شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو أن ما لم تتحد المعارضة المصرية في جبهة خلاص وطني واحدة ولها برنامج متفق عليه وناطق رسمي باسمها وفريق مخول له الصلاحية بالتفاوض نيابة عنها لتكملة إسقاط نظام الطاغية حسني مبارك الذي اهتز كرسيه في 25 يناير/كانون ثاني 2011 فإن الثورة المصرية سيلتف حولها وتسير في نفس مسار الثورة التونسية التي ألتف حولها وتم تقنينها بعد هروب الطاغية زين العابدين بن علي. بعد فرار الطاغية التونسي تم تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة من قبل رئيس وزراء النظام السابق محمد الغنوشي الذي كان رمزاً بارزاً من رموز نظام بن علي، ووعد بإجراء تغييرات جذرية في النظام السياسي التونسي لكن لحد الآن لم يحقق الشيء الكثير من هذه الوعود سوى أن وزارة الداخلية قررت اليوم تعليق أنشطة حزب التجمع الدستوري الحاكم سابقا في تونس وإغلاق كل مكاتبه لحين قرار حله بشكل قضائي. الشعب التونسي مازال يتظاهر بين الحين والآخر في أماكن متفرقة من البلاد احتجاجا على ممارسات القوى الأمنية والشرطة والمطالبة بإقصاء بقايا رموز النظام السابق.


الانتفاضة التونسية التي بدأت بشكل عفوي ومن ثم توسعت أفقيا بشكل تدريجي لتشمل جميع أنحاء البلاد قبل هروب الطاغية زين العابدين بن علي لم تكن تمتلك قيادة وطنية موحدة قوية تستطيع فرض إرادتها على النظام القمعي الفاسد وتنجز أكثر مما أنجز لحد الآن. نفس الأضواء نستطيع تسليطها على الانتفاضة الثورية المصرية التي هزت صرح الطاغية حسني مبارك - الذي مازال متشبثا بكرسيه المهزوز - بأيام معدودة وكانت أسرع في انتشارها وتأثيرها في المجتمع المصري والدولي مما كانت عليه الانتفاضة التونسية. كما ذكرنا في مقال سابق أن الثورة المصرية تواجه تحديات كبيرة من قبل قوى داخلية وقوى خارجية متمثلة برموز وكلاب نظام حسني مبارك والقوى الصهيوأمريكية التي تسعى للالتفاف على هذه الانتفاضة الجماهيرية ووأدها أو احتوائها وإبقاء نظام حسني مبارك ورموزه في سدة الحكم من أجل حماية المصالح الأمريكية وإبقاء الهيمنة الصهيوأمريكية على منطقتنا العربية ونهب خيراتها. لهذا فإن بقيت هذه الانتفاضة الثورية كما هي عليه الآن مستمرة على شكل مظاهرات واعتصامات احتجاجية فقط دون قيادة ثورية موحدة وتحرك مدروس من أجل استكمال سقوط النظام المهتز وإحداث تغيير جذري فيه فإنها حسب توقعاتنا ستنتهي تدريجيا لأن نظام حسني مبارك الفاسد - المسنود داخليا من قبل عصابات وطفيليات بلطجية مجرمة وقوى خارجية متمكنة وظالمة - يمتلك المقومات الأساسية والنفس الطويل للصمود بوجه العاصفة لإبقاء الحالة كما هي عليه وإرهاق المنتفضين وتحويل ميدان التحرير الى هايد بارك مصري يستوعب المظاهرات الاحتجاجية الشكلية لا أكثر ولا أقل.


اجتماع القوى الثورية المعارضة لنظام الطاغية المستبد حسني مبارك على شكل تجمعات منفردة وليس على شكل وفد يمثل المعارضة المنتفضة مع عمر سليمان مدير المخابرات المصرية السابق ونائب الرئيس المصري حاليا قبل رحيل الطاغية والحوار معه من أجل الحوار وجس النبض وليس التفاوض من أجل تكملة إسقاط النظام ورفض رموزه الفاسدة سيضعف الانتفاضة وسيولد حالة الإحساس بالشك والضجر لدى الشعب المصري المؤيد لها على قدرتها وجديتها في إحداث التغيير الجذري المطلوب في النظام السياسي. لتكملة التفاوض من أجل استكمال إسقاط النظام فإن على رموز النظام المتبقية ومن جملتهم عمر سليمان الاعتراف بسقوطه وليس المناورة من أجل إبقائه والإصرار على إبقاء الطاغية في مركزه حتى ولو بصورة رمزية لأن الثورة على النظام لا تعني إجراء عمليات تجميلية محددة أو تحقيق مطالب معينة فقط بل هي إحداث تغييرات جذرية جدية وفورية في النظام السياسي ويشمل ذلك تغيير في الدستور أو كتابة دستور جديد يلائم ويمثل الحقبة القادمة للنظام الثوري الجديد.


المناورات والبلطجة السياسية التي يجريها نظام حسني مبارك مع المعارضة من خلال التصريحات الإعلامية الكاذبة التمويهية أو الحقيقية المشوهة أو عن طريق الحوار مع نائب الرئيس عمر سليمان ستجبر المحاورين المعارضين للنظام الذين وقعوا أو الذين سيقعون في لعبته التفاوضية وحسب توقعاتنا الغوص والغرق في مستنقع التفاصيل حول كيفية رحيل الطاغية أو إبقاءه كرمز مشلول القوى لحين انتهاء فترته الرئاسية الحالية دون حصول أي تغيير جذري في النظام السياسي وذلك من أجل شراء الوقت واللف والدوران حول الانتفاضة وإخمادها أو التقليل من قوتها ومصداقيتها. عمر سليمان مدير المخابرات السابق ومن لف لفه من عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والذين لهم علاقات ودية مع الموساد الصهيوني يعرفون كل أساليب المماطلة والتسويف والخداع ومن أين تؤكل الكتف. التسويف والمماطلة وشراء الوقت من خلال الحوار العقيم قد يوحي الى سقوط شكلي كاذب للنظام وقد يؤدي في النهاية إلي تدخل الجيش الى جانب السلطة الحالية وبقائها في دفة الحكم وهذا يعني خسارة كبيرة للشعب الثائر الذي قدم المئات من الشهداء والجرحى على طريق الحرية. لذا فعلى الجهات المعارضة بغض النظر عن اتجاهاتها العقائدية التي تحاول كسب نقاط سياسية من خلال الاجتماع مع رموز النظام المصري العفن عدم التفاوض بشكل فردي معه وعدم اتخاذ إجراءات فردية تضر بمسيرة الانتفاضة نيابة عن حركة الشباب الثائر الصامد في ميدان التحرير الذين قاموا بالثورة والذين لم يخولوا أحدا وحسب الأخبار المنشورة أن يحاور مع رموز النظام باسمهم.



تحية نضالية لكل المنتفضين الوطنيين الأحرار في أقطار وطننا العربي الكبير
الرحمة لشهداء الإنتفاضات العربية
الشفاء العاجل لكل جرحى الإنتفاضات العربية
ليكن صمود الانتفاضة المصرية المفتوحة بابا مفتوح لرحيل الطاغية حسني مبارك ونظامه الفاسد


نأمل أن تمتد هذه الانتفاضة بقوتها وحجمها الجماهيري الى جميع أرجاء وطننا العربي الكبير خصوصا في عراقنا المحتل للتخلص من الإحتلال وعملائه وكل الطغاة والحكام الفاسدين وذلك لبناء مستقبل مشرق لأبناء أمة العرب من المحيط الى الخليج.

 

 





الثلاثاء٠٥ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة