شبكة ذي قار
عـاجـل










مقدمة :

 

الفرد هو الحقيقة الاجتماعية ولبنة البناء في المجتمع وتتجه له غاية النظم الاجتماعية .. واحترام حرية هذا الفرد أولوية فلا تقيدها إلا بالقدر اللازم لمنعه من التدخل في حريات الآخرين والعبث بمصالح الجماعة .

 

لذلك فالموازنة بين مصلحة الفرد في التمتع بحريته التي تستلزم عدم التعرض لها ما دامت لم تثبت إدانته بحكم قضائي .. تتوافر فيه كل الضمانات اللازمة لحماية الحرية الشخصية ومصلحة الجماعة التي تسعى لأن تعيش في أمن وسلام, وتتطلب اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين للنظم الموضوعة لصيانة الجماعة والمحافظة على أمنها ورفاهيتها .. وهذه الموازنة يجب أن لا تختل إلا إذا كانت مصلحة الجماعة هي أجدر بالحماية وهو أمر نسبي, كثيراً ما استغل وكان سبباً لتعسف الملوك والحكام والعبث في حريات الأفراد.

 

أما أن يكون كا ما ذكرنها في ظل ظروف احتلال فلذلك توصيف آخر سنأتي عليه بعد قليل.. حيث الاحتلال ظرف استثنائي فيه تعطيل للكثير من الأمور أهمها وضع قيد على سيادة الدولة وبالتالي على كل قوانينها ..

 

 

موقف الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان

 

أولاً: اعتبر إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر عام 1789 على أثر الثورة الفرنسية, إن السببين الرئيسيين لشقاء ومذلة الشعب هو تناسي حقوق الإنسان واحتقارها, وحدد في مادته الأولى على أن الناس يولدون أحراراً ويعيشون أحراراً ..

 

واعتبر أن الأصل هو براءة الإنسان ما لم تثبت إدانته بقرار من هيئة قضائية وإذا كان لابد من توثيقه فالقانون يمنع تطبيق عقوبات شديدة إلا ما كان منها ضرورياً لإبقائه في متناول القانون ،وفي المادة السادسة عشر منه حدد أن كل مجتمع لا يصون حقوق المواطن وحرياته يعتبر مجتمعاً بلا دستور .. وقد صدرت أغلب الدساتير وإعلانات حقوق الإنسان لتؤكد هذه الحقوق وتضع الضمانات لاحترامها ..

 

ثانياً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول 1948. أكد على أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق. ( م 1 و2) لكن المادة الثالثة نصت على حق كل فرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه, وأكد على أن الأصل براءة الذمة, وأكد على أن يطبق مبدأ (الشرعية في الجرائم والعقوبات والتوقيف.. ومنع الإعلان العالمي توقيف الأفراد أو معاملتهم معاملة عنيفة بدون مسوغ قانوني .. وبدون مراعاة الطرق المبينة في القانون (93).

 

والمادة الخامسة منه أكدت تمسك المجتمع الدولي باحترام كرامة الإنسان وعدم اللجوء إلى وسائل التعذيب (م5) حيث نصت على أنه لا يجوز تعذيب أي إنسان أو معاملته أو عقابه بقسوة أو بما ينافي الإنسانية أو يهين الكرامة ..

 

يتفق فقهاء القانون العام ومنهم (دكي) وهو فقيه فرنسي في القانون العام. بأن لإعلانات حقوق الإنسان قوة دستورية بل اعتبرها تعلو على الدساتير ذاتها .. واعتبر اتحاد المحامين العرب أن الإعلان العالمي الدستور الأساسي للمواطن العربي وتقديم أحكامه على أي نص تشريعي محلي في حالة تعارض أحكامه ..

 

أما في مجال الحريات الشخصية فإن الإعلانات العالمية أكدت على أن لكل فرد الحرية والسلامة الشخصية.. ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي.. وبالتالي لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا على أساس القانون ووفق الإجراءات القانونية المقررة (م9-1) وكذلك أعلنت المادة (10) من الإعلان على ضرورة معاملة الأشخاص الموقوفين معاملة إنسانية تتيح احترام الكرامة الإنسانية المتأصلة في الإنسان .

 

موقف الدساتير العراقية من التوقيف

 

أكدت جميعها على المساواة بين العراقيين في الحقوق أمام القانون دون تمييز بسبب القومية أو الدين أو اللغة ... كذلك أكدت على احترام وصيانة الحريات الشخصية وأن لا يجوز القبض على أحد الأفراد وتوقيفه أو معاقبته إلا بمقتضى القانون.. أما التعذيب فممنوع بتاتاً حسب نص دستور عام 1925 أو القانون الأساسي . وكذلك أكد على صيانة المساكن من التعرض ودخولها والتحري فيها إلا وفق ما يحدده القانون..

 

كذلك جاءت نصوص في دستور 1970 المؤقت على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة وفق أحكام القانون .

ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون. وإن كرامة الإنسان مصانة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي .. ولا يجوز القبض على أحد أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه إلا وفق أحكام القانون.

 

لكن ما سمى بدستور 2005 وفي الباب الثاني باب الحقوق والحريات سطر من العبارات ومن الحقوق ألفاظاً مما تضمنته المواثيق والعهود الدولية ومنها تأكيده على أن لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية. ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون.. وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة م (15), وإن تعرض أوراق التحقيق الابتدائي على القاضي المختص خلال مدة لا تتجاوز أربعاً وعشرين ساعة من حين القبض على المتهم.. ولا يجوز تجديدها إلا مرة واحدة وللمدة ذاتها .. جميلة هذه العبارات لكن لنضعها مع واقع التطبيق وكيف تسير الأمور وكيف هي الحريات منتهكة والاعتقالات بمناسبة وبغير مناسبة أو بتهمه أو بدونها تقوم على أساس سياسي وطائفي وعرقي دون مبررات قانونية . وفي أماكن غير لائقة للحجز أو التوقيف للبشر أو غير معدة وغير مخصصة للاعتقال, نتيجة كثرة الأعداد بين المعتقلين وكذلك نص في باب الحريات على أن حرية الإنسان وكرامته مصونة ولا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي, ويحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية. ولا عبرة بأي اعتراف انتزاع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب. وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون .. فهل ينطبق واقع الأمور مع هذه النصوص حيث لم تعد حالات التعذيب إلا منهجية وسياق متبع مع جميع المعتقلين الذين يتم اعتقالهم على الشبهة وعلى أساس الواشي السري الذي هو خرق آخر لحقوق ومعايير حقوق الإنسان ويتم الاحتفاظ بالمعتقلين لأيام وأشهر بل لسنين يتعرضون فيها للتعذيب والاغتصاب والتصفية الجسدية والتعذيب النفسي ونموذجنا لذلك الممارسات التي كشفت في سجون الاحتلال وفي سجن أبو غريب وكذلك في سجن الجادرية الذي كان يدار من قبل وزارة الداخلية رغم أنه غير معد للتوقيف بل هو ملجأ لحماية السكان من الغارات الجوية والضربات النووية ..

حيث أشيع وثبت ذلك بشهادات الأعيان من وجود ممارسات غير إنسانية تمارسها بمنهجية وتكرار قوات الشرطة وهو حال أغلب بل جميع السجون التي تدار من قبل وزارتي الدفاع والداخلية وهو ما كشفته مثلاً القناة الرابعة البريطانية والقنوات المحلية وعرضت فيه ممارسات بشعة بحق الموقوفين وكان منهم أطفال دون السن القانونية يتم الاحتفاظ بهم مع موقوفين كبار السن بخلاف المعايير الدولية ..

 

ما المقصود بالتوقيف

 

هو إجراء احتياطي وقتي يوضع بموجبه المتهم في مكان معين معد لهذا الغرض تتوفر فيه وسائل تمكن المتهم وهو بريء لحد هذه المرحلة من ممارسة حياته الطبيعية, وأن يكون توقيفه بأمر من جهة قضائية مختصة وللمدة المقررة دستوريا وقانونيا يتم خلالها التأكد من ثبوت التهمة من عدمها ويخضع المتهم الموقوف لنظام خاص من الخدمات ..

 

أن التحجج بحالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ الاحتلال في عام 2003 والتي تجدد كل مرة, واستمرار التصرف وفق قانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965, فإنه يتعارض مع طبيعة الحالة التي نعيشها فهي ظروف استثنائية لكن ليست كأي ظروف قد تتعرض لها أي بلاد من حالات الاضطرابات والاحتجاجات والاختلالات الأمنية, بل هي ظروف احتلال للبلد, تعالجه النصوص الواردة في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وهي محددة وموصوفة في اتفاقية لاهاي 1907 واتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1948 وبقية العهود والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان. بينما نجد أن الاحتلال إمعاناً في الخرق والانتهاك لجأ إلى إصدار دستور جديد وقوانين جديدة منها قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 والذي سنأتي على بحثه بعد قليل .

 

مبررات التوقيف

 

في الظروف العادية يعتبر التوقيف إجراء تبرره الضرورة يقوم بقيامها وينقضي بانقضائها.. فقد يكون وسيلة للإثبات من خلال الاحتفاظ بالأشخاص لحين المحاكمة لتقديم شهادتهم أو أنها وسيلة للدفاع الاجتماعي تمليها ضرورات أمن المجتمع أو المجني عليه نفسه.. أو هو لتحقيق مصلحة عامة أو مصلحة التحقيق وضرورات الأمن أو تحقيق أمن المتهم نفسه أو حماية أمن المجتمع ..

 

لكن إجراء التوقيف وتبريره يبقى إجراءً خطيراً يمس حرية الفرد في وقت لا زال فيه بريئاً لذلك يجب إحاطة التوقيف والاعتقال بضمانات وقيود تزيد كثيراً على تلك المقررة لأعمال التحقيق العادية فيجب حصره بالجهات القضائية أو الادعاء العام أو بالتشاور بين الاثنين أو من قبل سلطة التحقيق الابتدائي الذين هم قضاء التحقيق أو من قبل المحكمة المختصة .. مع ضرورة مراعاة المدد المقررة قانونياً لأن التوقيف إجراء مؤقت بطبيعته ينتهي بضروراته ويمنع بتاتاً أن يكون مفتوحاً بغير تحديد مدة وبدون إصدار حكم أو قرار قضائي بالتوقيف أو بتجديده الذي حدد دستورياً مما يعني أن تجاوز المدة يعد خرقاً للدستور الذي يجب أن يكون هناك معاقبة ومحاسبة لمن خرق هذا الدستور من قبل سلطة القضاء ضد السلطة التنفيذية التي دائماً ما تكون هي من يخرق هذه المدد ويتجاوزها تحت تبريرات أغلبها سياسية ليست جنائية أو قانونية مما يقتضي الوقوف عندها من قبل البرلمان المختص والجهات القضائية العليا لأن ذلك خرق لمبدأ الفصل بين السلطات وانتهاك صارخ له.

 

قانون مكافحة الإرهاب

رقم 13 لسنة 2005

 

صدر هذا القانون على أسس ليست قانونية حيث لا دستور دائم بل كان قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وهو حالة مؤقتة ، واعتبر وثيقة دستورية مؤقتة رغم عدم مشروعية ذلك الإجراء من قبل سلطة الاحتلال لتعارضه مع اتفاقية لاهاي 1907 خصوصاً المادة (43) منها التي تحظر كما قلنا قطعياً المساس بدستور دولة في مسار محتل محارب كدولة الاحتلال لأن الاحتلال حالة مؤقتة .

 

مع ذلك فمضمون هذا القانون فيه خرق وانتهاك لمبادئ دستورية وردت في قانون إدارة الدولة وفي دستور 2005 أيضاً .. حيث لجأ هذا القانون في أول مادة منه إلى تعريف الإرهاب, في الوقت الذي لا يوجد عالمياً اتفاق على تعريف دقيق للإرهاب لأن الاختلاف جاء على تعريف ما هو عكس الإرهاب وهو المقاومة المسلحة.. المهم أن صدور قانون مكافحة الإرهاب وتعريفه الإرهاب على أنه كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى تحقيقاً لغايات إرهابية ..

 

ثم يبدأ هذا القانون بتعداد الأفعال التي يعدها إرهابية .. متناسياً حالة الاحتلال لكن تشريع هذا القانون تم بالتأكيد بدفع من قوات الاحتلال وإغراء منها ولمصلحتها. وهذه الأفعال : -

 

1-   العنف أو التهديد الذي يهدف إلى إلقاء الرعب بينما الناس أو تعرض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر وتعريض أموالهم وممتلكاتهم للتلف أياً كانت بواعثه وأغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إرهابي منظم فردي أو جماعي.

 

2-   العمل بالعنف والتهديد على تخريب أو هدم أو إتلاف أو أضرار عن عمد بمباني أو أملاك عامة أو مصالح حكومية أو مؤسسات أو هيئات حكومية أو دوائر الدولة والقطاع الخاص أو المرافق العامة والمعدة للاستخدام العام. أو الاجتماعات العامة لارتياد الجمهور أو حال عام ومحاولة احتلاله أو الاستيلاء عليه. أو تعريضه للخطر أو الحيلولة دون استعماله للغرض المعدلة بباعث زعزعة الأمن والاستقرار .

 

3-   من نظم أو ترأس أو تولى قيادة عصابة مسلحة إرهابية تمارس وتخطط له وكذلك الإسهام والاشتراك في هذا العمل ..

 

4-   العمل بالعنف على إثارة فتنة طائفية أو حرب أهلية أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين أو حملهم على تسليح بعضهم بعضاً بالتحريض أو التمويل ...

 

5-   الاعتداء بالأسلحة النارية على دوائر الجيش أو الشرط أو مركز التطوع أو الدوائر الأمنية والقطاعات العسكرية الوطنية أو إمداداتها أو خطوط اتصالها أو مقدساتها بدافع إرهابي .

 

6-   الاعتداء بالأسلحة النارية وبدافع إرهابي على السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق وكذلك المؤسسات العراقية والشركات العربية والأجنبية.

 

7-   استخدام بدوافع إرهابية أجهزة متفجرة أو حارقة مصممة لإزهاق الأرواح وتمتلك القدرة على ذلك أو بث الرعب بين الناس, أو زرع أو تفخيخ آليات أو أجسام .

 

8-   خطف أو تقييد حريات الأفراد أو احتجازهم أو للابتزاز المالي لأغراض ذات طابع سياسي أو طائفي أو قومي أو ديني أو عنصر نفعي.

 

كذلك جاءت المادة الثالثة من نفس القانون مجرمة للأفعال المبينة فيها معتبرة إياها من جرائم أمن الدولة وعاقبت نفس القانون في المادة الرابعة منه بالإعدام كل من ارتكب بصفته فاعلاً أصلياً أو شريك عمل أياً من الأعمال الإرهابية الواردة في المادة الثانية والثالثة من هذا القانون ويعاقب المحرض أو المخطط والمحمول وكل من مكن الإرهابيين من القيام بالجرائم الواردة فيه بعقوبة الفاعل الأصلي .. وحدد الأفعال الماسة بأمن الدولة في المادة بما يلي:

 

1-    كل فعل ذو دوافع إرهابية من شأنه تهديد الوحدة الوطنية وسلامة المجتمع ويمس أمن الدولة واستقرارها.

2-    كل فعل يتضمن الشروع بالقوة أو العنف في قلب نظام الحكم أو شكل الدولة المقرر في الدستور.

3-  كل من تولى لغرض إجرامي قيادة قسم من القوات المسلحة أو نقطة عسكرية أو ميناء أو مطار أو أي قطعة عسكرية أو مدنية بغير تكليف .

4-  كل من شرع بإثارة عصيان مسلح ضد السلطة القائمة بالدستور أو اشترك في مؤامرة أو عصابة تكونت لهذا الغرض .

5-  كل فعل قام به شخص كان له سلطة الأمر على الأفراد القوات المسلحة وطلب اليهم أو كلفهم العمل على تعطيل أوامر الحكومة.

 

والقائمة تطول وخيمة التجريم تكبر لتشمل طائفة كبيرة من الأفعال وكلنا يعرف أن هذه هي نفسها سياسة دولة الاحتلال رغم أن الرد على الاحتلال حق شرعي كفلته كل المواثيق الدنيوية والسماوية ، وضمنت المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة للدول الدفاع عن نفسها إذا اعتدت عليها قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة, إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي .. وهو الأمر الذي لم يحصل فانحاز مجلس الأمن إلى دولة الاحتلال والعدوان وترك شعب الدولة المعتدى عليها يواجه مصيره ويدافع عن نفسه بما يتيسر له من وسائل داخلية ثم اليس في هذا القانون تعطيل لفعل الدفاع عن النفس الذي هو فعل مشروع ..

 

لذلك وتحت هذه الخيمة الكبيرة من تجريم الأفعال تم اعتقال الكثير من العراقيين بشكل طائفي سياسي ، ومعتبر أنها جرائم عادية مخلة بالشرف  ، فهل الدفاع عن الوطن والعرض والمقدسات جريمة عادية مخله بالشرف أم هي الشرف الكبير ؟.. ويقوم فعل الاعتقال على معلومات استخبارية مدفوعة الثمن من قبل ما يسمى الواشي السري وهو تسمية جديدة لمن يوالون دولارات الاحتلال ولا ولاء لهم لوطن أو دين أو مقدسات فاستهدف الكثير ممن اعتقلوا بحجة وجود واشي سري أو اختلاف هذه الحجة للتخلص من كل الذين يرفضون الوجود غير المشروع للاحتلال وعمليته السياسية ..

 

فكبر عدد المعتقلين .. واستمرت الاعتقالات ولأنها غير طبيعية وفي هجمة شرسة مستمرة يجري احتجاز المعتقلين في أماكن غير معدة للاحتجاز وفي أماكن ضيقة حيث أكد ذلك تقرير ما يسمى بوزارة حقوق الإنسان لعام 2007 بوجود حالة الاكتظاظ في السجون ومراكز الاحتجاز مما يترتب عليه حالة من حالات سوء المعاملة وبروز سلبيات كثيرة مرافقة لمشكلة الاكتظاظ ومنها عدم توفر الحيز الأرضي المناسب للسجين وفتح المجال لابتزاز السجناء وسوء التغذية وانتشار الأمراض وصعوبة إدارة المؤسسات السجنية .. وعدم توفر شروط السلامة وعدم توفر شبكة الصرف الصحي وتحوير الأبنية بشكل لا يلاءم الأساس الذي أنشأت من أجله .. وعدم توفر قاعات زيارات العوائل.. وعدم توفر ساحات تشميس وانعدام قاعات الدرس والرياضة .. وعدم توفر كل الخدمات .. دون أن تكلف نفسها وهي وزارة حقوق الإنسانان تسأل، أين هي حقوق هذا الإنسان المعتقل في محاكمة عادلة وأن لا يحتجز لمدد مفتوحة .. وحقه في أن يعامل معاملة طبيعية وإذا لم يثبت عليه جرم أن يطلق سراحه وهي تثبت في نفس التقرير أن الحالات المرصودة للتعذيب قد بلغت ضد وزارة الداخلية (78) حالة وضد وزارة الدفاع (43) حالة وتسجيل وجود حالات هروب حددتها بـ (150) حالة تشمل وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية ووجود مفقودين بلغ عددهم عام 2007 فقط (2438) وكذلك وجود وفيات في السجون بلغت وفق نفس التقرير حسبما أشرته الوزارة (68) حالة في سجون وزارة العدل..

 

مع الإقرار من قبل الوزارة وفي نفس التقرير بأن حال المعتقلين في السجون الأمريكية دولة الاحتلال (كروبر) و(رامبرنس) الواقعة في مطار بغداد الدولي .. ومعتقل (بوكا) في البصرة لا يختلف عن حال معتقلي حكومة الاحتلال المنصبة في بغداد.. حيث أن أغلب المعتقلين لا يمارسون حقوقهم بمقتضى الأهلية المدنية مع وجود حالات اكتظاظ مما أدى بالإدارة لإنشاء مخيمات لإيواء المحتجزين وقد شهد عام 2007 حادث سقوط قذائف هاون على سجن بوكا مما أدى إلى وفاة عدد من السجناء بلغ (11) سجين بالإضافة إلى حالات وفاة أخرى لأسباب مختلفة ويقدر عددها بـ (6) حالات ..

 

" الضمانات القضائية ودور المحامين في الدفاع عن المعتقلين "

 

أقر نقيب المحامين العراقيين السيد ضياء السعدي في بحث نشرته جريدة الزمان بتاريخ 19/ت2/2007, إن سيادة القانون معلقة وسلطة القضاء المستقل غائبة... وتعطل أجهزة القضاء في التصدي لجرائم القتل والاغتيال والخطف والظهور اليومي المرعب للجثث مجهولة الهوية وسرقات النفط والفساد الإداري والمالي الذي يسود المفاصل الإدارة للحكومة .. وإن هناك حماية حكومية لمرتكبي هذه الجرائم لأنها تنفذ من أحزابها الحاكمة وإفلات متعمد للجناة من قبضة العدالة ... وهناك طائفة من جرائم انتهاك حقوق الإنسان تنال كرامة العراقيين وتصادر حرياتهم عند تعرضهم للاعتقال والحجز والتعذيب خارج نطاق القانون. وبصورة كيفية ولمدة طويلة من الزمن في أماكن احتجاز غير قانونية , يختلط فيها الجميع دون تفريق بين الكبار والأحداث والقاصرين .. ودون أوامر قبض صادرة من قاض مختص ومخول قانوناً وبدون توجيه تهمة محددة. أو إجراء تحقيق ومما يساهم في اتساع هذه الظواهر عدم الاعتراف بالمحامين أو الانتقاص من دورهم والحد من قيامهم بواجباتهم الرقابية والقانونية والمهنية في إطار المسؤولية القانونية ومن أجل تحقيق العدالة وسيادة القانون ... بل تعدت الحالة إلى استهداف المحامين وقتلهم أو تهديدهم  بالقتل والمضايقة والتدخل في أمور المحاماة مما أدى إلى ترك الكثير من المحامين لمهنتهم وغلق مكاتبهم.. حتى أن بعض أطراف الدعوى بدأوا يتجرأون بتهديد المحامين أو تهديدهم من قبل مجموعات تعمل خارج نطاق القانون. وتمارس اختصاصات قضائية بدلاً من المحاكم .. ويقر السيد نقيب المحامين في نفس البحث اعلاه أن فقدان الأمن ساهم بنشوء هذا النوع من القضاء بسبب ضعف الحكومة.. كذلك شهدت الساحة القضائية مقتل العديد من القضاة بسبب إصرارهم على تطبيق القانون ورفض التدخلات غير المشروعة..

 

ويقر كذلك أن ازدياد المخاطر التي تواجه المحامين عندما يتوكلون عن المتهمين أمام سلطات التحقيق والمحاكم الجنائية الخاصة, كالمحكمة الجنائية المختصة والمحاكمة الجنائية المركزية .. التي يساق إليها المتهمون بجرائم من نوع خاص (يقصد قضايا ما يسمى الإرهاب) والتي يقر بانتفاء أبسط وأدنى الضمانات التي يجب أن تتكفل بها السلطة التنفيذية في حماية المحامين وهم يقومون بواجباتهم المهنية والقانونية .. وإن استهدافهم تم من جهات ومجموعات لا تقيم وزناً للقانون واستقلال القضاء . وأن المحامين لا يستطيعون الوصول للمتهمين لتنظيم وكالات ومقابلة موكليهم وعدم تمكنهم من الاطلاع على أضابير التحقيق أو أضابير الدعاوى لدى المحاكم الخاصة .. وقد لا تتحقق للمحامي مقابلة المتهمين على انفراد في التهم بجرائم الإرهاب أو المودعين في مراكز الاعتقال الأمريكية .. كذلك من العقبات هو عدم المعرفة أو الاستدلال على مكان الاحتجاز أو الاعتقال أو التوقيف لأن الاعتقالات التي تتم من قبل قوات الاحتلال العسكري أو السلطات الأمنية العراقية لا تتبع فيها الأصول المتبعة بتحديد مكان الاعتقال وضبط الأقوال خلال المدة المحددة لتوجيه التهمة .. وأن البحث عن المتهم الذي يرغب التوكل عنه يستغرق مدة طويلة وقد يتعذر عليه ذلك بصورة مطلقة نتيجة التكتم وعدم تسهيل مراجعة المحامين وما يصادفهم من تعامل خشن وسيء لا يليق بالمحاماة والمحامين .. وفي حال صدور قرار الإفراج من قبل قاضي التحقيق أو بعد المحاكمة فأن تنفيذه يبقى معلقاً على موافقة المستشارين العسكريين الأمريكان وهو ما يستغرق ثلاثة شهور .. كما أنه يحق لهؤلاء المستشارين تجديد مدة الموقوفية لثمانية عشر شهراً قابلة للتجديد مرة أخرى ..

 

 





الاثنين٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. علي الفهداوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة