصرة وذي قار وكربلاء ونينوى والانباروفي السليمانية وفي جميع مدن ومحافظات العراق حينما أعلن الشباب العراقي عن عزمهم لإشعال فتيل ثورة التحرير بتظاهرات شبابية سلمية كان واضحا وهو يهتف بصوت جهوري" إيران بره بره.. بغداد تبقى حرة" و" كذاب نوري المالكي كذاب" و" نفط الشعب للشعب مو للحرامية " منددا و رافضا للاحتلال وأعوانه ومتحديا قوات القمع التابعة لحكومة المالكي سيئة الصيت وميليشيات حزب الدعوة العميل وميليشيات الأحزاب الطائفية التي تحاول جاهدة دس عناصر ساقطة من ميليشياتهم الإجرامية وسط جموع المتظاهرين لتغيير مسار وشعارات المتظاهرين الأبطال،هؤلاء الشباب الذين يتصدون بصدورهم العامرة بالإيمان لقنابل واطلاقات وهراوات الأوباش قوات العميل الفاشل الكذاب جواد المالكي وجلال صهيوني وبارزاني،بعد ان كشفت ثورة الشباب والتظاهرات المستمرة في عموم مدن العراق حجم المأساة والمعاناة في العراق المحتل وتفاقم الأحداث وردود فعل العملاء والمتسلطين المنصبين وانكشاف زيفهم وفسادهم بالشكل الذي كشفته شعارات المتظاهرين وهتافاتهم المستمرة وما سيصنعه الإصرار والثبات والتصميم من وعي في العراق المحتل لا يمكن ضمن واقع الحالة التي يعانيها منذ ثمانية أعوام إلا ان يبشر اليوم عن معالم انفراج من كرب عصيب ونصر مهيب ونهاية لمشروع احتلال بغيض ومعيب ستتساقط عروشه ولعل محنة احتلال العراق واستغلال ثرواته ومحاولات تقسيمه تعطي لأبناء شعبنا العربي المتطلع للإصلاح والتغيير درسا واضح في التضحية والفداء ومعرفة حقائق الديمقراطيات المزيفة التي تنشرها وتلوح بها أمريكا هنا وهناك.


هذا الجيل وهؤلاء الشباب هم من يمثل الطليعة الثورية التقدمية بأخلاقها الأصيلة وروحها الجهادية في زمن السطوة الأمريكية التي أخضعت الحكام الاذلاءبطبعهم لمشيئتها ويدورون في فلكها ووفقا لإرادتها خداما وعبيدا جبناء أذلاء لاحول لهم ولاقوه، في زمن كثر فيه النفاق السياسي والشعوذة والدجل اللابس لعمامة الدين الذي يقول ما لايفعل والدين منهم براء في هذه التظاهرات لم يتردد الشباب من تسميتها بثورة الشباب أو ثورة شباب 25 شباط واختاروا عن عمق في مقدمة أهدافهم هو رحيل المحتل وطرد عملاؤه وشكلت هذه الأهداف بصميميتها رداً مفعما لنغمة التغيير التي يطلقها المالكي وعن التغيير الذي يتحدث عنه وهو نفسه نتاج احتلال وغزو أسقط دولة بكل كيانها وأسس لسلطة فاشلة اجتثت البنى من جذورها وأحرقت الأخضر واليابس.ونهبت ثروات البلاد وعادت بالعراق إلى عصور الظلام والتخلف والجهل


في هذا الزمن الصعب الذي يمثل التحدي الأخلاقي والسياسي والثقافي والحضاري تطفو على السطح حتمية الاستجابة كمدخل لا بد منه لولادة جديدة أو ما نسميه نحن البعثيون بالانبعاث أو الانقلاب من خلال المعادلة الجدلية العلمية التاريخية التي تتمحور أساسا حول ثلاثية التحدّي والاستجابة والولادة وهي معادلة تلخص فلسفة البعث ونظريته الثورية التقدمية وأسلوبه في العمل النضالي وعقيدته الجهادية .


فالتحدي الاستعماري من شأنه أن يولّد استجابة تبرز في شكل رفض شعبي وردّ فعل عفوي وتلقائي غير منظم في البداية ولكنه سرعان ما يتطور من خلال قانون الحاجة والضرورة ليمهد الطريق أمام ولادة حركة استقلالية منظمة أدركت طبيعة التناقضات التي تشقّ المجتمع المحتل وسبل حلها وتوصلت من خلال المعاناة والنضال اليومي إلى الوقوف عند حقيقة الظاهرة الاستعمارية وطبيعتها الاستغلالية وحتمية زوالها وهذا ما يحصل في عراقنا الجريح المحتل اليوم؛ وبالمثل فإن تحدي التجزئة المرتبط ارتباطا وثيقا بالاستعمار يحمل في رحمه سبب زواله ذلك أن الأصل هو في وحدة الأمة والشعب والوطن والاستثناء في تقسيم الوطن وتجزئته إلى دول وإمارات وممالك ؛ فلا استجابة بدون إرادة ورغبة مسبقة في الخلاص ولا خلاص بدون وعي لطبيعة التجزئة كعامل من عوامل الضعف والهوان والتخلف والانحطاط .وأيضا هذا ما حصل من خلال إفشال مخططات المحتل وأذنابه في تقسيم العراق وما دعا له المحتل الغاشم والحكومة العميلة المنصبة من قبله والأحزاب الطائفية التي جاءت خلف دباباته


ولقد أدرك البعث منذ البداية أن تحدي التجزئة يشكل أهم التحديات التي تواجهها الأمة العربية وتجديد رسالة الأمة عبر طرحه لشعار : أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وهو شعار يعبر بالضرورة عن وعي تاريخي وحضاري بخطورة تحدي التجزئة وفي نفس الوقت يجسد النظرة الثورية التقدمية الأصيلة للوحدة العربية المنشودة كمشروع حضاري يمثل الاستجابة العملية والعلمية للتحدّي المطروح ، فالوحدة العربية بمفهومها الثوري وغاياتها التقدمية هي الجواب الطبيعي على تحدي التجزئة ولا بقاء واستمرار للأمة في ظل واقع التجزئة المفروضة فرضا على الوطن العربي كما أنه لا كرامة للشعب العربي وجماهيره المناضلة في ظلّ حالة التفتت والانقسام والتقوقع القطري البغيض ؛ وعلى هذا الأساس فإن العمل من أجل الوحدة العربية يعتبر الردّ المنهجي والعلمي على جملة التحديات التي تواجهها الأمة كالتحدي الاستعماري وتحدي التخلف والرجعية والتجزئة والاضطهاد ؛ فالعمل الوحدوي هو عمل ثوري تقدّمي بطبعه إذا ما شكّل استجابة تاريخية وولادة حضارية تنهض بأعبائها الجماهير الكادحة في الوطن العربي صاحبة المصلحة الحقيقية في الوحدة ولهذا قال القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله إنه : ( عندما تكون الوحدة العربية هي المحور لثورتنا والقلب الذي يغذيها والأفق الذي يلهمها تنتفي جميع الأسباب والمحاذير التي كانت تفرض على حياتنا ذلك المستوى المنخفض من التفكير والعمل وتلك السطحية والزيف في معالجة أمورنا وأوضاعنا ؛ فسواء في معركة الحرية والاستقلال أو في معركة التقدم والثورة الاجتماعية فإن فكرة الوحدة تفتح الباب على مصراعيه في كل قطر عربي للحلول الجذرية الحاسمة وبذلك نرى أن الوحدة تقود إلى الثورة كما أن الثورة تقود إلى الوحدة ...)


وهكذا فإن العلاقة الجدلية القائمة بين الثورة كعملية تغيير مستمر ومتجدد وبين الوحدة كنتيجة حتمية للتفاعل الحي والخلاق داخل مختبر التطور الحضاري للأمة من شأنها أن تفسر طبيعة الصراع الوجودي القائم بين الأمة العربية والتحديات الخطيرة التي تواجهها في المرحلة الراهنة. وكنتيجة لهذا المنطق العلمي الجدلي التاريخي فإن الثورة والوحدة يتضمنان نفس المعنى والجوهر إذ تشكلان في نهاية المطاف الوسيلة والغاية اللتين تتبادلان المواقع إذ يمكن للوحدة أن تكون وسيلة للثورة كما يمكن لهذه الأخيرة أن تكون وسيلة للوحدة .


وبعبارة أخرى فإنه ليس هناك ثورة منفردة مجنّحة معزولة ووحدة فوقية مجرّدة من المضمون ومنزلة من السماء بل هناك ثورة وحدوية ووحدة ثورية تستهدفان كافة التحديات والأمراض التي تنخر جسم الأمة العربية استهدافا شاملا يتناول ما هو سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وعلمي فثورتنا الحضارية الشاملة والحقيقية هي الثورة المتجاوزة ليس فقط للتسلط السياسي والاستغلال الاقتصادي والتجزئة القومية بل للتسلّط الحضاري المرتبط بمعطيات المجتمع العالمي الحالي الذي انفردت به قوى الاستبداد والعدوان المتمثلة أساسا في رأس الأفعى الإمبريالية ؛ ولهذا كانت حركة البعث العربي الاشتراكي حركة تاريخية بأتم معنى الكلمة وكان البعثيون في مقدمة المضحين بأنفسهم من أجل التصدي لمهمة الردّ الحضاري على التحديات الحضارية المفروضة دليلهم في ذلك الإيمان العميق والاقتناع الراسخ بأن حركة التاريخ تسير بالضرورة في نفس الاتجاه الذي يسيرون فيه ؛ اتجاه الحرية والعدل والوحدة والمساواة ؛ اتجاه التقدم والإخاء والمحبة ذلك الاتجاه الذي لن تتحقق أهدافه إلا عبر النضال اليومي ضد مظاهر التخلف والرجعية والاستبداد الطبقي والقومي والانحطاط الثقافي والحضاري ؛من هنا جاء العداء الأمريكي الصهيوفارسي للبعث ولقيادته وجماهيره المناضلة ومن هنا جاء اجتثاث البعث..!! وعليه نقول إن من خلال النضال يتحقق الوجود الإنساني ويترسخ وتستعيد القيم النبيلة عافيتها وعنفوانها وتسترجع الأمة العربية ثقتها في نفسها وقدراتها الكامنة وتستطيع أن تبصر طريقها واضحة جلية وهذا بالضبط ما ذهب إليه القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق حينما قال إن : (( الأمة العربية متحققة في كل مكان يوجد فيه نضال وبشكل خاص إذا كان جديا يواجه الموت في كل ساعة ... أمتنا إذن موجودة في كل مكان يحمل فيه أفرادها السلاح ...))


ولقد أستلهم البعثيون هذا المعنى منذ البداية فسخّروا أنفسهم وجهودهم وطاقاتهم في سبيل تمثّل القيم النضالية الأصيلة وترجمتها على أرض الواقع عبر مسيرة طويلة وشاقة ملؤها الأشواك والعراقيل والمؤامرات والتحديات وكانوا في كل مرة يواجهون فيها التحدي يخرجون أكثر تصميما على مواصلة الطريق كلفهم ذلك ما كلفهم من اضطهاد واعتقال واغتيال وتصفية ونفي ولم يفكروا يوما في ذواتهم وأشخاصهم ومصالحهم بقدر ما ركّزوا تفكيرهم في مستقبل الأمة وطموحات الجماهير وهموم وآمال الشعب ؛ وكذلك كان شأن العظماء والأبطال في التاريخ من الذين قدموا أرواحهم فداءا لقيم الحق والعدل والتقدم ووضعوا رؤوسهم فوق أكفّهم مقتحمين معترك الحياة من أجل كلمة حق كان من الواجب أن تقال .


ومن هذا المنطلق تمضي قوافل شهداء البعث العربي الاشتراكي على مذبح الحرية والوحدة والاشتراكية اكثر من 180 الف شهيدا بعثيا أفواجا بعد أفواج يوصي السابقون اللاحقين من حملة المشعل خيرا بالأمة العربية فيتسلّم الجيل الجديد الراية ويستمرّ في العطاء والتضحية مكملا دورة الجدل النضالي من خلال ولادة جديدة تستجيب للتحديات المتجددة ، لهذه الأسباب ولأسباب أخرى كان العداء وأصبح التحدي بل الخوف من البعث العربي الاشتراكي فكرة وعقيدة ونضال فجاءت أمريكا بكل جبروتها وترسانتها وهمجيتها ووحشيتها مثلما جاءت إيران بكل حقدها وسمومها وغدرها كما دخلت" إسرائيل" ليحتلوا العراق ويعيثوا فيه الخراب والدمار للقضاء على القيم والحضارة والتاريخ الذي يؤرقهم دائما، ولكنهم خسئوا ما دام في العراق ماجدات وشباب وشيوخ وأطفال يتحدون هؤلاء الأنجاس الأوباش وأذنابهم المختبئين خلف أسوار كونكريتية داخل المنطقة الخضراء، يرعبونهم يوميا هنا وهناك و تدكهم صواريخ المقاومة الوطنية الباسلة بشكل مستمر حتى يرحل أخر علج من ارض العراق المقدسة وأخر خائن عميل وجاسوس وهذا اليوم ليست ببعيد إنشاء الله ناصر المجاهدين.

 

 





الثلاثاء٠١ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ماهر زيد الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة