شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يفاجئ أحرار الأمة العربية أبداً من السلوكية اللا وطنية واللا قومية المقرفة وازدواجية المعايير لعملاء الغرب المتسلطين على رقاب شعبنا العربي في شبه الجزيرة العربية فيما يخص التعامل مع قضايا الأمة المصيرية الملحة حيث أن وزراء خارجية المحميات الخليجية المنضمة في مجلس التعاون الخليجي دعوا - في لقائهم يوم الاثنين الماضي المصادف 7/11/2011 في أبو ظبي عاصمة دولة المحميات المتحدة - الى فرض حظر طيران على الأجواء الليبية وفي نفس الوقت دعوا مقر حظيرتهم الحيوانية في القاهرة الى اجتماع عاجل لفرض ذلك الحظر وذلك لتنفيذ الأوامر الصادرة عن البيت الأبيض وقصر الإليزيه والداوننج ستريت رقم 10. وفعلا اجتمع العديد من البهائم المجترة يوم أول أمس في مقر حظيرتهم في القاهرة ونفذوا تلك الأوامر بكل رحابة صدر وامتنان لأسيادهم ورعاتهم وأصدروا قراراً يدعو مجلس الأمن الدولي لفرض حظر جوي على ليبيا من أجل حماية المتمردين والخونة الليبيين. ودعوا أيضا الى سحب الاعتراف بالنظام الليبي باعتباره فقد شرعيته لأنه كان يحمي نفسه ومناصريه من المتمردين المسلحين. اليوم سمعنا خبرا نشرته العديد من وسائل الإعلام العالمية مفاده ان محميات مجلس التعاون الخليجي بضمنهم مملكة سلب الحرمين الشريفين قررت إرسال جيوشا الى المملكة البحرينية من أجل قمع احتجاج عملاء إيران من الشيعة الصفوية وغيرهم من المواطنين البحرينيين وذلك لحماية النظام الملكي واستتباب الاستقرار في المنطقة، حسب ما يقال.


المعيار ألازدواجي (نعم لعملاء الغرب وكلا لعملاء إيران) الذي يمارسه حكام المحميات الخليجية الموالين للغرب الإمبريالي الذين تآمروا على العراق سابقا يبان من خلال تقديم الإسناد السياسي والإعلامي والدبلوماسي وحتما المالي أيضا للمتمردين الليبيين الذين يرومون القضاء على النظام الوطني الليبي وتسليم خيرات ليبيا النفطية لشركات النفط العالمية الكبرى بينما في نفس الوقت يساعدون على قمع عملاء إيران وغيرهم من المواطنين البحرينيين الآخرين الذين يطالبون بإجراء إصلاحات داخلية من خلال تدخلهم العسكري في البحرين، وبهذا وضعوا المواطن العربي العادي في دوامة الانقسامات المتناقضة والخيارات اللا منطقية. في هذا السياق علينا أيضا ذكر الحقيقة والتي هي أن ليس كل المحتجين البحرينيين عملاء لإيران وليس كل المتمردين الليبيين عملاء للغرب ولكن هؤلاء الأبرياء الذين لهم مطالب سياسية واجتماعية واقتصادية مشروعة في بلدانهم قد استغلوا من قبل الذين يحملون أجندات خارجية وبهذا تحول مجرى المطالب المشروعة الى صراعات داخلية لا تخدم غير القوى الخارجية التي لها أطماع في أراضي وخيرات الوطن العربي.


قد يكون هناك سبب موضوعي للتدخل العربي في البحرين العربية والمساعدة على حل مشاكلها من أجل حمايتها من المخاطر والأطماع الإيرانية ونظام الملالي العفن، لكن كيف نفسر استباحة الأرض العربية الليبية وجعلها فريسة سهلة للتدخل والاحتلال الأجنبي لها ونهب وسلب خيراتها واحتمال تقسيمها أرضا وشعبا؟!!! أين المسوغ الموضوعي لهذه السلوكية اللا منطقية والغير قومية؟!!!


أوجه التشابه بين الاضطرابات البحرينية والتمرد الليبي هو أن المتظاهرين في كلا القطرين العربيين تصادموا مع قوات السلطة ونتج عن تلك الصدامات خسائر بشرية ومادية وأن كلا الدولتين معرضتا للتدخل الأجنبي. الفرق الكبير هنا أن المتمردين الليبيين الذين يحاربون السلطة بشتى أنواع الأسلحة المسروقة من مخازن الثكنات العسكرية واقترفوا أبشع أنواع الجرائم في وطنهم، وثم يستنجدون بقوى أجنبية لحسم الصراع مع السلطة الشرعية الى جانبهم يطلق عليهم اسم "الثوار"، ويتلقوا شتى المعونات والدعم السياسي والإعلامي عربيا ودوليا والتشجيع على الاستمرار في محاربة السلطة الشرعية، بينما المحتجين البحرينيين الغير مسلحين في نفس الوقت يقمعون بالعصي والهراوات والقنابل المسيلة للدموع من قبل القوى الأمنية، وتتلقى أيضا السلطة الحاكمة المساعدة العربية من المحميات الخليجية الأخرى. لماذا لا تعامل المشكلة الليبية بنفس الطريقة؟!!! أي إرسال قوة عربية لحماية ليبيا ونظامها السائد كما يحصل الآن في البحرين بدلا من الوقوف الى جانب المتمردين وطلب التدخل الدولي في الصراع الداخلي الليبي، أو إرسال مندوبين عرب الى كلا البلدين والتوسط بين الأطراف المتصارعة من أجل حل المشاكل العالقة سلميا وحق الدم العربي والحفاظ على المال والممتلكات العربية وقطع الطريق على التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لكلا البلدين؟!!! شيء من هذا القبيل طبعا لا يحدث.


يبدو أن هناك فرق بين عربي وعربي وبين أرض عربية وأخرى. أرض العراق العربي محتلة ومستباحة وشعبها يهان وخيراتها تسرق على مدار الساعة دون تدخل عربي من أجل طرد الإحتلال أو المساعدة على ذلك أو محاصرة حكومة العملاء وسحب الاعتراف بها وعدم التعامل معها. من المحتمل أيضا أن الأرض العربية الليبية وشعبها قد يمرا بنفس التجربة العراقية المظلمة إن لم يوقف التآمر عليها فورا، وسبب كل ما جرى في العراق وكل ما يجري الآن في ليبيا هو الخيانة المحلية والتآمر والانبطاح العربي للقوى الخارجية. الازدواجية في التعامل مع قضايانا المصيرية الملحة، الانبطاح والانصياع لإملائات القوى الخارجية والتشرذم والانقسام وعدم المبالاة أصبحت الوسيلة الأفضل للعيش للبعض من عرب الجنسية في ظل هذا الزمن الداعر. مع الأسف.

 

 





الاثنين٠٩ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة